نواب الشعب والدور الهزيل: أزمة تمثيل حقيقيةمقال بقلم رئيس التحرير – أشرف الجبالي

بمناسبة قرب موعد انتخابات الشيوخ والنواب ومولد البون والكرتونة :

فليكن معلوما أن صبر الشعب المصري وصمته عن الدور الهزيل لمجلس نوابه ليس رضا بما يقدمه أو تقديرا لدوره إنما هو ” ربما الهدوء الحذر الذي يسبق العاصفة.
لا يشعر المواطن المصري بدور حقيقي وجاد لأعضاء مجلس النواب ، فالنواب في واد يناقشون ويوافقون على قوانين والشعب في واد آخر يكافح من أجل لقمة العيش ،والحقيقة أن الأمل يتضاءل كل يوم وبات من المؤكد أن مجموعة كبيرة من النواب أصبحوا لا يمثلون جماهير الشعب المصري في تجاهل تام لمعاناة الشعب من الغلاء وارتفاع الأسعار وكأنهم يؤكدون كل يوم على عدم جدارتهم بتمثيل جماهيرهم في دوائرهم الانتخابية ،حيث يمكن القول أن هؤلاء النواب تحولوا من ممثلين للشعب إلى سكرتارية خاصة للحكومة وأصبح الشغل الشاغل للنائب هو كيف يتقرب من الوزير أو المحافظ وليس كيف يتقرب من جماهيره التي أولته الثقة وكل يوم تزداد عزلة النواب واهتمامهم بمصالحهم الشخصية ومصالح ذويهم على حساب مصلحة الشعب فلم نعد نسمع عن استجوابات يهتز لها أركان البرلمان ولم نعد نسمع عن نواب ينقلون أنات الشعب وأوجاعه إلى قاعة البرلمان إلا ما ندر .
لقد انتهى زمن النواب الحقيقيين ، زمن النائب الذي يستطيع أن يسقط حكومه أو يقيل وزيرا أو يكشف فساد مؤسسة كبرى ، ولكي أكون صادقا أكثر : لم يعد الشعب نفسه ينتظر خيرا من هؤلاء النواب الذين يشكلون عضوية البرلمان.
إنه برلمان بلا صوت لا يتحدث عن أوجاع الناس وبرلمان بلا أذن لا يسمع صرخات الفقراء وبرلمان بلا أعين لا يرى المحتاجين وهم يبحثون عن الطعام في صناديق القمامة ، وبرلمان لا يرى ، لا يسمع، و لا يتكلم غير جدير بأن يمثل الشعب المصري ويكون امتدادا لبرلمانات عريقة كان لها صولات وجولات عبر تاريخ مصر الحديثة ، لأنه فقط يرى ما تريده الحكومة رغم إنه رقيب عليها وفقط يسمع همسات الأغنياء رغم أن أموالهم تغنيهم عن البرلمان ، وفقط يتحدث النواب باسم الوزراء والحكومة رغم أنهم بحكم الدستور من حقهم محاسبة هؤلاء الوزراء .

لقد انقلبت الآية وأصبح البرلمان صوت الحكومة وليس صوت الشعب وصار الناس بلا صوت إلا من رحم ربي ،
لقد تحولت مهمة النائب إلى رصف طريق وإنارة شارع أو الحضور في عزاء ، وأهدر النائب وقته في أمور لا طائل لها وكأنه مندوب علاقات عامة ونسى دوره الرقابي والتشريعي وربما بعضهم يجهل هذا الدور أصلا ،ولم نشهد لهذا البرلمان أن عارض قانونا ضد مصالح الناس ،لقد وافقوا على مجموعة قوانين ضد فقراء هذا الوطن وانحازوا للأغنياء وسوف يأتي اليوم الذي يحاسبهم فيه الشعب على مواقفهم المتخاذلة
وهذا ليس تشكيكا في وطنية أحد وإنما هو صرخة مكلوم أتمنى ألا تكون صرخة خرساء ليس لها صدى وأن لا نتمثل -وبعد فوات الأوان – قول الشاعر :

في النظم الديمقراطية، يُفترض أن يكون نواب الشعب صوت المواطنين في البرلمان، ينقلون همومهم، ويدافعون عن حقوقهم، ويشاركون في سنّ القوانين التي تُعبّر عن إرادة الجماهير. لكن الواقع في كثير من البلدان، خاصة في مصر المحروسة يكشف عن فجوة متزايدة بين الناخبين وممثليهم، وعن دور برلماني يُوصف – بمرارة – بالهزيل أو الغائب أحيانًا.
أحد أبرز مظاهر الأزمة هو انعدام الثقة أوفقدان الثقة بين المواطنين ونوابهم. فالناخب يشعر غالبًا أن من صوّت له، ما إن يصل إلى البرلمان، حتى ينشغل بالمصالح الشخصية أو الحزبية، وينسى من أوصلوه إلى مقعده. وتتكرر الشكوى من غياب النواب عن دوائرهم، أو ضعف تفاعلهم مع القضايا اليومية للناس، مثل مشاكل الصحة، التعليم، الغلاء، والبطالة إلا من رحم ربي
والمظهر الثاني هو غياب المحاسبة وغياب آليات رقابة حقيقية ومساءلة فاعلة،هنا يتحول البرلمان أحيانًا إلى واجهة شكلية، لا تملك التأثير الفعلي في صناعة القرار. ويغيب الأداء الرقابي الجاد على الحكومة، في حين يُفترض أن البرلمان سلطة مستقلة توازن السلطات وتمنع الانفراد بالحكم.

وأخيرا
تحوّل المقعد النيابي، في أذهان البعض، إلى وسيلة للوجاهة الاجتماعية، لا منصّة لخدمة الناس. فنرى بعض النواب يركّزون على العلاقات العامة والمظاهر، أكثر من انشغالهم بطرح مشروعات قوانين أو الدفاع عن مصالح المواطنين في جلسات البرلمان. والرهان هو على وعي الشعب لتصحيح المسار ،
ورغم الواقع المحبط، فإن الوعي الشعبي يتزايد، والمجتمعات باتت أكثر جرأة في طرح تساؤلاتها ومحاسبة ممثليها، على الأقل عبر وسائل التواصل أو في صناديق الانتخابات. ويبقى الأمل في أن تتحول المجالس النيابية إلى مؤسسات حقيقية للتغيير، لا مجرد صدى للسلطة أو واجهة تجميلية لها.

إن الدور الهزيل لبعض نواب الشعب لا يعكس فشل الأفراد فقط، بل أزمة أعمق في البنية السياسية، وفي علاقة المواطن بالدولة. ومن المهم إعادة الاعتبار لمعنى التمثيل النيابي، واسترجاع البرلمان كمنبر شعبي حقيقي، لا كمنصة نخب معزولة عن الواقع
رئيس التحرير
أشرف الجبالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى