بئس النهاية ….قصة قصيرة تأليف محمد كسبه
بئس النهاية ….قصة قصيرة تأليف محمد كسبه
يا أنتِ ألا تسمعيني ! لماذا لَم تحزني حين فارقتك ؟
لِمَ كل هذا التجاهل ! أنا لي حق عندك ، بعد كل هذه العناية و الاهتمام و الرعاية منكِ ، فجأة حين سقطت أرضا لم أجد منك أي تعاطف ! كنت أحسب أني غالية ، أحسب أن لي قيمة ، أحسبني تاج على رأسك ؛ لكن للأسف انتهت مصلحتك معي فانتهت العلاقة بيننا ؛ ألا تخجلين من نفسك من تصرفاتك هذه ، ما زلتِ تغنين و تضحكين و أنا أفارق الحياة تحت قدميكِ .
على الجانب الآخر تقف أمام المرآة تمشط شعرها بفخر و بسعادة ، تتمايل ، لا تدرك حجم معناتي ، لا تشعر بألمي .
كنت أرى زميلاتي يتساقطن كل يوم في كل مكان ، على الوسادة ، في المنشفة ، في الحوض ، و الكثير منهن كنت أراهُنَ عالقات ، في الأمشاط بعد معركة غير متكافئة مثيرة للشفقة كلها شد و جذب ، كثيرا نجوت من الموت بأعجوبة كانت حياتي مليئة بالمغامرات في عمليات تتطلب مني اليقظة و الانتباة ليلا و نهارا ، حياتي كانت صاخبة ، مثيرة للشفقة، في كل حركة أحتاج إلى ردة فعل متوازنة كي أحافظ على نفسي ، كي أعيش فقط .
في المرة الأخيرة حين كانت تستحم ، أخبرتها أن المياة ساخنة جدا ، و حين اختارت هذا النوع من الشامبو و وضعته على رأسها ، كدت أشعر بالاغماء ؛ لكني قاومت للنهاية و استطعت الصمود ، تحت المنشفة كنت أشعر بألم الضغط و كنت اتشبث بجذوري ، أردت الراحة لبعض الوقت لكن صاحبتي لم ترحمني ، وضعت فوقي كمية من الأصباغ رائحتها كريهة جدا ، بدأ لوني يتغير إلى اللون البني ، و أنا لوني الطبيعي كان أسود لامع ، قلت لنفسي يجب أن أعيش بسلام و أحافظ على نفسي و على نعومتى حتى نهاية طرفي ، لكني فوجئت بها تقص الأطراف ، رغم احتجاجاتي المستمرة و اعتراضاتي ، أنا لا أملك لنفسي أي مصير ، دائما تتجاهل مطالبي و احتياجاتي ، تستخدم الزيوت و الكريمات بطريقة عشوائية ، هي لا تعلم أن المواد الكيميائية تضرني ، و تعرضني للتلف و للجفاف ، أكره أيضا مجفف الشعر ، المقص و الأمشاط اللعينة .
أرجوكِ أغلقِ هذا التليفزيون ، هذه الإعلانات معظمها كاذبة ، تلك المستحضرات لتنعيم ، لفرد ، لتلميع و تطويل الشعر ، ليست جيدة إنها تقتل الشعرات بالبطيء ، عشرات الشركات تنفق مليارات الدولارات على خبراء ، موظفين ، إعلانات و النهاية تلف و موت حقيقي .
في جميع أنحاء العالم محلات لتصفيف الشعر ، و بها مصففون يتقاضون رواتب مجزية جدا ، رغم هذا لا أحد منهم يقدر قيمة حياتي أو حياة زميلاتي ، و الأسوأ من ذلك موضة الشعر المستعار ، تلك هي الكارثة الشعر المزيف يلقى رواجا و قبولا عند الكثيرين ، حياتي مؤلمة جدا .
الحمد لله أخيرا رفعت قدمها عني ، أكاد ألفظ أنفاسي الأخيرة ، كُفِ عن الغناء و الرقص أيتها الجميلة أحبك رغم قسوة الحياة معك ، ما هذا الصوت ، يا ربي أنها المكنسة ، ما أصعب طلوع الروح .
بئس النهاية مع كل هذه الأوساخ في سلة المهملات .