رجال في الإسلام : سالم بن أبي حذيفة … بقلم مدحت رحال


كان رقيقا وأعتق

لا يُعرٓف ابوه

وعرف ب / سالم مولى أبي حذيفة

قال عنه عمر بن الخطاب يوم طُعِن :

لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لوليته ،

من هو هذا الذي استحق هذه التزكية من عمر ؟

هو : سالم مولى أبي حذيفة ،

كان عبدا رقيقا لأبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ،

ثم اعتقه وتبناه فصار اسمه :

سالم بن أبي حذيفة ،

أسلم مبكرا هو ومولاه ،

ولما نزلت آية

( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله )

( فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم )

تبطل عادة التبني

والى سالم أبا حذيفة لأنه لم يكن يعرف أباه ،

وصار يدعى / سالم مولى أبي حذيفة ،

تربى سالم في حضن الإسلام ، وبلغ بين المسلمين مكانا رفيعا أهلته له فضائل روحه وسلوكه وتقواه ،

امتاز سالم بين المسلمين بتزكية الرسول له بشرف حمل القرآن وتعليمه ،

فقال :

خذوا القرآن من اربعة :

عبد الله بن مسعود

سالم مولى أبي حذيفة

أبي بن كعب

معاذ بن جبل

وأي شرف أعظم من أن يكون ممن يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام بأخذ القرآن عنهم ؟

ولم يكن سالم مولى لأبي حذيفة فقط ،

فقد ظلا إلى آخر لحظة في حياتهما أكثر من أخوين شقيقين ،

حتى عند الموت ، ماتا معا ، الروح مع الروح ، والجسد إلى جوار الجسد ،

وكان ذلك في معركة / اليمامة مع المرتدين ،

هذا الرابط المتين بين سالم وأبي حذيفة وثق عراه الإسلام ، الذي أذاب الفوارق بين الناس وبين الطبقات ، فلم يعد الحسب والنسب والغنى والفقر هو المقياس في المعالي والمراتب ،

هناك مقياس جديد رسخه الإسلام ،

هو / التقوى

( إن أكرمكم عند الله اتقاكم )

من هذا المعيار الجديد في الكرامة والفضيلة ،

وجد أبو حذيفة شرفا لنفسه أن يوالي سالما

وشرفا لأسرته ذات المقام العالي والزعامة في قريش أن يصاهر سالما مولاه فيزوجه فاطمة / ابنة أخيه الوليد بن عتبة ،

في هذا المجتمع الرشيد ، كان سالم في الصف الاول دوما ،

فقد كان إماما للمهاجرين إلى المدينة طوال صلاتهم في مسجد قباء ،

ومما حباه به الإسلام من فضائل : الجهر بما يراه حقا ،

لا يجامل ولا يداهن ولا يأخذه في الحق لومة لائم :

خرج خالد بن الوليد في سرية ، دعاة لا مقاتلين ،

وحين بلغ وجهته ، حدث ما جعله يستعمل السيف ويريق الدم ،

وواجهه سالم بمناقشة حامية ،

وراح يعدد له الأخطاء التي ارتُكِبت

لم يكن يصدر في معارضته خالدا عن غرض ،

بل هي النصيحة ، وكم سمع سالم الرسول عليه الصلاة والسلام يقول :

( الدين النصيحة )

وجاءت معركة اليمامة ضد المرتدين ،

كانت حربا رهيبة لم يُبتل الإسلام بمثلها ،

وكان سالم وأخوه في الله أبو حذيفة من جند المسلمين ،

وتعانق الاخوان سالم وأبو حذيفة وتعاهدا على الشهادة ،

وكان سالم يهتف حين حمي الوطيس :

( بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قبلي )

وتحققت له الشهادة التي عاهد أخاه عليها ،

ولما انتهت المعركة بالنصر المؤزر وجدوا سالما في الرمق الأخير ،

وسألهم :

ما فعل أبو حذيفة ؟

قالوا : استشهد ،

قال : أضجعوني إلى جواره ،

قالوا : هو إلى جوارك ،

وابتسم راضيا ولم يعد يتكلم ،

أخوه إلى جانبه ،

أسلما معا ،

وعاشا معا ،

واستشهدا معا ،

رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة أجمعين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى