وسوسةُ العرَّاف … قصة قصيرةللكاتب: محمد عبد المرضي منصور

تزوج كوهين مُحب المال والسلطة بفتاة جميلة من قريته.
جعل كوهين حديقة منزله الجميلة مقرًّا للحصول على المعلومات من أصدقائه ومعارفه مستغلا ثقافته في علم النفس.
استخدم كوهين خلاصة بعض الأعشاب المخدرة ليضعها في المشروب المقدم للضيف، ثم يسألُ كوهين الضيفَ عما يريد معرفته، علَّمَ زوجته نفس الطريقة حتى تحصل على معلومات عن الجيران والأهل والمعارف، ثم يستغل هذه المعلومات في إيهام الضحية بأنه عراف، وبالتأكيد تصدقه الضحية، وأثناء وجود الضحية معه يضع لها خلاصة الأعشاب المخدرة في الشراب المقدم لها، فيعرف الكثير والكثير عنها وهكذا أصبح كوهين من أكبر العرافين في ذاك العصر.
كل من جلس مع هذا العراف آمن به عدا رجل واحد يُدعى حازم كان يصوم معظم الأيام فلا يشرب ما يقدم له، وينام بعد العشاء حتى يستيقظ لقيام الليل، استنتج حازم أن العراف يريده أن يشرب المشروب المقدم له لأن كوهين كان دائم اللوم له لكثرة صيامه.

تشكك حازم كثيرا، أخذ ابنه وذهب إلى العراف وعندما قدم لهما المشروب، طلب حازم من العراف أن يحضر له بعض الكتب المفيدة -التي طالما تحدث عنها العراف- على سبيل الاستعارة.
وعندما ذهب كوهين لإحضار الكتب، أمر حازم ابنه بشرب كوب العصير ووضع الآخر في الكيس داخل حقيبته وبعد ذلك لاحظ حازم ابنه على غير العادة، وعندما عاد العراف حاملا بعض الكتب مستغربا من رؤية الكوبين فارغين، ظل كوهين يسأل حازم وحازم يتعجب من الأسئلة الخاصة ولكنه لا يبدي أي تعجُّب حتى لا يُكتشَف أمره، وحينها تأكد حازم من ظنونه، ثم عاد إلى المنزل مع ابنه.

حازم في حيرة من أمره، ماذا يفعل؟ هل يستخدم نفس السلاح ضد العراف أم يبتكر سلاحا آخر؟
ذهب حازم إلى كبار مشايخ بلدته وحكى لهم الأمر كله، واتفق معهم على النيل من هذا العراف المفسد
تجمع حازم والمشايخ بعد صلاة العشاء وذهبوا معا إلى العراف بحجة سؤاله عن إمكانية مساعدته في بناء مسجد كبير في القرية، وأثناء جلوسهم معا جاء العراف بالتحية المعروفة أو العصير الأسود كما أسموه فيما بعد، وحينها أخرج حازم من حقيبته الكتب المستعارة وشكر العراف وقال له: ضعها في مكانها في مكتبتك الخاصة يا كوهين.
دخل كوهين حاملا الكتب، والكل يضع العصير في الكيس المجهز الموجود في شنطة حازم عدا كوبا واحدا تركوه لكوهين.

عاد كوهين يتحدث معهم بهدوء ثم قال: لماذا جئتم إذا؟
حازم: اشرب العصير أولا يا كوهين.
وبعدما شرب كوهين العصير أخذ يتحدث وكأنه يريد إخراج ما في قلبه، ظل يحكي أحداثا كثيرة عن أفعاله السيئة متباهيا بنفسه حتى سمع صوتا يقول: كفى أيها الحقير، لقد فعلت ما لم يفعله الشيطان بالناس، اقبضوا عليه.
قبضت الشرطة عليه وعلى زوجته، ومنذ ذلك الحين وأهل القرية يقولون: العراف، من يتتبع أمور الناس ثم يقول رأيه كالوسواس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى