منْ أَنَا …. شعر محمد عبد ربه طه على بحر الوافر


منْ أَنَا …. شعر محمد عبد ربه طه على بحر الوافر

أَنَا المَسجُونُ فِي صَمْتِ المَرَايَا
أُفَتِّشُ عَنْكَ فِي كُلِّ الزَّوايَا
….
أَنَا المَنْفِيُّ فِي ظِلّي شَرِيدًا
تَئِنُّ جِرَاحُهُ خَلْفَ الحَشَايَا
….
أَنَا طِفْلٌ تُشَكِّلُهُ الأَمَانِي
أَنَا شَيخٌ يُنَازِعُني صِبَايَا
….
أَنَا المَاضِي، أَنَا الآتِي، وَإِنِّي
سُطُورُ البَدْءِ فِي مَتْنِ الحَكَايَا
….
وَأَسْكُنُ فِي الحُرُوفِ لَعَلَّ مَعْنَى
يُطِلُّ عَلَيَّ مِنْ بَيْنِ الحَنَايَا
….
أُسَابِقُ فِي الظَّلَامِ بَقَايَا حُلْمٍ
وَأَجْمَعُ مَا تَنَاثَرَ مِنْ بَقَايَا
….
وَلِي قَلْبٌ يُؤَرِّقُهُ سُؤَالٌ
مَتَى نَلْقَى السَّلامَ مِنَ الرَّزَايَا
….
فَنَحْنُ التَّائِهُونَ بِغَيْرِ مَأْوَى
وَلا مَأْوَى عَلَى أَرْضِ البَغَايَا
….
وَلَكِنَّا نَظَلُّ نَسِيجَ عُمْرٍ
تَنَاثَرَ فِي مَتَاهَاتِ الخَفَايَا
….
وَكَمْ فِي القَلْبِ مِنْ سِرٍّ دَفِينٍ
يُحَاكِي صَمْتَ أَحْلامِ الصَّبَايَا
….
تُحَدِّثُنِي بِأَنَّ الصَّمْتَ عَارٌ
فَكُلُّ الكَوْنِ يَصْرَخُ فِي الخَلايَا
….
أَرَى فِي كُلِّ رُكْنٍ مِنْكَ ضَوْءًا
يَشِعُّ وَيَمْلأُ الدُّنْيَا عَطَايَا
….
تَقُولُ بِأَنَّكَ المَوْؤُودُ حُزْنًا
وَفِي سَفَرِ الإِيَابِ أَرَاكَ آيَا
….
فَأَنْتَ المَاءُ فِي زَمَنِ الصَّحَارِي
وَأَنْتَ النُّورُ إذْ يَطغَى دُجَايَا
….
وإِنْ كُنْتَ السُّؤَالَ فَأَنْتَ مِنِّي
جَوَابٌ قَدْ تَلاشَى فِي الخَبَايَا
….
وَإِنْ كُنْتَ الطُّفُولَةَ ذَاتَ عَهْدٍ
فَإِنَّ الحُلْمَ تَرْصُدُهُ المَنَايَا
….
وَيَسْأَلُ كُلُّ جُرْحٍ عَنْ دَوَاءٍ
وَيَبْحَثُ كُلُّ دَاءٍ عَنْ أَسَايَا
….
أَرَاكَ تُعَانِقُ الآمَالَ تَتْرَى
وَتَصْنَعُ مِنْ بَقَايَا اليَأْسِ نَايَا
….
لتُسْمِعَنِي عَلَى صَمْتِي الأَغَانِي
وَتَمْسَحُ آهَةً غَلَبَتْ بُكَايَا
….
وَتَحْمِلُ فِي يَدَيْكَ رِيَاحَ عُمْرٍ
لِنَبْحُرَ نَحْوَ شَطٍّ بَاتَ نَايَا*
….
فَلا تَحْزَنْ إِذَا ضَاقَتْ دُرُوبٌ
فَإِنَّ الفَجْرَ يَنْبُتُ مِنْ ثَنَايَا
….
وَإِنْ طَالَ الظَّلامُ فَثَمَّ نُورًا
سَيُشْرِقُ مِنْ مُعَانَاةِ الضَّحَايَا
….
وَمَا حَمْلُ الضَّحَايَا قَضَّ كَتْفٍ
سِوَى أَنَّ النَّجَاةَ مِنَ السَّجَايَا
….
أَيَا وَطَنًا تَشَظَّى فِي ضُلُوعِي
وَيَسكُنُ مُهجَةً نَزَفَتْ دِمَايَا
….
سَأَكْتُبُ مِنْ حُرُوفِي أَلْفَ شِعْرٍ
تُرَدِّدُهُ الجَوَارِحُ لا شفَايَا
….
فَلَسْتَ وَحِيدَ دَرْبِكَ فِي المَنَافِي
وَلَسْتَ وَحِيدَ قَلْبِكَ فِي البَلايَا
….
فَكُلُّ الكَوْنِ يَحْمِلُ ذَاتَ جُرْحٍ
وَجُرْحِي ضَاقَ مِنْ صَمْتِ الشَّكَايَا
….
أُعَانِقُ فِي الصَّبَاحِ أَنِينَ رُوحِي
عَلَى أَمَلٍ لِتَبْرَأَ فِي مَسَايَا
….
فَلا الأَحْزَانُ تَقْتُلُ كُلَّ حُلْمٍ
وَلا الآلامُ تُشْفَى بِالنَّوَايَا
….
2025_01_02
*نايا: تم تخفيفها بحذف الهمزة وهي نأيا أي بعيدا