موضوع للنقاش حول مصطلح الأفعال الناقصة … بقلم د.وجيهة السطل

اسعد الله أوقاتكم

في أواخر القرن الأول للهجرة،
وبداية عصر التدوين. كان للعلماء ثلاثة مصادر رئيسة استَقَوا منها مواد اللغة، ووضعوا من خلالها قواعد علومها في النحو والصرف والعروض والبلاغة. وهذه المصادر هي:

١- كلام العرب فقد انطلق العلماء إلى البادية، فشافهوا الأعراب، ونقلوا عنهم الفصحى. أودونوا ما وصل إليهم من أشعارهم حتى منتصف القرن الثاني للهجرة. ولم يحتجوا لقواعدها بشعر بعده.
٢-القرآن الكريم لأنه نزل بلغة قريش التي اتفق عليها كل القبائل العربية ،بحكم موقعها العلمي والتجاري،الذي نقّاها من الشوائب. وقد أسهم سوق عكاظ،ومسابقاته التحكيمية السنوية،
واختيارهم لأفضل ماقيل من أشعار؛ في وضع صورة مثلى للغة المقبولة من فصحاء العرب
٣-أحاديث الرسول محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – وهو أفصح العرب .

هذه المقدمة ضرورية للحديث عن الأفعال الناسخة الناقصة .
وقد سميت ناقصة في رأيي لأنها ،لأنها ناقصة التصريف ، وليس لأنها لا فاعل لها كما يقول بعضهم. . فدخولها على الجملة الاسمية يجعل لفعلها معايير تختلف عن مفهوم الفعل العادي. وعلى طريقة العلماء في استقراء الأمثلة واستنطاقها لوضع القاعدة ،ائتني بفعل ناقص غير (كان )في صيغة الأمر . والأفعال الأخرى التي ترد تامة من أخواتها (صار -أصبح- أمسى -أضحى-بات-ظل) ،لا تحمل صيغة الأمر سوى في معنى التام . ولم ينقل في كلام العرب،كما لم يرد في القرآن والحديث نسخ للناسخة منها .،وهي في صيغة الأمر أو المشتق .
ولأن قواعد النحو اجتهاد عقلي كالرياضيات ، ولا يصح تحريمه على من أوتي ملكة لغوية سليمة وعقلا متزنا-وأزعم أنني كذلك- فإنني أرى (كان) زعيمة أخواتها وترأست الأسرة. لأنها الوحيدة التي أتت ناقصة بصيغة الأمر .
وأزعم أننا إن رصدنا أفعال (كونوا وكن) في القرآن الكريم نجدها كلها تامّة . لأن الآمر هو الله – عزّ وجل – وهو القادر على الأمر بالوجود والكينونة .
(كونوا هودا-كونوا عبادًا لي -كونوا قوامين بالقسط شهداء لله-كونوا قردة خاسئين- قل كونوا حجارة أو حديدا-كونوا أنصار الله)
والآية الوحيدة التي تقبل الناقص في الأمر هي: (وكونوا مع الصادقين) .
ولعله لهذا السبب وحده. ترأست كان أخواتها وصارت زعيمتهم.
أما باقي أخواتها فتأتي كاملة في الأزمنة الثلاثة، وناقصة في الزمنين الماضي والمضارع ، ولها ضوابط تميزها في المعنى. وهي اتصاف الخبر بمعناها عدا ما سُبق منها ب(ما﴾وهي(مادام،مازال،مافتئ،ماانفك،
مابرح) فلا تأتي إلا ناقصة.
وما زلت أرى أن الأفعال الناقصة سميت بذلك لنقصان التصريف، وليس لغياب مفهوم الفاعلية.حتى إن لم يقل بذلك أحد قبلي، ولعل هنالك من سبقني وقال.

تحياتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى