ذَكَرْتُ الْمُصْطَفَى … شعر محمد عبد ربه طه – على البحر الوافر

ذَكَرْتُ المُصْطَفَى ذَكَرُوا الجَمَالَا
فَقُلتُ بِهَيْبَةٍ فَاضَتْ جَلَالَا
….
وَإشْرَاقًا كَشَمْسٍ فِي ضُحَاهَا
فَرَاحَ الكَونُ يَهْتَزُّ اِخْتِيَالَا
….
بِمَولِدِهِ يَعُمُّ الكَونَ نُورٌ
أَضَاءَ السَّهْلَ مِنهَا والجِبَالَا
….
تَرَبَّى وَهْوَ فِي يُتْمٍ بِحِفْظٍ
مِنَ الرَّحْمَنِ أَلْبَسَهُ الكَمَالَا
….
وَكَانَتْ بِعْثَةً نُورًا مُبِيَنًا
أَزَالَ الشِّركَ طُرًّا وَالضَّلَالَا
….
وَتَشْهَدُ طِيبَةٌ يَومًا بِيَومٍ
قَوَاعِدَ دَولَةٍ صَارَتْ مِثَالَا
….
فَخَيرُ مُعَلِّمٍ وَالصَّحْبُ كَانُوا
رجالاً حُمِّلُوا مَعَهُ الثِّقَالَا
….
وَآخَى بَينَهُمْ قَولًا بِفِعلٍ
فَخَفَّ الكَلُّ يَبغُونَ الوِصَالَا
….
وَقَامَ بأحسَنِ الأخْلَاقِ فِيهِمْ
بِقَولٍ ثُمَّ يُتْبِعُهُ فِعَالَا
….
هُوَ القُرآنُ بُنْيَانًا وَمَعْنَى
وَتَزكِيَةً وَقَصْدًا وَاِمْتِثَالَا

يَنَامُ عَلَى الحَصِيرِ يَقُولُ مَا لِي
وَلِلدُّنيَا، (كَمَنْ تَرَكَ الظِّلَالَا) *١
….
وَكَانَ لِبَاسُهُ التَّقْوَى بِزُهْدٍ
وَلَو طَلَبَ الحَرِيرَ فَمَا اِسْتَحَالَا
….
يَعِيشُ عَلَى الكَفَافِ وَلَو تَرَاهُ
إِذَا يُعْطَى فَلَا يَخْشَى قجلَالَا *٢
….
هُوَ المُخْتَارُ خَيرُ الخَلقِ قَدْرًا
إمَامُ المُرسَلِينَ وَمَنْ تَوَالَى
….
هُوَ النُّورُ الَّذِي سَطَعَتْ سَمَاءٌ
بِهِ لِلكَونِ فَاِمْتَثَلَ اِعْتِدَالَا


مَلَأتُ العَينَ فَاكتَحَلَتْ بِنُورٍ
كَأَنِّي فِي لُجَينٍ قَد تلَالَى
….
وَأنَّ العَقلَ مَأسُورٌ بِلَيلٍ
على كفِّ الرُّؤى بَدَأ ارتِحَالَا
….
رَأَيتُ مَوَاكِبَ الأَنوَارِ تَسرِي
إِلَى حَيثُ البُرَاقُ بِهِ تَوَالَى

مَلَاَئِكَةُ السَّمَاءِ تَحُفُّ رَكْبًا
وَكَانَ بُرَاقُهُ يَزْوِي المَجَالَا
….
لِإِسرَاءٍ إِلَى أقْصَى أَسيرٍ
وَلَا نُلْقِي لِهَذَا الخِزْيِّ بَالَا
….
أَرَى حَيثُ الحَبِيبُ أَقَامَ صَفًّا
بِرِسْلِ اللهِ يَبْتَهِلُ اِبْتِهَالَا
….
يُدَنِّسُهُ يَهُودٌ شَرُّ خَلقٍ
وَنَحنُ نُقِيمُ لِلذَّكرَى احْتِفَالَا
….
فَبِئْسَ حَيَاتُنَا نَلهُو وَنَنْسَى
مَقَاصِدَ رِحلَةٍ فَاقَتْ مِثَالَا
….
مُواسَاةٌ لَهُ مِنْ بَعدِ حُزنٍ
لِفَقدِ أَحَبَّةٍ، فَاقَ الجِبَالَا *٣
….
وَأنَّ اللهَ سَوَّاهَا امْتِحَانًا
فَثَبَّتَ بَعضَهُمْ وَالبَعْضُ لَا لَا
….
وَكَنتَ رَسُولَنَا فِي عَينِ رَبِّي
وَلَو عُدنَا إِلَى الحَقِّ اِمْتِثَالَا
….
وَأَخلَصنَا إِلَى الرَّحمَنِ قَلبًا
لِجَاءَ النَّصرُ وَالتَّثبِيتُ حَالَا


وَعَقلِي لَا يَزَالُ أَسيرَ نُورٍ
إِلَى العَليَاءِ يَنتَقِلُ اِنتِقَالَا
….
لِمِعْرَاجٍ لِرَبٍّ فِي عُلَاهُ
وَلَيْسَ لِغَيرِ أَحْمَدَ أَنْ يَنَالَا
….
لِيَخْتَرِقَ السَّما تَتْلُو سَمَاءًا
بِهِ المَلَكُوتُ يَحْتَفِلُ اِحْتِفَالَا
….
إِلَى قَابٍ لِقَوسَيْنٍ تَنَحَّى
أَمِينُ الوَحْيِ يَحْتَرِزُ اِشْتِعَالَا
….
وَعِندَ السِّدْرَةِ الغَرَّاءِ آيٌ
يَرَاهَا لَا يَرَى وَهْمًا خَيَالَا
….
بِعَيْنِ الصِّدْقِ كَالإصْبَاحِ جَاءَتْ
يَقِينًا مِثلَ مصبَاحٍ تَلَالَى
….
فَتَزكِيَةٌ لَهُ كَانَتْ ضَمَانًا
فَلَا عَيْنٌ طَغَتْ أَو عَقْلُ مَالَا
….
فَسُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدٍ
وَقَرَّبَهُ وَبَلَغَهُ المَنَالَا
….
وَلَيسَتْ قِصَّةٌ تُحكَى وَلَكِن
لِكَيمَا نَهتَدِي فِعلًا وَحَالَا
….
فَهَل حَانَت لِمِعرَاجٍ لِشَرْعٍ
بِدَايَاتٌ لِكَي نَمحُو الضَّلَالَا؟
….
صلاةً ثمَّ تسْليمًا بشوقٍ
لِيسقِينَا عَلَى الحَوضِ الزُّلَالَا
….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى