من آيات القرآن الكريم مقال بقلم مدحت رحال


من آيات القرآن الكريم ….مقال بقلم مدحت رحال

(( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، إن الإنسان لظلوم كفار ))
إبراهيم ٣٤
(( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، إن الله لغفور رحيم ))
النحل ١٨
تتطابق الآيتان في الموضوع وهو نعمة الله ،
ولكن اختلف الختام فيهما :
في الآية الأولى في سورة إبراهيم ختمها بقوله :
( إن الإنسان لظلوم كفار )
وختمها في الآية الأخرى في سورة النحل :
( إن الله لغفور رحيم )
ولنفهم هذا الاختلاف في الختام في الآيتين علينا كما نقول دائما أن ننظر في الآية من حيث السياق والسباق واللحاق في الآيات وما فيها من ترابط .
الآية الأولى
(إن الإنسان لظلوم كفار )
موضوع الآية هو الإنسان ،
وهو المنعم عليه .
إذا نظرنا في الآيات المرتبطة بهذه الآية نجد أن السورة عموما تتناول الإنسان في موضوعها ، قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وعنادهم وكفرهم برسلهم وكيف بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ، ويذكرهم بما أنعم عليهم من رزق ، وسخر لهم الفلك والبحر والأنهار والشمس والقمر ،
وأعطاهم من الخيرات من كل صنف ولون نعما لا تحصى ،
ومع ذلك يكفرون به ويجعلون له شركاء وأندادا .
هذا الإنسان ظالم لنفسه كافر بنعم الله ،
فجاء ختام الآية الكريمة ليؤكد هذا المعني وبصيغة المبالغة :
( إن الإنسان لظلوم كفار )
وفي سورة النحل كان تركيز الآيات على المنعم .
يذكرهم بأن الله هو الذي انعم عليهم بهذه النعم التي لا تحصى ،
هو الذي خلق الإنسان وهو الذي خلق الانعام وما فيها من منافع ،
هو الذي أنزل من السماء ماء فيه الحياة للبشر وللشجر
وهو الذي سخر الشمس والقمر والنجوم لهذا الإنسان ،
وهو الذي أخرج من الأرض ألوانا شتى من الخير ،
وهو الذي جعل في الأرض رواسي تثبتها .
بعد هذا العرض في الحديث عن المنعم وما تفضل به على خلقه
كان المناسب ان يكون الختام بذكر المنعم وهو الله ،
ولما كان التذكير هنا بالنعم ولم تتحدث الآيات عن كفر الإنسان وظلمه ،
بل توجه إليهم بالسؤال ليذكرهم كيف يشركون معه أندادا لا ينفعون ولا يضرون :
( أفمن يخلق كمن لا يخلق )
ويختم الآية بالتذكير بالمنعم ويفتح لهم باب العفو والمغفرة :
( إن الله لغفور رحيم )
ونلخص موضوع الآيتين في سورتي إبراهيم والنحل :
في سورة إبراهيم تحدثت الآيات عن المنعم عليه وظلمه وكفره ،
وفي سورة النحل تحدثت عن المنعم دون ذكر لظلم وكفر المنعم عليه .
فناسب الختام الاولى : إن الإنسان لظلوم كفار
وناسب في الثانية : إن الله لغفور رحيم .
والحمد لله رب العالمين