فض الاشتباك بين العامية والفصحى … بقلم إبتسام عبد الصبور – عضو اتحاد كتاب مصر
فض الاشتباك بين العامية والفصحى … بقلم إبتسام عبد الصبور – عضو اتحاد كتاب مصر
الجدال حول صراع يدور بين العامية والفصحى قديم منذ زمن الجاحظ وأبي هلال العسكري، فمتى تحولت النظرة المسالِمة بينهما إلى حرب شعواء؟
حدث ذلك على يد المستشرقين حيث ألف ( ولهم سيبتا) عام ١٩٨٠ كتابا يتحدث فيه عن قواعد العامية المصرية ويشتكي من صعوبة الفصحى، ويقترح اتخاذ الحروف اللاتينية في كتابة العامية
تبعه (كارل فولوس الألماني) بكتاب يطالب فيه بإقصاء الفصحى وإحلال العامية محلها، وهنا انطلقت الشرارة الأولى للحرب المزعومة بينهما وبدأ المثقفون يدعون إلى مناصرة الفصحى ضد العامية.
والحقيقة أنه لا صراع، فهذا أشد المنحازين للفصحى ضد العامية د. طه حسين يقول:( إن روعة قصص نجيب محفوظ تأتي من لغتها فهي لم تُكتب بالعامية المبتذلة ولم تُكتب بالفصحى القديمة التي يصعب فهمها على أوساط الناس)
وهاهو توفيق الحكيم يرفض انحياز البعض للفصحى ورفض العامية تماما فيقول:( لا أستطيع في رواياتي أن أجعل العتّال أو الفراش يتكلم بالفصحى وإذا فعلت ذلك سأخلق جوا مصطنعا.)
وهذا النموذج يعد دعوة غير مباشرة لاستخدام الفصحى والعامية كلٌ في مكانه ليأتي العمل الإبداعي متكاملا
وقول طه حسين:( لا أخشى على العربية الفصحى إلا من أزجال بيرم التونسي) ما هو إلا اعتراف صريح بدور العامية في تشكيل الوجدان المصري.
نخلص من هذا إلى أنه لا صراع بين العامية والفصحى؛ فللعرب لغة واحدة هي الفصحى لغة القرآن والعروبة، أما العامية فهي جزء من اللغة الأم نستخدمه جميعا في حياتنا اليومية شئنا أم أبينا فكيف لا تكون أحد وسائل التعبير الأدبي وهي واقع يومي مَعيش؟!
ولكن حين نقول إن استخدام العامية واقع يجب أن يكون واقعا مشروطا بوعي مستخدميها أن استخدامهم للعامية في الأدب لا يعني انحطاط النص وركاكة الأسلوب بل يعني استخدام العامية الفصيحة التي قال عنها د. صلاح فضل وهو عضو مَجمع اللغة العربية 😞 انطلقوا للعامية الفصيحة حتى يُقبل مثلي على قراءة روائع شعر العامية دون أن يشعر أنه يخون الفصحى.)
ومن هذا المنطلق نصل أنه لا معركة ولا اشتباك بين الفصحى والعامية حتى نفضه أو ننتصر لفصحانا على عاميتنا فعلينا أن نتمسك بفصحانا وندعمها ونساهم في انتشارها وفي نفس الوقت ندعو لرقي العامية وزيادة الفصيح فيها
فيصبح لدينا ما يمكن تسميته عامية فصيحة.