زهايمر سياسي ….قصة بقلم كنانة عيسى


زهايمر سياسي ….قصة بقلم كنانة عيسى

لأم سالم حاجة ملحة في متابعة الأخبار بصوت عالٍ ،فهي لا تسمع جيدًا وترفض ارتداء سماعة مناسبة أيضًا، تحيطها الهلاوس من كل صوبٍ، و صوتها العميق القديم يشبه صراخًا من زنزانةٍ أرضيةٍ بعيدةٍ،ولا سيما وهي تلعن القادة و الإرهابيين ،وتسب الشعوب وتهدد مجلس الأمن الدولي بالعذاب و تلعن هيئة الأمم المتحدة كل يوم.
هكذا يهيء لسالم الذي لا يصدق حكاياها ويتّهمها بالخرف ،و رغم أنها تخبره بكل ما يجري في العالم برشاقة غريبة إلا أنه يزدري هوايتها ويشعر بالغبن لأنها يجب أن تموت منذ وقت طويل، وهي لا تفعل ذلك، إنّها مصرة على إفساد حياته بصراخها على الأقل كلما احتاجت كأس ماء أو كلما أوشكت على الانقلاب من على كرسيها المتحرك ،أو كلما انتهت نشرة إخبارية أخرى عن الشرق الأوسط، والأكثر مرارة هو آراؤها السياسية المتطرفة التي لا توائم ليبراليته المستحدثة والنابعة من أفكاره الرأسمالية المستحدثة أيضًا
-سيغدو لدي مصنع كبير لمواد التنظيف ،عندما أوطد علاقتي مع أبي ناريمان.
تضحك بصوت جهوري وتقول له:
-لكنك لا تحب هذه الغبية المسكينة التي لم تنجح حتى في الثانوية العامة!! يا لك…من أحمق!
يسد أذنيه وهي تمطره بوابل الشتائم التي تعوّد عليها والتي طالت ناريمان وأمها و والدها كذلك ،الخرف لا يرحم مرضاه.
قالت له أن أحدَا يتسسلل للمنزل في غيابه لكنه لم يصدقها كذلك.فأمّه امرأة مصابة بالزهايمر،و برامج الحوار السياسية زادت حالتها سوءًا.إنَّها في مراحله الأخيرة.
يفكر الآن وهو ملقى على أرضية غرفة الجلوس يلفظ أنفاسه الدامية من رأس مهشم و أمه تستمع لبرنامج
( عين على الشرق الأوسط) وهي تطرق جهاز التحكم على طاولة القهوة بحقدٍ، متضايقة من أنينه فتقول له :
دعني اسمع برنامجي المفضّل جيدًا …اخرس يا مجرم، ابني سالم سيأتي عما قليل ويقوم باللازم.