مِصر … شعر شعر : عيد هاشم الخَطَّاري – قنا

يَا مِصرُ يَا أَرضَ الكِنَانَةِ غَرِّدِي
النِّيلُ يَجرِي في رُبُوعِكِ فاسعَدِي

يَنسَابُ مِن نَحوِ الجَنُوبِ مُسَافِرًا
وَ الوَجهُ مُبتَسِمٌ بِدُونِ تَرَدُّدِ

وَلَقَد حَبَاكِ اللهُ أَجمَلَ أزهَرَ
آيَاتُهُ تُتلَى طَوِيلًا فَاشهَدِي

وَمُنِحتِ شَيخًا بِاليَتَامِى مُشفِقًا
يَهدِي الكِرَامَ كَذَا الفَقِيرَ فَسَاعِدِي

سَاحَاتُهُ تَسَعُ الجَمِيعَ تَفَسُّحًا
وَبِنُورِ أَحمَدَ نَستَنِيرُ وَ نَقتَدِي

يَا مِصرُ لا تَتَعَجَّبِي بِكِ مُغرَمٌ
وَأقُولُ فِيكِ كَمَا أقُولُ بِمَعبَدِي

إن جَاءَ مُجنُونٌ يُزَاحِمُ نِيلَهَا
بِفُؤادِيَ المَفتُونِ أُهدِي وَ افتَدِي

وَ بِكُلِّ أَعضَائِي أُنَاهِضُ مُجرِمًا
يَرمِيكِ سَهمًا كَالصُّخُورِ لِتَصلُدِي

وَأَسِلُّ سَيفِي وِ الرِّمِاحَ نَواصِبا
وَمُهَروِلًا دُونَ انتِظَارٍ إلى غَدِ

إن مَسَّهَا الحَبَشِيُّ فِي شَرَفٍ لَهَا
بِمَكَائِدِ الشَّيطَانِ دَونَ تَجَلُّدِ

يَا مِصرُ أَنتِ مُنِيرَةٌ كُلَّ الدُّجَى
وَ بِنُورِكِ البَرَّاقِ نَحيَا وَ نَهتَدِي

هُبِّي إِلَى جُنَحِ الظَّلامِ مُجَدَّدًا
وَ بِكُلِّ أَنوَاعِ العُلُومِ وَ بَدِّدِي

أَنتِ العُلا فَوقَ الغَمَامَةِ تَاجُهَا
مِن ضَوءِ بَرقٍ بِالسَّحَابَةِ فَاوقِدِي

أنتِ عَلَى قِمَمِ العُرُوبَةِ دُرَّةٌ
هَيَّا إِلَى أَعلَى المَرَاتِبِ فَاصعَدِي

وَدَعِي الكُسَولَ يُطيلُ عُمقَ سُباتِهِ
رُوحِي إِلَى كُلِّ المَعَالِي وَاغتَدِي

دُحِرَ الغُزَاةُ بِجُلِّ أَرضِكِ كُلِّهَا
للِه قُومِي فِي رُّكُوعٍ وَاسجُدِي

وَمَحَا رِجَالُك كَلَّ أَهوَالٍ مَضَت
وَغَلَلتِ كُلَّ المُعتَدِينَ بِمَربَدِ

للِه دَرُّكِ مَا انحَنَيتِ سَاعَةً
غَيرَ الصَّلاةِ إِلى الإلهِ لِتَعبُدِي

وَ إذَا عَدُّوُكِ ظَنَّ أنَّه ظَافِرٌ
فَلتَزأَرِي يَاقُدوَةً وَ استَأسِدِي

بِجَحَافِلِ الشُّجعانِ كُنتِ مُلِمَةً
وَكَتَائِبِ الأبطَالِ ثُوري وَ احشُدِي

وَإذَا دِمَاءٌ مِنَ عُرُوبَةِ أُسفِكَت
كُنتِ لَهَا مِثلَ الطَّبِيبِ تُضَمِّدِي

وَجَمَعَتِ كُلَّ الطَّيِّبِينَ بِسَاحِةٍ
وَ بَسَطتِ مَائِدَةَ الطَّعَامِ لِتَنتَدِي

وَ إِذَا الحَرَائِقُ فِي البِلادِ تَأَجَّجَت
قُمتِ لَهَا بَينَ اللَّهيبِ لِتُخمِدِي

قَد جَاءَ ضَيفُكِ يَطلُبُونَ سَمَاحَةً
مُدِّي يَدَيكِ أيَا عَظِيمَةَ وَ اثرِدِي

إِن جَاءَ قَتَّاتٌ لِنَشرِ مُصِيبِةٍ
هُبِّي إِلَى كُلِّ النَّوَافِذِ اوصِدِي

وَ بِطَلقَةٍ نَفَّاذَةٍ عِندَ الوَغَى
يَا مِصرُ قُومِي لِلأعَادِي سَدِّدِي

وَ لِكِلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مُعتَدٍ
يَرجُو دَمَارًا بِالوَثَاقِ وَ شَدِّدِي

مَن خَانَ عَهدَكِ يَا بِلادِي مَرَّةً
سَيَخُونُ مَرَّاتٍ فَقُومِي وَاطرُدِي

أَنتِ التِّي نِلتِ الثَّقَافَةَ كُلَّهَا
هَيَّا إِلى عَذبِ المَعَانِي وَانشُدِي

وَبِشِعرِكِ الغَزَلِيِّ فِي وَجَه الفَتَى
فَزِنِي القَوافِي يَا بِلادِي وَرَدِّدِي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى