لغة الأديب…..مقال بقلم سيد جعيتم- جمهورية مصر العربية


لغة الأديب…..مقال بقلم سيد جعيتم – جمهورية مصر العربية

لا خلاف على أن اللغة العربية الفصحى هي الركيزة الأساسية للكتابة الأدبية بجميع أشكالها، سواء كان ذلك في المقال، الشعر، النثر، الرواية أو القصة القصيرة.
ما أقصده هنا ليس مجرد اللغة التي يُكتب بها الأدب، بل لغة الأديب نفسه، تلك التي تشكل العلاقة بينه وبين القارئ، وتؤثر بشكل مباشر على انطباعه وتفاعله مع النص.
كان لي حوار ثري مع أحد الأدباء حول لغة الكاتب في الرواية أو القصة القصيرة، حيث طرحت رؤيتي التي تميل إلى أن تكون الكتابة بلغة بسيطة، مما يسهل التواصل مع القارئ العادي، ويحقق له الفائدة ويجعله يستمتع بما يقرأ، فالأسلوب القريب من القارئ يعزز انتشار الأدب ويمنحه تأثيرًا أوسع، وضربت مثلاً بكتابات أستاذنا نجيب محفوظ، الذي نجح في تقريب الفصحى من العامية، وجعلها أكثر حيوية وانتشارًا. في نهاية المطاف، جائزة الكاتب الحقيقية ليست مجرد اقتناء كتبه ووضعها على الرفوف، بل أن تُقرأ وتُتداول بين الناس.
أما الرأي الآخر في النقاش فقد ذهب إلى أن الكاتب ينبغي أن يكتب بأسلوبه الخاص، حتى لو استخدم المفردات اللغوية الصعبة وغير الشائعة، إذ أن على القارئ أن يرتقي لمستوى الكاتب لا العكس، وكان المثال الذي استند إليه في هذا الطرح هو الأستاذ عباس محمود العقاد، الذي كان معروفًا بأسلوبه العميق والرصين.
بعد هذا النقاش الممتع، أدركت أن المسألة ليست حسمًا لطريقة على أخرى، وإنما تعتمد بشكل أساسي على هدف الكاتب والجمهور الذي يستهدفه، فكلا النهجين له قيمته وأهميته في السياق الأدبي.
ومع ذلك، اتفقنا على أن اللغة الفصحى وجهٌ للحضارة، تتطور بتطور المجتمع ولا ينبغي التخلي عنها لصالح العامية، التي تختلف من دولة عربية لأخرى، بل حتى داخل الدولة نفسها من منطقة لأخرى.
كما أن هناك كثيرًا من الكُتَّاب الذين أثروا في الأدب المصري والعربي ونجحوا في تحقيق التوازن بين الأسلوب السهل والعمق الفكري، بحيث يكون النص ممتعًا ومفيدًا في آنٍ واحد. فالكاتب، في نهاية المطاف، ليس مجرد صانع رؤى وأحلام، بل هو نبض المجتمع، يؤثر في القارئ بفكره وحروفه النابضة بالحياة، ولا يكتب ليملأ الفراغ، بل ليضيء العقول ويترك أثرًا يتوارثه الزمن.