“النقد والإبداع وإشكالية القديم والحديث”من كتاب “النقد الشمولي بين الموضوعية والإبداع”تأليف / أسـامــة نــور

عودة إلى إشكالية” الشكل والمضمون ..الصراع بين القديم والحديث
وتذهب بنا إلى تساؤلات عدة منها :-
هل كل قديم جيد وكل جديد ضعيف؟
هل الالتزام بالشكل القديم في الشعر متمثلا في الوزن والقافية يكفي للحكم على الشعر أنه جيد.؟
هل شعر التفعيلة أضر باللغة وبالإبداع ؟
هل قصيدة النثر نرفضها لخلوها من الوزن والقافية ..رغم
تواجد الشاعرية فيها ؟
ويبقى السؤال هل كل شعر موزون مقفى جيد وكل شعر منثور رديء..؟
هل رفض شعراء النثر للقديم ..وأعتبار كتاباتهم حداثة
يخدم الإبداع ؟
تساؤلات تحتاج إلى تفكير فى واقعنا الأدبي والثقافي المعاصر ،
صراع يدور حول الشكل ، وقد تناسينا المضمون ..
منا مَن يرفض القديم ؛ليقال أننا حداثيون ،ومنا من يرفض الجديد. ظنًا منه أنه يحافظ على الأصالة والنوع الأدبي ..
وتناسينا أن القبول والرفض يجب أن يكون وفق ضوابط ومعايير للنوع الأدبي ، وأهمها “الإبداع ” ثم التزام المبدع
بآليات النوع الأدبي الذي يكتبه مع التجديد فيه ..
فالإبداع كائن حي يتطور ويتحرك ..ويؤثر في الآخر.
إن الإبداع لا يموت ولكن يتم تشويهه من قبل المنتفعين
فلو بحثنا في حاضرنا لوجدنا مبدعين في كل نوع أدبي وفي كل فن ومجال لكن غياب الهدف الجمعي ، غياب الحماية
والاهتمام، والرعاية هو ما يجعلهم عاجزين رغم إبداعهم
فلا يبلغ المكانة التي يستحقها ، وساعد في ذلك غياب النقد الموضوعي ، الذي يؤمن بأن النقد أمانة ،
نتج عن ذلك تشويه الذوق العام ؛لأن مايقدم له هو السيء
الرديء ، فقيمة الفن وهدفه إعلاء الذوق العام ، ونشر الثقافة
والقيم المجتمعية السامية ، من خلال مايقدم من فن وإبداع راقٍ جميل ..
لكن تهميش الجيد، وتصدر الغث الردئ المشهد ، أثر سلبًا فى الذوق العام وجعلنا نعاني من قصور التلقي ..
ويقول الدكتور مصطفى الفقي :-
“الفن لغة إنسانية وتعبير عميق يتعاطاه البشر لكي يرتفع بهم إلى مراتب عليا من التأمل الذكي ،والإحساس العميق بالسعادة والرغبة في أن تظل الأمور دائماً في إطارها المطلوب، فالحياة في النهاية محنة واختبار والفن ارتقاء وازدهار”
فهل للنقد دور في ذلك ؟!
دور النقد في تطور الإبداع :-

فالهدف من النقد …تحريك الإبداع ، وتدعيمه ، وإعلاؤه…وأن يستفيد المبدع من النقد ويدرك أخطاءه فيصححها ..
فالنقد في صالح الإبداع ،والناقد مع المبدع لا ضده ..
لهذا يجب أن يكون الناقد موضوعيًا محايدًا
——–
وليس من حق المتلقي التعديل والتغيير في متن النص ، حسب رؤيته هو وفهمه
للنص؛ لأن ذلك قد يضعف النص الإبداعي ….
فمن حق المتلقي أنْ يتناقش مع المبدع في النص من جميع جوانبه ، اللغوية ،و الفلسفية
والإبداعية ، وعلى كليهما تقبل الصواب ؛
لأن الهدف هو إعلاء الإبداع ، والفائدة والاستمتاع .
إنَّ النقد والإبداع متوازيان. والإبداع عمل راقٍ يجمع بين المشاعر والعاطفة والخيال والفكر
والنقد ، يظهر آليات هذا الإبداع ، ومدى تحققه ، ويُظهر الجيد الجميل ، وينبه برفق إلى الضعيف الذي لا يتسق مع الإبداع …يبحث في عاطفة الشاعر ووجدانه ، وفي فلسفته..ورؤيته..من خلال النص ..
.إن الناقد بما يملك من أمانة الكلمة ، وتأثير في المبدع عليه عبء كبير ، فيجب أن يسعى جاهدًا إلى ترسيخ
عوامل الرقي والجمال والإبداع في النص الأدبي ، أن يكون أمينًا صادقًا ، لا يتقيد بفكرة نقدية فلا يجامل لمنفعة ذاتية ، أو يزدري النص لخلاف فكري ، ولا يهتم بمكانة الكاتب العلمية ، والوظيفية ..
بل ينأى بنفسه عن الأهواء والميول ، ودون التقيد بآراء أو نظريات سابقة …بل يستفيد منها بقدر ما يعينه على فهم النص وتحليله ونقده .

اقرأ باقي العدد ١٤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى