الطريق…شعر: د. جمال مرسي


دُمُــــوعٌ لَــهَـا بَــيـنَ الـجُـفُـونِ بَــرِيـقُ
و حُـــزنٌ لَــهُ تَـحـتَ الـضُّـلُوعِ حَـرِيـقُ

وصَــبـرٌ عَــلَـى الـبَـلـوَى تَـقَـطَّعَ حَـبـلُهُ
فَـلَـمَّـا يَــصِـلْ مَـــا قُـــدَّ مِـنـهُ صَـدِيـقُ

إِذَا مَــــا تَــبَــدَّى لِـــي طَــرِيـقٌ مُـعَـبَّـدٌ
يَـحِـيـدُ بِـــهِ صَـــوبَ الـفَـنَـاءِ طَــرِيـقُ

ومَــا كُـنـتُ أَيُّـوبَ الَّـذِي فَـاضَ صَـبرُهُ
و مَــا لِــي كَـمَـا الـصِّدِّيقِ جُـبٌّ عَـمِيقُ

فَـتَـحـمِـلَنِي نَــحــوَ الــعَـزِيـزِ بِــشَــارَةٌ
و يُـلـبِـسَنِي تَـــاجَ الـشُّـمُـوسِ شُــرُوقُ

إِلامَ نُــجُـومُ الـلَّـيـلِ يُـخـفِـي ضِـيَـاءَهَا
غُــيُـومٌ، وتَـخـبُو فِــي سَـمَـائِي بُــرُوقُ

ومَــالِـي أَرَى الـدُّنـيَـا بِــرَغـمِ اْتِّـسَـاعِهَا
بِـعَـيـنِي، كَــمَـا سَــمِّ الـخِـيَاطِ تَـضِـيقُ

تَـطُوفُ بِـيَ الـذِّكرَى فَتَطفُو عَلَى فَمِي
كَـمَـا فَـوقَ سَـطحِ الـمَاءِ يَـطفُو غَـرِيقُ

ويَـجـتَـاحُنِي مَـــوجٌ فَـيُـغرِقُ مَـركَـبِي
و يَـسـتَـقـبِلُ الأَشــــلاءَ وَادٍ سَــحِـيـقُ

كَـأَنِّـي بِـبَـطنِ الـحُوتِ أَجـتَرُّ حَـسرَتِي
و مَـــا لِـــيَ يَـقـطِـينٌ، ومَــا لــيَِ بُــوقُ

وصَــوتِـيَ مَـخـنُـوقٌ وفِــكـرِيَ شَـــارِدٌ
و قَـد جِـئتُ مِـن طِينٍ، فَكَيفَ أُطِيقُ؟

أَيَا نَفسُ: مَا لِي أُشرِفُ اليَومَ مِن دَمِي
عَــلَـيَّ، وأَحــسُـو مِـــن دَمِـــي وأُرِيــقُ

تُـنَـادِمُنِي فِــي وَحـشَـةِ الـدَّربِ نَـجمَةٌ
فَــأَسـكَـرُ مِــــن هَـمْـسَـاتِـهَا، لا أُفِــيــقُ

تَــقُـولُ وقَـــد نَـــامَ الـجَـمَـالُ بِـعَـينِهَا:
عَـلَـى وَجـهِـكَ الأَحــزَانُ لَـيسَت تَـلِيقُ

فَــفِـي قَـلـبِـكَ الـخَـفَّـاقِ رِقَّـــةُ شَـاعِـرٍ
و فِـــي ثَـغـرِكَ الـرَّقـرَاقِ طَـيـرٌ طَـلِـيقُ

فَــلا تَـحبِسِ الأَلـحَانَ، أَطـلِقْ سَـرَاحَهَا
فَـبَـوحُـكَ يَـــا مَـــولايَ عَـــذبٌ رَقِـيـقُ

لِــمَ الـحُـزنُ؟ والأَحـلامُ زَهـرَةُ رَوضِـنَا
و عُــشـبُ الـــرُّؤَى بِـالـحَالِمِينَ خَـلِـيقُ

رَبِـيـعٌ هِــيَ الـدُّنـيَا بِـعَـينِي وإِن بَــدَت
خَــرِيـفـاً بِـعَـيْـنَـيْ يَــائِــسٍ لا تَــــرُوقُ

كَــذَا عِـشتُهَا، قَـالَت وقَـد بـشَّ وَجـهُها
سِـــلاحِــيَ إِيـــمَــانٌ بِـقَـلـبِـي عَــرِيــقُ

سَـكِـينَةُ نَـفسِي فِـي اْغـتِرَابِي شَـقِيقَةٌ
و عَـزمِـي إِذَا مَــا اْشـتَدَّ نَـزفِي شَـقِيقُ

وسَـلـوَايَ أَنــيِّ فِــي الـخُـطُوبِ قَـوِيَّةٌ
فَـمَا جَـفَّ فِـي حَلقِي مَعَ الخَطبِ رِيقُ

أَرَى بَـهـجَةَ الـدُّنـيَا عَـلَى هُـدبِ طِـفلَةٍ
كَـــأَنَّ الـضُّـحَى فِــي نَـاظِـرَيهَا عَـقِـيقُ

وتُـسعِدُنِي عُـصفُورَةُ الصُّبحِ إِن شَدَت
و بَـيـنِـي وبَــيـنَ الـفَـجرِ عَـهـدٌ وَثِـيـقُ

ورُبَّ لَــيَــالٍٍ فِـــي عُـيُـونِـي سَــوَادُهَـا
بَــيَـاضٌ .. وإِن طَـالَـت عَـلَـيَّ .. أَنِـيـقُ

أُجَـمِّـلُـهَـا بِــالـذِّكـرِ والــنَّـجـمُ طَــــارِقٌ
و أَرنُــو لَـهَـا .. إِمَّــا مَـضَـت .. وأَتُــوقُ

فَــإِن طَــالَ لَـيـلُ الـيَأسِ، فَـاعَلَم بِـأَنَّهُ
سَـيَـأتِيكَ مِــن بَـعـدِ الـغُـرُوبِ شُــرُوقُ

أَصَـختُ لَـهَا سَـمعاً، وفـي الـعين عَبرَةٌ
وقـلـبي لَـهَـا مُـصـغٍ، ونَـبـضِي خَـفُـوقُ

فَـغَـابَت وقَـلـبِي غَــارِقٌ فــي أَرِيـجِـهَا
لِـيَـأخُـذَهَـا صَــــوبَ الـبَـعِـيـدِ طَــرِيـقُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى