قصـــيدة ” أرضُ الكنــــانــةِ “…. شعر _بشـــــيرأبوســـــالــم

(١)
مَـنْ لـم يكــــنْ للأكرمِــــين مُقَـــدِّرا..
مِثْـــلُ الجَمَـــادِ يُــرَى ولكنْ لا يَــرَى.
(٢)
بلــــدُ الكـــــرامِ بــــلادُنـا وعِمـــادُنـا..
فامقُــتْ خسـيسـًا للمكــارم مُنكِــــرا.
(٣)
واذمُـــمْ لئيــمــًا غـافـــلًا متــناســيًا..
وامـــدح كـريـمــًا واعِـــيـًا مُتــذكِّـرا.
(٤)
أمُّ البــــلاد ومَهْــدُ كــــلِّ حضـــــارةٍ..
أفــلا يحِـــقُّ لنــا بهــــا أن نفخــــرا.
(٥)
فاذكـــر لهــا أهـرامَـــهـا ، أعـلامَـهــا..
أدبـاءَهــــا ، علمــــاءَها ، والأزهــــرا.
(٦)
أنعِــمْ بنهـــر النـــيل عَـــذْبٌ مـــاؤهُ..
ومـذاقُـــهُ حُلــــوٌ يفُـــوقُ السُّــــكَّرا.
(٧)
أكــــرِمْ بهـــا وبمائِـــــهـا وتـرابِــــهـا..
وبشعبِـــها أهـــلِ المديـنـةِ والقُـــرى.
(٨)
شعـــــبٌ كــريـــمٌ طَـــيّبٌ مُـــتوَدِدٌ..
ويُغـــيثُ ملهــوفـًا ويُنــظِرُ مُعــسِرا.
(٩)
فإذا رأى البـاغـي جمــيلَ خِصــالِهـا..
ألقــى الســـلاحَ وكــاد أن يتَمَصَّــرا.
(١٠)
مـــن حــاول التفـريــطَ فيــها نـادمٌ..
ويعيــشُ طِيـــلةَ عُمــــرِهِ متحــسِّرا.
(١١)
لكـــننــا ونفـوسَــــنـا ودمــــــاءَنـا..
رَهْـــنُ الإشــــارةِ للفـــداءِ وأكثــــرَا.
(١٢)
أيكــونُ مـن خـــان البــلادَ وباعَـــها..
متســــاويًا بمـن افتــداها واشــترى.
(١٣)
أرضُ الكنـــانةِ إن حفِظْـتَ مقامَــها..
تـكُ منصِفـــًا ، ومكـــرَّمـًا ومظَـفَّـرا.
(١٤)
هـي روحُـنــا..فــرضٌ لهــا تقـديــرُنا..
حَـفِـــظ الإلـــهُ مقَــــدِّرا ومقـــــدَّرا.
(١٥)
أوصـى النبـيُّ بأهلـــها خــيرًا فهــلْ..
تنسى وصيةَ خيرِ من وَطِئ الثَّـرَى.
(١٦)
يكفــــيكَ أن اللهَ أعلــى قــــدرَهـــا..
بكتــابـهِ ، يكفــي لـهــــا أن تُذكَـــرا.
(١٧)
واللهِ لــو عَـلِــم العــــدوُّ ببـأسِــــها..
لتحــــيَّرتْ أقــدامُـــهُ وتحـــــيَّرا.
(١٨)
فجنــودُنا مثــلُ الأُسُــودِ تهـــابُـهــا..
أعـداؤُهـــا من قبـــل أن تُسـتنفَــرا.
(١٩)
كـم حـاولوا استرضـاءَها وبقـــاءَها..
بعـــرينهـــا كـي لا تهُـــــبَّ وتـــزأرا.
(٢٠)
غـوثُ العــبادِ إذا رأت مُســـتنْجِـدا..
قامـــت لـهُ حـتى تجـهِّــــز مَعـــبَرا.
(٢١)
كـم مـن بــلادٍ غيــرِهـا لاذتْ بهـــا..
فاستنـفرَت أجنـادَهـا كـي تَنصُـــرا.
(٢٢)
وتســابقَــت فــي هِمَّــةٍ وعــزيـمـةٍ..
وشـجـــاعـةٍ لتـرُدَّ كـيدَ من افتـرى.
(٢٣)
كــــم مُعـــتدٍ ثارت عليـه رمــالُــها..
حتى ارتــوَت بدمـائهِ كـي تَطـهُــرا.
(٢٤)
كًم ظـــالمٍ مثــواه تحــت تـرابـــها..
شــــرفٌ لــهُ بتـــرابهــا أن يُقــــبَرا.
(٢٥)
فلنا مـن التـاريـــخ ما شَهِـــدَت بهِ..
كــلُّ الخــلائـق ، بَالغــينَ وقُصَّـــرا.
(٢٦)
فاذكُـــر تتــــارًا أو مغــولًا أسرفـوا..
أيــامَ عـاش النـاسُ عصــرًا أغــبَرا.
(٢٧)
قد أشْبهـوا الريـحَ العقــيمَ ضَـراوةً..
لم يتركــوا مـن يابــسٍ أو أخضـرا.
(٢٨)
عاثــوا فســادًا في البــلاد وهَدَّدوا..
رزقَ العبـــــاد وخلَّفُـــوه مُـــبَعثَــرا.
(٢٩)
زحفـــوا إليــنا طالبـــين خضـوعَنا..
ظــنُّوا الطـريـقَ إلى البـلاد مُيَـسَّرا.
(٣٠)
وتقـابـل الجمعــانِ واشــتدَّ الوغَـى..
والنصــرُ كــان على العــدو مــؤزَّرا.
(٣١)
وتبَلَّـــدوا فـي حـســــرةٍ ونــدامــةٍ..
وتســـابقــوا مُسـتدبــريـن تســـتٌّرا.
(٣٢)
بِيَـــدِ البواســل أهلِنـــا وحُـمـــاتِنـا..
رجعـوا بخيبتهم رجــوع القهقَــرَى.
(٣٣)
أم هل نسِيـتَ عدُوَّنا حــين ادَّعـى..
يومـــًا بأن جيـــوشَــهُ لـن تُقهَـــرا.
(٣٤)
ومشى يظـن الأرضَ تُطـوَى تحـتَهُ..
يخــتال من فــرط الغـرور تكــبُّـرا.
(٣٥)
وكــأن ليــلَ الغــدر أمسـى آمـــنـًا..
وكـأن شمــسَ بـلادِنـا لن تحـضُـرا.
(٣٦)
لم يدرِ أن الأرضَ قـد ضـاقـت بـهِ..
وبأنـهــا تســـعـى لكــي تتحـــــررا.
(٣٧)
لـم يدرِ أن الشمــسَ في عليـائــها..
ترجــو زوالَ الغــيم حـتى تَظــهَرا.
(٣٨)
لم يدرِ أن البــدرَ وَسْــط سمـــائـهِ..
رغـم الضـيــــاء فقـد بَـدا متـأثِّــرا.
(٣٩)
بحمــاقــةٍ ظــــنَّ العـــدوُّ تـوهُّمـــًا..
أن الكــــرامةَ لـن تهُـــــبَّ وتثـــأرا.
(٤٠)
وإذا بجُــندُ بـلادِنـا سَمِعــوا النــدا..
ظُهْـرًا وحَــرُّ الصــيف كـان مُنَفِّـرا.
(٤١)
عبــروا القــناةَ مُكَــبِرين وزادُهــم..
صـــــبرٌ وإيمـــــانٌ بـــربٍ أكــــبرَا.
(٤٢)
فأعـــانهـم ربُّ العـــباد بصَـومِـهِـم..
وأجـابَ دعــوةَ مـن دعـاه وكَـــبَّرا.
(٤٣)
“اللهُ أكبـــرُ” زلـزلَــتْ أعــداءَهـــم..
وأحـالـتِ الســـدَّ المنــيعَ مُدَمَّــــرا.
(٤٤)
في سِــتِّ سـاعاتٍ أعَـدنا أرضَـــنا..
ثم استراح الجيـشُ حتى يُفطِــرا.
(٤٥)
وعـدوُّنـا أمسـى يُنَكِّــــس رأسَـــهُ..
وقد ارتدى ثوبَ النسـاءِ وجَرجَـرا.
(٤٦)
وتلَقَّنـــوا درســـًا وشَــرَّ هـــزيمــةٍ..
جَعَلَتْ ترابَ الأرضِ يروي ما جرى.
(٤٧)
كـــلُّ الأنـــامِ بمَشــرقٍ وبمَـغــربٍ..
قـد ثَمَّــنَ النصــرَ العظيـمَ وقَـدَّرا.
(٤٨)
هي مصـرُ مقـبرةُ الغـزاةِ ولم تزَلْ..
محفـوظـةً ومَصُـونـةً بـين الـورَى.
(٤٩)
رمـزُ الصمــودِ قـويــةٌ وعــزيـــزةٌ..
مرفـــوعــةُ الهامــاتِ لـن تتـأثَّــرا.
(٥٠)
ستظـلُّ مصـــرُ أبيــــةً لا تنحـني..
إلا لِمَـن خلَـــقَ العبـــادَ وصَـــوَّرا.
…………………………………..

كلمـــــات_بشـــيرأبوســالــم

“عضـــو اتحـــاد كتـــاب مصــــر”
(مـن ديــــوان ” تـاج العُـــــــلا “)

اقرأ باقي العدد ١٤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى