من يوميّات إنسان معاصر …. قصة بقلم ربيع دهام
من يوميّات إنسان معاصر …. قصة بقلم ربيع دهام
فتحتُ باب الثلّاجة باحثاً عن شيءٍ أتعشّاه. انقضّت على ناظرَي علبةُ لبنة.
نزعتُ عن العلبة الغطاء. “ينقصها زيت زيتون”.
توجّهت إلى المطبخ. بحثتُ عن العلبة. وبعد لحظات من التحرّي والتفتيش والتمحيص، وجدتُها.
وجدتها ولكن، يا لحظي اللعين، كانت فارغة.
تأفّفتُ. توجّهت إلى غرفتي. اقتطعت من دفتري ورقة صغيرة، دوّنتُ عليها كلمة “زيت”، وطويتُ الورقة ونمتُ.
وفي صباح اليوم التالي، وضعتُ الورقة في جيب بنطالي وذهبت إلى السوبرماركت.
هناك، استللت الورقة فوراً من جيب بنطالي، حاولت قراءتها ولكن…
“تباً. نسيتُ نظّارتي الطبيّة”.
اقتربتُ من أحد الموظّفين وطلبت منه قراءتها.
“زيت”، قال لي.
شكرته وتوجّهت نحو قسم الزيوت. وبعد أن وزّعت ناظري على صفوف الرفوف، استللتُ علبة زيت نباتي، وعدتُ إلى البيت.
وهناك، توجّهت إلى المطبخ. وقبل أن أركن علبة الزيت النباتي على المنضدة، لفتتني علبة أخرى مشابهة وممتلئة.
احترتُ في أمري. توجّهت نحو الثلاجة وفتحتُها باحثاً عن شيءٍ آكله علّ حيلتي تنجلي بإفطار.
قبضتْ على ألوية نظراتي علبةُ لبنة منزوعة الغطاء.
حدّقت في اللبنة.
” تباً. ينقصها زيت زيتون”، قلت في نفسي. وهنا، تذكّرت:
“أردتُ زيت زيتون لا زيت نباتي”.
استللت الورقة التي كنتُ قد دوّنت عليها كلمة “زيت”، وإلى جانبها دوّنت كلمة “زيتون”.
وفي تمام الساعة الثانية بعد الظهر، ذهبتُ إلى السوبرماركت.
وهناك، حاولت قراءتها وفشلتُ.
بحثت عن الموظّف. وجدته.
“على رأسك”، قال لي.
“نعم؟!”، بامتعاض أجبته.
ابتسم ووضّح: “النظّارة. النظّارة على رأسك”.
“آه عفوا”. شكرته خجلاً ، قرأت الورقة، وفوراً، توجّهتُ إلى أحد الأقسام، اقتربتُ الرف الرابع، استللت علبة زيتون وعدت إلى البيت.
وهناك، وضعت العلبة على المنضدة.
لكن، ويا لحيرتي، وجدت علبة زيتون أخرى ممتلئة كانت مركونة على المنضدة.
“ما هذا؟”، ارتبكتُ. سحبتُ الورقة اللعينة من جيبتي وقرأت، فأدركتُ:
“كنتُ قد اعتقدت خطأً، بما أنني اشتريت زيتاً، أن ما بقي لأشتريه هو زيتون”. وهذا ما فعلته بالضبط. اشتريتُ زيتوناً.
وفي مساء ذلك اليوم، عدت إلى السوبرماركت.
ابتسمتُ لأن نظّارتي الطبية معي وأرتديها. أخيراً تغلّبتُ على داء النسيان اللعين.
مددتُ يدي نحو جيب بنطالي الأيسر.
ثم الأيمن.
“تباً. نسيتُ الورقة!”.
حاولت تذكّر ما كتبتُ عليها. فشلٌ آخر.
عدتُ إلى البيت غاضباً. بحثت عن الورقة. نسيت أين وضعتها.
“ربما أردت زيت نباتي؟”، ساءلت نفسي.
ولكن على منضدة المطبخ، وجدت بدل علبة الزيت النباتي علبتين.
“ربما زيتون؟”.
ولكن على المنضدة ذاتها كانت هناك علبتي زيتون.
“تباً. أرهقني تفكيري. أتعبتني تساؤلاتي. لا بد أن آكل شيئاً يعيد إليّ نشاطي”.
توجّهت فوراً إلى الثلاجة، فتحتها، فخطفت ناظري علبةُ لبنة
منزوعة الغطاء.
“ينقصها زيت زيتون”، قلتُ في نفسي.
وبحثت عن زيت زيتون. وعدتُ وبحثت.
وبحثت. ثم بحثت.
وبعد جهد كبير، وجدتها.
لكنني وجدتها فارغة.
“ماذا عساي أن أفعل؟”.
توجّهت إلى غرفتي. اقتطعت من دفتري ورقة جديدة، وذهبت فوراً
السوبرماركت.
وهناك، استللتُ الورقة من جيب بنطالي. حاولت قراءتها وفشلت.
“تباً. نسيت نظّارتي الطبيّة”.
اقتربت من الموظّف، فقرأها قبل أن أطلب منه:
“زيت”، قال لي…