قصة قصيرة: ” موناليزا “بقلم سعيدة سرسار – المغرب
قصة قصيرة: ” موناليزا “بقلم سعيدة سرسار – المغرب
حين يزداد تعلقنا بالماضي ، يأسرنا الحنين ، وتعلقي بغموض هذه المرأة ، طوقني حد الاختناق ، حرض سيول الشك والقلق لتجرفني ، فأبدو عارية، إلا من علامات استفهام ظلت عالقة برأسي.
عرفتها منذ الطفولة ، حداثة سني آنذاك ، لم تمنعني من أن أراقب غموضها ، أن أتساءل: لماذا هي مختلفة عن الأخريات ، في حي كانت نساؤه تنشر الأسرار والأحزان مع الغسيل فوق السطوح ؟، لماذا غلقت دونهن أبواب اسرارها ، وقالت للصمت: هيت لك ؟.
من حين لآخر ، كنت أحاول التقرب منها ، علني أفك طلاسم الوجه الغريب ، فأصفع ، تقاسيمه أشد غرابة منه ، شيء فيه لولبي ، كان يمد سبابته إلى أنفي ، ينقره ، ثم يعود إلى مكانه منتصرا، فطنت هي بذلك ، فاتقت وابل اسئلتي بردود مقتضبة.
لا أعرف لماذا بعد أن بعد بنا الزمن ، وبعد المكان ، أجدني أمامها وجها لوجه ، هي كما عهدتها لم تتغير ، نفس الابتسامة المحيرة تعلو ملامحها ، تورمت حيرتي أكثر ، حين علمت بأنها فقدت ابنها الوحيد في حادثة سير ، ودون أن تدع لي فرصة للتحقيق من جديد ، مدت لي يدها مودعة:
بلغي سلامي إلى والدتك وإخوتك.
هكذا ، جعلتني أخسر كل الجولات التي خضتها مع الوجه الغريب ، وأعلن انهزامي أمام الابتسامة الخصم ، لكم استفزتني بها ، أهي ابتسامة الرضا بكل المآسي التي عاشتها ؟، أهي استخفاف بقسوة الحياة ؟، أم بكاء من نوع آخر لم تذرفه العيون ؟.