الخروج من الحفرة … شعر القس جوزيف إيليا

فلْتقُمْ مِنْ حفرةٍ عشتَ فيها
زمنًا منبطحًا مستباحا

ماضغًا قشَّا وتُسقى صديدًا
ولكَم في الصّدرِ نلتَ رماحا

ما أتاكَ الحرفُ إلّا عليلًا
وجهَهُ عنكَ ازدراءً أشاحا

حولَكَ الدّودُ ينامُ ويصحو
والّذي لمْ تبْغِهِ لكَ لاحا

هدَّكَ الرّملُ وأدماكَ شوكٌ
ووحيدًا كم رددتَ رياحا

مِنْ نجومٍ ما رضعتَ حليبًا
ولكَ الوحشةُ قصّتْ جَناحا

يا أسيرَ الأرضِ أُدخِلتَ سجنًا
فيكَ لا شيءَ تَراهُ استراحا

وارتمى قربَكَ ظبيٌ بحزنٍ
واختفى عنكَ محبٌّ وناحا

لا غناءٌ جاءَ مِنْ عندليبٍ
لا ولا وردٌ حَباكَ وشاحا

تطلبُ الماءَ فيأتيكَ خَلًّا
كمسيحٍ قد مُلئتَ جراحا

عُدْ لحُضنِ الدّهرِ عانقْهُ حُبًّا
وتفجّرْ قوّةً وانشراحا

وانسَ دنيا حفرةٍ ما أزالت
لكَ رغمَ البطشِ والفتكِ ساحا

إنّكَ اليومَ تعودُ فتنسى
لطَماتٍ وأسًى وانبطاحا

صوتُها الأرضُ يناديكَ هيّا
مِلْ إليها واملأَنْها صياحا

زارعًا صحراءَها دالياتٍ
مستعيدًا لدُجاها صباحا

ولأنتَ الحُرُّ فاغزُ تلالًا
وبحارًا والمَدى وبِطاحا

يدُكَ المنهَدَّ تبني وتمحو
حُفَرًا ألقيتَ فيها السّلاحا

وعلى الجدرانِ تنقشُ نقشًا
ليس يخفى بل يزيدُ اتّضاحا

لا يواريكَ التّرابُ وقبرٌ
إنّما للخُلْدِ تمضي اجتياحا

ناظرًا ما غابَ عنكَ طويلًا

جَنّةً فيها تشمُّ أقاحا


١ / ٥ / ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى