نظرة في آية …. مقال بقلم مدحت رحال

(( ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه
القرية إن أهلها كانوا ظالمين )) العنكبوت ٣١
(( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا
لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين )) العنكبوت ٣٣

اللمسة البيانية في الآية قوله تعالى :
( ولما جاءت )
( ولما أن جاءت )
في سورة العنكبوت جاءت كلمة ( أن ) في الآية الثانية ولم تأت
في الآية السابقة مع أن موضوع الآيتبن يتحدث عن مجيء
رسل الله إلى إبراهيم ولوط عليهما السلام .
المتأمل في الآية الأولى يلاحظ أن رسل الله جاءوا مباشرة إلى
إبراهيم عليه السلام دون فاصل زمني أو مكاني .
كما أنهم أخبروا إبراهيم عليه السلام بمهمتهم الفورية ( إنا مهلكوا ) ،
وهذا يقتضي الإيجاز في الكلام .
وفي الآية الثانية فإن هؤلاء الرسل هم نفسهم الذين ذهبوا إلى لوط من بعد أن عرجوا على إبراهيم عليهما السلام ،
المتأمل يرى أن هناك فاصلا زمنيا ومكانيا بين نزولهم من السماء وذهابهم إلى لوط عليه السلام .
وأنه دار حوار بينهم وبين لوط عليه السلام على عكس الآية الأولى .
هذا السياق في الآية الثانية يقتضي الإطناب في الكلام لبيان
مهتهم التي جاءوا بها إلى لوط عليه السلام وليطمئنوه بأنه وأهله ناجون من هذا المصير المخيف لقومه إلا امرأته فإنه
مصيبها ما أصابهم .
هذا السياق الذي اقتضى الإيجاز في الآية الأولى والإطناب في
الآية الثانية ناسبه أن تأتي ( أن ) فيها دون الأولى إشارة
إلى ذلك .

نفس هذا الملمح في الإيجاز والإطناب نجده في قصة موسى عليه السلام حين دخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه .
استغاث الإسرائيلي بموسى عليه السلام فوكز المصري فقتله .
وفي اليوم التالي إذا بنفس الإسرائيلي يقتتل مع مصري ،
فلما رأى موسى عليه السلام استنجد به كما فعل بالأمس .
لم يقم موسى عليه السلام بوكز المصري فورا كما فعل بالأمس ،
وإنما وجه كلامة للإسرائيلي أولا وقال له :
( إنك لغوي مبين )
ثم تحول إلى المصري ليضربه .
وهنا جاء في الآية في وصف ذلك :
( فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما )
سبق الإرادة بكلمة ( أن ) لتدل على فترة تراخ ولو للحظة بعكس ما فعل في اليوم السابق حيث وكز المصري فورا فقتله .

دل على هذا الإيجاز والإطناب في الآيتين أنه جاء بحرف
( الفاء ) الدالة على المباشرة الفورية للفعل في الآية الاولى دون فاصل زمني او مكاني ( فوكزه ) .
بينما جاء ب ( أن أراد ) ليدل على تراخ في الفعل :
حرف أن : يشير إلى فاصل زمني
وكلمة أراد : تدل على النية والهم بالفعل وليس الفورية .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى