العدد الثامن : “دموع صامتة”

لوحة الغلاف ( دموع صامتة ) من أعمال الفنانة التشكيلية أمل عزت

المقالات

انتخابات نقابة الصحفيين بالإسكندرية “الإختيار أمانة “
بقلم -أشرف الجبالي

ونحن على أبواب التجديد النصفي لإنتخابات نقابة الصحفيين الفرعية بالإسكندرية نهنىء جموع الصحفيين بالثغر ونتقدم إليهم بأسمى آيات التقدير والإحترام على ما قدموه من خدمات مهنية وصحفية من أجل شعب الإسكندرية العظيم ، والشكر موصول لأعضاء مجلس النقابة والسيد النقيب على ما قدموه ويقدمونه للعائلة الصحفية بالإسكندرية ،وأود الإشارة إلى أن هذا التجديد النصفي هو إجراء ديقراطي الهدف منه تدوير المناصب والمسؤوليات من أجل مزيد من الخدمات ، فلا فضل لمرشح على آخر إلا بالعمل والجد والإجتهاد ، وكما أحسنت الجمعية العمومية الإختيار في الدورات السابقة نتمنى أن تتفوق هذه المرة على نفسها وتحسن الإختيار وفقا لمعايير موضوعية وليس وفقا لعلاقات القرابة والصداقة والزمالة والحلقية والشللية ، ذلك لأن هذه الاعتبارات الذاتية قد تضرب تجربة الديمقراطية الصحفية في مقتل ولذلك فإن الإختيار الموضوعي الذي يتأسس على معايير عامة وخاصة هو الضمانة الحقيقية لراحة الضمير ولوجود نقابة حقيقية تعمل من أجل مصلحة الوطن والمواطن .
وفي تقديري المتواضع أن تلك الشروط الموضوعية يجب أن تراعي الآتي :
1 – أن يكون الاختيار لصحفي مشهود له بالنزاهة والكفاءة وحسن الخلق والمظهر والقدرة على تمثيل جموع الصحفيين والوعي والمعرفة بمطالب الزملاء
2- أن يبتعد قدر الإمكان عن التأثر بالدعاية الملوثة التي تقوم على تشويه الآخرين والطعن في سمعتهم بلا دليل واستخدام الحملة الانتخابية في أغراض تصفية حسابات لصالح نفسه أو لصالح الغير ، ذلك لأن هذه الأفعال ترقى لمستوى جرائم الشرف وتطعن في مصداقية الصحفيين عموما . فالجميع ينظر إلى انتخابات نقابة الصحفيين بوصفها نموذجا يحتذى به وخاصة وهم أصحاب القلم والرأي والمواقف .
3- ألا نترك الفرصة أو نتهاون في حق الزملاء المرشحين فالجميع له تقديره واحترامه والجميع يجب أن يحترم الآخرين سواء في حقهم في الترشح أو حقهم في التصويت وبناءً عليه فإن نزاهة الانتخابات ليست فقط في نزاهة الفرز وإعلان النتيجة ولكن أيضا في نزاهة الممارسة الديمقراطية والشفافية واحترام الآخر .
أخيرا هذه رسالة إلى أساتذتي وزملائي وأصدقائي من أعضاء الجمعية العمومية للنقابة الفرعية .
إن حسن اختياركم للتجديد النصفي وترفعكم عن الصغائر والمكايدات وتصفية الحسابات هو الضمانة الوحيدة لأن تبقى نقابة الصحفيين بالإسكندرية قوية بصوت الحق وقائمة بالممارسة الديمقراطية وعلى الجميع أن يدرك إن كرسي نقابة الصحفيين ليس دائما وإنما محبة الزملاء لك واحترامهم هو الأبقى
عاشت وحدة الصحفيين
مع خالص حبي الكاتب الصحفي …أشرف الجبالي

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

شيطاننا الذى نعلم أم ملاكنا المجهول ؟ …..بقلم د.أحمد دبيان

كثير من الأوقات نجد الخيار أمامنا ما بين ما نعلم -وإن كان شيطانًا -أو المجهول الملائكى.

ونجد أنفسنا نميل دوما إلى ما نعلم رغم شيطانية التفاصيل وننفر دوما من المجهول الملائكى.

يميل الإنسان العادى دوما إلى الاطمئنان لدائرة التعود ، وينفر غالبا من ارتياد مناطق المجهول. وقد يعلم فيما يعلم شيطانية التفاصيل فيما تعود ويرتضيها رغم فداحة الثمن فيراها الأمن والأمان والملاذ والعباءة والسكن والمصير.

و السؤال هنا : هل هى تلك الغريزة المتوارثة التى دفعت أجدادنا للسكن والاستقرار فى وادٍ ضيق ؟ بينما كانت غريزة اكتشاف المجهول أقوى لدى شعوب الجوار فارتادت العباب إلى الأرض الجديدة وصنعت جيلها الثالث والرابع.

هل هى مفتاح سيكولوجية شعوب بعينها تنحت سمت شخصياتها فنجد هناك مثلا شخصية لمصر وشخصية لفرنسا وشخصية لإيطاليا وشخصية لليونان ؟

هل نحن نحيا أسر ذواتِنا وشيطاننا الذى نعلم خوفا من ارتياد دروب ملاكنا المجهول وإن كان حارسا فاردا جناحيه العملاقين؟؟

شيطاننا الذى نعرف أم ملاكنا المحتمل المجهول ؟؟

سيظل هذا جوهر السؤال الوجودى المحدد لذواتنا وشخصياتنا وسلوكنا الإجتماعى والإقتصادى بل والسياسى أيضا .

ولحين تحديد البوصلة والاتجاه تظل الإجابة هى الوجهة الحقيقة المحددة للآتى فى إختياراتنا.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

(بين الفصيحة والعريف)

” الحابل والنابل ” …بقلم ابتسام عبد الصبور

 
 ف: ماذا بكَ رفيقَ الدرب؟

ع: حزينٌ لاختلاط الغَثِّ بالسمين، فاخبريني صديقتي الفصيحة، كيف نفرق بينهما في هذا الزمن الصعب ؟

ف: كما كان يفرقون في تراثنا العربي القديم بين الأصيل والهجين من الخيل.

ع: وكيف كانوا يفرقون ؟

ف: من عادات العرب في الجاهلية أنهم إذا تكاثرت خيولهم واختلط عليهم أمرُها وأصبحوا لا يميزون أصيلَها من هجينها؛ كانوا يجمعونها كلها في مكان واحد ويمنعون عنها الطعام والشراب ويوسعونها ضربا، وبعد ذلك يأتون لها بطعام وشراب ..

فتنقسم تلك الخيول إلى مجموعتين

مجموعة تهرول نحو الطعام والشراب لأنها جائعة، غير آبهة بما فعلوا بها..!!

بينما المجموعة الثانية تأبى الأكل من اليد التي ضربتها وأهانتها، وتمتنع عنه تماما ..

وبهذه الطريقة يميزون الخيل الأصيلة عن الخيل الهجينة.!!

ع: هذه الطريقة يمكن تطبيقها لمعرفة أصالة الشعوب لا الأصدقاء

– فابحثي لي صديقتي عن طريقة لمعرفة أصالة الأصدقاء.

ف: سأبحث عريفي الأصيل، بعد أن اختلط الحابل بالنابل في هذا الزمان

ع: تحيرني عباراتك، وقد أتيتك لأفُكَّ طلاسم الحيرة

فماذا تقصدين بالحابل والنابل؟

ف: الحابل : هم الأشخاص الذين يمسكون حبال الخيل والجِمال في المعركة،

أما النابل : فهم الأشخاص الذين يرمون بالنبال والسهام ، فحين تشتد المعركة ، بين الطرفين ، ويختلط هؤلاء بهؤلاء ، فيُقال اختلط الحابل بالنابل

ع: خبريني، ماذا نقول عندما يشتد القتال؟

ف: نقول:  استعرت الحرب أي اشتدت واحتدمت.

ع: ومتى نقول: وضعت الحرب أوزارها؟

ف: عندما تنقضي الحرب، ويتوقف القتال.

ع: والحرب سجال.. نقولها حين تستمر الحرب دون انتصار طرف على آخر.. أليس كذلك؟

ف: بلى يا عرِّيف، هل تعرف أن حديثنا وافق مناسبة عزيزة على قلوب جميع المصريين؟

ع: أعرف جيدا، شهر أكتوبر
شهر الانتصار العظيم

ولن أتنازل عن دعوة لوجبة غداء دسمة بهذه المناسبة، وهناك سأطلقها مدوِّية.. كلُ عامٍ ومصرنا بخير.

ف: بل نطلقها الآن..  كلُ عامٍ ومصرنُا الحبيبة بخير.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

هل زواج العقل يقضي على جزء من مشكلة العنوسة ؟ ….مقال بقلم/ أسـمـاء الـبـيـطـار

بداية لا أفضل لفظ ” العنوسة ” لكنه لفظ شائع و دارج في جميع المستويات و الطبقات الإجتماعية؛ لذلك لا حرج من استخدامه .

هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلي تأخر سن زواج الإناث
و لكن في هذا المقال سأتحدث عن سبب واحد فقط و هو من وجهة نظري البسيطة سبب مهم و رئيسي ، لأن البنت هي من تسببت فيه بنفسها و لنفسها.

لا شك أن أغلب الإناث قد دخلن في علاقة عاطفية مع الجنس الآخر .. و هنا سنتحدث عن السن أو المرحلة الجادة التي تدخل فيها الفتاة و لم يكن لها أي غرض سوى الزواج .
بداية لن يقل عُمر الفتاة في هذه المرحلة عن عشرين عاما ، حيث ترتبط الفتاة عاطفيا بشاب يعدها بالزواج و قبل الوعد بالزواج يطلب منها العهد بتحمل ظروفه المادية و الإجتماعية مرورا بمرحلته العُمرية التي سيكمل فيها دراسته و خدمته العسكرية و من ثم مرحلة بحثه عن عمل و و و .
كل هذه المراحل تقطع سنوات من عمرها و عمره .
لكن عادات مجتمعاتنا الشرقية المتجذرة في ثوابت المجتمع لن تترك فتاة تخطى عمرها منتصف العشرينات دون همهمات و انتقادات لاذعة مباشرة و صريحة .
فإن تخطت الفتاة هذه الانتقادات و أصرت على إكمال طريقها و كان الطرف الآخر صادقا معها ؛ فلن يكون زواجها قبل الثلاثين من عمرها . و هذا على أقل تقدير .. و لكن هذا ليس موضوعنا .

نحن نريد أن نتحدث عن العلاقة التي تستوفى معظم الوعود
أو كلها و لكن دون أن يقدم الطرف الآخر خطوة واحدة إيجابية تشعر فيها الفتاة بالاطمئنان .
و هنا إذا كانت الفتاة جادة، و طلبت منه التقدم لخطبتها رسميا ووجدت ممطالة و تسويف و اعذار ، لا شك أنها ستقطع علاقتها به ، و لكي تتعافى لتدخل في علاقة أخرى لا شك أنها ستأخذ بعض الوقت و الذي يحسب أيضا من عمرها ، لتعود مرة أخرى لنفس الدائرة المفرغة .
و كلما مر عُمر الفتاة.. قلت الفرص الجيدة و ازدادت تطلعاتها .
و تظل الكثير من الفتيات على هذا الحال حتى تجد نفسها في متنصف عقدها الثالث و لن أبالغ إذا ما وجدت نفسها في عقدها الرابع .

نعم يمر العمر سريعا دون أن نشعر به، و بين مروره و الوقفة للحساب .
ستكون قد خسرت الكثير من طاقتها لاستقبال هذه الحياة
و هنا :

إما أن تعزف تماما عن الزواج .

أو أنها ترضى بمن لا يتناسب معها لكي ترضي مجتمعها الصغير و الكبير ، و هنا لا شك أنها ستقضي على ما تبقى منها و فيها .

لكن إذا حكمّنا عقولنا و الذي ميزنا الله بها عن سائر المخلوقات ؛ سنجد أن الزواج ما هو إلا قبول و إيجاب و توافق فكري و اجتماعي بين الطرفين .

أما عن الحب عزيزتي فهو لا يخلق من الوعود فقط .
بل يخلق من الأزمات و مدى تحمل كل طرف للآخر و صبره عليه ، و هذا لن يكون إلا تحت السقف الذي يجمعكم بميثاق غليظ .

فالذي جعل لك القدرة على الخروج من علاقة للدخول في أخرى بوعود بينك و بينه .

سيكون الأفضل أن تحكمي عقلك و لا ترفضي رجل دق بابك ليدخل منه .
الكثير من الفتيات أضعن فرص طيبة لحياة في النور و أضعن عمرهن و للأسف لن يفيد الندم .

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

رجال في الإسلام … بقلم مدحت رحال

المثابر الأواب
عبد الله بن عمر بن الخطاب
ثالث العبادلة : عبد الله بن عبد عمر
عبد الله بن عباس
عبد الله بن عمرو بن العاص

بدأت علاقته بالإسلام وبالرسول ، وهو في الثالثة عشر من عمره ،
حين صحب أباه إلى غزوة / بدر ، لولا أنْ رده الرسول عليه الصلاة والسلام لصغر سنه ،
لقد تعلم من أبيه خيرا كثيرا .. وتعلم مع أبيه من رسول الله الخير كله والعظمة كلها .
كان رسول الله قدوته ، يحاكيه في دقة وإخبات :
هنا صلى رسول الله ، وهنا دعا ، وهنا وقفت ناقته ، وهنا وهنا
وفي كل موقع كان ابن عمر يفعل ما فعل الرسول عليه السلام ،
بل كان يتنسم مواضع سير ناقة الرسول فيسير على أثرها ويقول :
( لعل خفا يقع على خف )

من هذا التحري الوثيق لخطى الرسول وسنته ،
كان ابن عمر يتهيب الحديث عن رسول الله ،
ولا يروي الحديث إلا إذا كان ذاكرا حروفه حرفا حرفا .

وكان شديد الحذر في الفتيا ،
جاءه يوما سائل يستفتيه فأجابه قائلا :
( لا علم لي بما تسأل عنه )
ثم يفرك كفيه جذلا ويقول لنفسه :
( سئل ابن عمر عما لا يعلم ، فقال لا أعلم )

لقد منعه ورعه وتقواه أن يتقلد منصب القضاء ،
وكان من أرفع مناصب الدولة ،
وقد ألح عليه الخليفة / عثمان وطلب إليه أن يشغل منصب القضاء فاعتذر وأصر على اعتذاره ،

سمع رسول الله يقول :
( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فيكثر )
فإذا هو أخو الليل قائما ، وصديق السحر مستغفرا

كان الجود أحد فضائل ابن عمر ، يعطي الكثير ويعطي الطيب ،
جاءه يوما أربعة آلاف درهم وقطيفة ، فوزعها على الفقراء ، وشوهد في اليوم التالي يشتري علفا لراحلته نسيئة ،
أي دَينا مؤجلا .
كان المال خادما بين يديه لا سيدا ،

أهداه يوما صديق دواء يهضم الطعام ،
تبسم ابن عمر وقال : يهضم الطعام ؟!!
إني لم أشبع من طعام منذ أربعين عاما !!
لم يكن ذلك عن فقر أو بخل ، بل كان زهدا وورعا ومحاولة التأسي برسوله وبأبيه ،

لم يطلب الدنيا ولم يزاحم عليها ،
بل كانت هي تطارده فيعرض عنها ،
فقد عُرض عليه منصب الخلافة مرات ، وهُدد بالقتل إن لم يقبل ، فرفضه وأعرض عنه ،
عُرض عليه يوم قُتل عثمان ،
وعُرض عليه يوم ترك ( معاوية بن يزيد ) الخلافة ،
حتى لقد جابهه أحدهم قائلا :
ما رأيت أشر على المسلمين منك ،
قال له : ولم يا أخي ؟
قال : ترى ما ترى من حال المسلمين ، وتأبى أن تتولى أمرهم وتصلح حالهم ،
ولو شئت ما اختلف عليك اثنان ولا انتطح فيك عنزان .
قال له : والله إني لا أرضاها ويراق في سبيلها ملء محجمٍ دما .

هذا الإعراض لم يكن ليمنع ابن عمر من أن يرفع صوته عاليا بكلمة الحق ،
فقد صرخ في وجه الحجاج وقال له كذبت ، إنك سفيه مسلط ، حين نال الحجاج من ابن الزبير في خطبته بعد مقتل ابن الزبير

وقد حرص كل الحرص على أن ينأى بنفسه عن الفتنة ،
وقد وقف موقف الحياد في القتال بين على ومعاوية ،
وقد كان قلبه مع علي بل ويقينه أيضا ،
فقد روي عنه أنه قال في آخر أيامه :
( ما أجدني آسى على شيء فاتني إلا أني لم أقاتل مع علي الفئة الباغية )

عاش ابن عمر نيفا وثمانين عاما ،
وصفه معاصروه فقالوا :
( مات ابن عمر وهو مثل عمر في الفضل )
بل قالوا :
( كان عمر في زمان له فيه نظراء ، وكان ابن عمر في زمان ليس له فيه نظير )
وهي مبالغة يغفرها استحقاق ابن عمر لها ،
أما عمر ، فلا يقارن بمثله أحد
وهيهات أن يكون له في كل العصور نظير ،

وفي العام الثالث والسبعين للهجرة ،
أبحرت إحدى سفن الأبدية تحمل جثمان ثاني اثنين من آخر ممثلي أيام الوحي :
عبد الله بن عمر بن الخطاب ،
أما الآخر فهو ( أنس بن مالك )

رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة أجمعين ،،،
مدحت رحال ،،

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

سلسلة مقالات – من أجل أبنائنا

(1) المقال الأول بعنوان (التربية رحلة ممتعة فلنبدأها معا) بقلم د. سعاد عبد السميع حسين

ربما لا يكون للأبوين الأثر الوحيد في حياة أبنائهما، وإنما ينبغي أن يكونا صاحبي الأثر الأكبر ولهم دور بارز في قيادة الأسرة والطريقة التي ينشأ عليها الأبناء، وفي مواجهة تحديات الحياةالتي أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا، وأن يكون لديهم القوة والطاقة لمواجهة هذه التحديات وخلق مناخ تربوي وبيئة صالحة لتنشئة الأبناء وهم أهم بناء في حياتنا.

كثيراً ما يقع الأبوين في حيرة لأنه ليس لديهم أدنى تأثير أو نفوذ في علاقاتهم مع أبنائهم؛ فالأب والأم أصبحا في عجلة من أمرهم، وهناك الكثير لا يعرفون إلي أين تسير الأمور. ربما الأغلبية منهم يقومون بمهمتهم بعقلانية ولكنهم يشعرون بالحاجة الملحة لزيادة تثبيت أنماط الثقة والمسؤولية التي تزيد من تمكين أواصر الأسرة وتعطي أبنائهمالحد الأعلى من فرص النجاح والسعادة.

إننا كآباء وأمهات لسنا المصدر الوحيد المؤثر في حياة أبنائنا؛ لذا لابد من التأكدأننا أفضل المصادر تأثيراً في حياتهم وأكثرها إقناعاً، فكل ما نفعله ونفكر فيه وكل موقف نتخذه له أثرٌ على الطريقة التي ينشأ عليها الأبناء، وعلى دراية بكل شيء يحتمل أن يؤثر فيهم، ويكون لدينا حساسية تجاه الأشياء التي قد تهدد سلامتهم وسعادتهم سواء من خارج أومن داخل الأسرة، كما يتطلب الأمر الوعي بأننا لا نلحق أي ضرر بالأسرة نتيجة لسوء التنظيم وعدم ترتيب الأولويات ترتيبا صحيحاً، أو غياب القيادة الرشيدة و استخدام أساليب خاطئة في عملية التنشئة، فنحن نكبر في أسرنا عندما نتحمل المسؤولية ونصغر عندما نهرب منها.

وعلينا أن نذكر أنفسنا بأن أبنائنا لا يشعرون آلياً بالتزامنا وبأولويتهم عندنا، فدورنا لا يتمثل في أن نكون فقط مقربين، ولا نسمح لأحد غيرنا أن يلعب دور المربي، أو نجعل من الهاتف المحمول وسيلة الاتصال بيننا وبين أبنائنا.  لابد من تدريبهم على التعامل بحكمة مع كل المشتتات المحيطة بهم ومن وسائل التواصل الاجتماعي والتي قد تمنعهم من رؤية أنفسهم على حقيقتها. فيقظتنا في الأسرة يمكن أن توجد الفرص وتقضي على الأخطار المحيطة بها.

كما يجب علينا أن نضع أبنائنا في المقام الاول، ونجعلهم يتأكدون من خلال ما نقوله وما نفعله بأنهم في قمة أولوياتنا، ونذكرهم دوما بحبنا ورعايتنا ونشعرهم بالتزامنا تجاههم وولائنا لهم، وأن وجودنا في المنزل شيء ممتع بالمقارنة مع وجودنا في أي مكان آخر، فوجود الأبوين مع أطفالهما أهم بكثير من امكانياتهما.

كما يتطلب الامر البحث عن الطرق التي نبني بها الثقة بالنفس عند أبنائنا بالتقدير وليس القيام بزعزعة هذه الثقة بالنقد المستمر، والكف عن محاولة ضبط أبنائنا متلبسين بفعل ما هو خطأ، فالأبناء دوما يسعون للفت الانتباه؛فيجب أن نركز الانتباه على السلوك الإيجابي بدلاً من التركيز على الأفعال السلبية، و نمتدح الجهود وتكافئ المحاولات الصادقة فبمرور الوقت يعمل المديح ويفلح بينما يفشل النقد فشلاً ذريعاً، وعلينا أن نعامل كل فرد من أبناءنا بناءً على قدراته وطريقة تفكيره، وأن نقدمالدعم بدلاً من أن ينافس أحدنا الآخر ضمن نطاق الأسرة.

إننا نؤدي أعظم وظيفة على وجه الأرض، آلا وهي وظيفة تشكيل إنسان، وهذا لا يعنى أن تكتسب جميع المهارات، وأن تصيب في كل عمل تقوم به، أو تنتهج النهج الصحيح دوما. فقط يكفينا لتربية الابناء أن نسعى لتحقيق ذلك، وأن تبذل قصارى جهدنا للوصول إليه، وسوف يشعر الابناء ويدركون مدى الاهتمام بهم.

فالأبناء وهم أهم بناء لدينا عندما يشعرون أنهم يأتون في مقدمة الأولويات للأبوين وأهميتهم تفوق أي التزام آخرويحسون به حقيقة وبعمق سوف يغفرون لهم حدة طباعهم، وتناقضاتهم،فيمكن للحب في نطاق الأسرة أن يكون حازماً ورقيقاً في نفس الوقت. ولذلكعلينا أن نشعرهم دوما بالتزامنا الكلي وبأهميتهم لنا فوق أي شيء آخر، وأن نفهم أن الالتزام هو أمثل تعبير عن الحب.

   ​​​معا خطوة بخطوة من أجل أبنائنا

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

شعر الفصحى

في  حضرة المصطفى …..شعر د.وجيهة السطل

 حروفُ شِعريَ من ذكراكَ  تقتربُ

ونبضُ قلبيَ ملهوفٌ ومضطربُ
أقولُ  للشِّعرِ  أسْعِفْنِي بسامقةٍ
إني لها  ببهيِّ الحرفِ أرتقبُ
بحبِّهِ أرتقي  والحرفُ  سيرسم لي
في مدحِ أحمدَ ما يزهو به الأدبُ
يا من  تصرُّ على الأحزانِ ترشُفُها
كأسًا معتقةً للهمّ تجتلبُ
ذكرُ  الحبيبِ سيمحو كلََّ ضائقةٍ
نورُ لعمرُك -في الأرواحِ ينسكبُ
ذكرُ الحبيبِ دواءٌ   يُستَطبُّ به 
    يُهدّئُ النفسَ إن أزرى بها   غضبُ
تغدو المشاعرُ   والأرواحُ   راضيةً
وفي   الصلاةِ  عليهِ تنجلي  الكُرَبُ
   يا سيِّدَ الخلقِ  جاء القلبُ مُرتعشًا  
يعلو الوجيبُ به
في قولِ  ما يجبُ 
إن ضاقتِ النفسُ بالأحزانِ يا سندي
فالذكرُ  نُعمى  به الأحزانُ تنسحبُ
تصفو  جوارحُ كلِّ    المؤمنين بهِ
  يبقى النقاءُ فلا غيمٌ ولا سحبُ
صلى   الإلهُ   على مَنْ كلُّ  أمّتِه
 ترجو  شفاعتَهُ في نيلِها الأربُ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

(( .. احضن شكاتي .. )) ….شعر فوزية شاهين

مــاذا يُـضـيرُكَ لـو جـمعتُ شـتاتي
أو رتَّـقَـتْ شـمـسُ الأصـيلِ رُفـاتي
.
غـابـاتُ حـزني فـي ربـاكَ تـرعرعتْ
وتـصَـحَّـرَتْ فـــي راحـتـيكَ حـيـاتي
.
وتـنـاسلَ الـوجعُ الـمقيتُ بـداخلي
وتـبـعـثرتْ مــنـذُ الـطـفـولةِ ذاتـــي
.
بــالأمـسِ أبـصـرتُ الـحـياةَ صبيَّةً
وظننتُها بُــشـرى و طــوقَ نـجـاةِ
.
فـسـعيتُ أحـتـضنُ الـنـهارَ بـفـرحةٍ
فـوجـدتُـه قــد شــاه فــي مِـرآتـي
.
و الـيـومَ قـد هَـرِمَ الـصباحُ بـناظري
و الـلـيلُ أمـسـى غـائـرَ الـقسماتِ
.
مــنـذُ اغـتـربـتَ وخـافـقي مـتـرنحاً
يـحـسو كـؤوسَ الـمُرِّ مـن دمـعاتي
.
يــا كــم رجـوتُـكَ أنْ تـعـودَ لـعُـشِّنا
كــي تَـعْـذُبَ الألـحـانُ فــي نـاياتي
.
فـتـركـتني بــيـنَ الــدمـوعِ وحـيـدةً
سـيـانِ عِـندي عِـيشَتي و مـماتِي
.
تـتـنـاسلُ الأطـيـافُ فــوقَ أرائـكـي
و تُـخـيـمُ الــذكـرى عـلـى جـنَّـاتي
.
و لـقـد غَـرَقـتُ فــلا مـنـارَ يـقودُني
إلاكَ يـــا غــرَقـي و يـــا مَـرْسـاتي
.
يـا مـن قـطعتَ وريـدَ وصلِكَ داخلي
و غرستَ نصلَ الصدِ في ضحكاتي
.
( إنِّـي أُحـبُّكَ ) قُـلتُها : فـي غـفوةٍ
مـنِّـى ، فـتـاهتْ بـعـدَها خُـطواتي
.
وبدأتُ أبحثُ في ليالي وحدَتي
عــن نــورِ بــدرٍ لاحَ فــي الـظـلماتِ
.
وفراشة تــزهـو بـلـثـمِ غـصـونِـها
و تـريـقُ مــاءَ الـحـبِ فـي الـورداتِ
.
فـوجدْتُ أيـامي سـراباً ، و الأسـى
يـقتاتُ مـن عـمري ومـن سـنَوَاتي
.
افـتـحْ كـتـابَ الـعـمرِ واقــرأ مــا بـه
واســمـع أنــيـنَ الـنـبضِ والـعـبراتِ
.
و انــظـرْ لـصـورَتِـنا الــتـي عـلـقتَها
فـوقَ الـجدارِ ، تـجبْكَ عن مأساتي
.
سـلْهَا ، فـقد ضـمَّ الإطـارُ حـكايتي
و أرَاهُ مــثْــلِـي حـــائــرَ الــنـظـراتِ
.
و كــأنَّــه يــبـكـي عــلــيَّ بــأدمـعٍ
لـمَّـا زرعـتَ الـشوكَ فـي روضـاتي
.
و شـكوتُ لـلمرآةِ هـمِّي ، فـاكتوتْ
مــن جـمرِ مـا تـمتمتُ مـن كـلماتِ
.
فـتَّـشْتُ فـيـها عــن نـضـارةِ زهــرةٍ
أذويــتَــهــا ، فـتـعـجَّـبـتْ مِـــرآتــي !!
.
قـالتْ : حياتُكِ في يمينكِ ، فاتركي
عـنكِ الأسـى و الـحزنَ يـا مـولاتي
.
فــــي الــبـيـتِ أزهـــارٌ إذا روّيـتِـهـا
مـن فـيضِ حُـبُّكِ عِـشْتِ في جنَّاتِ

.
فوزية شاهين
.
⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

يعيش الشهيد …. شعر د. ريهان القمري

 يعيشُ الشهيدُ و تبقى القضيةْ

تحاكمُ فُرقتَنا العربيةْ

ونشرةُ أخبارِنا كلَّ يومٍ

تحرر خيبتَهَا الهمجيَّةْ

يودع حلمَ   الشبابِ صبيُّ

و تيئسُ قبل المحيضِ صبيَّة

وتصفعُنا نظرةٌ لنموتَ 

صغارا أمام  العيونِ  الفَتِيَّة 

تصر على جلدِنا  كل يومٍ 

و تسألُ

 “ما اقترفته الضحية ؟”

ستسألنا و  السؤالُ برئٌ 

وكل الإجاباتِ  فيه عصيَّةْ 

ستسألنا كيف حالٌ إذا ما

رأيتم  طفولتي ترجو المنيَّة ؟؟؟

فما عدْتُ أخشى القضاء ولكن 

سأخشى عليكم مصيرَ  البقيَّة 

أطمئنكم أن بيتي قريبٌ

بدربِ السماءِ قصورٌ ثريَّة  

صغارٌ ولكن وُلِدنا كبارا

وأكبركم صغَّرته الدنيَّة 

ويكبرُ فيكم دعاةٌ لزيفٍ

ويصغرُ فيكم حماةُ الهويَّة

بذورُ المذلَّةِ تنمو بعارٍ

وبذرةُ روحي ستبقى  زكيَّة

وهذي العظام ستُكسى  بنصرٌ

ولو فجرُّوها لألفِ شظِّيَّة

ومنها الفتاةُ ستحملُ يوما

بأحشائِها فارس البندقيَّة

ودجّالُكُم  سوف يفنَى بأرضي 

وعيسى بن مريمَ يعلو السريَّة 

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

(يا حنظلة) …. شعر د. آمنة الهجرسي على بحر الكامل

كفكف دموعك واستقم يا حنظلة
آن الأوان لكي تدك المقصلة

واشحذ سيوف العز واصدح بالوغى
وأذق عدوك من لهيب المقتلة

لا تنتظر أحدا يطهرُ مسجداً
بيقينِ جدّك فلْتحل المسألةْ

لا تنتظر أحدا يجفّف عبرةً
تلكَ الأواصرُ بالياتٌ مهملة

لا تنتظرْ، إياكَ أن تُرسي المُنى
تلك الشواطىءُ مجدباتٌ مُثكِلَة

من ذا يُرتّقُ جرح صدْرك يا فتى ؟
من ذا يداوي غُصةً مُتوغّلة؟!!

صمتُ العروبة بات سُماًّ قاتلا
وأخو العقيدةِ قد أَضاعَ البوْصَلة !!

مثل العبيدِ تنكّستْ جبَهاتهمْ
وعيونهم جزعاً تثيرُ البلبلة

لمفاتنِ الدنيا أناخوا صَحْوهم
والوعيُ مأسورٌ كريحٍ مُثْقلَة

لا العربُ عادوا مثل عربٍ أُوّلٍ
أو بينهم قُسٌّ فيشرح مُعضلة

هانت دماءُ أخٍ بفعلٍ أحمقٍ
خُلُق البِغالِ غدا شعار المرحلة

قد حرّفوا قولَ الإله ودعوةٍ
في سورةٍ مدنيةٍ متنزّلة

دع عنك قولَ المُرجفينَ بحجةٍ
مكذوبةٍ تسعى كأفعى الجُلجُلة

قبل الأوان بلغت رُشدك يا فتى !!
ووقفت تصرخُ طارحاً للأَسئلة

من ذا يعيد المجدَ؟ هيا إخوتي
من ذا يذود عن العروسِ بِأُنمُلة ؟!!!

إني وحيدٌ ..هل سمعتمْ صرختي؟
إني شريدٌ في صحارٍ مُقحلة !!

ماذا تريد لكي تقاتل يا فتى؟
الله خلفك فاستعن بالحوقلة

أسرِج خُيولك في طريقِ محمّدٍ
قدْر استطاعةِ كل روحٍ مُبسلَة

سترى جيوشا من ملائك عزة
جنبا إلى جنبٍ بختم البسملة

وترى عدوك مثل فأرٍ هاربٍ
وترى حليفك غادراً كالحرملة

فأدر لكلّ القبحِ ظهركَ واثقاً
فالعربُ ماتوا ، لن يفكوا السلسلةْ

لا تبتئسْ فطريقُ مِثلك شائكٌ
كلٌّ مواقفهُ فضائحُ مخجلة

صبراً فوعدُ الحقّ صكّ نافذٌ
وغدا وربكَ تَستعيدُ المِزْوَلة

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

لن يجفّ فمي ….شعر القس جوزيف إيليا

أنا لن يجفَّ فمي
سيبقى يكلِّمُ

بهِ النّفعُ منتظَرٌ
لآتٍ يرنِّمُ

على السّمْعِ لفظتُهُ
حديثٌ منعَّمُ

ينادي بما يُرتجى
شرورًا يهشِّمُ

يروّي دواليْ الرّؤى
وفوضًى ينظِّمُ

على القيدِ ثورتُهُ
ولغزًا يفهِّمُ

يصارعُ أفعى عمًى
وفكْرًا يعلِّمُ

ومَنْ شذَّ يردعُهُ
ونقصًا يتمِّمُ

يشجِّعُ منهزِمًا
وحُمْقًا يسمِّمُ

ويطرحُ أسئلةً
دُنًى لا تعتِّمُ

يصيحُ ولا ينحني
وليسَ يكمَّمُ

إلى ما سما يرتقي

لهُ العزمُ سُلَّمُ

٢٤ / ١٠ / ٢٠٢٤

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

السائلة …. شعر ا.د. إسلام حمدي عبد المقصود

طرح أحد الأصدقاء سؤالا هل هو مقدور علينا أن نرى الباطل يعلو في كل مكان وهل سيقدر لنا أن نشهد انتصار الحق

فكتبت من بحر الرمل هذه القصيدة

زَاعِمًا أَنَّ الأَمَانِي بَاطِلَة
مَاضِيًا لِلْيَأْسِ مَشْيَ الرَّاجِلَة

مُحْبَطًا مِن دَاهِمَاتٍ مِن دُجَى
مِنْ سَمَاءٍ قَدْ تَبَدَّتْ نَازِلَة

لَيْسَ يَرْجُو مِنْ بَصِيصٍ مُقْبِلٍ
إِنَّهَا تَاللَّهِ تِلْكَ الْقَاتِلَة

ظَالِمٌ فِي الأَرْضِ يَعْلُو فُجْرُهُ
دَانَتِ الْحَلْقُومَ رُوحٌ وَاصِلَة

عَابِثًا وَالصَّمْتُ فِينَا مُطْبِقٌ
نَاعِيًا طِفْلًا بِصِنْوِ الْعَائِلَة

هَلْ سَتُقْضَى كُلُّ دُنْيَانَا سُدًى
لَا وَرَبِّ الْقَبْرِ تِلْكَ الْحَائِلَة

إِنْ تَرَى ظُلْمًا طَوِيلًا آبِدًا
ثِقْ بِرَبِّ الْعَدْلِ تِلْكَ الْمَاهِلَة

سَوْفَ يَأْتِي يَوْمُ نَصْرٍ لَا مِرَا
وَاسْتَقَامَتْ بِالْعُدُولِ الْمَائِلَة

سَوْفَ يُصْلَى مِنْ جَحِيمٍ خَالِدًا
صَارَ مَهْزُومًا وَتِلْكَ الْغَائِلَة

يَا شَهِيدَ الْحَقِّ دُنْيَا وَانْتَهَتْ
لَيْسَ تَجْنِي مِنْ فَنَاءٍ طَائِلَة

فِي جِنَانٍ عِش بِخُلْدٍ هَانِئًا
قَدْ رَأَيْنَاهَا بِحَقٍّ مَاثِلَة

إِنَّ ظَنِّي بَلْ يَقِينِي ثَابِتٌ
صَارَتِ الذَرَّاتُ فِيهِم ثَاقِلَه

صُحبُ أُخْدُودٍ بِأَمْسٍ قَدْ قَضَوْا
ثُمَّ جُوزُوا مِنْ ثَوَابٍ نَائِلَة

طَاغِيًا لَمْ يَبْقَ فِيهَا وَاقِفًا
بَلْ تَنُوحُ النَائِحَاتُ الْوَائِلَة

إِنَّنِي بِاللَّهِ أَبْغِي عِزَّتِي
قَدْ أَتَى لِلرُّوحِ رَدُّ السَّائِلَة

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

طريقُ المجد …. شعر د.زهير قنبر

وقافلةٌ إلى أرضِ الجنانِ لها
بقايا في الدُّروبِ سَتُدرِكُ الأرَبا

فما وَهَنُوا وكانَ اللهُ غايتَهم
ليجنُوافي الدُّنى نصراً قد اقتربا

تنَادَوا للعُلا والصَّبرُ مُرشِدُهم
فما ادَّخرُوا إلى تحريرِهم سَببا

تفِيضُ دماؤُهم نهراً وما بخلُوا
وهذا الزرعُ بركانٌ إذا انتصبا

وحق الله ما لانت عريكَتُهم
برغم الصَّعب ما انتظروالهم عَرَبا

ورغم الجوعِ والنيران ما هُزِمُوا
حُماةُ الدَّارِ ما مِن حوضِهِم شُرِبَا

فكم نرجو أسُوداً مثل سادَتهِم
وكم نرجو إلى العلياءِ مُنتَسِبا

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

دنيا التجارب … شعر موسى وحدالله

أنا من تُعلِمه التجاربُ بالأدبْ
أو كالغريب فلا ملام ولا عتبْ

ولقد جُبلتُ على المكارم قادرًا
يا قهوتي من يعترِيكِ إذا شَربْ

عُرِضت عليك وقد بَخِلتَ سفاهةً
وأبيت إلا أن تشيطَ وتضطربْ

فهْي التجاربُ ما حييتُ أخوضها
وحدي بقلبٍ لا يمل من التعب

فأنا لها يا من يفوح نفاقُه
بين الورى . قلبي كقطعات الذهب

بعضُ التجاربِ قد تصيبُك مرة
ولقد تزيد مرارةً فوق الرتب

فخرجتُ منها والأنين يحيطني
وعلى نتوء الوجهِ جمراتُ اللهب

أخطأتَ حين نزلتَ بحري جاهلًا
إن التجاربَ بالمواقفِ تُكتَسبْ

كم عدت منها والهموم ثقيلةٌ
والراقصاتُ على النقيصةِ بالطربْ

تجد المحافظُ والمنافقُ والذي
يمري بإقناعٍ له عجب عجب

بحرٌ عميقٌ. كم أضاع سفينَهُ
وهُزمتُ أنت وما ربِحتَ سوى الغضب

فاصمت ولا تثقل علي فإنها
دنيا تؤول وقد تزول بلا سبب

ووضعتُهُ الميزانَ حتى أشتري
فوجدتُه سقَطَ المتاعِ بلا أدب

أنأ لا ألومُك قد رأيتُك ناكِسًا
سيفَ الحياءِ مفاخرًا أهل العطب

فلقد علمتك ناقصًا دون الورى
وتزيد في جلب المصائب والندب

قل لي بربك هل سيمهلك القضا
ها قد كَبُرت وأرهقتك يد الكُرب

ستون عامًا أو يزيد ولم تزل
في ركبِ من تغتابُهم جهرًا. ذنب

فلقد نزلتَ عن المبادئ صاغرًا
واللؤمُ طبعُك لا خلاقَ ولا نسب

كم كنتُ أبحثُ فيك عما تدعي
كَذِبًا بأنك رافعًا سيف الأدب

فوجدت ما أدمى الفؤادَ بحسرةٍ
تالله سيفُكَ يازنيمُ من الخشبْ

فإلى متى يا شانِئًا ترجو الخنا

هلَّا احترمتَ العمر إذ قَرُبَ الطلبْ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

عَلَىٰ بَابِ الْمَشْرَحَةِ … شعر شُكْرِي عِلْوَانَ

نَـــادَىٰ بِصَوْتٍ وَاهِــــنٍ قَــدْ شَابَــهُ

هَــــمٌّ ثَقِيلٌ قَـــدْ تَدَثَّـــرَ بِالظَّــلامْ

اِجْلِسْ جِــوَارِي وَانْتَظِرْ هَـٰذَا الَّــذِي

قَـدْ فَـرَّ مِنْ بُؤْسِ الْحَيَاةِ مَـعَ اللِّئَـامْ

قُلْـتُ الْفَقِيــدُ أَصَـابَ قَلْبِي بِالْأَسَـىٰ

قَدْ فَتَّنِي أَنْ صَـــارَ فِي طَيِّ الرُّكَـامْ

وَالـدَّمْـــعُ فَـــاضَ بِمُقْلَتِـي مُتَحَـدِّرًا

يَجْرِي عَلَى الْخَدَّيْنِ قًَـدْ هَـدّ الْعِظَامْ

فَـأَجَـابَنِي وَ الْيَأْسُ فِـــي قَسَمَاتِـهِ

قَـدْ خَطَّــهُ وَهَــــنٌ شَدِيـــدٌ وَالسَّقَامْ

يَـــا لَيْتَنِي كُنْـــتُ الْفَقِيــدَ مَحَلَّـهُ

أَدَعُ الْحَيَـاةَ وَهَمَّهَـا، أَلْقَـــى السَّــلَامْ

فَلَقَـــدْ زَهِــدْتُ الْعَيْشَ بَعْـدَ مَضَاضَةٍ

وَالْأَهْلُ وَالْأَحْبَـابُ صَـارُوا فِي النِّيَامْ

وَكَفَـىٰ بِأَنْـــــوَاءِ الزَّمَــــــانِ تَعَنُّتًـا

فِـــي كُلِّ يَــوْمٍ تَسْتَحِلُّ بِيَ الصِّـدَامْ

فَكَأَنَّنِـي وَالْفَــــــــرْحُ خَصْمَـا بُغْيَــةٍ

أَدْوَاءُ جِسْمِي وَالْجِرَاحُ بِـــلَا الْتِئَــامْ

كَــــــمْ بَيْنَنَـا أَحْيَــــاءُ لَكِــــنْ كَالْبِلَـىٰ

قَــدْ غَالَهُمْ ظُلْـمُ الْعِبَــادِ عَلَى الدَّوَامْ

أَنْفَـــاسُهُـــمْ مَحْسُــوسَــةٌ لَكِنَّهُــــمْ

فَقَدُوا الْحِــرَاكَ، بِعَيْنِهِمْ يَبْدُو الْحِمَامْ

فَرَدَدْتُـــهُ: يَـــا صَاحِبِي إِيَّـــــاكَ أَنْ

تَيْأَسْ مِنَ الرَّحْمَنِ فِي وَسَطِ الزِّحَـامْ

لَوْ كَانَـــــتِ الدُّنْيَـا تُسَـاوِي عِنْــــدَهُ

قَدْرَ الْبَعُوضَةِ مَا سَقَى الْعَادِي الْغَمَامْ

وَهُـــوَ الْمُدَبِّــــرُ أَمْرَنَـــا وَ شُؤُونَنَــا

سُبْحَانَــهُ فِي شَأْنِـــهِ حَــــارَ الْأَنَــــامْ

فَــــدَعِ الشِّكَايَــةَ وَ اقْتَـــرِبْ مُتَبَتِّـلًا

وَاصْبِرْ فَـإِنَّ الصَّبْرَ مِنْ شِيَمِ الْكِـــرَامْ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

الموتُ موتُه ….شعر | محمد علواني

مَنْ قالَ أنَّكَ خالدٌ
أو أنَّ عُمرَكَ ما تشاءْ ؟!

فالموتُ أَرسَلَ جُندهُ
هَيَّا تأهَّبْ لِلِّقاءْ

ماتَ الملوكُ وقبلهم
قد مات كلّ الأصفياءْ

ما عاش غيرُ مجاهدٍ
أفضى إلى ربِّ السماءْ

في جوفِ طيرٍ روحُهُ
تسعى ولا تخشى الفناءْ

أعطى دروسًا بالعصا
( لا يُوقفُ الموتُ العطاءْ )

ما الموتُ إلامَوتُهُ
والرأسُ يعلوهُ الإباءْ

أما الذين تخلفوا
واستثقلوا حَرَّ الشِّتاءْ

ومَضَوا على دربِ المهانةِ
يخْلُدونَ إلى النساءْ

فإلى مقابرهم فَقُم
(وابصُق) عليها ما تشاءْ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

وتَبقَىٰ الشَّامُ…شعر شعر//حافظ مسلط

1-تُقلِّبُنا الحَياةُ عَلَىٰ جِمارٍ
ودَمْعٌ يَحرِقُ الأحداقَ حَرْقَا

2-صُدُورٌ مِنْ لَظَىٰ الآهاتِ تُكوَىٰ
بِما نِلناهُ مِنْ ظُلمٍ و نَلقَىٰ

3-حِصَارٌ أَورَثَ الأَحياءَ فَقرًا
ويَخنُقُنا بِهِ ذَا الغَربُ خَنْقَا

4-عَلَيْنا صَبَّهُ كالنَّارِ حِقدًا
وكَمْ بِحِصارِهِ أَدمَىٰ وأَشْقَىٰ

5-وغِيلانٌ مِنَ الأَشْرارِ جَاؤُوا
لِتَصفِيَةٍ لَنا مَجْدًا وعِرقَا

6-وزِلزالٌ أَمادَ الأَرضَ فِيْنا
وشَرَّدَ أَهلَنا غَربًا وشَرْقَا

7-و رُعبٌ قَاتِلٌ والمَوتُ يَعوِي
دَمارٌ يَسْحَقُ الأَجْسادَ سَحقَا

8-و أَحزانٌ كَما الأَمْواجُ هاجَتْ
وآمالٌ قَضَتْ في البَحرِ غَرقَىٰ

9-بِرَغْمِ المَوتِ والأَهْوالِ نَمضي
إِلىٰ العَلياءِ بالتَّصمِيمِ نَرقَىٰ

10-شَّآمُ المَجْدِ..نُورُالحَقِّ مِنْها
يَشُقُّ ظَلامَ ذَا الدَّيجُورِ شَقَّا

11-هُنَا الأَمْجَادُ تَصنَعُها رِجَالٌ
هُنَا مَهْدُالحَضَارةِ فِي دِمَشْقَا

12-هنا بَرَدىٰ يُصَفِّقُ في سَلامٍ
وكَمْ مِنْ مَائِهِ الظَّمْآنُ يُسْقَىٰ

13-هُنا لِلعُربِ شَريانٌ و قَلبٌ
بِصَدرِ الشَّامِ هٰذا القَلبُ دَقَّا

14-زُهُورُ الشَّامِ قَدْ تَغدُو نِبالًا
فَتَرشُقُ أَعيُنَ الغَازِينَ رَشْقَا

15-نَمُوتُ فِداكَ ياوَطَنِي جَمِيعًا
مَصُونًا تُربُكَ الغَالِي سَيَبقَىٰ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

إلا فؤادي …شعر سميحةأبوحسن

---

يا حرفِيَ المكتوبِ حبّا في الهوى
ما لي أرى الأشعارَ تقطرُ عنبرا
فثَمِلتُ من شهدِ الورودِ حلاوةً
هذا السجالُ على شعوري سيطرا
“هي ألفُ ألفِ قصيدةٍ مكتوبةٍ”
هذا الجمالُ إلى حروفي قد سرى
كَمْ من قلوبٍ في الغرامِ تغيّرت
إلّا فؤادي دونَ خوفٍ أبحرا
فاضت دموعي بالشجونِ وأمطرت
من فرط حبّي للجمالِ فأزهرا
بيني وبين حروفكم صدقُ الهوى
كم منكرٍ ما قد يكونُ وما جرى
كلُّ القصائِدِ في المنام تزورُني
والكلُّ في الأشعارِ زاد تَحَيُّرا
يا عاشقا همسَ الورودِ وطيبَها
أغمضتُ عيني والحنينُ تَبَخَّرَا
لا خير في هجر القلوب مع الهوى
والقلب أمسى في الدروب مبعثَرا
ما عادَتِ الألحانُ تعشقُ مهجتي
ما لي أرى الأحلامَ كرماً أقفَرا
ما عادَتِ العبراتُ تغدو سَلوةً
والجمر في نبضِ القصيدِ تسعّرا
من ذا الذي أبكى شعوري في الكرى
ما بالُ قلبي في هواه تقهقرا
⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

إغراق إيلات ….شعر صبري الصبري

وأنــــا صـغـيــر فــــي بــــراءة مــحـــدقِ
في مصر بالحب الصـدوق المشفـقِ

دومــــا عـلـيـهــا بـانـطـلاقـاتـي الــتـــي
لاحـــت بــــروض للحـبـيـبـة مُــشْــرقِ

كــانــت مــجـــالات عِـــــذاب يـنـتـشــي
فـيــهــا فــــــؤادي بـانـتــشــاء مـــبـــرقِ

أحــصــي مــنــارات الـمـســرة غـــــردت
تـغــريــد مــشــتــاق بـــشـــدو مـــغـــدقِ

وأهـيــم فـــي ســـوح الـجـمـال مـمـتـعـا
بـهـيـام عـاشــق أرضــهــا المـتـحـقـقِ

بــرســوخ وجــدانــي ورفــعــة شــاعـــر
غــــض بـنــبــض غــرامـــه الـمـتـدفــقِ

وصدمت في (يونيو) بنكسة مصرنا
تــبــكــي بـــدمـــع مــثــخـــن مـتــعــمــقِ

فــــي حــــزن آهــــات تـتـابــع هـمــهــا
بـعـيــون أشــجـــان اكـتــئــاب مـفــلــقِ

لـــكــــن إغـــــــراق الـــعــــدو بــبــحــرنــا
كــــــان ابـــتــــداء لــلــعـــلاء الــشــيـــقِ

(إيــــلات) جــــاءت لـلـمـيـاه بـزهــوهــا
ظــنـــت شـكـيـمــة عـزمــنــا بــتــخــرقِ

ومــضــت تــدنــس حــرمـــة لـمـيـاهـنـا
بالـبـحـر فـــي مــيــل بـكـبــر تـمـنـطـقِ

وكــســـت نـواحـيـهــا كــســـاء تـجــبــر
وتـبــخــتــر أودى لــحــتـــف مــــغــــرقِ

كــان الأشــاوس مــن حـمـاة ثـغـورنـا
بـالـبــر بـالـرصــد الـدقـيــق الـمــحــدقِ

بـالـمــجــرم الـمـخــتــال لاقــــــى ذلــــــة
بـقــذائــف الـتـدمـيــر فــــــورا تــرتــقــي

جـــــــوا تـــجــــاه (أثــيــمـــة) لــعــدونـــا
جـــــاءت إلـيــنــا بـالـعـتــو الـمـســبــقِ

فــــإذا الـقــذائــف بـانــطــلاق إبـائــهــا
تـنـهــال بـالـفـتـك الـشـديــد الـمـطـبــقِ

شـقـت شـقـوقـا باللهيـــب وأصـبـحـت
أشـــــلاء صــلـــب بـالـجـحـيـم مــرقـــقِ

وثــوت بـقـاع الـبـحـر تـمـخـر متـنـهـا
حـيـتـان نـخــر فـــي مـهـانــة مــغــرقِ

الله أكــــبــــر قــــــــد رمــــاهـــــا ربــــنـــــا
بـالـمـوت جـهــرا بـالأتــون الـمـحــرقِ

صــلــى الإلــــه عــلــى الـنـبــي وآلـــــه
خـيــر الأنـــام الهـاشـمـي الأعـــرقِ !

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

خالد أبو راغب يكتب في رثاءِ الأسد يحيي ال س ن و ا ر.

رحم الإلهُ شهيدنا السنوارا
بقدومهِ صرحُ الجهادِ أنارا.
نفض الغبارَ عن العروبةِ كفهُ
فأفاضَ عز المسلمين وثارا.
في ساحةِ الأحرارِ قاتل قلبهُ
شرف الرجولةِ يستلذُ النارا.
في أرض غزة والشدائدُ حولهُ
يعطي الدروسَ ويرسلُ الإعصارا.
وهو الذي دحر العدو وحزبهُ
برجالهِ جعل الظلام نهارا.
ومشى على درب الكبارِ وحالهُ
كنبي قومٍ عاهدَ الأنصارا.
فاهنأ قريراً في المنامِ بجنةٍ
يّجري الإلهُ بأرضها الأنهارا.
والربحُ بيعُك ياحبيب وكلنا
يعطى بما كسبت يداهُ بوارا.
ولكم خسرنا في رحيلك هامة
تُخزي العدو وتدفع الأحرارا.
لا لم تمت فالعيش عندك طيبٌ
بل مات من خاف العدو وخارا.
فارحم إله العالمين حبيبنا
ذاك الذي جعل الثبات مسارا .

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

العالم قرية … شعر د.آمنة ناجي الموشكي

القرية العظمى يُدمر بعضها
بعضاً بنو الإنسان من شر البشر

من يحكمون صغارها وإمائها
وقد اشتروا كل البغايا والغجر

حتى جنوا ما كان من أزهارها
ورموا بها بين المقابر والحفر

وعلى مصالحهم أبادوا أمةً
غراء كان الخير فيها والدرر

فغدت صحارى تشتكي آلامها
وبها المآسي والتعاسة والضجر

والويل كل الويل للقوم الذين
تصنعوا خيراً ولم يبقوا أثر

اليمن ٢١. ١٠. ٢٠٢٤م

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

وداعا أيها السنوار بقلم الشاعر د. سمير منتصر

لَمْلِم جِرَاحك أَبهَا (السَّنوَارُ)
بَعْدَ الْحَقِيقَة تَنْجَلِي الْأَسْرَارُ…

فَالْمَوْتُ حَقٌّ وَاَلَّذِين اسْتُشْهِدُوا
أحْيَاءُ فَوْق سَمَاءنا أبْرَارُ…

إلْحَقْ رِكَاب الْخُلْد نَحْو جِنَانِه
تَجْرِي لَكُمْ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ…

تَمْضِي الْمَوَاكِبُ مِنْ هُنَاكَ كَأَنَّمَا
الْقُدْسُ الشَّرِيفُِ مَحَطَّةٌ وَقِطَارُ…

بَابُِ الشَّهَادَةِ خَيْر بَاب لِلْخُلُود
وَجَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ نَعَمْ الدَّارُ…

شُهَدَاء غَزَّة اسْتَرِيحُوا وَأَهْنئوا
بَعْدَ الظَّلَام سَتَشْرق الْأَنْوَارُ…

وَاللَّيْل مَهْمَا طَالَ يَطْلُعُ فَجْرُهُ
مَا الدَّهْرُ إلَّا لَيْلَةٌ وَنَهَارُ…

لَا تَنْسَ يَا يَحْيي إذَا قَابَلْتَهُ
بَلِّغْْ هنِيَّةَ أنَّكُمْ أَحْرَارُ….

الشاعر
٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

قمرُ الطّوفان ….شعر أدهم النمريني

“قَدْ حَقَّ لِل-طُّ-وفَانِ أَنْ يَتَسَنْوَرَا”
ويرشّ دربَ الصّامدينَ العنبرا

يحيى يحيلُ الدّربَ طودًا عاليـًا
وعصــاهُ باتَتْ للجهــــادِ المنبرا

ومدجّجٌ بالصّبرِ لاقى رَبّهُ
نالَ الشّهـــادةَ مُقبلًا لا مُدبرا

يأبى الهوانَ ، ،، وكلُّ شبرٍ حولهُ
رَوّاهُ فَيْضـــًا للرّجـــولةِ أحمرا

الوجهُ يرنو للعُلا مُتَبَسِّمــًا
وكأنّهُ طيرٌ وعـــانقَ كَوثرا

في كلِّ زندٍ ألفُ ألفِ حكــــايةٍ
فيها القرنفلُ بالدّمــــاءِ تَعَطّرا

يزهو القرنفلُ بالدّمـــــاءِ مَهـــابَةً
والشّوكُ في شسعِ الرّجالِ تكسّرا

الأرضُ أرضٌ بالشّهـــادةِ قد عَلَتْ
والتُّرْبُ من طُهْرِ الدّمــــاء تَسَوَّرا

بينَ الرُّكــــامِ تطلُّ ألفُ بطولةٍ
فالعزمُ فــي قلبِ التُّرابِ تَجَذَّرا

هذا هو الطّوفـــــانُ يحملُ رايةً
حمراءَ ،،، والغضبُ الأبيُّ تَفَجّرا

في راحتيهِ يظلُّ يحيى منبرًا
وعصاهُ في ساحِ الوغى لن تُكْسَرا

في راحَتَيْهِ يظلُّ بدرًا زاهِيـــًا
“قد حَقَّ للطّوفــانِ أن يتسنورا”

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

أرضُ المعالي … شعر إمام إبراهيم سراج

صالحتُ قلبي على وجدي ليرفَعَهُ
فوق السحابِ لينسى نوبةَ الألمِ

يُجالسُ النجمَ يرجو منه موعظةً
كيف السبيلُ لأحيا دونما سَقَمِ

كلُ الرسائلِ فى الماضي مُسَطَّرةٌ
ويقرأُ الوجدُ أسفاري ولم يهمِ

حتى ظننتُ بأنِّي لم أعدْ أملًا
والكلُ يقبعُ في وادٍ من الظُلَمِ

الكلُ ينأى عن الأسفارِ مبتعدًا
والقدسُ سِفْرٌ رأى الأحلامَ في قلمي

عاينتُ كلَ دروبِ الأرضِ قاطبةً
والقدسُ دربٌ شكا من قلةِ الهممِ

عاشَ الزنيمُ على قدسي ودنسها
واستوطنَ الحزنُ في قلبي ولم ينمِ

والسهدُ حَيَّرَ أفكاري وشتتها
والعينُ تبكي وتشكو شدةَ الوَرَمِ

القدسُ طهرٌ وفي الأسفارِ نذكره
لكن بِخَطْوِ العِدَا ، الطهرُ لم يَدُمِ

أرضُ المعالي وأحلامي بها سَكَنَتْ
فاقْصِدْ رباها لنصرِ الحقِ واستقمِ

حَطِمْ قيودَ العِدا يا راغبًا شرفًا
وارفعْ لواءَ السنا بدرًا على الأممِ

إنْ كنتَ في سِنَةٍ فاسمعْ لقافيتي
واقصمْ ظهورَ الخنا بالسيفِ وانتقمِ

القدسُ لي وطرٌ لحنٌ وأغنيةٌ
أتلو على لحنها صفوًا من الكَلِمِ

بالأمسِ أمجادُنا بالعزِ قد كُتِبَتْ
في عهدِ فاروقنا من سالفِ القِدمِ

واليومَ إنَّا على عهدٍ سَنُرْجِعُهَا
ونَرْسُمُ العِزَّ أنوارا على العَلَمِ

ياربُّ هيّىءْ لنا من أمرنا رشدًا
واحفظْ لنا أرضنَا في الحِلِّ والحرمِ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

أبا الطوفان …. شعر سيد الخياط

أَتَي للموتِ مُمّتَشِقًا حُساما
وفي دَرّبِِ الجهادِ قد استقاما
وخلَّدَ ذِكّرَهُ في الأرضِ لمَٓا
سعى نحو الجنانِ وما أقاما
تقدَٓمَ للصفوفِ فكان فذَّا
ولمْ يَرضَ الخيام َ له مُقاما
أيا،، سِنوارُ،، في الخُلدِ سلامًا
إذا لمّ تلقَ في الأرضِ السـَّلاما
،، أبا الطوفانِ،، قدّ أصبحتْ رمزًا
وللأحرارِ صِرتَ لهم إماما
وقدْ أثخنتْ َ في الأعداءِ جُرحًا
ولم يجدوا لجُرحِهِمُ التئامًا
تمنيت َ الشهادةَ لستَ تَخْشى
فقد جاءتكَ تبتسمُ ابتساما
سُقِيتَ مَنِيَّة لنّ تَنأَ عنها
وقد جرَّعتهُمّ مَوتًا زُوأَمًا
فطُوبى ثُمَّ طُوبى ثُمَّ طُوبى
لِمَنْ للقدسِ قد سلَّ الحُسامَ
وباعَ النَّفسَ في طلبِ المعالي
وغيرُك َ باع يا،، يَحْيَ،، الكلامَ.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

وفِّرْ هواكَ …شعر لطف جمال عبدالله هريش
اليمن

وفِّرْ هواكَ فكلُّهم أشباحُ
قتلوا الوفا وبموتهِ قد ناحوا

مُ ت أمْ رك ونَ يتاجرون بدينهم
مُ تَص هينون بكفرهم قد فاحوا

يتقاسمون جراحنا وشعوبنا
ولكلِّ أحرار البلادِ أزاحوا

غَضَّوا عن الشهداء طرفاً خائناً
وعن الكرامةِ والإباءِ أشاحوا

خانوا الع راقَ وفرقوا أوطاننا
وبأرض غ زةَ لل دم اءِ أباحوا

يمنُ العروبةِ يشتكي من حقدهم
لب نانُ يبكي قد علاهُ جراحُ

قد فرَّقوا أحلامنا وقلوبنا
وعلى جراحِ المتعبينِ أراحوا

تبَّتْ أياديهم بما قد قدَّمتْ
فبصمتهم قد أُزْهِقتْ أرواحُ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

سمــراء ….. شعر وفاء فلاح ….وفاء نجمة السماء -فلسطين

سمراء من وَهَجِ الشّموسِ جمالُها
يهفو لخدّيها بقُبلتهِ الفمُ

وتلألأت سحب الجمال بوجهها
والجمر تَسقيهِ الشّفاه وتَخْتِمُ

غنّاءُ من حُلل العذارى طُهرُها
يا ويْح قلبي إذْ يذوب ويَكْتُمُ

والقَدُّ روضٌ قد تدفّق في دمي
وبجيدها يَحلو الربيعُ فأَنْعََمُ

في الكفِّ أفلاكٌ تدور كَـفَـرقَـدٍ
في الجفن أختَمِرُ اللّيالي ، أحلُمُ

والضّوءُ من سِحر العيون شَربتُهُ
والشَّعـرُ مَوْجٌ ثـائــرٌ مُـتَـحَـكِّــمُ

خَمرُ الكُرومِ مَذاقُــهُ من رِيقِـهـا
والحّبُّ أشهى فوق خَصرٍ يُطعِـمُ

وَاها ! يُحاكي الياسَمينُ شِفاهَها
وحَريرُ جِسمٍ إن دَنوتُ يُنسّمُ

ما ضَرّ لو أُبدِي الثّناءَ لِـثَـغرِها
و جُنونُ شِعري بالجَمالِ يُرَنِّمُ ؟!

خُصلاتُ شَعرٍ بالنجوم جَدَلتُها
لا ؛ ليسَ بَعدَ اليَومِ حَرفي يُبهَمُ

قَدِمَت قدوم النار حين نظرتُـهـا
استَنفَـرَت شَـوْقي ، غَدا يَتَضَرَّمُ

عهدي بأني في الرُّضابِ سَكينتي
وسَلاسِبُ الشفتيْنِ سُكـرٌ يُلهِـِمُ

والعشقُ مُنسدلٌ بطرفِ أناملٍ
طِفلُ الـحَـرِيرِ على رُباها يُفطَــمُ

حدثتُها ، وتَفـــورُ مِنّـي لهفَــةٌ
ولهمسها الحُلوِ القَتول أُسلّمُ

تخطو كطاووس تأرجح خَصرُه
لَــو قابلتني في الطريق أُعظّمُ

الشهد في هذي الحياة رُضابُها
وبعطرها ، وبقَطرِها تتحكّمُ

قُدسيّةٌ هي كاليقين ونورِهِ
مِثلَ الرّضيعِ إذا ارتويتُ أغمغِمُ

والخدُّ..! يا للخد خضّب لوعتي
والنهر من جِـيـدٍ بها يَـتَـقَـسَّـمُ

عمري على الكفين يجهلُ عُمرَهُ
ماذا إذا جاءَ المَشيبُ المؤلمُ ؟

ومَشِـيـبُ صَدري إن تَرَكتُ عِناقَها
وبقُـربِـهـا يـأتي الشبابُ الـمُـفـعَـمُ

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

القصة القصيرة

ورقة طلاق … بقلم كريم سليمان متولي

صوت مُدَوٍّ لطَلْقٍ ناري فجرًا، أيقظ سكان الحي المعروف عنه الهدوء. لم تتأخر قوات الشرطة في الحضور إلى المكان الذي سُمع فيه صوت الطَّلْق الناري،بعدما أبلغهم الجيران فَوْرَ سماعهم له.

(فيلَّا الشماشرجي باشا)؛ الاسم الذي قرأه المُحقِّق وهو يمرُّ عبر بوابة (الفيلَّا)، فأدرك بحِسِّه الأمنيِّ وخبرته الطويلة أنها جريمة ترتبط بالمال؛ فكل قضايا تلك الطبقة تتشابه فيما بينها. فَقَدْ يكون أُلقي القبض على لِصٍّ أثناء محاولته للسرقة، أو يكون هناك من غَضِب وهو ثَمِلٌ، ولم يتمالك نفسه، فأطلق الرصاصة القاتلة، لكنه حين التقى بمساعده على دَرَجِ الفيلا، أخبره بأن مالك الفيلا هو القتيل، فقد أَطلق النار على نفسه.

أَوَمأّ المُحقِّق برأسه قائلًا: إذًا حالة انتحار.

مسح بعينه البهو الكبير للفيلا بعد دخولها، وطلب من مساعده إحضار كل من يسكن الفيلا من الأُسرة والخَدَم، وبدأ يعاين الجثة بناظريه، فهو يعلم أن مسرح الجريمة تحت سيطرة البحث الجنائي.

بدأ في استجواب أفراد الأسرة، وأَوْكَلَ لمساعده استجواب الخَدَم، وحين بدأبالزوجة، وجدها متجهِّمة، ومتبلِّدة المشاعر، لم تكن منهارة كعادة الزوجات في تلك الظروف. لم تُجِب عن أسئلته؛ فأمهلها حتى يُحقِّق مع الابنة التي كانالانهيار يسيطر عليها، فحاول تهدئتها وهو يرثي أباها القتيل، لكنه فؤجئ أنه زوج أمِّها.

فأيقن وقتها أن هناك شيئًا ما؛ فكيف لم تنهر الزوجة لمقتل زوجها، بينما الفتاة لا تقوى على الوقوف؟

فؤجئ الحاضرون بتوجيهه الاتهام للابنة، التي سقطت مغشيًّا عليها فور إلقائه بكلمات الاتهام. حينها هرولت الأمُّ نحوها واحتضنتها

وهي تصرخ: احضروا طبيبًا، احضروا طبيبًا بسرعة! كررتها مرات ومرات.قام المُحَقِّق على الفور بإعطاء أَمْرٍ لمساعده بإحضار الإسعاف.

بعد مرور أيام كان المُحَقِّق جالسًا في مكتبه، وأمامه الزوجة، وتبدو عليهاآثار قِلَّة النوم، وقبل أن يبدأ التحقيق، تحدَّثتْ بما كان يَنتظر:

أنا المُذْنِبة، أنا من تسبَّبتُ في كل ما حدث.

بدأتِ الأحداث عندما تُوفِّي زوجي والد ابنتي. كانت صغيرة، وكنت أنا ما أزال شابّة، بعد مضي عامين، تزوجت من زوجي الحالي، أو من القتيل.

كان كثير الاهتمام بابنتي، وكأنه والدها، أو كنت أظن ذلك. كانت ابنتي دائمةالشكوى حين أتركها معه وقتما أكون منشغلة بأمر ما، ورغم ذلك لم ألحظ سبب شكواها، وحتى بعدما بدأت تُلمِّح لي بشكل غير مباشر، لم أهتم، وظننت أنها بسبب صغر عمرها وقِلَّة خبرتها قد ترى الأمور بعيدًا عن نصابها.

قالت بمرارة: كان يتقرَّب منها بشكل يضايقها.

أَرْدَفَ المُحَقِّق: يتحرش بها؟ أَوْمَأَتْ برأسها بشكل يعني: نعم. لم أكن أصدِّق ما تقوله، حتى زادت المشاكل والمشاحنات بينهما، . إلى أن جاءت تلك الليلة.استيقظتُ على صراخها وهي تحاول إبعاده عنها بشتَّى الطُّرق، لكنه لم يستجب لتوسُّلها. وقتها أيقنتُ أني كنت آوي ذئبًا في بيتي، وها هو علىوشك التهام ابنتي، فأسرعتُ إلى الخزانة، وأمسكتُ بمسدَّسه، وحاولت إطلاقالنار عليه، لكني لم أنجح، واستطاع هو أن يُمسك بي ويوجِّه إليَّ الضربات؛الضربة تلو الأخرى، وأوقع المسدَّس من يدي لتتلقَّفه ابنتي وتوجهه إليه،وتستطيع إطلاق النار؛ ليموت في الحال.

أطفأ المُحَقِّق سيجارته، واقترب منها ليهمس في أذنيها قائلًا: لم يَمُتْ!

نظرتْ إليه غير مصدقة وسألته: من هو؟ أجابها: زوجك لم يَمُتْ؛ فالجرح كان سطحيًّا، وحين استعاد وعيه وعافيته اعترف بكل ما حدث، لكنه لم يوجِّه اتهامه لكِ، أوْ لَهَا، وأرجعَ سبب إطلاق النار إلى نفسه؛ حين كان ينظف المسدَّس وأجزاءه الداخلية.

لم تصدِّق ما قال إلَّا حين سمح بدخول ابنتها إليها ممسكة بورقة طلاقها.

(تمت)

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

مئة ليلة وليلة : الليلة الحادية عشر “سلوها” بقلم نجوي عبد الجواد

الالتزام بمواعيده من أولوياته، دخل القاعة في ميعاده كالعادة، بروفيسور محمود يصحب دخوله هذه الصورة التي ملأت الشاشة خلفه وحدَّق فيها الجميع، أعلى الصورة كتب عليها جملة “سلوها”. ظنوا أنفسهم المنوطين بالأمر، لكن بروفيسور محمود أوضح لهم أنه عنوان هذه القصة التي ضمها كتاب منتصر الفلسطيني.

وكأن الأمر موجه لكل من يرى الصورة عبر العصور، انتاب الحضور مشاعر مختلطة، لقد شاركوها الابتسامة، وحزنوا لفراقها، وتشوقوا لمعرفة قصتها، وأخيرا صمت يعم القاعة وترقب لحديث البروفيسور.

من الصورة للجمهور يقر بروفيسور محمود بأن الصورة أخذته من كل ما حوله، وأن مشاعر مختلطة أصابته تماما كما يعتقد أنهم كذلك وأن رغبته في المعرفة دفعه للقفز على السطور التى كتبها منتصر حتى يعرف سر هذه الصورة.

يسير خطوات، يضع الأوراق التى بيده على المنصة، يبدو أنها حفرت بداخله، لا حاجة لأوراق تذكره بها.

أخد يقول: لسنا الوحيدين الذين خطفتنا الصورة، فمن قبلنا منتصر الفلسطيني الذى صدّر القصة بالصورة ثم كتب أسفلها: ليسوا أرقاما، هم أبطال ولكل بطل حكاية، رضيعهم كشيخهم. ومن المقدمة إلى الدخول في القصة يسترسل: وأنا أتابع التلفاز رأيتها، لم أدر هل أفرح أم أحزن؟! ظللت أتأمل الابتسامة البريئة وكأنها المرة الأولى التي أرى فيها ابتسامة، أروح وأجيء، أنشد النوم لأتخلص من الضجيج بداخلي دون فائدة، بحثت عن بُن لأصنع فنجانا من القهوة، لا بن، لا ماء، لا غاز.
أسندت ظهري إلى الكرسي والصورة تطاردني، أراها على الحائط أمامي.. أغمضت عينيّ وبدأ الضجيج يسكن والنوم يزحف رويدا رويدا، صورة امرأة خمسينية يلتف حولها صحفيون أجانب وتطاردها كاميرات من مختلف الدول، الكل يسأل سؤالا واحدا، وردها على الجميع بابتسامة من يريد تعجيزهم وبجملة: سلوها. فتحت عيني فجأة وملامح المرأة أمامي، أخذت أبحث عن كل ما يتعلق بالصورة في وسائل الإعلام وأثناء البحث وجدتها.. تواصلت مع كثيرين حتى وصلت إليها في إحدى المستشفيات التي لم تدمر بعد.. سلامات أختي، حمدالله على نجاتك. بصعوبة اتجهت ناحيتي وقالت فضل من الله ونعمة.

لا أريد أن أثقل عليكِ، أنا رأيتك في منامي وكثيرون يسألونك ولا إجابة لك عليهم إلا إشارة بيدك إليها وأنتِ تحملينها وتقولين “سلوها”.. رغبت في توثيق القصة ونقلها للأجيال القادمة فجئت لأسألك أنتِ، أعلم مقدار ألمك لكنه حقهم علينا أن يعرفهم العالم. اِحكِ لو تحبين.

يتدخل الطبيب: إنها متعبة ولن.. تقاطعه، في الكلام عنهم سعادتي حتى لو كان مؤلما.

إذن لا تثقل عليها؛ لقد نزفت كثيرا والجرح حديث. يحذره الطبيب.

أعدك حينما ترغب في التوقف سأخرج فورا.

بدأت السيدة الخمسينية تحكي:

كنا جوعي، منعوا عنا الطعام كما تعلم، أعيش وابنتي وأولادها الثلاثة في خيمة، يقول لي الولدان نحن جوعي يا جدتي.

أجيبهم: لقد جاع الرسول وصحبه وربطوا بطونهم من شدة الجوع، ألا تريدون أن تكونوا مثلهم. يصمتون.

تحبون الرسول؟

يقولون: نعم.

تحبون الله الذي أرسله لنا.

يردون: نعم.

هل هناك أحد أقوي من الله؟

يجيبون مستنكرين: لا بالطبع.

إذن من يحب الله أكثر يجلس أمام الخيمة ووجهه إلى السماء ويرفع يديه طالبا من الله أن يشبعنا.

وإذا جاءنا العدو من أعلى.

إذا جاء سيعرف أنكم لا تخافونه وأنكم مع رب السماء.

وهل فعلا؟

نعم. تسابقا وظلا هكذا حتى ناما.

٠وفي الصباح لم يسألاني لِمَ لمْ يرسل لنا الله الطعام، ولم يتحدثا عن جوعهما كالأمس، بعد قليل جاء جارنا في مثل عمرهما وفي يده بعض الحشائش، أعطاهما بعضا منها وبدأ الثلاثة في أكلها دون أن يتحدثوا معنا!.

لم تبد الدهشة علىّ يقول منتصر، ولولا حزنا يقطر من كلماتها لأخبرتها أنى جائع مثلهم!..

ليت الرضيعة تسكت، صوت بكائها يمزق قلبي وقلب أمها، لاتشبعها قطرات الماء، وصدر ابنتي جف من الجوع.. تظل تبكي وتصرخ حتى تصمت من التعب.

ما الحل يا ابنتي؟

وماذا بيدنا يا أمي، لها رب يطعمها.

من أجلها.

اقرأ أيضا| «البرهان» قصيدة للشاعر زياد خالد

من أجلها ماذا؟

اقتربت منها وصوتي يسح حنانا، من أجلها كلي.

تنظر لما بيدي مستنكرة :حشائش يا أمي؟!

من أجلها!

نفسي تعافها لا أستطيع كلا، كلا.

أمرر يدي على رأسها وآخدنا في حضني، لا حل أمامنا الآن. أقول لها.

سيرسل الله لنا الحل، سأرفع رأسي للسماء وأقول يارب. ترد ابنتي.

ابنتي سندعو وندعو.

وإلى أن يأتي الفرج أمسكي.

نظرت إلىّ مستنكرة تصميمي.

من أجل الرضيعة، هيا، هيا.

صرخت الرضيعة، حملتها ووقفت بها خارج الخيمة علها تهدأ. ولافائدة، بللت ابنتي حزمة الحشائش بدموعها وبدأت تقضمها.

صمتت المرأة، لم أحثها على الاستمرار يقول منتصر، صمت أنا كذلك إلى أن عاودت: الولدان نائمان داخل الخيمة وأنا والرضيعة خارجها، أسمع ضغطات أسنان ابنتي على الحشائش لكن يبدو.

ماذا؟ سألتها.

يبدو أن العدو استكثر علينا الحشائش فضغطوا على صواريخهم!؛ لتشتعل خيامنا ويتحول كل من بداخلها إلى كتل من النيران.

تقاوم الألم، تريد أن تبدو قوية أمام نفسها. ابنتي، أحفادي جيراني، حرقوا أحياء.

وكيف نجوتي؟!

كما قلت لك كنت خارج الخيمة،و ورأيت الجحيم بعيني، ابنتي تصرخ :اهربي بالطفلة، أرجوكي يا أمي، أسرعي. لم أكن في وعيي ولم أدر ما أفعل، أقترب من ابنتي، لا أدرى كيف أتصرف مع النيران أحثو عليها التراب أم أقذفها بقليل الماء الذي نشربه، أم آخذها في حضني ونموت سويا؟! تبتعد عني وهي تصرخ ابتعدي من هنا، ابتعدي من هنا. وصيتك ابنتي. لم أدر ما أفعل، لم أشعربقدميّ وهي تنطلق كالريح، لم أقف حتى بعد الرصاصة التى أصابت كتفي، ذهب الجميع فلتبق الطفلة. لا أحد سيوقفني هكذا حدثت نفسي،. يشعر بها تلهث وهي تتحدث وكأنها تجري الآن. يؤلمك الحديث فلنتوقف الآن.

ألم تقل إنها من أجل الأبناء والأحفاد؟

بالفعل هي كذلك. يرد منتصر

فلنكمل إذن، لاندري هل نلتقي ثانية أم لا.

تفضلي.

قضوا وذهبوا إلى ربهم، لن يعانوا الجوع بعد الآن، أقول لنفسي هذا وأنا أهرول وأشعر بالدماء تصل لقدمي. كم قطعت من مسافة، كم الوقت الذي مر، أين أنا؟ لا إجابة. أعلن جسدي عجزه عن الاستمرار، ليس الموت ما يخيفني، إنه مصيرك يا ابنتي. وضعتها بجواري، وألقيت بجسدي بجوارها، هززت جزع النخلة خلفي، ربما تساقط علينا رطبا جنيا، متعبة أنا لا يمكنني، صرخات ابنتي وطفليها، دعوات الصغيرين، صرخات الرضيعة، دمي الذى يسيل، مصيرها بعدي، الغوث ياربي، الغ.. يهدأ جسدها وترتخي أهدابها، صوت حركة بعيدة تصل لأذنيها، تشعر بالبرودة تسري في جسدها، تصعد روحها طلبا للدفء تنظر إليها من علٍ و تطير ومعها غبار الحاضر المؤلم، تحلق وتحلق بحثا عن سماء ملبدة تمطر ثلجأ يطفئ النار المستعرة في القلوب، لا تجد.. تستمر في التحليق، تسمع أصواتا في السماء، أضواء تسلط على جسدها وعلى حفيدتها التى تصرخ. يصيح أحدهم المرأة إما ماتت أو في طريقها إلى الموت، يرد عليه الآخر وفرت الطلقة التى كنا سنرميها بها.

مارأيكم نأخذ الطفلة؟

وجع يسري في روحي، ترتفع وترتفع حتى ترى أمامها الملائكة!

ما بين راكع وساجد وبين مسبح ومستغفر كانوا.

لا أمان لهم أبدا. يقول القائد

إنها لا تدري من أمرها شيئا. يقول الجندي.

إنها نبتتهم الشيطاني، سنربيها وتنقلب علينا.

ملك الموت يرسل من ينادي رضوان، نظر إليها توقعت أنها هدفه.

رضوان، رضوان.

فيم استدعاؤك له يا ملك الموت؟ يسأل أحد الملائكة.

سيعرف حين يأتي يرد ملك الموت.

فلترمها أنت برصاصة الآن. يأمره القائد.

أنا؟! ولم أنا؟!

لأنك شعرت بالعطفِ على عدونا.

إنها رضيعة بعد. يرد الجندي.

فلتذهب معها إلى الجحيم، يطلق القائد عليه النار وسط صمت الجنود .

حضر رضوان وتهب معه على المكان رائحة زكية بثت الطمأنينة بداخلها؛ تعلم إنها رائحة الجنة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يلقى التحية رضوان

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يرد الحضور.

فيم طلبك لي على غير سابق تعامل بيننا يا ملك الموت. يقول رضوان.

أريدك معي وأنا أسترد أمانة الله.

طننته يتحدث عني. تقول الجدة. فإذا به يشير لحفيدتي. لم أدر هل أفرح لها أم أحزن لفراقها، نزعت نفسي من نفسي وعدت إلى حديثهم.

أريد أن نحسن استقبالها وننسيها ما عانته على الأرض وسيحدث ذلك حين تراك.

تعرف قدر هؤلاء عند ربك.

ولأني أعرف أقترح عليك ما يسعدها في آخر لحظاتها على الأرض.

ماعاد يرضيني أن أبرحهم، ماعدت أرغب في حياة يسودها قانون الغاب. تقول الجدة لمنتصر، قالت هذا روحي لكن لم أسمع ردا.

تدخل ملك يهابه الجميع وقال: هؤلاء القوم لا يبغون بأرضهم بديلا، يرونها الجنة ودونها النار.

صدقت. يرد الجميع.

فلنصنع لها أرضا تشبهها ونأت بوالديها وأخوتها وجيرانها.

وأنا معهم وأنا معهم. تصيح روح الجدة ولا مجيب هكذا تكمل حديثها مع منتصر. ساعتها عرفت أن خروجي من الأرض لم يحن بعد وأن لقائي بأحبابي مؤجل لحكمة يعلمها الله.

صرخة موحشة من القائد، الآن نطلق جميعا الرصاص عليها حتى يعلموا أننا لن نرحم شيخهم ولا رضيعهم.

أمر من ملك الموت: هيا، هيا، السماء تنتظرك. تنطلق رصاصات تكفى لقتل كتيبة، تمد ابنتي يدها لطفلتها والابتسامة تملأ وجهها، يقترب أخواها منها لترى وجهيهما وهما يداعبانها كما كانا يفعلان، والدها الشهيد يملي عينيه منها، سبقهم قبل أن تولد، تتسع الصورة أمامها لترى بيتها والأهل والجيران وبجوار الجميع رضوان وصفوف من الملائكة. تبتسم ثم تتسع الابتسامة حتى تملأ وجهها، استجابت لحضن الجميع وودعت دنيا الشقاء بابتسامة فاقت ابتسامة الموناليزا التى تدهشهم .

يرتعد قائد العدو وجنوده. أنمطرها رصاصا وترد بابتسامة؟! ما هذا؟! يصيح القائد وقد جن جنونه.

سلوها عن السبب. يصيح فيهم الجندي المصاب هازئا.

طلقة من القائد تسكته للأبد، ينسحبون من المكان وكل واحد منهم يرغب في سؤالها لكنهم لا يدرون كيف .

بعد مغادرتهم شعرت بدفء يسري في أوصالي ودعتهم روحي سعيدة باجتماع شملهم وعثر علىّ أهل الخير ونقلوني وجسد الحفيدة إلى المستشفى بعد أن عادت روحي لتسكن هذا الجسد مرة أخرى.

أنهت حديثها بابتسامة وقالت هل تصدقني أم ترى أننى جننت؟.

بل أصدقك.

هل ستنقل كلامي هذا للعالم؟

سأنقله ولن أنقص منه حرفا.

أشكرك.

قلت: بل أنا من يشكرك.

فتحت باب الحجرة للخروج واعتدلت لألقي عليها سؤالي الأخير: ماذا أنت فاعلة الآن؟ هل ستنتظرين اللحاق بهم؟

ترد مبتسمة: كلا، بضعة أيام وتسمع عني في صفوف المقاومة. أغلقت الباب خلفي حتى لا ترى دموعي وأنا أردد: لن نهزم أبدا مادام فينا أمثالكم.

يكرر بروفيسور محمود عبارة منتصر الأخيرة وهو يرى مدى تجاوب الحضور وتأثرهم ودهشتهم مما حكي. وأردف يقول: لن نحتاج للسؤال عندما نرى الابتسامة وصاحبتها أليس كذلك؟! .
الجميع :بلي.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

عادة وكرامة …قصة قصيرة بقلم محمد عبد المرضي منصور

اشترى شبلين ووضعهما في حديقة قصره واهتمَّ برعايتهما الجسدية لنشر مقتطفات من حياته معهما على حسابه الإلكتروني، لم يكن حنونا معهما أبدا؛ لكن أحدهما كان مُطيعًا دون تفكير أما الآخر فكان يحزَن مِن المعاملة السيئة، سمَّى الرجلُ الشبلَ الأول عادة أما الثاني فسمَّاه كرامة.

صارا عادة وكرامة أسدين يافعين مختلفين في الطباع، وفي أحد الأيام ثبت الرجل الكاميرا على أحد أشجار حديقته لبث فيديو فخري له أثناء لعبه مع الأسدين، ركِبَ على ظهر عادة ثم أمره بالمشي حتى الكاميرا وعندما وصل قرب عدسة الكاميرا صاح الرجل بضحكاتٍ هيستيرية عجيبة، ثم توجَّه إلى كرامة ولكن كرامة نظر إليه نظرات غريبة لم يعهدها الرجل من قبل.

مال كرامة برأسه إلى الرجل مصدِرًا صوتا جديدًا غريبا؛ لكن الرجل تجاهل صوت كرامة ثم ركب على ظهره وأمره بالمشي لكن كرامة زَمْجَرَ ولم يتحرك، وإذ بالرجل يصيح ويضرب كرامة على وجهه فيصيب عينه اليمنى، فانتفض كرامة مستديرًا يمينًا فجأة، وقبض بأسنانه على يَد الرجل وأشاح برأسه يسارا في غضبٍ جلل، حينئذٍ قُطِعت يد الرجل بين فكّيهِ.

القى كرامة يد الرجل على الأرض ثم نظر إليها وإلى الرجل مرات متتالية ثم خَرَّ على الأرض يصدرُ أنينا وكأنه يقول: عذرا أنا أسد.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

هُوية …. قصة قصيرة بقلم عبدالله عبدالإله باسلامه.
اليمن / ذمار ِ

قبل الزلزال سمعت أصوات تكسر أغصان، تدحرج حجارة، أعقبها تقصف، وهدير ماد بالأرض من تحتي هز البيت هزا …
ذهلت عن جهاز اللاب الذي على حجري، والهاتف الذي في يدي، هرعت أستجلي الخبر عبر نافذة منزلي الذي يتوسط الجبل .

إذا بي أرى أبراج الاتصالات العملاقة في الأعلى تتمايل كأنها أعجاز نخل في يوم عاصف، تنخلع من جذورها متدحرجة مع كتل الأسمنت، نحو الأسفل مكتسحة ما أمامها، وجارفة معها كل مايحاذيها .

لمحت سلك الإنتيلة المثبتة على زاوية سطح بيتي يسقط علي، شعرت به يحط على رقبتي
أردت أن أرجع وأدخل رأسي لكن السلك
وبسرعة البرق حز عنقي، فقطع رأسي الذي تدحرج مع غابة الأسلاك نحو السفح .

هرعت الحق به وأنا أنادي عليه:

رأسي .. رأسي..

أسرعت أنزل المنحدر لأجد ضفتيه تعج بالكثيرين أمثالي يلاحقون رؤوسهم، وكلا يصيح وينادي على رأسه، لكن أمام قوة السيل الجبارة لم يك أمامنا غير تتبعه إلى مستقره في بطن الوادي، حيث اختلطت وتراكمت مع رؤوسنا أطنان من الهواتف، واللابتوبات، وأجهزة اتصالات إنتيلات، مقويات بث، لاقطات ذكية، صحون واي فأي، أجهزة ثري جي، وفور جي، وفايف جي …
تهافتنا كالمجانين نفتش بين الطمى، نزيل الأغصان، الحصى، الأسلاك، الركام… وكلما وجد أحدهم رأسا رماه (هذا ليس رأسي).

أعيانا التعب، وأدركنا استحالة أن يجد أيا منا رأسه، اتفقنا أن نتوقف عن البحث العشوائي، وأن نجمع الرؤوس أولا في مكان واحد.

أمضينا ساعات، ثم أياما في البحث والجمع مسابقين الزمن؛ فقد بدأت الأرض تجف، وتحول الطين إلى فخار طمس ملامح الوجوه، وجعلها كالكرات، ملتحمة بقطعة ما من أجزاء الهواتف، وأجهزة التواصل المختلفة، وأعاد تشكّيلها في هيئة غريبة.

بالكاد انتهينا من الجمع لنجد أنفسنا أمام هرم من الرؤوس..شكلنا صفا طويلا، من حسن حظي أنني كنت في المقدمة، وأول من التقط رأسا، تفقدته.. سلمته لمن خلفي، تناوله بدوره لبضع ثوان وأعطاه لمن يليه، وأخذ كل واحد يناول من يقف خلفه قائلا: (هذا ليس رأسي)، إلى أن تكوم جبل ثان من الرؤوس في الطرف الآخر من القطار .
بدا واضحا لنا استحالة الأمر؛ فقد كانت الرؤوس مطموسة الملامح، لا أنوف لها، ولا شفاه فيها، ولا حواجب علبها، أو حتى جفون، مجرد أعين تحدق في الفراغ، وآذان مشرعة، وأفواه فاغرة .

كنا متيقنين أنها رؤوسنا لكن أيا منا لا يعرف رأسه من رأس غيره ..لم يك أمامنا غير الرضى بالحاصل؛ فمن غير المعقول العودة بدون رأس .

اخترت رأسا مميزا خفيف الوزن، كذلك أخذ كل واحد يختار لنفسه رأسا، لكن نشب تنافس على الرؤوس الخفيفة، تلتها عمليات سرقة واختطاف، وتنازع ثم تحول إلى عراك حتى قام أحدهم كان قد حظي (برأس ثقيل) بإفراغه من محتواه، ففعل الجميع مثله، حتى أنا أفرغت قليلا من رأسي الخفيف ليصبح رأسا أخف.
وحين انتهينا أصبحنا متشابهين جدا ليس في الملامح المطموسة فقط، بل وفي الشرائح الخفيفة التي حلت محل العقول، لكن الأهم من ذلك أننا أصبحنا عاجزين عن صعود الجبل، وكلما حاولنا فشلنا.
ظللنا ندور حول أنفسنا في السفح، ومثل فوضى البحث عن رؤوسنا وقعنا في فوضى الدوران والإصطدام ببعضنا البعض، رغم أن كل واحد منا كان يرى الآخر !!
شعرت بالدوار والإعياء؛ سقطت لأنضم إلى من سقط في مايشبه السبات، لتوقظنا صرخة أحدنا بصوت كالخوار:

من أنا؟ لأصعد الجبل؟
بدا السؤال غبيا مضحكا ومحرجا.. ثم ساخرا مستفزا ومهينا..لكن أحدنا لم يستطع أن يجيب حتى اليوم.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

الكأس الملكي ….قصة قصيرة
تأليف : محمد كسبه

ذات يوم مر الملك بزينته في موكب ضخم ، ليشاهد أحوال الناس ، أعجبته الأبقار في الحقول ، لكن كيف سيحصل عليها بلا مقابل ؟ حيث أن خزينة البلاد فارغة ، المطلوب على الأقل ثلاثين بقرة في الحظيرة الملكية .
في المساء ظل الملك يفكر ماذا سيفعل ؟
بعد تفكير طويل ، أخيرا قفزت فكرة في رأسه ، جمع الوزراء فى البلاط الملكي ليشاورهم في الأمر .
في المجلس عرض الملك عليهم فكرته .
قال الوزير : لكن من سيرضى أيها الملك ؟
كيف ستحصل على الأبقار بلا مقابل ، الأمر صعب جدا أيها الملك .
عمت الفوضى المكان و الكل يتهامس و يستهجنون الفكرة ، الكلام الجانبي غير مفهوم و لا يفى بالغرض .
نظر الملك إلى الحاشية
و قال : من يوافقني الرأي يرفع يده عاليا ، انتظر قليلا .
لا أحد من الحضور رفع يده ؛ لكن الملك لم يهتم برأيهم و لا بتعليقاتهم .
في الصباح مر المنادي بين الحقول و في الأسواق ، و نادى بأعلى الصوت …. أيها السادة الكرام ، صبحكم الله بالخيرات ، أعلن الملك عن مسابقة ( البقرة الأجمل ) و الفائزين فيها سيتم كتابة اسمائهم في لوحة الشرف بالقصر الملكي ، كما سيحصل كل مشارك على كأس الملك .
اجتمع الناس حول المنادي و سألوه عن كيفية المشاركة ، فأجابهم بأن كل متسابق سيقدم بقرة هدية للمك إن أعجبت الملك سيأخذها و إن كان فيها عيبا سيعطي صاحبها مهلة بضعة أيام حتى تصبح في أحسن حال كي تتناسب مع حظيرة الملك .
سمع الجميع ما قاله المنادي و انصرفوا فليس من العقل أو المنطق أن تضحي ببقرة من أجل كأس يشرب فيه الملك .
بعد يومين بدأ الناس يتهافتون على قصر الملك و معهم أبقارهم ، و ينتظرون حتى المساء إلى أن ينظر الملك من شرفة قصره إليهم و ما عليه إلا أن يشير إلى البقرة التي تعجبه فيأخذوها من صاحبها و يدونوا اسمه في سجل المتسابقين و ظل الأمر هكذا إلى أن انتهى العدد المطلوب .
في نهاية يوم الاحتفال عاد الفلاح عم يونس إلى بيته متأخرا ، استقبله أبناؤه بنظرات سخرية .
سأله صابر ابنه الأكبر

ما الذي تحمله في يدك يا أبي ؟

ألا ترى يا بني إنه كأس الملك !!

لكنه يا أبي ، ليس كأسا من الذهب أو الفضة إنه مصنوع من الزجاج ، ألا تخجل يا أبي من نفسك !!
كيف تعطى أفصل ما لديك من أجل هذا الهراء !!

هراء … گأس الملك هراء ألا يكفيك اني كنت من الفائزين فغيرى لم تقبل أبقارهم .

يا أبي استحلفك بالله لا تشارك ، العام القادم فوقتك و مجهودك أعظم من هذا الكأس الملكي .
نظر الأب إلى ابنه و لم يهتم بما قاله و تحدث إلى نفسه … القرب من الملك خطوة عظيمة و كأس الملك لا يقدر بثمن يكفيني أن اتباهى أمام الجميع بأن أسمي مدون في قصر الملك و أنا من الرابحين ، لدي الآن الكأس الملكي .

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

النقد

” الإبداع في سيميائية اللغة ،والتشكيل الفني “
دراسة نقدية تحليلية لقصيدة” أنا والشعر “للشاعر رضا عبادة
نقد وتحليل أسامة نور

النص :- “أنا والشعر “

أَنَا والشعرُ مُخْتَلِفَانِ ،
مُرْتَعِدَانِ مُنْقَسِمَانِ كَالْعُمْلَةْ
فَأَمَّا الْوَجْهُ مُنْعَطَفٌ ،
يُوَصِّلُ كُلَّ حَارَاتِي لِمُفْتَرَقٍ
كَطَيْرٍ خَاصَمَ الأَعْرافَ فِي أُفُقٍ
وَ طَارَ مُنَادِيَ الأَحْبَابِ وَ الْحَمْلَةْ
وَأَمَّا الْظَهْرُ كَالْبُرْكَانِ فِي جَسَدٍ
تَقَاسَمَ صَدْعَه قَلْبِي مَعَ الْأَهْوَالِ
فِي الْجُمْلَة
وَ فِيلٌ حَارَبَ الْأَدْغَالَ ، وَالْمُحْتَالَ
و الْأَفْعَالُ لَمْ تُدْرِكْ بِأَنَّ عَدُوَّهُ نَمْلَةْ
……..
أَنَا وَالْشِعْرُ تَجْمَعُنَا مَعَايِيرٌ
وَتَرْبِطُ بَيْنَنَا صِلَةٌ وَطِيدَةْ .
فَنَغْرَقُ فِي مُكَابَدَةٍ وَنَطْفُو
وَنَعْرَقُ بِالْنَدَى رِيحًا فَرِيدَةْ .
وَنَبْرُقُ فِي الْسَمَا ظُهْرًا وَنَسْمُو

فَتَلْفَحُ وَجْهَنَا شَمْسٌ عَنِييدة ..

النقد والتحليل :

“من حيث العنوان “
يصور العنوان” أنا والشعر “العلاقة بين الشاعر والشعر ، يصور حالة الشتات التي يعيشها الشاعر المبدع بين الواقع الأليم ، وبين شاعريته وما يرجو تحقيقه ..
الإبداع حالة فريدة تنتاب المبدع ، فيبحر عكس التيار ،

يتحرر به من قيود أدمته ، ويحلق في عوالم رحبة متغيره ..

*” من حيث الشكل والموسيقى
يتكون النص من مقطعين، الأول ينتمي لشعر التفعيلة حيث استخدم الشاعر تفعيلة الوافر” مفاعلتن “
فيقول :-
أَنَا والشعرُ مُخْتَلِفَانِ ،
مُرْتَعِدَانِ مُنْقَسِمَانِ كَالْعُمْلَةْ
فَأَمَّا الْوَجْهُ مُنْعَطَفٌ ،
يُوَصِّلُ كُلَّ حَارَاتِي لِمُفْتَرَقٍ
كَطَيْرٍ خَاصَمَ الأَعْرافَ فِي أُفُقٍ
وَ طَارَ مُنَادِيَ الأَحْبَابِ وَ الْحَمْلَةْ
ونلاحظ استخدام روي اللام فى نهاية كل سطرين شعريبن
ومخرج اللام حافة اللسان ومن صفاته الجهر ، التوسط ،الاستفال ، الانفتاح ، الإذلاق ، الانحراف ، متوسطة .
ونجد المقطع الثاني .. في بداية قوله

أَنَا وَالْشِعْرُ تَجْمَعُنَا مَعَايِيرٌ
وَتَرْبِطُ بَيْنَنَا صِلَةٌ وَطِيدَةْ .
حيث استخدم الشكل العمودي حيث التزم بالوزن والقافية
وجاءت الأبيات على ( بحر الوافر ) التام
مفاعلتن مفاعلتن فعولن …وبخر الوافر من البحور الصافية ، ويتميز بالتناغم والإيقاع المطرب ، ويعكس شدة الانفعال ، والحالات المتأجحة ، لذلك نجده يتسم بسرعة الإيقاع ،
الذي يظهر حالة الشاعر في شدة انفاعله ، والتصاعد الدرامي السريع ..
ونجد هنا حرف الروي الدال مفتوح الحركة ،
ومخرجه طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا ،ومن صفاته الجهر ، الشدة ، الاستفال ، الانفتاح ، الإصمات ، القلقلة ، فهو من الخروف القوية ..
نجد هنا التمازج.بين المقطعين التفعيلي والعمودي في البحر ، وفي سرعة الإيقاع وقوته ..و في جزالة اللغة ، وحركيتها
والوحدة العضوية ، والتعبير. عن الحالة بعنفوانها وقوتها ..
———؛؛؛؛؛————-
**من حيث التجربة الشعرية والمضمون ..
يتحدث الشاعر عن علاقته بالشعر ، ويصور حالتهما بوجهي العملة ..فهما ملتصقان لاتصح العملة بفقد أحدهما ، ورغم ذلك فهما لا يلتقيان، لكن لا حياة لوجه إلا بصاحبه،
إنها علاقة وطيدة ، علاقة حياة لا يمكن الانفكاك منها ، رغم الاختلاف الظاهري ..ويصور الشاعر نفسه ، والشعر بوجهي العملة .فرغم الهدوء الخارجى لكن داخله بركان ، يصدع القلب ويقلق النفس فيقول :-
فَأَمَّا الْوَجْهُ مُنْعَطَفٌ ، يُوَصِّلُ كُلَّ حَارَاتِي لِمُفْتَرَقٍ
كَطَيْرٍ خَاصَمَ الأَعْرافَ فِي أُفُقٍ
وَ طَارَ مُنَادِيَ الأَحْبَابِ وَ الْحَمْلَةْ
وَأَمَّا الْظَهْرُ كَالْبُرْكَانِ فِي جَسَدٍ
تَقَاسَمَ صَدْعَه قَلْبِي مَعَ الْأَهْوَالِ
فِي الْجُمْلَة.
وفي المقطع الثاني يؤكد الشاعر أن بينه وبين الشعر معايير ، وأنهما مرتبطان ، فالشعر روح وحياة ، يعيش فينا ونعيش فيه
يرافقنا فى الألم والراحة ،
فيقول :-
أَنَا وَالْشِعْرُ تَجْمَعُنَا مَعَايِيرٌ
وَتَرْبِطُ بَيْنَنَا صِلَةٌ وَطِيدَةْ .
فَنَغْرَقُ فِي مُكَابَدَةٍ وَنَطْفُو
وَنَعْرَقُ بِالْنَدَى رِيحًا فَرِيدَةْ .
وَنَبْرُقُ فِي الْسَمَا ظُهْرًا وَنَسْمُو
فَتَلْفَحُ وَجْهَنَا شَمْسٌ عَنِيدَةْ.
ثم ينهي قصيدة بتعبير رائع يصور أثر الشعر وماهيته على الشاعر ..فالشعر يكتبنا ويعبر عن حالتنا ورؤيتنا،
فيقول :-
نَطْوِي بِالْأَنا شَوْقًا فَنَمْشِي
وَنَخْلَعُ نَعْلَنَا عِنْدَ الْقَصِيدَةْ
وَتَحْبِسُنَا الْحُرُوفُ بِخَانِ يَكٍّ
فَجَاءَ يَصِيدُنِي كَيّْ لَا أَصِيدَه
———؛؛؛؛؛؛————
**” فنيات الإبداع ” الأساليب والصور الفنية “
استخدم الشاعر اللغة الحية المعبرة ، التي تعكس حالته وتظهر تلك العلاقة الشائكة ، فكان لكل لفظ دلالته ومعزاه التعبيري ، نجد الحركة والتناغم ، مع الإيجاز والتكثيف،
لهذا نجد استخدام الفعل المضارع للدلالة على التجدد والاستمرار ،
اعتمد الشاعر على الأسلوب الخبري للتقرير والتأكيد ،
ولكن التنوع في التشكيل الموسيقى والحركة والتناغم ..إصافة إلى سرعة الإيقاع ..والإيجاز والتكثيف ..
جذب الإنتباه ، وجعل المتلقي يتماس مع الحالة والنص
وبتجاوب معهما .كذلك برع الشاعر في استخدام تقنية التفصيل بعد الإجمال في بداية النص ..
** برع الشاعر في التصوير، فاعتمد الشاعر على الصور المعبرة بدقة الممزوجة بالحسي تارة ، وبالطببعة تارة أخرى
كما نجد طرافة الصورة ، واتساقها مع الحالة فى النص ..
فأصبحت الصور سمع مرئية ؛ عبرت عن العلاقة بين الشاعر والشعر ..في الاختلاف ، وفي الاتفاق..
ومن ذلك قوله :
مُرْتَعِدَانِ مُنْقَسِمَانِ كَالْعُمْلَةْ
فَأَمَّا الْوَجْهُ مُنْعَطَفٌ ، / يُوَصِّلُ كُلَّ حَارَاتِي لِمُفْتَرَقٍ
كَطَيْرٍ خَاصَمَ الأَعْرافَ فِي أُفُقٍ /وَ طَارَ مُنَادِيَ الأَحْبَابِ وَ الْحَمْلَةْ/وَأَمَّا الْظَهْرُ كَالْبُرْكَانِ فِي جَسَدٍ
تَقَاسَمَ صَدْعَه قَلْبِي مَعَ الْأَهْوَالِ
نجد تلاحق الصورة مع سرعة الإيقاع ، واستخدام الصور الكلية والممتدة ،
وكذلك في
أَنَا وَالْشِعْرُ تَجْمَعُنَا مَعَايِيرٌ
وَتَرْبِطُ بَيْنَنَا صِلَةٌ وَطِيدَةْ .
فَنَغْرَقُ فِي مُكَابَدَةٍ وَنَطْفُو
وَنَعْرَقُ بِالْنَدَى رِيحًا فَرِيدَةْ .
وَنَبْرُقُ فِي الْسَمَا ظُهْرًا وَنَسْمُو
فَتَلْفَحُ وَجْهَنَا شَمْسٌ عَنِيدَةْ
نجد في كل سطر صورة جميلة مؤثرة ، نجد سيمياء اللغة ،مع طرافةو ديناميكية التصوير ، في إطار من الحركة والتناغم والدراما التفاعلية ..
ونجد ذلك في التعبير والتصوير الرائع في نهاية النص
نَطْوِي بِالْأَنا شَوْقًا فَنَمْشِي
وَنَخْلَعُ نَعْلَنَا عِنْدَ الْقَصِيدَةْ
وَتَحْبِسُنَا الْحُرُوفُ بِخَانِ يَكٍّ
فَجَاءَ يَصِيدُنِي كَيّْ لَا أَصِيدَه
استمرار، الألق التصويري ، واستخدام التناص مع القرآن الكريم ، في قوله تعالى ” ﴿فَلَمَّاۤ أَتَىٰهَا نُودِیَ یَـٰمُوسَىٰۤ ۝١١ إِنِّیۤ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخۡلَعۡ نَعۡلَیۡكَ إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوࣰى ۝١٢﴾ [طه ١١-١٢]حيث يقول الشاعر :-
“نَطْوِي بِالْأَنا شَوْقًا فَنَمْشِي
وَنَخْلَعُ نَعْلَنَا عِنْدَ الْقَصِيدَةْ”
في إشارة إلى مهابة الشعر ، وتأثيرة وسمو مكانته ،
وفي قوله
“وَتَحْبِسُنَا الْحُرُوفُ بِخَانِ يَكٍّ
فَجَاءَ يَصِيدُنِي كَيّْ لَا أَصِيدَه”
فالشعر إلهام ، يأتي الشاعر ، وفيجعله ينفصل ، ويكون بين الوعي واللاوعي ..ونجد استخدم” يَك” بمعنى واحد بالفارسية ..
*”استخدم الشاعر المحسنات البديعية التي كان لها أثرها في الموسيقى الداخلية
مثل الكلمات المتوازنة مثل “مُخْتَلِفَانِ ، مُرْتَعِدَانِ مُنْقَسِمَانِ”
وفي الْأَدْغَالَ ، وَالْمُحْتَالَ والْأَفْعَالُ
التفصيل بعد الإجمال في قوله
أَنَا والشعرُ مُخْتَلِفَانِ ، مُرْتَعِدَانِ مُنْقَسِمَانِ كَالْعُمْلَةْ
فَأَمَّا الْوَجْهُ مُنْعَطَفٌ ، يُوَصِّلُ كُلَّ حَارَاتِي لِمُفْتَرَقٍ
ثم يقول :-
وَأَمَّا الْظَهْرُ كَالْبُرْكَانِ فِي جَسَدٍ”
الجناس في الحمله ، الجملة /نغرق ، نبرق
ونجد التضاد في الوجه ،الظهر / نغرق ،نطفو /يصيدني ،لا أصيده..
———-؛؛؛؛؛———-
** المؤثرات داخل النص ،
استخدم الشاعر مؤثرات الحركة من خلال الفعل المضارع ، وحركية الصورة ،
كما استخدم الضوء في نبرق ،شمس .
*”التجديد في النص “
نجد التجديد في الشكل والمضمون ؛فقد استخدم الشاعر التفعيلة ، ثم الشعر العمودي ، كما نلحظ التجديد في الطرح والتناول ، والصور الطريفة المبهرة
كذلك.نجد الإيجاز الشديد . والجمع بين الحالة والرؤية
ببن العاطفة والذاتية ، والفكر ..مما يشير الى البعد الحداثي
في القصيدة ..
كل ذلك جعلنا أمام نص مغاير ..يظهر قدرة الشاعر ومهارته وفنياته ..شاعر مطبوع؛ يمتلك اللغة والبيان والحس الشاعري الفريد ..يكتب بسلاسة وانسيابية ، فيصير النص كائنا حيًا …
نتأثر به ويؤثر فينا
.ومكانة الشعر لديه مما جعل النص يحقق الإبداع والإمتاع ..
تحياتي أسامة نور

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

دراسة الأستاذ الإعلامي الكبير صلاح فتوح لقصة “الجانب الٱخر من النهر” للأديب محمد كمال سالم

أستاذنا الفاضل الأديب والقاص البارع تقبل خالص تحياتي لك وتقديري وتمنياتي بمزيد من الصحة والعافية والتوفيق .. لقد قرأت القصة التي تصف مشهدا واحدا استغرق عدة ساعات في يوم واحد من مجمل عام واحد هو عمر المأساة الأخيرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني يصف مدى العنف والقسوة والإهانة والقلق وحجم التغيرات على الأرض وعلى أحوال المدنيين الأمنيين وفي نفوس بعض المستغلين والمتربحين من تلك الحرب الظالمة .. وتفاعلا مع تلك المطالعة لهذه القصة وما دار فيها من أحداث وإسقاطات وحوارات كانت لي هذه التعليقات..

” كادَ النَّهارُ أن ينتصِفَ،” “طال سيرهما طويلًا وروَّعهما الليل وأرهقهما السفر، ولمَّا وصلا، وعلى ضوء القمر،”
….بداية اختيار هذا الزمن من قرب انتصاف النهار إلى الدخول في الليل وفي ضوء القمر لاحتواء تلك الأحداث تلخيص بارع لمجمل تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .. فالوجود الفلسطيني على الأرض كان من فجر التاريخ وحدث ما حدث من مشاركات ومساومات واعتداءات من الجانب الآخر وفي وضح النهار وبوعد تاريخي اخترعوه وبمباركة غربية تمت المؤامرة واحتل الإسرائيليون الأرض وخططوا لتهجير أهلها هكذا قرب انتصاف النهار ..وتوالت الأحداث حتى أحال العدو نهار الفلسطينين إلى ليل وأذاقوهم ويلات الحرب على مدار الساعة .. ولكن يبدو أن ثمة أمل لقرب انتهاء ظلمة وحلكة هذا الليل بالإشارة إلى وجود القمر في هذه الليلة ..

“فيم وقوفُكَ الآن؟ انتهينا، انصرفوا، ملأتم البلدَ بهمكم.”….
ما أقسى أن تعيش في بلدك وكأنك غريب غير مرغوب فيه .. وتظل دائما تحت وطأة الظروف وتبدل الأحوال .. حوار كهذا بين أبناء بلدة واحدة وفي ظروف كهذه يضفي ويزيد كثيرا من مأساة وألم وشظف العيش الذي يعيشه الشعب الفلسطيني ويخاطبون في النهاية و كأنهم ليسوا أهل هذه البلدة بل عالة عليها ..

“جاءت سيِّدةٌ من بعيدٍ تقصدُه، بيضاءُ شرقيَّةٌ في عباءتِها وحجابِها
على كتفيْها شالٌ، تحملُ فوق أحدهما خرجًا تئنُّ بحملِهِ الثقيل، بينما تسحبُ في يدها الأخرى طفلةً دون الرابعةِ هي نسخةٌ مصغَّرةٌ من أمِّها.” ..
“وأينَ زوجك؟ لِمَ لمْ يُعفِكِ مشقةَ هذا الأمر؟

زوجي ماتَ في قصفٍ مثل هذا.” …. وجود المرأة ..وعلى أحدكتفيها شال هو رمز للمقاومة وعلى الكتف الآخر خرجا تئن من حمله الثقيل .. إشارات ودلالات ذكية إلى مدى قوة وتحمل المرأة الفلسطينية وتصديها الشجاع لتحمل المسؤولية ودورها في تاريخ الصراع .. موت الزوج يعني اختفاء أسباب الأمن وافتقاد القدرة على والسعي لكسب الرزق .. بقاء الزوجة والطفلة على قيد الحياة رمزية على بقاء الحياة نفسها في الحال وفي المستقبل .. فالمرأة هي ولادة النسل لضمان استمرار الحياة ..

“لستُ بحمَّالٍ يا سيِّدتي ولا أريدُ أجرةً، فلتكن ما كانوا يُطلقونَ عليه (المروءَة).”

“أرجو ألا تكونَ مروءَتُكَ خدعةً كأيامنا تلك.”….المروءة والشهامة ونجدة الملهوف والاهتمام بالجار وتحمل المصاعب في سبيل حمايته ونصرته و..و.. معاني وقيم أرجو ألا تضل طريقها في خضم هذا المحيط الملتهب والمتفجر والمنذر بكل خطر ..

“يعني ما سمعتِ، أنا هاربٌ من حتفي من حيثُ أتيتِ أنتِ.”

“مجرمٌ إذن، أنتَ هاربٌ من العدالة؟!”…..
عبارة لا أفهمها وربما لا أجد لها محلا في هذا السياق .. ففي بلدات كهذه تقع تحت وطأة العدو الغاشم ويمر المواطنون فيها بنفس الظروف سواء في هذه البلدة أو غيرها .. فلا وقت ولا مكان ولا داعي لارتكاب جرائم فيما بينهم ولا وجود لمجرمين .. فكل ما يمارسونه من أعمال ضد العدو تصنف في خانة البطولات وليس الجرائم إلا من وجهة نظر العدو الغاشم ..وإذا كانت وضعت في هذا السياق لاستنباط المعنى الغائب للعدالة ومعرفة من هم المخالفون لقانون العدالة فالأمر لا يحتاج إلى هذه الإشارة ولا هذه المخالفة فالأمر واضح وجلي وجد خطير ..

“إن جريمتي قد اقترفها كلُّ الرافضين هناك، إذن فليجرِ عليَّ ما يجري عليهم، هلمي بنا”…. من يمرون بهذه الظروف فهم ليسوا هاربين بل مجبورون ومقهورون على مغادرة أوطانهم .. والمصير الواحد هو الشعار الذي يجمع بين كل المنكوبين وطريق العودة ما زال طويلا .. ولكن الأمل ينبغي أن لا يغيب وأن الليل الذي داهم هذه الرحلة وهؤلاء الأشخاص وما قابلوه خلال تنقلاتهم هذه حتما سيصل بهم وهم في مصابهم هذا وصبرهم وتحمل مصاعبه ووحدة رأيهم إلى نهار جديد ويوم جديد يحمل كل معاني الأمل في حياة كريمة بإذن الله..

“أأسيرُ معك في هذا الليل وحدي؟”….جملة أخرى لا أفهم سبب وجودها في هذا الحوار أو هذا المشهد الذي لا يُقبل فيه أي تخوفات من الطرف لا أقول الآخر الذي يمر بنفس الظروف وهو بهذه الشهامة والمروءة ..

“اطمئني، لا يقدرُ الشيطانُ أن يُشارِكَنا أو يتحملَ أن يخوضَ معنا هذا الطريق” …. رد يحمل كثير من المعاني المباشرة للشرف ومعاني أكثر لحجم ونوعية المخططات والمخاطر والمتاعب والتحديات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الآن وربما يستعصي على شعوب أخرى في بلاد أخرى تحمل كل تلك الأهوال لو تعرضوا لها بمثل هذه القسوة ..

وأخيراً تحية تقدير وإجلال لأرواح الشهداء الذين نذروا حياتهم طوعا وإيمانا بعدالة قضيتهم وبذلوا الغالي والنفيس وحُرِموا كل متاع الدنيا هم وأسرهم في سبيل تحقيق العدالة واسترداد حقوقهم المسلوبة ..

النص : “الجانب الآخر من النهر” قصة قصيرة
بقلم/ محمد كمال سالم.

كادَ النَّهارُ أن ينتصِفَ، والبلدةُ العتيقةُ يفوحُ ثراها بعبقِ التاريخ، ما هي بقريةٍ وما هي بمدينةٍ، حانوتٌ قديمٌ أظنُّ أنَّهُ ليس له باب، جاءت سيِّدةٌ من بعيدٍ تقصدُه، بيضاءُ شرقيَّةٌ في عباءتِها وحجابِها الذي ما استطاعَ أن يواري بديعَ حسنِها.
على كتفيْها شالٌ، تحملُ فوق أحدهما خرجًا تئنُّ بحملِهِ الثقيل، بينما تسحبُ في يدها الأخرى طفلةً دون الرابعةِ هي نسخةٌ مصغَّرةٌ من أمِّها.
ألقت بخرجِها على جانبِ مدخلِ الحانوتِ ووقفت تنتظرُ أن يفرغَ البائعُ من رجلٍ يُحادثه، لكنَّ البائعَ يتخطَّى الرجلَ ويعاجلها:

ماذا تريدينَ يا امرأةُ؟
قالت:

أريد أن أبتاعَ صنفيْن من عندِكَ دأب زوجي أن يشتريهما من هنا.
الرجلُ يُجيبها طلبَها بعد أن رفضَ مساومتَها على تخفيضِ السعرِ الذي قالتْ إنَّهُ مبالغٌ في ثمنِه، وما كان زوجُها أبدًا يشتريه بهذا الثمن.
أخذَ الرجلُ المبلغَ الذي يريدُ في غلظةٍ وكأنَّها تتسوَّلهُ بضاعته، وهمَّت بالخروجِ من الحانوت، فإذا بالبائعِ الغليظِ ينهرُ الرجلَ الذي كان يُحدِّثهُ قبلَ وصولِها قائلًا في حِدَّة:

فيم وقوفُكَ الآن؟ انتهينا، انصرفوا، ملأتم البلدَ بهمكم.

خرجَ الرجلُ خجلًا في أثرِ المرأةِ التي رمقتْهُ من طرفٍ خفيٍّ، فنظر إليها لحظةً يتأمَّلُها ثم اتَّجه إليها في اندفاعٍ حذرٍ وقالَ في تأدُّب:

دعيني أحملُ عنكِ الطفلةَ أو هذا الخُرج.
قالت:

لا يبدو عليك بحمَّالٍ، وليس معي أجرةٌ لما تحملُهُ عنِّي.

لستُ بحمَّالٍ يا سيِّدتي ولا أريدُ أجرةً، فلتكن ما كانوا يُطلقونَ عليه (المروءَة).
فناولتهُ خرجَها وهي تقول:

أرجو ألا تكونَ مروءَتُكَ خدعةً كأيامنا تلك.

ما أن تناولها منها وهمَّ أن يدافعَ عن مروءَته حتى سمعَ أزيزَ طائراتٍ منخفضةٍ، علمَ بفطنتِه أنَّهم قد قرَّروا ضربَ هذه البلدةِ أيضًا، فركضَ نحوها مندفعًا وجذبها سريعًا نحو أقربِ عربةٍ لبائعٍ جوال، وجرَّها وطفلتَها قبلها تحتها، في نفس اللحظة التي ألقت فيها الطائراتُ حمولتها المتفجرة.

أصبحَ المكانُ في بضعِ ثوانٍ وكأنَّه قطعةٌ من جحيم، راحَ يُهدِّئُ من روع الطفلة الصغيرة ويُهدهدها، يُهدِّئُ من روع المرأة التي كادت أن تموتَ رعبًا، تتناثر الشظايا القاتلةُ حولهم وكذلك أجسادُ الضحايا، مرت بضعُ دقائقَ بعدها انتهى القصفُ، خرجا من تحت العربة يتحسَّسان موضعهما في حذر، فإذا بالطريق قد دُمِّرَ عن آخره، يبدو أنَّه لم يتبقَّ أحياءٌ حولهم اللهمَّ إلا من بعضِ الناجين مثلهم، همهماتٍ وأنينٍ وصرخاتٍ مكتومةٍ تصدُرُ من بعيد، فأسرعَ وهو مازال يحملُ الصغيرةَ بين يديْه يتفقدُ الضحايا آملًا أن يجدَ بينهم من يستطيعُ إنقاذَهُ ولكنهم كانوا جميعًا صرعى.

أخذت المرأةُ المذعورةُ تبكي وتحثُّهُ على الخروجِ من هذا الجحيم، يعودُ للعربةِ التي اختبأوا تحتَها، أخذَ يُقلِّبُ على الأرضِ ما تبقى من بضاعتها التالفةِ، ثم يضعُ عليها خُرج المرأة وصغيرتَها ويجرُّها.

يجدانِ في السير إلى خارجَ البلدة.
يسألها:

إلى أينَ تذهبينَ؟

إلى الجانب الآخر من النهر.
تملكتهُ دهشةٌ من إجابتها، ولكنهُ قال:

وأينَ زوجك؟ لِمَ لمْ يُعفِكِ مشقةَ هذا الأمر؟

زوجي ماتَ في قصفٍ مثل هذا.

أخذَ يلهثُ تحتَ وطأةِ حِملِه الذي يجرُّهُ، ويقول:

إذن سأودعُكِ عند بدايةِ الجسر، تعبرين أنتِ وابنتكِ.
قالت:

هل تنتهي مروءتُكَ عند الجسر؟

بل تنتهي حياتي إذا عبرتُ الجسر!

توقفت وقد أدهشتها إجابته:

ماذا يعني ما قلتَ؟!

يعني ما سمعتِ، أنا هاربٌ من حتفي من حيثُ أتيتِ أنتِ.

مجرمٌ إذن، أنتَ هاربٌ من العدالة؟!
يقف للحظةٍ يرمقها في غضب:

عن أيِّ عدالةٍ تتحدثين؟! لستُ بمجرمٍ، جريمتي هي… هي… لكن لا طائلَ ولا وقتَ للخوضِ في هذا، هلمي، كادَ النهارُ أن ينتهي، خطواتٌ قليلةٌ ونبلغُ النهرَ وتُفارقي هذا المجرمَ الخطيرَ.
قالت معتذرةً:

لا أقصدُ هذا، لولا شهامتُك، يعلمُ الله، لكنتُ وابنتي صريعتينِ الآن، سامحني.

لا عليكِ، ها قد بلغنا النهر، ولكن… ولكن! ما هذا!

الجسر… لقد قُصِفَتْ الطائراتُ الجسر.
لطمت المرأةُ وجهها وافترشت الأرضَ تندبُ حظها ومصيرها المجهول، وضياعَ قوتَ عيالِها الذي حملَها على أن تعبرَ النهرَ، وأنَّ بلدتهم فقيرةٌ قد دُمِّرت مواردُها تحتَ قصفِ العدو المتصل.

يضعُ الرجلُ كلتا يديه فوقَ رأسه ويدورُ حولَ نفسهِ يُفكِّر ماذا عساهُ أن يفعل، فكر مليًّا، ثم قطعَ نحيبَ المرأةِ قائلًا:

هوني عليكِ، سأعبرُ بكِ النهرَ وليكن ما يكون.
نظرت في دهشةٍ: كيف؟!

سنسير بمحاذاةِ النهرِ إلى أن نصلَ البلدة المجاورة، ثم نعبرُ جسرها.. أظنهم لن يقصفوها.

وحياتك! ألا تخشى عليها؟

إن جريمتي قد اقترفها كلُّ الرافضين هناك، إذن فليجرِ عليَّ ما يجري عليهم، هلمي بنا.

_دخل الليل، ضعي شالكِ على الطفلة، فطريقنا طويلٌ.

أأسيرُ معك في هذا الليل وحدي؟
قال دون أن يلتفتَ إليها:

اطمئني، لا يقدرُ الشيطانُ أن يُشارِكَنا أو يتحملَ أن يخوضَ معنا هذا الطريق.

وضعت يدها في خُرجها وناولته رغيفَ خبزٍ، فتناولهُ وهو يقول:

لستُ جائعًا.
كان قد أكله بالفعل.

راحَ يجرُّ العربة وفوقها الطفلة، والمرأةُ تتبعه منهكةً تسأله:

أنتَ في مقتبلِ شبابك، لمَ هانت عليك حياتك؟!

لو أنَّ لي امرأةً مثلكِ أو طفلةً جميلةً كطفلتِكِ، لربما جبنتُ وحرصتُ على حياتي.
تستطردُ محاولةً أن تُغيِّرَ مجرى الحديث:

وفيمَ كانَ ينهركَ صاحبُ الحانوتِ الفظُّ هناك؟ أكنتَ تسألهُ شيئًا؟!
قالَ وهو يجدُّ السير:

نعم، كنتُ أسألهُ عملًا أقتاتُ منه في تشريدي هناك.

طال سيرهما طويلًا وروَّعهما الليل وأرهقهما السفر، ولمَّا وصلا، وعلى ضوء القمر، وجدا جدارًا عاليًا من السلك الشائك، عليه لافتةٌ اجتهد حتى قرأها في الظلام:
“لا تتعدوا حدودكم.. خطر، حقل ألغام.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

قراءة في نصوص أدبية : الناقد الأديب زين المعبدي
و الكاتبة الأديبة مريم الراشدي

---

القراءة

الحذف والإضمار والتكثيف والتخليص والإنتقاء الغني كلها سمات مميزة لصياغة الأحداث.
فهي تقوم على اختيار المفردة التي تناسب الحدث لإقامة صراع وإدخال تقانة التشويق والإثارة لدى المتلقي وكذا إدخال أفكار محورية وفرعية تحاول الكاتبة إيصالها عن طريق اختزال الأحداث غير الضرورية بطريقة الحذف والإضمار والاستباق.. وبما أن هذه السمات هي السائدة في النص، توالت كلها كطلقات بندقية سريعة مما سرع الإيقاع ( بحكم شاعرية النص) وكذا سرَّع الزمن.

فالعنوان {غربة} مفرد نكرة يفيد العموم والشمول وقد تكون غربة الروح وقد تكون غربة الجسد كما أنه يوحي بالأرق والألم والمعاناة ورغم أن العنوان مطروق قبل ذلك إلا أنه جاء كصهباء صُبت في كأس عتيق فانسال منها عبق الحداثة وإليكم النص:

---

غربة

لطالما كانت الوارفة الزكية.. سارت رويدا.. رويدا نحو الوهن. عانت.. تقلصت الأوردة ورمدت العيون. دنِفت شمسُها.. وريقات فجذعا ثم جذورا.. رُحِّلت قسرا لغير مَقطَن بدعوى المداواة. هناك، أصيبت باللفحة المتأخرة. على شاهدها كُتِب : هنا ترقد ملكة الليل.

مريم الراشدي
المملكة المغربية

---

القراءة

لطالما تستهويني النصوص المكثفة والتي تحمل فكرة تمس المجتمع والإنسانية جمعاء والتي تسعى إلى زرع قيمة أخلاقية وإعطاء عبرة وعظة كتوجيه للمتلقي..

فالنص كما نرى يحمل العديد من الأفكار التي تناقش قضايا مجتمعية ونفسية أنثروبولوجية تصاول النوستولوجيا كلها متشابكة ومتشابهة إلى حد ما فمثلاً نجد الكاتبة (بوعي أو بدون وعي).. أرادت أن تعمق قيم أخلاقية إنسانية بطريقة الأوركسترا أو الأوبرا كاستهلال يسبق الحبكة ويشعل الصراع فصلة الرحم والتفاني من أجل إسعاد الآخرين هي الفكرة المحورية التي آلت بتطور الأحداث إلى الاعتزاز بالنفس بل والتتويج بتاج الملكة لتروي الكاتبة:
ـ {الوارفة الزكية} إشارة إلى الشجرة التي ترمز بحد ذاتها إلى الأم أو الأخت أو الحبيبة.. والاستغراق في الأفعال جعلني أستشعر أن البطلة هي الأخت… نجدها الشجرة ذات الرائحة الزكية التي تحن على الآخرين من الإخوة ذكوراً وإناثاً… فهي هنا تتحدث عن تجربة ذاتية تعالج قضايا اجتماعية فنراها تلوح إلى صلة الرحم ووصلها. وإن وصل ذلك إلى طلب استشفاق القارئ حيث تستدرجه الكاتبة، بالإيماء لا بالتصريح، أن يشاركها التجربة التي قد تمسه هو شخصياً ليصبح ذلك القلم الجريء يومئ ولا يفصح فيضرب مثالا على نفسه ليقتنع القارئ بصدق التجربة.

{رويداً.. رويداً}
وبحرفية الكاتبة تثبت صدق تجربتها،
تضع النقاط بين /رويداً/ رويداً/ لينسجم مع الموقف وكأن عمرها يسير على خطى متأنية، ثم تشوق فتجعل الحركة بطيئة تنسجم مع الجو النفسي وخاصة مرور الأيام المحتسبة من العمر وإن لم تكن شيخوخة الأيام والسن تغمرها فهناك شيخوخة المسؤلية والهم في إسعاد الآخرين على حساب النفس ؛ ومن هنا تتجلى قضية أخرى (نفسية) وفكرة أخرى لتزيد من رصيد الكاتبة كأداة إيحائية
لتبدأ برسم صورة مفارقة أخرى بين الحياة والموت وبتقانة أخرى وهي { التكثيف} لتنتقل بالوصف والمشهد من المعاناة وتبعياتها إلى الوصف التجسيدي: تقلصت/ رمدت/ دنفت/ كلها أفعال تجسيدية
ثم تأتي ثلاثية أخرى مقابلة وهي: الوريد /والعين/ الشمس/ كرمز للنفس كلية أو الحياة برمتها.. ثم ترتيب آخر رأسي كإسقاط على العمر “وريقات/جذع/ جذور” من أعلى إلى أسفل بشكل عمودي وهي بداية الحياة التي كانت جميلة ولكن قليلة.. وما أثبت ذلك هو تصغير الورقة الخضراء التي ترمز للبهجة وريعان الصبا..
ـ إلى وريقة حيث الطفولة

ثم الجذع/ الذي يرمز إلى الشباب
تلتها الجذور التي جاءت جمعاً لتدل على الأصول النخيلية المتشعبة
لتتجلى لنا {مفارقة} و{مبالغة} معاً بين الصورتين الوروف الزاكي
/والوريقات/ والجذع /والجذور/ كانتماء للمنبت الأول وهو الأرض فما بين الوريقة والجذور هو عمر الإنسان الذي ينتهى إلى جذور مغروسة في تراب الأرض وهذا الدأب استخدمه عظماء الأدب مثل،
نجيب محفوظ /مصر
محمد علي شمس الدين/ لبنان
العتيبي/ الكويت…..
ثم نأتي لترك النقاط قبل مفردة ..وريقات
فهناك كلام قد قيل.. ولكن حذفه يدل على إيجاز في اللفظ وتكثيف في المعنى مع رقة هارمونية موسيقية ورفرفة خيالية تدل على خبرة الكاتبة في اللغة الدمثة وكذا تمكنها من الفن القصصي الذي جاء بشاعرية فلا نبو في البناء ولا اعتساف في الجمل لأنها تسيطر على أدواتها حيث خيالها دائما منساب ومتجدد ومحافظ على الموروث وتوظيف الموروث في جوانب مضيئة في النص (شاهد القبر).
وعلى الرغم أن النص سردي نثري قصصي لكنه شاعري لوجود البلاغة والوسائل البيانية دون تكلف في المحسنات البديعية {واللغة} لا تقعير فيها مثل ما نرى في بعض القصص والنظامين الذين لا علم لهم إلا في بطون المعاجم فهم لا يدركون أن اللغة تتطور شأنها شأن الكائن الحي.
نُرحَّلْ// قسراً // إلى أماكن لم نكن على استعدادٍ للإقامة فيها (كالقبر) مثلاً، لقد جاء فعل (نُرحَّل) فعلا ً اصطناعياً مُدعياً ليدل على الجبر وكذلك عجز إرادتنا عن رد فعل الترحيل بدعوى أن هذه سُنة الحياة.
كذلك لمعت {الضمائر} وتحولها من ضمير الغائب المفرد إلى الضمير الجمعيي ( نُرحَّل) لتُشركنا الكاتبة معها في الحدث لنعيش ونتخيل التجربة أو كعقد مصادقة بين الكاتبة والقارئ..
ثم تنتقل الكاتبة إلى الجانب الصوفي {بالإيحاء} لا بالتصريح لتستبشر خيراً.. فهي مطمئة الضمير حتى وإن رُحِّلَتْ سيكتب على شاهدها ملكة كافتخار بما صنعت.
والليل الذي يوحي سيميولوجيًا بالقلق والتفكير المؤلم أحياناً والعمر الذي مضى في محاولة رؤية البهجة على وجوه الآخرين..
وبدلاً من استخدام تقانة الفلاش باك أدارت الكاتبة عجلة الزمن وسرَّعتها لحلق تقانة {استباق} الأحداث وكأنها تكتب وصية وما يدل على ذلك ايضاً استخدام الأفعال الماضيه بكثرة والتي توثق الحدث وتقنع المتلقي بأن الأمر قد بات واقعياً وإنتهى ومن هذه الأفعال:

كانت/ سارت/ عانت/ تقلصت/ رمدت/دنفت/ رُحّلت/ أصيبت….. كلها أفعال تصور مدى تضحية الأنثى.. لتأتي جملة / أصيبت باللفحة المتأخرة/ فتكون الصدمة والدهشة وضحد الزمن كما كان يفعل بورخيس وهو أول من كتب “المقال القصة” حيث يقول:
“”الزمن هو المادة التي أنا مصنوع منها، والزمن هو النهر الذي يجرفني ولكني أنا النهر.
هو نمر يفتك بي، ولكني أنا النمر.
وهو نار تحرقني لكني أنا النار.
والعالم لسوء الحظ واقعي
وأنا لسوء الحظ بورخيس””
المكان ظل مختبئا يلوح فيه اسم الإشارة /هناك/ الذي أظهر صوت القاص ليوثق الأحداث ويصف المشهد ويتمم الحبكة ويصل بالمشهد للذروة ثم بعدها القفلة والنهاية المفتوحة بيد أن الشاهد بداية حياة..

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

الفنون التشكيلية

الفنانة أمل عزت

شخصية العدد تقدمها الدكتورة منى علي رجب

السيرة الذاتية للفنانة أمل عزت:

فنانة تشكيلية وأستاذ مساعد في الفنون الجميلة في الكلية العلمية للتصميم بسلطنة عمان ، حاصلة على دكتوراة في الفنون الجميلة تخصص تصوير جداري من جامعة الإسكندرية. حاصلة علي الإقامة الذهبية للفنانين من دولة الامارات ، وتعرض أعمالها في معارض دولية كما أنها أقامت معارض خاصة في سلطنة عمان.و قامت بالتعاون مع بعض السفارات والمؤسسات في سلطنة عمان وخارجها في عدة مشاريع تطوعية.

أهم أعمال الفنانة أمل عزت :

اسم العمل : أنا حرة

الخامة: خامات متعددة علي توال
الخلفية الفكرية للعمل: هي لوحة تجسد روح الحرية والتحرر من القيود. باستخدام الخطوط الديناميكية والألوان المفعمة بالحياة مثل الأزرق والأخضر، يعبر العمل عن التحرك والتغيير. الألوان الداكنة والمشرقة تدمج معاً لتعكس تعقيدات المشاعر البشرية، وصراع التحرر.
في “أنا حرة”، هناك انسجام بين العواطف المختلفة والحرية المكتسبة. العمل يظهر التوق إلى الخروج من الظلام إلى النور، حيث يعبر هذا التحول عن رحلة شخصية نحو الحرية.

اسم العمل:”ارض السلام”

الخامة: اكريلك علي توال
الخلفية الفكرية للعمل: تعبر عن الحماية والسلام للعالم من الدمار. الرمز القديم لعين حورس، المعروف في الحضارة المصرية القديمة بقدرته على الحماية والصحة والقوة، يتم إحياؤه في هذه اللوحة كرمز للتجديد والأمان العالمي. الألوان الهادئة والمتناسقة مع الأشكال الهندسية المنظمة تعكس التوازن والتناغم، وتشير إلى الأمل في مستقبل آمن ومزدهر.
العين المركزية تراقب العالم بحذر وسلام، تحميه من الفوضى والدمار. الخطوط الدائرية المتداخلة تمثل الهالات الحامية التي تنبعث من العين، وتغمر العالم بطاقة إيجابية. الخلفية تخلق تناقضًا بصريًا يجذب العين ويبرز أهمية الحماية والرعاية المستمرة.

اسم العمل:”حارسة الكون”

الخامة: اكريلك علي توال
الخلفية الفكرية للعمل: عمل فني يعكس رمزية الإلهة المصرية القديمة “باسيت”، إلهة المنزل والراحة والمرأة. اللوحة تصور شكل قطة باللون الأحمر جالسة أمام هرم، محاطة بعناصر تجريدية وأنماط حلزونية وألوان زاهية. الخلفية الداكنة تتخللها رموز هيروغليفية بالأزرق والأبيض، مما يضيف لمسة غامضة وسحرية للعمل.

الألوان الحمراء والزرقاء المندمجة تضفي عمقًا وتخلق تباينًا يجذب العين ويبرز المعاني الرمزية للحماية والسلام التي ترتبط بباسيت. من خلال هذه اللوحة، ينقل الفنان رسالة قوية عن الحاجة إلى الحماية والسلام في مواجهة الفوضى والدمار.

الهرم، كرمز للاستقرار والقوة، يضيف بُعدًا إضافيًا للوحة، مما يعزز من أهمية الحماية والرعاية المستمرة. العين المتنبهة للقطة تعكس اليقظة والحذر، مما يوحي بالحماية والعناية المستمرة بالعالم.

اسم العمل:”عين حورس”

الخامة: اكريلك علي توال
الخلفية الفكرية للعمل:عمل فني يعكس روح الحضارة المصرية القديمة بتجسيده لرمز العين الذي يمثل الحماية، الصحة، والقوة. الألوان الجذابة مثل الأزرق، الأسود، والذهبي تُضفي على العمل عمقًا وسحرًا خاصًا، مدمجةً بين الأشكال الهندسية والأنماط الحلزونية التي تُعيد إلى الأذهان تأثير الحضارة الفرعونية.

استخدام اللون الأزرق يُضفي إحساسًا بالهدوء والسلام، بينما الذهبي يرمز إلى الثروة والتألق. الأنماط الدوامية تعكس الطبيعة الدائمة للحياة، والحركة، والتغيير. يدمج هذا العمل بين الرموز القديمة والمعاني الحديثة، مما يعزز من قوته البصرية.

اللوحة تُظهر العين في المركز مع وجود كائن كروي، رمزًا للعالمية والتواصل بين الثقافات المختلفة. النقوش الصغيرة والهيروغليفية تضيف لمسة من الغموض والسحر التاريخي.

اسم العمل:”دموع صامتة”

الخامة: اكريلك علي توال
الخلفية الفكرية للعمل: هو عمل فني يعبر عن المشاعر الداخلية العميقة التي غالباً ما تبقى غير مرئية للعالم الخارجي. يظهر في اللوحة شخص ذو شعر طويل داكن، يميل رأسه للخلف وعيناه مغمضتان، مما يعكس حالة من الحزن والتأمل الداخلي. الخلفية المجردة بألوانها المتداخلة من الأزرق والأحمر والأسود، مع لمسات من الأصفر والأبيض، تعزز من الشعور بالحركة والتوتر العاطفي.

اللوحة تنقل رسالة عن الألم والعزلة التي قد يشعر بها الفرد في صمت، حتى في وسط الزحام والضجيج. العواطف المكبوتة والصرخات الصامتة تظهر من خلال الألوان الديناميكية والأنماط الدوامية في الخلفية.

حيث تعبر عن الجروح الداخلية التي يمكن أن تؤلم الروح وتجعل الفرد يشعر بأنه مقيد ومهمل. العمل يدعو المشاهدين للتأمل في التجارب العاطفية الصامتة التي قد يمر بها الأشخاص من حولهم، ويشجع على التفهم والتعاطف مع الألم الخفي.

اسم العمل:”قيود الروح”

الخامة: اكريلك علي توال
الخلفية الفكرية للعمل: هو عمل فني يتناول شخصية الإله المصري القديم أنوبيس، إله الموتى والتحنيط. اللوحة تستخدم ألواناً داكنة ومكثفة، خصوصاً الأحمر والأسود، لتخلق جوًا دراماتيكيًا ومؤثرًا يعكس مواضيع الحياة والموت والتحول. الأشكال المجردة والسلاسل المكسورة تضيف إلى الشعور بالقوة والحرية المكتسبة بصعوبة.

الصورة المركزية لأنوبيس، برأسه الذي يشبه ابن آوى، تركز على القوة والحماية التي يمثلها هذا الإله في الثقافة المصرية القديمة. السلاسل المكسورة ترمز إلى التحرر من القيود والمخاوف، مما يضيف عمقًا إلى رسالة اللوحة.

النقوش الهيروغليفية والخلفية الغامضة تضفي لمسة من الغموض والسحر التاريخي، مما يجعل اللوحة تمثل حماية وسلام للعالم في مواجهة الدمار. الألوان الداكنة والمتناسقة تعزز من الشعور بالحماية والقوة الداخلية.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

الأخبار الثقافية

الندوة (التاسعة) لمنتدى الهاشمي الثقافي
(أمسية شعرية مع عفاف ونادية) في قاعة (بيت الشعر بالجيزة)

مشاركة وإعداد: الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي:

في تمام الساعة (السابعة) من مساء يوم الخميس – 14/ ربيع الثاني (4)/ 1446ﻫ، الموافق: 17/ أكتوبر (10)/ 2024م، وبرعاية كريمة من (بيت الشعر بالجيزة)، وبالتعاون مع (مؤسسة يسطرون الثقافية)، وكلاهما برئاسة الشاعر والكاتب/ عماد سالم، أقام منتدى الهاشمي الثقافي، برئاسة الأديب الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي، ندوته الثقافية (التاسعة)، بعنوان (أمسية شعرية مع عفاف ونادية)، وذلك على شرف الأديبتين المصريتين الكبيرتين: شاعرة العامية/ عفاف التركي، وشاعر الفصحى/ نادية ذكي، واللتَين كانتا أيقونتَي هذه الأمسية الماتعة.
أدار الندوة: الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي، رئيس المنتدى.
بُدِئت الندوةُ المباركة بالسلامِ الوطني المصري، حيث حضرها ثلاثُ جنسيات من (مصر، والسودان، واليمن).
تَلَتْ ذلك كلمةٌ لراعي هذه الندوة الشاعر والأديب الكبير الكاتب/ عماد سالم، رئيس مجلس إدارة بيت الشعر بالجيزة، ومؤسسة يسطرون للطباعة والنشر والتوزيع، رحب فيها بالحاضرين جميعًا، وتحدث عن الشعر عمومًا وضرورة وجوده في حياتنا.
ثم كلمة لأمين عام بيت الشعر بالجيزة، الشاعر والفنان التشكيلي/ زياد إسماعيل، تطرق فيها إلى أن التجديد للشعراء في الشعر شيء مهم، على أن يبتعدوا عن الغث من هذا التجديد.
ثم خلال كلمة منظم الندوة الشاعر/ عبد العزيز الهاشمي، تنبه إلى أن القصيدة التي كتبها في الترحيب بالضيوف، لم يحضرها معه، وهي في الأبيات الآتية:
رَبَّاتُ الأبيات

في (بيتِنا) أَحْيا حَيَاتِيَهْ
أَهْلِي هُنا أو مَن بِبَادِيَةْ

أُمِّي، أَبِي، أُخْتِيْ، أَخِيْ، نَجْلِيْ مَعًا
جَدَّايَ، أو عَمِّيْ، وخالِيَهْ

في (البيت) نُسْقَى أُوكْسِجِينَ الشِّعْرِ، أو
نُغْذَى سُمُوَّ الحرفِ عاليَهْ

أَنَّى لَنا ألاَّ نعيشَ لِشِعْرِنا
والرَّبُّ في الأعماقِ (سارِيَةْ)؟!

يا كُل رَبَّاتِ البُيُوتِ، بِبَيْتِنا
رَبَّاتُ أبياتٍ سواسِيَةْ

---

تَبْقَى (العفافُ) الطُّهْرُ شِعْرًا بَيْنَنا
تُسْبِيْ حِجا ذي القلبِ باكيَةْ

إنْ أَدْبَرَتْ ناسٌ إلى أَنْثَارِها
فَلَها يَجِيْءُ الشِّعْرُ قافِيَةْ

---

تَعْلُو بهذا الشِّعْرِ نحو عُلُوِّها
تُعْلِي به، باتَتْ بِعالِيَةْ

فَلْتَدْعُ كُلُّ ثقافةٍ أربابَها
والشِّعْرُ ذا فَلْيَدْعُ (نادِيَةْ)
ثم بعد ذلك قرأ مقدمُ الندوة سيرةَ كل من الضيفتَين الكريمتَين/ عفاف ونادية.
وبعده أجرى حوارًا مقتضبًا مع كل منهما، عن مسيرتهما الشعرية.
ثم بعد ذلك بدأت الندوة في عمق موضوعها وعنوانها، وهو الأمسية الشعرية الماتعة بين الشاعرتين المصريتين الكبيرتين/ عفاف (عن العامية)، ونادية (عن الفصحى)، فسجلت كل منهما من الإمتاع والشدو بأجمل الكلمات كما لم تسجلان من قبل .. بالشعر الفصيح تارة، وبالشعر العامي تارة أخرى.
وتخلل ذلك إيقاع طربي من أجمل فنون الفن اليمني مع الفنان الجميل/ أحمد الخراشي.
وجاءت المشاركات الشعرية كأجمل ما سمعت الآذان، من ضمنها قراءات شعرية للشاعر الكبير/ زياد إسماعيل، رئيس (صالون زيدو)، وأمين عام بيت الشعر بالجيزة، وكذلك مشاركات من عدد من الشعراء أبرزهم: الشاعر والكاتب الكبير/ عماد سالم، بقصيدة من أجمل ما كتب، والشاعر اليمني/ محمد السقاف، الذي أنشدنا من شعره وكأنه يعزفها بشجنه الشجي، وكذلك من الشاعر/ حمادة البكري، والشاعر/ إبراهيم شعير، بقصيدتين جميلتين، ومن الشاعر/ محمد شعبان بمقام تيكتوكية، ومن الدكتورة/ أمل مصطفى، بقراءات من شعر الشاعر المصري الكبير/ عبد العزيز جويدة.
ثم تلا ذلك كلَّه تكريمٌ متواضع من (منتدى الهاشمي الثقافي) بشهادتَي تكريم، ومن المنتدى مع (بيت الشعر بالجيزة) بميداليتَين باللون الذهبي لكل من:

• شاعرة الفصحى/ نادية ذكي.
• وشاعرة العامية/ عفاف التركي.
  ألبسهما إياهما الشاعر والكاتب الكبير/ زياد إسماعيل.
  حضر الأمسيةَ إضافة إلى من سبقوا كوكبةٌ من شعراء وأدباء من كل من مصر، والسودان، واليمن، فقد كان لنا الشرف في أن حضر كل من الأستاذ العزيز/ أحمد مفضل المهدي، والكاتب المسرحي الكبير/ منير طلال، والأخوين/ يونس الشرفي، ويحيى الشرفي، والمهندسة/ نجوى هيبة، وغيرهم ممن لم يتم تسجل أسمائهم في الكشف.
  وقبل الابتداء وفي الأثناء وبعد الانتهاء .. التُقِطَت الصور التذكارية لجميع الحضور والأصدقاء.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

ندوة ملتقى بيت العيلة للثقافة والفن
(ظاهرة التنمر في مجتمعنا – المشكلة والحل)
بقاعة (رابطة خريجي معاهد وكليات التربية) بالتحرير

مشاركة وإعداد: الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي:

في تمام الساعة (السادسة) من مساء يوم الأربعاء – 20/ ربيع الثاني (4)/ 1446ﻫ، الموافق: 23/ أكتوبر (10)/ 2024م، وفي قاعة (رابطة خريجي معاهد وكليات التربية) بميدان التحرير، أقام ملتقى بيت العيلة للثقافة والفن، برئاسة المؤسس المستشار/ شريف الجندي، ندوته الاجتماعية، بعنوان (ظاهرة التنمر في مجتمعنا – المشكلة والحل).
أدار الندوة: معالي المستشار/ شريف الجندي، رئيس الملتقى.
بُدِئتْ الندوةُ بكلمة ترحيبية ألقاها معالي المستشار/ شريف الجندي مرحبًا فيها بالسادة ضيوف المنصة الصغيرة وحضور المنصة الكبيرة، سائلاً الله عز وجل أن تكون الندوة مثمرة.
ثم بدأت الندوة بكلمة للأستاذة الدكتورة/ أمل مصطفى، بورقة قدمتها خلال الندوة تحمل في طياتها تعريفًا عامًّا، ومعلومات عامة عن التنمر، ثم تطرقت إلى أصنافه ودوافعه وما هي السبل الكفيلة للتخلص منه ومعالجته.
كما تحدث في الندوة الأستاذ الدكتور/ فؤاد حلمي: رئيس (رابطة خريجي معاهد وكليات التربية) مشيرًا إلى أن ظاهرة التنمر ظاهرة خطيرة على المجتمع ودخيله عليه.
وتحدث أيضًا الأستاذ الدكتور/ عصام عمر، عن ظاهرة التنمر بشكل عام، وفصل بعض التفاصيل المهمة فيما يخص التنمر على ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس المدمجة مع الطلبة الأسوياء.
وجاءت كلمة المهندس/ طارق حنفي: نائب رئيس (ملتقى بيت العيلة للثقافة والفن)، وهو روائي وكاتب وعضو اتحاد كتاب مصر، ليعقب على بعض ما ورد في اللقاء عن ظاهرة التنمر وعن موضوع التنمر المدرسي.
ثم توالت وتناوبت الكلمات لجميع السادة الضيوف، عن ظاهرة التنمر ومشكلاته والحلول المقترحة للجهات المعنية.
كما كان الباب مواربًا لجميع المداخلات حول ذات الموضوع، متطرقين إلى ظاهرة التنمر المدرسي الذي شاع في الآونة الأخيرة، وما هي الحلول الكفيلة بدرء التنمر عن التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة من موضوع التعليم المدمج في مدارس متحدة.
وبالنسبة للصحفي/ معتز محمد، فقد كانت مشاركته من رؤية صحفية، الأمر الذي جعلنا نتبادل أطراف الحديث الصحفي بعد الندوة.
كما أنه كانت هناك مشاركات شعرية جميلة، كان من ضمنها حسب الذاكرة: المشاركة الشعرية التي قدمها الشاعر الكبير/ سعيد صابر.
طَعَّمَت هذه الندوةَ الفنانةُ الجميلة/ هناء سعد بشيء من الطرب الجميل أضاف نوعًا من البهجة.
حضر الأمسيةَ كوكبةٌ من شعراء وأدباء ومفكرين وتربويين كبار من كل من مصر، ولبنان، واليمن.
وفي كواليس الندوة كان قد أمتعنا تاريخيًّا المؤرخ المعروف/ أحمد محمد جلبي ببعض الوقفات والمحطات المهمة في التاريخ المصري والعربي عمومًا.
وكذلك معالي الأستاذ الفاضل/ حسن رجائي: مدير عام ب‏وزارة التربية والتعليم‏‏، و‏‏عضو مجلس ادارة ومدير البورد الأمريكي بجمهورية مصر العربية، لم يبخل علينا بطرح بعض الرؤى حول التوسع اللغوي والمعرفي من خلال بعض الآراء التي طرحها كوجهات نظر تستحق التنفيذ.
وقبل الابتداء وفي الأثناء وبعد الانتهاء .. التُقِطَت الصور التذكارية لجميع الحضور والأصدقاء.

أدب الطفل

قدوةٌ ( قصة للأطفال من 10إلى 12سنة)
بقلم/ عاشور زكي وهبة

---

مرحبًا بكم أصدقائي الجدد..
اسمي (كمالٌ) طفلٌ في العاشرة من العمر.
كنتُ قبل مجيئي إلى قريتكم الهادئة ومدرستكم الابتدائية الوادعة أعيشُ مع أبوينِ كريمينِ في المدينة.
كان أبي يعمل مهندسًا في مجلسها البلدي. وكانت أمّي طبيبةً في مستشفاها الحكومي.
بما أنّني كنتُ وحيدَ والدَىَّ؛ كان أبي يوصلني بصحبة أمي إلى مدرستي بسيارته قبل أن ينطلقَ بهاَ إلى المستشفى، ثمّ يسرعُ إلى عمله في مجلس المدينة.
في أحد الأيام استدعاني مديرُ المدرسة، لأجدَ جدّي ينتظرُني في المكتب، والدمعُ ينهمرُ من عينيه، يخبرني الخبرَ المفجعَ: لقد لقى أبي وأمي مصرعَهما في حادث السيّارةِ.
وهكذا أصبحتُ بلا أبٍ ولا أمٍّ!
وكان علَىَّ أن أنتقلَ من مدينتي ومدرستي اللتين عايشتُهما سنين واعتدتُ على أصدقاءَ ومعلمينَ يبادلونني الحبَّ والتقديرَ إلى قريتكم، في بيت جدّي وجدّتي الطيبين،ِ وإلى مدرستكم الريفية.
لن أكذبَ عليكم، لقد أخذت فترة طويلة كي أعتاد على التغيير المفاجئ في كلّ شئٍ.
كانت معاملة جدِّي وجدَّتي لي في منتهى الحنانِ والرأفةِ. لكنني لم أنسَ أبدًا عطفَ أبي ولا وداعةَ أمّي.
يصحبني جدّي معه إلى المسجد كلّ صلاة لنصلي الصلواتِ الخمسَ في جماعةٍ.
شيئًا فشيئًا تعوَّدتُ على حياتي الجديدة في بيت جدّي، وفي مدرستكم. وأحببتكم وأحببتموني زملاءَ ومعلّمينَ.
أحضر لي جدّي شيخًا جليلًا يُحَفّظني القرآنَ. وبدأ بجزء (عمّ) حتى وصلتُ إلى سورة ( الضحى).
أخذ الشيخُ يتلو الآياتِ وأكررُها خلفَه:” والضحى والليل إذا سجى* ما ودّعكَ ربّك وما قلى” حتى وصل إلى ” ألم يجدك يتيمًا فأوى* ووجدك ضالًّا فهدى… “.
سألت جدّي: مَن هذا اليتيمُ؟
أجابني جدّي: هو مُحمَّدٌ بن عبد الله النبيُ العربيُّ الكريمُ، عليه أفضل الصلاة والسلام.
ثُمَّ حكى لي قصَّتَه حتّى أحببتُ سيرتَه.
عدنا إلى المنزل. وفتحتُ المصحفَ،أتلو الآياتِ في خشوعٍ حتى غفوتُ قليلًا.
جاءني حبيبي مُحمَّدٌ في المنام بوجهٍ مشرقٍ وثوبٍ أبيضَ يقول لي:
_ لا تحزن يا كمالُ؛ لأنك يتيمُ الأبوين.
لقد كنتُ في مثل حالتك؛ وربما أسوأ.
ماتَ أبي قبل مولدي وتوفيتْ أمِّي وأنا في السادسة من عمري. أنت تجيدُ القراءةَ والكتابةَ. وأنا كنتُ أميًّا لا أقرأُ ولا أكتبُ. ومع ذلك أخرجتُ العرب من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة الواحد الدّيّان. أقمتُ لهم دولةً مترامية الأطراف بعد أن كانوا قبائل في جهالة واختلاف.
فكنْ يا بني قبسَ نورٍ للناس. اجتهد في دراستك لتخدمَ نفسكَ،وتنفعَ وطنك، ويرتفع شأن أمتك، وتكنْ بالفعل خيرَ أمّةٍ أخرجتْ للناسِ.
صحوتُ على يدِ جدّي الحنونة يوقظني لصلاة العصر. قمتُ وتوضأتُ لينطلقَ وجهي بالبشر، وصوتُ المؤذن في المسجد المجاور يرتفعُ:
_ أشهدُ أن لا إله إلا الله.. أشهدُ أنّ محمدًا رسولُ الله.

الأدب و النثر

آخر الصور …. بقلم منى عز الدين

تجوس خلال الأرواح أصابع الزمن
تقلب صفحات الصور
يترامى على الجانبين حقل أخضر
يطوي النبضة البكر ليهنأ بال الترحال
و تتعانق أيادي الطفولة في الحال
.
.
تلهو بين أمواج السنابل
تختبئ من عين الشمس
فتشرب ضوءها حتى الثمالة
لم تعلم أنها تتزين للمنجل
.
.
ذلك الحقل المترامي في العيون
قشَّب المكر نضرته
شخبت دما أقدام عارية اطمأنت لمرجه
قطرة
قطرة
حتى الشحوب
حتى التطهر الكامل من درن الألوان
حتى التحرر من الخطوة والأقدام
بجناح أبيض أبيض
حلقت ..
ابتعدت ..
.
.
لبرهة على زرقة حطت ..
ثم ذلك الزبد الحائر عافت
لم يعد يغريها قيد الشاطئ
غاصت
غاصت أكثر
حتى انقطاع النفس
حتى عادت الصورة من الشبكية الخادعة
لتتبادل الأرض والسماء
وتتعانق النوارس..
تستحيل غيمةً ساطعة
تكتنز ماءها المتفلّت من أسر ملوحة الأرض

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

عيدُ أيله حفيدتي …. بقلم سلمى الاسعد

تفتح الوردةُ عينيها وتسألْ:من تراها نافستني في الدلالْ؟وتملكت هذا الجمالْ؟ من تراها تعشق الأطيارُ لفتتَها. من تراها ترقبُ الأنسامُ بسمتَها وتغنّي في حبِّها الأشعارْ؟
من ترى تملكُ طيبتَها ورقَّتَها وبسمتَها ؟

من يسرقُ البحرُ زرقةَ عينيها؟
والشمسُ تسرقُ نورَها من شعرِها الذهبيّ؟

إنَّ في الحسنِ لسحراً يخطف الأبصار . إنَّ في الحسنِ لنوراً يغلبُ الأنوارْ. إنها أيله وأيله.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

خاطرة (فراشات هاربة ) بقلم محمود فهمي

هنا في جوف الليل..
تبدو لي نجماتٌ ساهرة
توشوش سحابات هاربة
من صيفٍ عنيد
كاد لا يغادر أيامنا الضائعات ونحن نبحث عن نسمات تعيد الروح فينا
لقد مللنا كل شيء، وهجر الشعر عن استحياء باحات الحرف..
وفرَّت الفراشات بلا طنين ولم تعاود المجيء
وأصبح كلانا أجوف
بالونات اختبار نحن
نتلاشى في مهب رياح عاتية
ونصبح لا شيء ،
لا شيء..

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

ملكَ الموتِ، ما عادتْ تَخشاكَ الرَّعيةُ… بقلم بقلمي: جورج مسعود عازار -ستوكهولم – السويد

نيرانٌ تسبحُ في اليَمِّ

وحيتانٌ تلتهمُ نَجمةَ الصُّبحِ

والبلابِلُ على قارِعةِ الطَّريقِ

تتسوَّلُ…

حُلكةُ الدُّخانِ

تغتالُ ابنةَ الشَّمسِ

وحافيةُ القدمينِ

بين مفارقِ النِّهاياتِ

تُلَملِمُ أشلاءَ الصَّمتِ

كُلُّ الضمائرِ أصابَها الصَّمَمُ

والحقُّ صارَ أبكمَ

وعيونُ الضَّوءِ مَسمولَةٌ

ترانيمُ الصِّغارِ

فوقَ أجسادِ الغَيمِ

صخبٌ وضجيجٌ

وفي مَهبِّ الرِّيحِ إعصارٌ

طَعناتُ الحِرابِ

ما عادتْ تُؤلِمُني

لا تبحثوا بعد اليومِ عَنِّي

فأنا لَستُ هُنا؛ وإنْ كُنتُ

غَلَبَني الرُّقادُ

بينَ أكفانِ اليَمامِ

فما عُدتُ أعلَمُ

إنْ كانَ ذاكَ نحيباً

أم وشوشاتِ الهَديلِ

هطلتْ أجنحةُ الشَّمعِ

وتاهَ فوقَ جبهةِ الفَجرِ

عُبوسُ الجَّليدِ

نعيقُ غربانٍ

والنُّسورُ تَحومُ

والمِلحُ فوقَ الوجنتينِ

يَخُطُّ ودياناً

وفي القاعِ يئنُّ

عَلَقٌ يَمتَصُّ

بقايا ذاكرتي

وظمأُ الأرضِ

ترويهِ الدِّماءُ

وبذورُ الحِقدِ

على مَهلٍ فيها تنضُجُ

مُحنيةً رُؤوسَها

تتلو السَّنابلُ

صلواتِها الأخيرةَ

خاشعةً صاغرةً

تُقدِّمُ أعناقَها

إلى المناجِل الغادرةِ

قُرباناً في طقوسِ التَّضحيةِ

رؤوسٌ من غيرِ رؤوسٍ

صامتةٌ غاضبةٌ ضاحكةٌ

في الحَدائقِ مُعلَّقةٌ

أبا مُرَّةَ، متى تُنهي

جولتَكَ الأخيرةَ؟

ملكَ المَوتِ،

ما عادتْ تَخشاكَ الرَّعيةُ

فقد صارَ المُرادُ والأُمنيةُ

هو المَنيَّةَ…

بقلمي: جورج مسعود عازار

ستوكهولم – السويد

اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق

ملكَ الموتِ، ما عادتْ تَخشاكَ الرَّعيةُ

نيرانٌ تسبحُ في اليَمِّ

وحيتانٌ تلتهمُ نَجمةَ الصُّبحِ

والبلابِلُ على قارِعةِ الطَّريقِ

تتسوَّلُ…

حُلكةُ الدُّخانِ

تغتالُ ابنةَ الشَّمسِ

وحافيةُ القدمينِ

بين مفارقِ النِّهاياتِ

تُلَملِمُ أشلاءَ الصَّمتِ

كُلُّ الضمائرِ أصابَها الصَّمَمُ

والحقُّ صارَ أبكمَ

وعيونُ الضَّوءِ مَسمولَةٌ

ترانيمُ الصِّغارِ

فوقَ أجسادِ الغَيمِ

صخبٌ وضجيجٌ

وفي مَهبِّ الرِّيحِ إعصارٌ

طَعناتُ الحِرابِ

ما عادتْ تُؤلِمُني

لا تبحثوا بعد اليومِ عَنِّي

فأنا لَستُ هُنا؛ وإنْ كُنتُ

غَلَبَني الرُّقادُ

بينَ أكفانِ اليَمامِ

فما عُدتُ أعلَمُ

إنْ كانَ ذاكَ نحيباً

أم وشوشاتِ الهَديلِ

هطلتْ أجنحةُ الشَّمعِ

وتاهَ فوقَ جبهةِ الفَجرِ

عُبوسُ الجَّليدِ

نعيقُ غربانٍ

والنُّسورُ تَحومُ

والمِلحُ فوقَ الوجنتينِ

يَخُطُّ ودياناً

وفي القاعِ يئنُّ

عَلَقٌ يَمتَصُّ

بقايا ذاكرتي

وظمأُ الأرضِ

ترويهِ الدِّماءُ

وبذورُ الحِقدِ

على مَهلٍ فيها تنضُجُ

مُحنيةً رُؤوسَها

تتلو السَّنابلُ

صلواتِها الأخيرةَ

خاشعةً صاغرةً

تُقدِّمُ أعناقَها

إلى المناجِل الغادرةِ

قُرباناً في طقوسِ التَّضحيةِ

رؤوسٌ من غيرِ رؤوسٍ

صامتةٌ غاضبةٌ ضاحكةٌ

في الحَدائقِ مُعلَّقةٌ

أبا مُرَّةَ، متى تُنهي

جولتَكَ الأخيرةَ؟

ملكَ المَوتِ،

ما عادتْ تَخشاكَ الرَّعيةُ

فقد صارَ المُرادُ والأُمنيةُ

هو المَنيَّةَ…

اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

ق ق ج – الومضات – الرباعيات

ومضات قصصية بسن قلم حسين الجندي

جَبْر

---

( امتلك لسانا سيَّالا،صَفِّق لغيره عند التَّعْتَعَة.)

عَتَه

---

(صار لسانه سيَّالا بالباطل؛ سخر من غيره عندما تَتَعْتَع بالحق.)

---

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

مجموعة قصص قصيرة جدا …. بقلم عبدالأمير عبداللطيف خليل/العراق

عبودية
نزع ثوب ذله، قال سأطفيء الظلام، اتهموه بالجنون، في الصباح وجدوا نصبهم الكبير جذاذا، والشمس ملء منازلهم، صعقهم النور، لاذوا في جحورهم، أشار لقمانهم، أن اتخذوه الها.

مهاجرون
وسط الحلم تخلى عنهم مركبهم، في خضم آمالهم، بحثوا عن بر أمان، حين لم يجدوه، أهدوا البحر حقائبهم المحملة بالحنين، وصور وجوه عزيزة تركوها في أرض الوطن، واستقروا في قاع الذكرى.

واقع
الناي الذي طالما رقص الحاضرون على ألحانه فرحين في الأعياد، كان مثيرا للشجن، بل أبكاهم، حزنا على الفضيلة التي اغتصبها غلمان الوالي في وضح النهار على مرأى الجميع، ترى من أين لي ب (بيرسيوس) الذي يأتيني برأس ميدوسا ؟.

اهتراء
بعد سبات خرجت من كهفي، أطوف أرجاء المدينة، بحثت في اسواقها، شوارعها وأزقتها، قابلني الجميع بقهقهاتهم، إلا رجلاً عجوزاً حين سألته تأوه وأجاب: “لاتبحث في هذه العتمة، ومصباح ديوجين لن تجده إلا في عقلك ياولدي”.

نَّجْمَةُ
ِاِعْتادَ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ السَّهَرَ لَيْلاً، وَهَوَ يُطِيلُ النَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ َوَ كُلَّما لاَحَ لَهُ نَجْمً مُضِىء اِرْتَفَعَ صَوْتُهُ وَهُوَ يُنَادِي: ماما .. ماما، لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ بِأَنْ أُمِّهِ التي مَاتَتْ صَارَتْ نَجمَةً في السَّمَاءِ.

إخلاص
الرجل الذي لملم أشلاء بقايا أطفاله وزوجته بعد القصف لم يعد من المقبرة أبداً؛ دفن بقاياه هناك.

إرث
أقتسمنا بيت والدي، رسمنا حدوده الجديدة، شيدنا جدرانا، تفصل بيننا، بعد أن كانت تجمعنا سفرة طعام واحدة، فراش واحد يضمنا، رغيف ودمعة وضحكة نتقاسمها، ضاعت ملامح دار أبي فضعنا، وسقطت أسماؤنا جميعا

وشاية
انا وكلبتي في الحلم، ندبنا حظنا، وشتمنا المسؤول؛ أيقظوني والأصفاد بيدي؛ جنت علي براقش.

قضية
قتلوني ليلا، فجرا كنت ممددا في تابوت ومحمولا على الأكتاف يسيرون بي نحو المقبرة شرقا، نعتني أحدهم شهيد وآخر خائن و..ظالم و.. مظلوم، وثمة نشيد من بعيد، كلما اقتربنا، أرتفع قرص الشمس، وعلا الصوت يردد (كلكامش ذلك الذي رأى كل شيء فغني بذكره يا بلادي)).

سِبق
أحضرتُ قلماً، وكذبةً، وشاهد زورٍ، حينَ سألني صَديقيَ ماذا تفعل؟ أجبتهُ: أريدُ أن أكتبَ تأريخي الشخصي.
في اليوم التالي أحضَرَ صديقي زنبيلَ أكاذيب، وعشرة شهودِ زورٍ، قالَ سأكتبُ التأريخ كلهِ.

مقايضة
لقد كنت طماعا وجشعا الى أقصى حد ممكن، ابي كان كذلك، لو يعلمون ثمن اللآليء التي يملكون لما قايضوها بهذا السعر الزهيد، بل وبالمجان في أحيان كثيرة، لكنهم حينما يصبحون كبارا بعمري في المستقبل سيعرفون ثمن ذلك ويطمعون أيضا، فقد كنت أقايض قبلات أولادي بالكاكاو.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

ومضات قصصية …بقلم /خيري الأزغل

١- مهارة
فرغت الجعبة؛ أتقن اللعبة.

٢- سداد
أكل من الشجرة الحرام؛ لبست ذريته الإحرام.

٣-قران
كانت نزوة؛ أصبحت عزوة.

٤- مغالبة
نطحه الكبش؛ تصدر القطيع.

٥-مراهقة
نبت شاربه؛ غرق قاربه.

٦- انطواء.
كبر همه؛ عاد إلى بطن أمه.

٧- نفاد
قل الحيل؛ فاض الكيل.

٨-جنوح
تدين الفساد؛ سجد العباد.

٩-تعامِ
اجترالذكريات؛ ابتلع المنكرات.

١٠-كشف
التهبت المشاعر؛ طفحت السرائر.

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

شعر العامية

مفيش صديق …. شعر حسن أبو عرب

يا اللى غراك المناصب
يااللى مبهور بالزويق
لسه تفكيرك دا قاصر
فى الزمن دا مفيش صديق
خلى نفسك نفس حُره
لو فى قلبك شك ذره
يبنى فَكر ألف مره
لجل ماتتوه عالطريق
يبنى حراميها حاميها
مهما يعمل دور برئ
ياما ناس تتغر فيها
يوهموك الخير ماليها
تلقى نفسَك جِوَّه تِيهَه
ويسحَبَك مُوجهَا الغريق
يا اللى دايساك الأعادى
مهما تصرخ أو تنادى
أو تسالم أو تراضى
الحمام شئ والحدادى
لسه بتنادى لهنادى
وانت طَايلَاك الحريق
هي فين ماتقولى ناسك؟!
سيبتهُم ليه سرقوا فاسك!!
فصَّلُولَك تُوب مقاسهُم
مش مقاسَك
مش باقيلَك غير خلاصَك!!
وحدُه ربك صار ملاذَك
منقِذَك من كل ضيق

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

عاوزين معجزة …. بقلم زينب سالم

خليك عايش علطول ف الضل
هتكون في امان وحياتك فل
احسن ماتقابل منحرفين …!!!
عايشين تعابين ….. لدغتها تشل
دول ليل ونهار …. بيعبوا ذنوب
والعرض يوماتي سينما سكوب
النصاب منهم ……… لما يتوب
يقلب مُفتي ، ولغيره يضل …!!!
هتشوف اشكال والوان ملاعين
شطحت مراكيبهم وسط الطين
واللي تقول قيمة … وملو العين
تلاقيه متعبي سواد على غل .!!!
صعب تلاقي بينهم حد عفيف
واما يلاقوا حد … مثالي نضيف
ف ثواني يقلبوا .. وحش مخيف
بأنياب ومخالب ….. مش بتكل
هتقول أنا ناصح ليكو امين ؟؟؟
يبقى نهار اسود …. .. زي الطين
هتلاقي ابالسة … على شياطين
شايطين …. ويخلوا حياتك خل
عبي وكبسهم …….. جوا الحظر
دول عالم ناقصة .. ماليهم حصر
وخلاصك منهم …….. هو النصر
بعد أما ورقهم …. كله اتبل ..!!!
لجل مايهتدوا … عاوزين اعجاز
ب تهاتي كتير … ومفيش إنجاز
إبعد سيبهم …. يتحرقوا بجاز
دانت لو نبي منهم هاتمل ….!!!!

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

انتظار …. شعر عبد السلام عبد النبي

ولسه قلبي مستني
تكوني شمعه في طريقه
ولسه الحب جوايا
سحابه وسط حر الصيف
ولسه عيونك الساحره
كما شطين مابينهم بحر
وقلب يسابق الموجه
بمجدافه شتا اوصيف
ونفسي تكوني ضحكايه
وحلم جنون
ونفسي تكوني غنوايه
واكون مفتون
ونفسي تكوني يوم عبله
واكون عنتر
ونفسي تكوني ليلايا
وانا المجنون
ولسه قلبي مستني

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

مات الكلام ….شعر سحر جمال الدين محمد

مات الكلام ع اللسان
والقلب من جوه انفطر
والحزن عشش ع البيبان
واللحن معزوف ع الوتر
تلقاه حزين لو تسمعه
يحكى اعاجيب البشر
والروح ف ساعات الغروب
من خوفها بتحس الخطر
خايفه لا تغرب شمسها
من غير رجوع
والفرح يترك دربها
ويفوت دموع
حتى عصافير اليمام
غادرت وهجرت عشها
ولا عدت أسمع عزفها
وطائر الليل الجريح
من صرخته يبكى بنواح
مهموم بيعتصره الألم
يبكى على عمره اللى راح
واللى ضاع من غير تمن

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

كشف المستور … بقلم زينب سليم

قرداتي …. وكلبه المسعور
بيخافوا .. يبانوا فــ النور
لكبير الحارة ….. يقفشهم
وقوام ينكشف المستور .!!
يتداروا دايما في العتمة
والخالة بهانة عليه كاتمة
اول ماتشوفه ، تروح لطمة
اكمنه راجعلها مبلول …!!!
يفرد عضلاته ، تقول هيبة
لما يقابل ……. شلة غريبة
اما فــ بيته دهول وخيبة
بـــ مقشة حرمه مكسور .!!
وعجبي ..!!!!!

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

قصيدتي القديمة ……شعر وحيد علي الجمال

مادامشي احتلالك لقلبي كتير

لاني ببساطه رفضني أسير

وكونك سمايا اللي فيها بطير

دي كانت بداية هروبي الكبير

وسجنك هجرته ماعدتش عليل

سراحي اخدته بصبري المرير

تشوفك عيوني بعشقي الجنوني

ورغم انفصامي مابيني وبينك

وفترة غيابك وعندي وعنادك

بغمض عنيه في كوني الفسيح

وبمشي وبحضن خيالي الجريح

مسافة وصولي ولحظه حصاري

وقبضة ايديك بتسند في طولي

وسحرك رابطني بخيطه الحرير

حبيبتي لأني في عشقك خبير

واعمى في بعدك في قربك بصير

في لحظه وجودك بكون الكليم

في هجرك كأني أصم و ضرير

ويتمي اللي حاسه ده اكبر دليل

لأنك ميلادي اللي عيشته بذاتي

حقيقة وجودي وقصة خلودي

وشكلي ورسمي وجملة ملامحي

وطعم الحنين اللي ساكن في حلقي

خدعني غروري وعقلي الغشيم

قبلت التحدي بطيشي العقيم

حماسي اللي خدني هيقدر يشيل

عزيمتي وصلابتي ماليها مثيل

هتفضل حياتي ك عابر سبيل

كتبتك قصيدة في ديواني القديم

وتوبي اللي ضمك هيفضل حزين

يخلد رحيلك في جوف السنين

محطة وصولك وقطري المسافر

هيفضل حجزلك في بعدك تذاكر

بتوصف وتشرح تاريخ الاماكن

زمان اللي هاجر في حبك طريد

هيرجع لأنك سبيله الوحيد

⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️⬜️

(( نهاية العدد ))