الملاك سُكَّر …. قصة بقلم محمد كمال سالم.
الملاك سُكَّر …. قصة بقلم محمد كمال سالم.
من القصص الفائزة في مسابقة جريدة على باب مصر لعام ٢٠١٩
ينزل ( سيد ملاك) من بيتهم في أبهى زينته،يفتح ورشته الموجودة أسفل البيت،يسحب كرسيه الخاص ويجلس أمامها ويصيح ينده في صوت عال: يااانُص،، يأتي النُص مسرعًا وكأنما كان ينتظره،يحمل في إحدى يديه صينية الشاي والماء،وفي اليد الإخرى طقطوقة المقهي النحاسية التقليدية ويضعهم أمامه،بعد إيماءة من رأسة،يبادله سيد إياها بيمينه في صمت.
و،،سيد إسماعيل،، سماه الناس ب ( الملاك ) نسبة لشهرتِه ومهارتِه في نحت تمثال الملاك في الخشب حليةً للصالونات الفخمة خاصة القصور،فقد كان نحاتًا ماهرًا للأخشاب( أويمَجي).
يشعِل سيجارتَه مع كوبِ الشاي،،ويتبعُها بأخرى،،ويوافيه النُّص بكوب شاي آخر،فسيِّد لا يقوم من مجلسه إلي عمله،إلا بعد أن تُطِل عليه فاتنته،من باب البيت القابعِ في نهاية الحارة التي يجلس علي ناصيتها.
فإذا خرجت ( فاتن) اللعوب بدلالها،،ومنّت عليه بطلَّتِها،قام إلي عمله،ثم يعيد الكَرَّة عدةَ مرات.
تخرج من نفس بيته امرأة أربعينية،،تمرُ عليه قائلةً: صباح الخير ياعرب،،خلِّي بالَك من سُكَّر.
يبادلها تحيتها في ضجر.
و( سُكَّر) إبنة خالتِه فتاةٌ يتيمةٌ،تعيش هي وأمها التي تعمل معظم اليوم علي معيشتهما، في الشقة التي تعلو الورشة مباشرة.
وسُكَّر،،فتاةٌ جميلةٌ رشيقةٌ،،دقيقةُ الأنف واسعةُ العينين في حور يلفهما،ذاتَ ابتسامةٍ رقيقةٍ،تملك روحًا تلقائية بسيطة تصل إلي حد العشوائية.
تتصنعُ سُكر في تلك الساعة الصباحية انشغالها بنشر الغسيل في البلكون،،بينما هي في الأصل تراقبُ سيد مراقبة دقيقة.
وكان لايمر اليوم بسلام علي سيد الملاك إذا لم تخرج إليه فاتنتُه،ولا تبادله النظرات،،أما إذا خرجت إليه وبادلته ابتسامة أو إشارة،،،عالجته سُكر بقطعةِ غسيلٍ ثقيلةٍ فوق رأسه،أو علي صينية الشاي جواره ودائما ماكانت تصيب هدفَها بمهارة،،فيغضب سيد،،ويصبُّ جامَ غضبه ولعناته عليها وعلي قربتها،وسط صخب وضحكات جيرانه عليه،،بينما تفر سُكر هاربة داخل البيت في ضحكةٍ مكتومةٍ بريئة،،تتحول تلك الضحكة غالبًا إلي بكاءٍ شديدٍ لقلبها الصغير الكسير ،إذا مااستقرت داخل الشقة.
وسيد ملاك،مفتون ب( فاتن) تخلع قلبُه من بين أضلعِه، إذا ما مرت أمامه تتهادي في تبرجها،وخطواتها التي تفضح منها ماقد أخفته ملابسها.
ويجهرُ سيد للمقربين،برغبته بالاقترانِ بها،ولكن المخلصين له نصحوه: بأنها فتاةٌ متطلعةٌ لعوبٌ،،لا تناسبك،حتي أمه كانت دائمًا ماتقول له: سُكر بنت خالتك هي اللي تناسبك،وتعيش معاك وترحم أمها يابني من الشغل عليها
وفي يوم جديد،
تمر عليه خالته كالعادة،تصبَّح عليه،وتقول: خللي بالك من سُكر.
فقال لها في غيظ( خليها تخلي بالها م الغسيل) ثم يُردِف مع حالِه: لست أدري لم لا تغسلين أنتِ خالتي،وتوفرين نصف ملابسكم.
وفتاته المتطلعة أوقعت فريستها من خارج الحي كما توقع الجميع، سيارة فارهة،وكثير من علب الهدايا،،ضحكات وزغاريد وصخب في آخر الحارة.
تتزين سُكر وتتبرج،تحاول أن تجزب انتباه سيد،،أنا هنا،أنا أيضًا جميلًة،أنا من تحبك.
لا يدري بها سيد الملاك،،يأخذ مجلسه المعتاد يتألم،وبدا عليه الحزن جليا، يضع رأسه بين راحتيه،،يكاد يبكي،،يُحدّث حاله: راحت الحبيبة الجميلة،ولم يبق لك ياعرب،إلا بنت خالتِك البلهاء.
وكأن سُكر قد سمعت ما أسرَّه لنفسه،ولأنها ليست ساعة غسيلها المعتادة،عالجته بأقرب شئ إلي يدِها،وكانت فردةَ نعلِها مدويةً في طقطوقةِ الشاي،،فانفجرت كقنبلةٍ،فانتفضَ سيد فزعًا يتلفتُ،ولما تبين موضع من أصابه راح يصرخ: أبوكنَ صنفٌ ماكر،أقسمتُ ألا أتزوج
( بتغسلي شباشب دلوقتي يا سُكَر؟!)