وأزهرت البسنت …. قصة قصيرة بقلم نجوى عبد الجواد


استيقظ العالم على حدث غريب لم يجد له العلماء تفسيرا، نشرات الأخبار، مواقع التواصل، صناع العطور، أصحاب البساتين، الكل يتحدث عن ذبول مفاجئ أصاب زهرة البسنت في العالم كله. انتشرت الصور التي تظهر أوراقها وقد فقدت نضارتها واللافت للنظر قطرات من المياه المالحة الدافئة على كل الأوراق!أشهر مالكات بساتين الزهور في العالم خرجت لتقول : ربما لاتصدقون، لكن ما أقوله لكم هو ما أصدق، البسنت حزين! ماحدث له هو مظاهر حزن.
الناس بين مصدِّق ومكذّب لكلامها.
لكن ما يجمعهم هو الرغبة في إنقاذ البسنت.
صارت ترندا، رسالة من فتاة تقول :نعم، البسنت حزين؛ لأن إحدى زهراته غادرتهم ورحلت!الجميع يبحث عن تفاصيل، آلاف الرسائل تسأل عن الزهرة المغادرة.
مشاعر الحزن تتلبث كلماتها :كم تشبثت دكتورة بسنت بالحياة، قاومت الألم بالعمل والصبر وأخيرا انتصرت عليه وتركته في الأرض ورحلت إلى السماء!أخيرا وجدت الراحة.
ألهذا السبب البسنت حزين؟ يسأل أحدهم .
حزن المفارق أحبابه. ترد عليه
وكيف السبيل إلى إنقاذه من هذا الحزن؟
هو نفس السبيل الذى أبحث عنه لإنقاذ أمي من هذا الحزن!.
لانوم يهزم العيون الذابلة والجفون المثقلةبأنهار الدموع، الجبال الراسيات تركت أماكنها وسكنت صدرها، فرط الكلام الذي أصابها لم يرهقها طالما هو عن بسنت، لو ملَّ البشر حديثها عن دكتورتها بسنت لن تملَّ زهرة البسنت في بيتهم! ذابلتان تبثان حزنهما لبعضهما البعض!
لحظات صمت بين الأهل والمعزِّين، الجفون الثقيلة ارتخت، الرأس مالت قليلا، أخيرا تمكنت منها سِنة من النوم. الحزن بادٍ على الوجوه المحيطة، العيون تحملق في الابتسامة التى بدأت تتسلل إلى وجه الأم التى غلبها النوم، بعيدا عن هذا العالم الحزين تراها! تأتيها من بعيد وقد استردت عافيتها كأن لم يكن هناك هزال من قبل. لا أوجاع لا أحزان، عادت وردتها الزهرة من جديد! . قصر كبير لم تر له مثيلا من قبل، حديقة كلها زهور بسنت، ضوء ليس كضوء الأرض، صوتها يتردد في حلقها غير مصدقة :بسنت، بنتي بسنت!
تقترب وتقترب وتطبع قبلة حانية على خدها وهي تقول :أنا بخير الآن يا أمي. جبال الحزن تبدأ في التفتت، أنهار الدموع تبدأ في الانحسار، تتبع عيناها يد بسنت وهي تشير إلى قصر لايقل روعة وجمالا وهي تقول :هذا قصرك!
الله يا بسنت، الله يا بسنت هي العبارة التي لازمت الأم وظلت ترددها. لم تعد تحكي عن مرض، لا تحمل كلماتها ألم، لاكلمات سوي :الله يا بسنت. سرت العبارة في زهور البسنت في العالم فعاد ليزهر من جديد وقد أزمع على حمل رسالة دكتورة بسنت للدنيا، رسالة الجمال والعطاء والمحبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى