شرف الانسحاب من المعركة … مقال بقلم مدحت رحال


شرف الانسحاب من المعركة … مقال بقلم مدحت رحال

ابتلينا بين الفينة والأخرى بشيخ مأجور يحرف
الكلم عن مواضعه ويصطف في خندق الأعداء الصهاينة والمتصهينين .
عمائم ولحى مأجورة باعت دينها وضميرها في سوق نخاسة الخيانة والعمالة من أجل دراهم معدودة ، ونسوا أنهم مقبلون على حكم عدل يحاسب على الفتيل والقطمير .
ولكن المفاجأة كانت أن طفى على السطح كغثاء السيل من كنت أحسبه رجلا ذا رأي وعلم ، قد استقطب القراء وشد إليه الأنظار والأسماع في برامجه الفضائية الجيدة .
أكاديمي يحمل شهادة الدكتوراه في الطب وجراحة المسالك البولية .
وكنوابغ العلماء ، ضم إلى هذا التخصص العلمي تخصصا في دراسة التاريخ ، وطالما أمتعنا بدروسه وحلقاته في التاريخ الإسلامي والغوص والتحليل فيه بحيث أصبح من الدعاة الذين
يشار إليهم بالبنان .
وفجاة إذا بهذا الداعية العالم ينكص على عقبيه وينخرط في سلك دعاة الضلال فيخرج علينا بكتاب أنيق يغري بعنوانه:
( شرف الانسحاب من المعركة )
تصوروا ،
الانسحاب من المعركة أصبح شرفا !
وهو بذلك يخالف الآية المحكمة في كتاب الله :
(( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير )) الأنفال ١٥ — ١٦
وخالف الحديث الشريف في السبع الموبقات ومنها :
( التولي يوم الزحف ) .
إنه يطالب المدافعين عن شرف الأمة التي أصبحت بلا شرف ولا كرامة بتسليم السلاح والانسحاب .
ويضرب مثلا بانسحاب جيش المسلمين في معركة مؤتة ،
مزورا ومخالفا حقائق الانسحاب التي أشار إليها القرآن ،
وما قاله الرسول عليه السلام في الجيش المنسحب في مؤتة .
وحقيقة الانسحاب في معركة مؤتة أنه لم يكن انسحابا كما أوهمنا .
- الانسحاب في مؤتة كان خطة عسكرية حيرت مؤرخي الحروب على مدى التاريخ .
— كان انسحابا تكتيكيا أربك الجيش الرومي الذي أحجم قادته عن اللحاق بالجيش الإسلامي المنسحب .
— الجيش كان في انسحابه متحيزا إلى فئة كما ذكرت الآية الكريمة ( إلا متحرفا لقتال او متحيزا إلى فئة )
وقد أكد ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال :
( أنا فئتهم ) فقد تحيزوا إلى رسول الله كما قال .
— هم في انسحابهم لم يتركوا أرض المسلمين لعدوهم ،
فقد كانوا على تخوم الشام ولم تكن قد دخلت في حوزة الإسلام ، فلم تكن الأرض أرضهم .
— انسحاب المجاهدين في غزة يعني إخلاء أرض الإسلام للأعداء ،
— ما عجز الجيش الصهيوني تدعمه أمريكا والغرب وصهاينة العرب وصامتيهم عن تحقيقه خلال سنة ونصف يريد الدكتور
أن يهديه على طبق من فضة للعدو وبجرة قلم مدلسا ومحرفا لحقيقة انسحاب المسلمين في غزوة مؤتة .
— إلى أين ينسحبون وأين هي هذه الفئة ؟
أليست هي التي تشارك في إبادتهم وحصارهم ؟
أي أنهم سيكونون بين مطرقة الصهاينة وسندان المتصهينين .
فهل هذا هو الانسحاب المشرف ؟
— يقول سبحانه وتعالى :
(( هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ))
فهل الانسحاب وترك الأرض للمغتصب إحدى الحسنيين ؟
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد
ومن دون أرضه فهو شهيد ،
فهل شرف الانسحاب كما يدعي هو أحد هذه الثلاثة .
يحزنني أن أراك في صف المنتكسين .
بالأمس خرج علينا أصحاب اللحى والعمائم يحثون الفلسطينيين على الهجرة من فلسطين والأقصى بحجة الفرار بدينهم .
وأشهد أن الفلسطينين مسلمين ومسيحيين يمارسون شعائرهم الدينية بحرية لا تجدها شعوبكم .
هؤلاء يحثون على الهجرة من أرض الرباط
وهذا يدعو إلى الانسحاب من المعركة ويسميه شرفا .
ما أشرفكم .
وهكذا تكتمل المؤامرة :
التهجير / القاء السلاح
الإخلاء والإبادة
أخشى أن تكون وإياهم ممن عنتهم هذه الآية الكريمة :
(( واتل عليهم نبأ الذين آتيتاه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين )) الأعراف ١٧٥
ليتك بقيت صامتا !!
سكت دهرا ونطق كفرا .