أنفاس الفجر …قصة قصيرة بقلم ماهر عطاء – اليمن


أنفاس الفجر …قصة قصيرة بقلم ماهر عطاء – اليمن

امتلأت بأنفاس الصبح وهفت نظراتي إلى ذلك الحديث الذي غسل ردهة الوقت حينها..
لقد قالت لي جدتي أن أحب ما أعمل..
فعملت بنصيحتها التي قدمتها بلا ثمن..
الآن يا جدتي أحببت السفر ولكنني لم أتعد سطر المدينة التي قطعت منها الجواز..
أحببت الإعلام ولكنني لم أنغرس في قناة تلفزيونية..
أحببت الوطن كثيراً لكنه لم يمنحني راتباً أعول به أسرتي..
هاه تذكرت لقد صار لدي ٣ أطفال وزوجة ولكنني نسيت أن أخبرهم عنك وعن دعوتك تلك التي كانت تغسل ظلي المغروس في جدار الغرفة..
سأقولها لهم بالعامية وكما كانت تندلق من فيك: “جعل كل وجه يستحي منك “
ههههه أخاف أن السفر والتلفزيون وحلمي وأشياء كثيرة قد سمعت هذا الدعاء فهرعت مني على استحياء…
عفواً نسيت يا جدتي : لماذا نحن طيبون جداً حتى أن الحياء مكياج الرجال أيضاً..
جدتي
لقد تجلى صمت مفعم بالتساؤل : هل قريتنا السبب؟
انداحت همهمة بين الجالسين : القرية؟ كما أنتِ الآن!
نعم قريتنا..
قريتنا مخبأة تحت معطف جبل كبير فأحسب أنني وعائلتي متكومين بالخجل لهذا السبب..
في كل مرة أحدث فيها ذاتي أنني سأواجه الذين أكلوا يد المعروف والتهموها ذات موقف ما بألا يخدشوا وجهه حتى لا يفزع منهم الآخرون وحتى يظل واقفاً بملامحه للغير..
إلا أن الخجل يكسو خدي الذي نالوا منه..
فأفر بي بعيداً من أنياب نظراتهم
كما أفر من حبي لما أحب علّه يتحقق..
الآن يا جدتي نحن على مرأى من غروب الخوف فقد رحلتِ قبل هذه الحرب التي ترسبت في أذهان الوجع..
حرب!
تتساءلين أيضاً؟
لقد نسيت أن أخبرك أشياء كثيرة فلا تزمي حاجبيك عند سماع كل هذا..
نعم حرب.. اتعرفين ابن الحاج أحمد كان يسد فراغ الباب بهيكله السمين أليس كذلك؟
لقد صار الباب واسعاً على جسده عند الدخول لأطفاله!
أعتذر يا جدتي لقد أثقلت على عينيك..
لكن أرجو ألا تقلقي بشأني فلا زلت أحب الأنفاس المغسولة بنسيم الفجر…