عَربيٌّ يَحلُم …..شعر : عيد هاشم الخَطَّاري

ظَنَنتُ بِأنَّني عَرَبي
كُنتُ آمَلُ أن ألهُوَ أنَا وَقِطَّتي عَلى ضِفافِ دِجلَةِ
وَأسبَحُ في فُرَاتِ الشَّامِ
أُنَدِّي وَقتَما شِئتُ لَهيبَ الصَّيفِ
وِفي جِلبابيَ رُوحٌ
تَطيرُ كَطَيرةِ العُصفورِ باحِثةً عَن الأرزاقِ
لا تَخشَى حُدودَ الزَّيفِ
فَفي مِصرَ
يَكونُ نَسيمُها هَرَمي
شَواطِئُها كأنفاسٍ مُعطرَةٍ
وَأفردُ كُلَّ أشرِعَتي
أُنادي يا خَريطَتَنا
أنا التِّجوالُ في وَطني عُمومُ الكَيفِ
كَنائسُهُ تُظَلُّلني إذا ما جِئتُ مُلتَهبًا
وَفي مِحرابِ أقصَانا
أُرَددُ آيَتي وَجِلًا
وَأغرِفُ مِن مَوائدِهِ
بِكلِّ عَزيمةٍ قُصوَى
لأنِّي كُنتُ صاحبَهُ
وَربَّ البَيتِ
لَستُ الضِّيفَ

* *
وَعِندَ الكَعبةِ الغَرَّاءِ مَملَكَتي
يُمَرِغُ خَدِّي كُسوَتَها
يُداعِبُ مَسمَعي طَرَبٌ
يُراقِصُني صَليلُ السَّيفِ
وَعِندَ مُروجِ تُونِسهِ شُجَيراتٌ
تُلاطِفُني
يَضمُّ عُروقَها جَسدي
فَأسرَحُ مُسبِلَ العَينينِ
كَأنِّي في جَزائرِها
أزورُ كَرمَةِ الأعنابِ وِالشُّطآنِ
في وَهرانَ
كأنِّي عابدٌ مُلهَمٌ
أُرَتِّلُ آيةَ القُرآنِ
وَعندَ حُدودِ مَغرِبِهِ
تُناوِشُني
صَلاةُ القِسِّ وَالصُّلبانِ
فَلا صُومالُنا دامَت مَعارِجُهُ
وَلا الخَرطومُ في السُّودانِ
ظَنَنتُ بِأنَّني كَالشَّمسِ شَامِخةٌ مَدارِكهُا
تَلوحُ بَكُلِّ أطرافٍ تُجاهَ الضَّوءِ
تُناجي مَعدَنَ العِرفانِ
فَيَضحَكُ طِفلُنا مَرِحًا
بِأصداءٍ مِن الأصواتِ ذائِبةٍ
في وَادانَ
في تِطوانَ
حُداءُ البَدوِ غايتُنا
صَهيلُ الخَيلِ
رُغاءُ النَّاقةِ العُشراءُ
في مُصراتَةَ
وَالزِّنتانَ
وِمِن جَهرائِهِ بِئرٌ بِماءٍ عَذبٍ
فَأُلقي دَلويَّ المَثقُوبَ
إذا مَا جٍئتُ مِن بَغدادَ مُنهَمكًا
تُدَغدِغُني خُطَى الأعمارِ مِن وَطَني
فَأنسَى أنَّني الظَّمآنُ
فَلا أشجارُنا ذَبُلَت
وَلا أوراقُها تَسقُطُ
وَكُلُّ نَخيلِهُ مِلكي
الزَّيتونُ
وَاللَّيمونُ
وَالرُّمَّانُ
أكونُ الظُّهرَ في طابَا
أباتُ اللَّيلَ في لُبنانَ
وَكُلُّ إمارَةٍ وَطَني
فَلا عَجمانُ تَنفُرُني
فَي صُعراءَ مَقبَرِتي
وَفي المَحيولِ لِي حَفلٌ
وَعُرسٌ كانَ يَجمَعُنا عَلى التِّحنانِ
فَلا مِيناءُ يُوقِفُني
لأنِّي كُلُّني عَرَبِي
فَلا أخشَى عَراقِيلًا تُعارِضُني
إذَا مَا نِمتُ فِي مِينائِنا سَلمَانَ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى