مؤامرات لتشويه الحضارة المصرية …. مقال بقلم سيد جعيتم – جمهورية مصر العربية

تعتبر المؤامرات الرامية إلى تشويه الحضارة المصرية ظاهرة قديمة، حيث تقف خلفها منظمات وكيانات تسعى لتهويد تاريخنا. وعندما لم تحقق مساعيهم النجاح المنشود، ابتكروا فرعًا جديدًا للحصول على الدعم من الآخرين في مساعيهم المشبوهة. فقد أسسوا في الولايات المتحدة ما يُعرف بالأفروسنتريك، ويزعم مؤسسو هذا الاتجاه أن أصول بناء حضارتنا المصرية تعود إلى إفريقيا السوداء، فتتوزع أصول حضارتنا بين الأفارقة واليهود.
مصر مهداً للحضارات التي أضاءت العالم وأمدّته بنماذج استلهمت منها الشعوب. كان جوهر عقيدة المصري القديم يتمحور حول الإيمان بالحياة، حيث سعى جاهدًا لفهم جذور الوجود ومفاهيمه. وقد استكشف بعناية مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك الأخلاق، والفلسفة، والعدالة، والمساواة.
آمن المصريون القدماء بمفهوم الخلود والموت، حيث ارتبطت جميع معتقداتهم بالدين الذي شكل أساس حياتهم بكافة جوانبها. وقد وثقوا نظام حياتهم الاجتماعي والسياسي والإداري من خلال بردياتهم وخراطيشهم وجدران معابدهم. كما وضعوا قانون ماعت، الذي نظم العلاقات بين الأفراد وحقوقهم تجاه الحاكم، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على حقوق الإنسان دون تمييز بين الرجل والمرأة، وحقهم في اللجوء إلى القضاء العادل. وقد شمل هذا القانون حق العامل المصري في الحصول على أجر مناسب وظروف معيشية ملائمة.
وقد حظي أفراد الشعب بالعلاج، بالإضافة إلى حقهم في الدفن في مقابر تتسم بالكرامة والاحترام وكان للعلماء مكانة مرموقة في المجتمع.
وقد تميزنا بسبْقنا في مجال الزراعة وابتكار أساليب حديثة للري، وتشهد أهراماتنا ومعابدنا الشامخة على براعتنا في فنون البناء والتشييد، إضافة إلى إبداعنا في الفنون والآداب.
لم يتوانَ اليهود عن تحريف وتزييف تاريخنا، حيث زعموا أن أجدادهم كانوا بناة، وأنهم هم الذين قاموا ببناء الأهرامات في مصر. وقد تجاهلوا ما ورد في سفر التكوين على لسان نبي الله يوسف عليه السلام، حين تحدث عن هجرة سيدنا يعقوب عليه السلام وأبنائه إلى مصر، كما هو موضح في الإصحاح 46، والذي يثبت أنهم رعاة غنم وليسوا بنائيين.
28 فَأَرْسَلَ يَهُوذَا أَمَامَهُ إِلَى يُوسُفَ لِيُرِيَ الطَّرِيقَ أَمَامَهُ إِلَى جَاسَانَ، ثُمَّ جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَاسَانَ. 29 فَشَدَّ يُوسُفُ مَرْكَبَتَهُ وَصَعِدَ لاسْتِقْبَالِ إِسْرَائِيلَ أَبِيهِ إِلَى جَاسَانَ. وَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَانًا. 30 فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «أَمُوتُ الآنَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ أَنَّكَ حَيٌّ بَعْدُ». 31 ثُمَّ قَالَ يُوسُفُ لإِخْوَتِهِ وَلِبَيْتِ أَبِيهِ: «أَصْعَدُ وَأُخْبِرُ فِرْعَوْنَ وَأَقُولُ لَهُ: إِخْوَتِي وَبَيْتُ أَبِي الَّذِينَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ جَاءُوا إِلَيَّ. 32 وَالرِّجَالُ رُعَاةُ غَنَمٍ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ مَوَاشٍ، وَقَدْ جَاءُوا بِغَنَمِهِمْ وَبَقَرِهِمْ وَكُلِّ مَا لَهُمْ. 33 فَيَكُونُ إِذَا دَعَاكُمْ فِرْعَوْنُ وَقَالَ: مَا صِنَاعَتُكُمْ؟ 34 أَنْ تَقُولُوا: عَبِيدُكَ أَهْلُ مَوَاشٍ مُنْذُ صِبَانَا إِلَى الآنَ، نَحْنُ وَآبَاؤُنَا جَمِيعًا. لِكَيْ تَسْكُنُوا فِي أَرْضِ جَاسَانَ. لأَنَّ كُلَّ رَاعِي غَنَمٍ رِجْسٌ لِلْمِصْرِيِّينَ».
وهم يستشهدون بما جاء في سفر الخروج (1-11) من التوراة : (فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيسَ).
تاريخ إنشاء هذه المخازن، التي شيدت باستخدام الطوب اللبن، يعود إلى نحو 1400 عام بعد بناء الأهرامات. ويجدر بالذكر أن لقب ‘فرعون’ قد أطلق على حكام مصر بدءًا من الأسرة الثامنة عشرة. ومن الأدلة التي تُفنِّد الادعاءات المتداولة ما تم اكتشافه من حفريات في منطقة الأهرامات، حيث عُثر على مواقع سكنية لعمال بناء الأهرامات، مما يثبت أنهم كانوا حرفيين مصريين متخصصين في مجال البناء، وليسوا عبيدًا أو مجبرين على العمل، وكانوا يعيشون في مشروعات مجتمعية ، وتركوا وراءهم كتابات على الجدران تعبر عن مدى فخرهم بهذا الإنجاز، ولقد عاشوا ضمن مشروعات مجتمعية، وتركوا خلفهم كتابات على الجدران تعبّر عن فخرهم بهذا الإنجاز. ولم تُسجَّل في السجلات المصرية أي إشارة لعبيد شاركوا في عملية البناء.
لا يمكن إجراء مقارنة عادلة بين مدن المخازن التي شيدت بالطين، والتي يدعي اليهود زيفاً أن أسلافهم هم من قاموا ببنائها دون تقديم أي دليل تاريخي، وبين ما أنجزه المهندسون والبناؤون المصريون من معابد وأهرامات تتكون من الحجر، والتي لا تزال قائمة وصامدة حتى يومنا هذا.
يمتلك هؤلاء محترفو التزييف مهارات بارزة في مجال الدعاية، حيث يدركون تمامًا التأثير المباشر للأعمال الفنية ولهذا، قاموا بإنتاج مجموعة من الأفلام والمسرحيات، منها أوبرا موسى وفرعون لروسيني عام 1927، بالإضافة إلى عدة أفلام تهدف إلى التأثير على الجمهور، مثل فيلم انزل يا موسى لبول روسي عام 1953، وفيلم أمير مصر الذي صدر عام 1998.
يقول عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس:
ـ من المؤكد تاريخيًا أن اليهود وصلوا إلى مصر بعد بناء الأهرامات بفترة تتجاوز 700 عام، ولم يُعثر على أي اسم عبراني يعود إلى الدولة القديمة التي شهدت بناء الأهرامات خلال عصر الأسرة الرابعة (حوالي 2181-2613 قبل الميلاد). وفيما يتعلق بحركة الأفروسنتريك العنصرية، فقد تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1928، وتروج لفكرة أن الحضارة المصرية القديمة، بالإضافة إلى الحضارات المغربية والقرطاجية، هي حضارات ذات أصول زنجية.
ويروجون إن العلاقة بين المصريين الحاليين والمصريين القدماء ليست قائمة، حيث يُعتقد أن الحضارة القديمة قد انقضت أو هاجر من بنوها إلى الجنوب، وما يُعرف اليوم بأنهم سكان مصر جنسيات ذات أصول بعيدة عن العرق المصري. وفي هذا السياق، قامت شبكة نتفليكس بإنتاج فيلم (كليوباترا)، حيث صورت الملكة البطليمية الشقراء كشخصية سوداء البشرة.
إن مثل هذه المحاولات لن تُكلل بالنجاح، فحضارتنا تظل راسخة كجبال شامخة في الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى