ألفاظ تحت المجهر : ” صالح أو مصلح و مصلِّح أو مصحح …بقلم د.وجيهة السطل

▪︎صلُح فعل لازم. ومنه وزن صالِح الذي جاء على وزن فاعل، و لكنه ليس باسم فاعل، بل صفة مشبهة،على وجه الثبوت فيمن يتحلّى بها.لأن صيغة اسم الفاعل صرفيّا،تحمل الحدث وفاعله. أما الصالح فلا تحمل معنى الفاعلية،فهو شخص صلُح فكره وعمله.
ومثلها ماجد ونابه وطاهر وعاقل.
صلُح خلقُ فلان .وصلُح فلان فهو صالح .

▪︎أما المزيد بالهمزة أصلح ومصدره إصلاح. فقد اختصت به العربية الأمور المعنوية من خلق وسلوك وفساد.
فإذا دخلت على الثلاثي همزة التعدية أصلح حمل اسم الفاعل منها معنى الفعل، فصار مُصلحًا.
والصالح خيره لنفسه، أما المصلح فخيره لغيره بعد نفسه.
والصالح تحبُه الناس، أما المصلح فيعادونه .
والحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) خير دليل على ذلك.
أحبه قومه قبل البعثة ، لأنه صالح وفيٌّ صادقٌ أمين. وعندما
بعثه الله -تعالى- رسولًا إلى العالمين، صار
مُصلحًا، فعادَوه. وقالوا: ساحر كذاب.
والسبب في ذلك نفسي. فالضرورة المنطقية
تقضي بأن يكون المُصلح صالحًا في نفسه. ولا تفرض العكس.
فكلُّ مصلحٍ صالحٌ ،وليس كلُّ صالحٍ مصلحًا؛
وذلك لما يصادفه المصلح من متاعب، تجعله يصطدم بصخرةٍ صمّاء،قوامها أهواء الأفراد الذين يريد أن يصلح مافسد من أمورهم.
لذا تراه يتمتع بشخصية قيادية،تتحلّى بالأناة والصبر والحِلم .
فنرى لقمان الحكيم موصيًا ابنه بالصبر،حين حثّه على الإصلاح، لأنّه سيقابَل بالعداوة:
( يا بني أقمِ الصلاة ،وأْمرْ بالمعروف،
وانهَ عن المنكر ،واصبر على ما أصابك )
وليس هذا بالأمر اليسير، لأنه أتبعه بقوله:(إن ذلك من عزم الامور)
ويقول أهل الفضل والعلم: مصلحٌ واحدٌ،أحبّ إلى الله من آلاف الصالحين.
فالصالح يكتفي بنفسه. أما المصلح فيهدي الله به أمة. وهذه سمة الأنبياء. وقد قال الله عز و جل في محكم التنزيل:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
ولم يقل:وأهلها صالحون …

⚘ وانبثق من الجذر الثلاثي لهذا المعنى، وهو تقويم الاعوجاج، والأخطاء، جذران:ص،ل، ح. و ص، ح، ح
مزيد بالتضعيف، صلّح ومصدره تصليح. وخصصته اللغة العربية للتصليح المادي،لما هو مخرّب. فنجد تصليح الكراسي، وتصليح السيارات، وتصليح الأجهزة الكهربائية.
▪︎أما المعنى الآخر في تقويم الاعوجاج وهو المعنوي،فقد أفردت له المضعف من جذر آخر : ص،ح،ح فالمزيد بالتضعيف منه صحّح ومصدره تصحيح.وهو متروك للأخطاء الملموسة، كتابة وخطًّا ، في خطأ نحوي أو إملائي. أو استماعًا في خطأ نحوي ضبطًا لأواخر الكلمات. او نطقًا في مخارج الحروف..

▪︎ صحح المعلم أوراق الإجابة. وصحح للطلاب أخطاءهم أثناء القراءة.
حقًا يا لها من لغة دقيقة ساحرة. تعطي لكل معنى لفظة خاصة به. واستخدام إحداها مكان الأخرى، يخالف فلسفة اللغة العربية.
⚘جعلني الله وإياكم من الصالحين المصلحين.
واعان الله المدرسين المصححين ولا حرم البلاد من العمال المُصلِّحين كلٌّ في مجال مهنته. والكل سواسية في خدمة الوطن

. وبارك فيكم وفي نسلكم. وفي ذريتكم وغفر لي ولكم.

اقرأ باقي العدد ١٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى