سر الحياة …قصة قصيرة بقلم محمد كسبه

أنا الحياة أنتم بدوني لا شيء ، أنا في كل مكان حولكم ، معكم ، داخل أجسامكم ، في طعامكم ، القليل مني يكفيكم و الكثير يميتكم .

بالأمس هذا الشخص المعتوه مازن تركنا نتساقط واحدة تلو الأخرى بانتظام كدقات الساعة ، رغم أن كل واحدة منا تعلن رفضها بصوت يزعجه ، إلا أننا لم ننجح في جذب انتباهه أو حتى مجرد أن نحرك ضميره فمثل هذا المعتوه لا يجب أن نتعامل معه برحمة ، القسوة و الحزم هما السبيل لنا لكي نعلن للعالم أننا قوة لا يستهان بنا .

من أجل هذا أعلنت أنا الصغيرة نقطة عن تشكيل مجلس حرب و سنتخذ كل القرارات التي تخدم بقاءنا .

نقطة 1 الرئيسة : في البدايه أيها السادة الحضور ، رغم أن كل منا نقطة منفردة ، قطرة صغيرة في الحياة ؛ لكننا معا أعظم قوة على الأرض فبدوننا تحدث المجاعات و من أجلنا تحدث النزاعات و الحروب بين الدول .

نقطة 2 عضو : اسمحِ لي أختي الكريمة أن أعرض وجهة نظري

نقطة 1 : تفضلِ

نقطة 2 : أفضل عقاب لهذا الشخص هو الحرمان ، فالظمأ وحده كفيل بأن يجعله يعاني و يتألم حتى الموت ،

نقطة 1 : فكرة جميلة سيتم ادراجها في جدول الأعمال شكرا لكِ ، ما رأيكم يا سادة في فكرة الحرمان هل تكفي ؟ .

نظرت الرئيسة إلى الجميع في مجلس الحرب فوجدتهن يتهامسن و تبدو على وجوههن السعادة ، على الفور أعلنت القرار رقم 1 و هو العقاب بالحرمان .

نقطة 3 : لكن يا سيدتي الرئيسة الحرمان وحدة لا يكفي .

نقطة 1: أرجو التوضيح هل هناك عقاب آخر .

نقطة 3 : نعم يجب بعد الحرمان أن ننقض عليه مثل السيل أو الفيضان .

نقطة 1 : فكرة رائعة أولا الحرمان ، ثانيا الفيضان ، هكذا يكون العقاب ليعلم أن كل شيء بقدر ، و يعلم قيمتنا في الحياة .

نظرت نقطة 1 بتعجب إلى زميلتها ثم قالت : لِمَ كل هذا الحزن يا نقطة 4 .

نقطة 4 : أخشى عليه من الموت في المرحلة الأولي ، أو الثانية .

نقطة 1: لكنه أهدر حياة أغلب زميلاتنا بالاستهتار ، هل يعجبك أن تكوني بلا قيمة ، بلا نفع ، هل خلقكِ الله هباءًا ؟ يا صديقتي العزيزة مَنْ حافظ علينا حافظنا عليه و مَنْ تخلى عنا تخلينا عنه .

نقطة 3 : كلامك جميل جدا سيدتي الرئيسة لكن هذا مع شخص مستهتر تركنا نتساقط دون أن يضع حدًا للمعاناة فكيف نتعامل مع التلوث الذي يهدد حياتنا و حياة البشر ؟ .

  • نقطة 1 : تلك مشكلة كبيرة سنناقشها غدا ، الآن سنبدأ التنفيذ .

تراجعوا جميعا للخلف ، المرحلة الأولى هى مرحلة الانقطاع و الحرمان .

شعر مازن بالعطش الشديد نظر حوله وجد نفسه فى الصحراء ، حيث لا يوجد بشر و لا شجر ، درجة الحرارة تشتد و العطش يزداد ، الموت سيدركه ماذا يفعل ؟ ظل يبحث هنا و هناك لم يجد شربة ماء ، نظر بعيدا وجد بحرا ، جرى بأقصى سرعة ، أخيرا أدرك أنه سراب ، نظر للأعلى وجد سحابة ثقيلة كالمرأة في المخاض .

في تلك اللحظة أعلنت نقطة 1 بداية تنفيذ المرحلة الثانية و هي السيل فنزل الماء من السماء دفعة واحدة ، نزل الودق سيلا على الوهدة المنهبطة و جرف مازن الذي أوشك على الغرق و كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة .

ظل مازن يصرخ و يصرخ أنقذوني ، أنقذوني جرت نحوه والدته ، أيقظته من الكابوس و ضمته إلى صدرها ، استعاذت بالله من الشيطان .

علمت بما حدث فقالت له ، يا مازن الماء سر الحياة يجب أن تغلق الصنبور جيدا و تحافظ على كل نقطة ماء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى