تعدد الفنون صياغة جمالية لكل مانتلقاه بواسطة حواسنا …. مقال بقلم سهام جبريل

إن الجمال هو فكرة  تعكس ذاتها بذاتها ،والروح التي تتأمل ذاتها تجد نفسها  في تعبير  فني إبداعي تؤلف منظومة أفكار  صاعدة نازلة وبقدر ماتكون الفكرة سامية  بقدر ما تحتوي على الجمال لإنها تؤلف حلقة  المنظومة الضرورية .فالشكل الأعلى للفكرة  هوالشخصية  والذي يملك  الفن يملك مادة الشخصية العالية. والفن هو التعبير عن الحياة  الواعية التي تثير فينا أعمق إحساس بالوجود وأسمى المشاعر وأنبل الأفكار   . فالفن يسمو بالإنسان وينقله من حياته الخاصة إلى  الحياة العامة  ليس بواسطة المساهمة في المشاعر والعقائد المتشابهة بل وبواسطة الأحاسيسالمتشابهة  ،.

الجمال  ليس مطلقاً بل كل ماهو مميز ومتناسق رائعاً فأفكار الجمال والخير والحقيقة هي أفكار فطرية فهي تنور عقولنا   وهي متطابقة مع الرب الذي هو الخير والحقيقة والجمال  ،وفكرة الجمال تحتوي في ذاتها على وحدة الجوهر  وتنوع العناصر المركبة والنظام في تنوع مظاهر الحياة .إن الجمال لايتسم به الإنسان فقط بل والحيوان أيضاً حسب رأي (داروين) لهذا يقول من سمات أجداد الإنسان “الطيور تزين أعشاشها وتثمن الجمال في أزواجها ويمتلك تأثير على القران  حيث إن فن الموسيقى هو نداء الذكور لإناثها  “كان الفن لعب  وطاقة  بغية الحفاظ على الحياة .  هل الجمال يدرك من العقل  أما متعلق بالذوق أم إن جوهر الفن ذلك الذي يمسنا  بواسطة الخطوط والألوان والأصوات والكلمات   . ليس نتاج قوى عمياء إنما هو نتائج قوى ذكية  تسوي التناقضات  في إطار الجمال . قرئت في أحدى الكتب  يقول إن الجمال موجود في الروح  .والطبيعة تحكي عن الرباني  والفن هو التعبير الهيروغليفي عن الرباني  والمفاهيم الرائعة نحصل عليها من خلال العملية الفيزيولوجية .فبداية الفن كان اللعب لأن الإنسان الذي يرى فائض يقلقه الشعور فينكب على النشاط الفني. يمنحه إثارة كبيرة بأقل خسارة  ،

الذي يحدد الرائع الذوق

فالفن  ليس سوى تلك الأشياء  التي نقرؤها  ونسمعها ونشاهدها في المسارح والحفلات  وفي المعارض  وكذلك العمارة والتماثيل والملاحم والروايات  

بقدر ماتكون الأفكار التي تنقل بواسطة الكلمة غامضة ومشوشة بقدر مايستخدم الناس  هذه الكلمة بثقة  زائدة بالنفس وتعجرف متظاهرين بأن مايقصدونه هو شيء بسيط جدا لايستدعي  شرح ما تعنيه هذه الكلمة

كأنهم يجعلون من الفن ملغمة من الفانتازيا  حول جوهر الأشياء والأسرار المتسامية  التي كانت ترى  تعبيرها النهائي في نظرية الرائع المطلقة

إن الشيء الجميل هو متناسق ومتناسب  وإن الجميل والمتناسب هو الصادق  والجميل والصادق  في الوقت ذاته  هو طيب وجيد  من هنا يمكن أن نقول إن الجمال يدرك بالروح فقط .والله هو الجمال الأساسي فالجمال والخير  ينبعان من مصدر واحد  

إن هدف الفن هو الجمال الذي يكمن  جوهره  في ظهور الجزء مع الكل

هذا لايعني إن الجمال يتطابق مع الخير دائما قد ينفصل عنه ويكون متناقضاً له  وإن الجمال يتحدد  بواسطة الذوق   فالجمال هو الخير الظاهري  والخير هو الجمال الباطني

الفن يقود نحو حب البقاء الاجتماعي  الذي يوفر  أكثر الملذات  وهذا يعطي أكبر عدد من الأفكار في أقصر وقت  وإن التلذذ بالرائع  هو أعلى الإدراك   الذي يمكن للإنسان أن يبلغه لإنه يعطي في أقصر مدة أكبر كمية من الإحساس المدرك

فعلم الجمال (عند كنط )يدرك الإنسان الطبيعة خارج ذاته ، وذاته في الطبيعة ، خارج ذاته : يبحث عن الحقائق أما في ذاته فيبحث : عن الخير. الأول فعل العقل البحت ، أما الثاني فهو فعل العقل   العملي الحرية  . هنا تعطي قدرة الحكم التي تشكل الأحكام  دون مفاهيم  وتوفر المتعة دونما رغبة  وهذه القدرة بالذات تشكل أساس الأحاسيس الجميلة،أما الجمال بالمعنى الذاتي فهو ذلك الشيءا لذي يفوز  بالإعجاب  دون مفاهيم  أو فوائد عملية  وأما في المعنى الموضوعي  فالجمال  هو شكل المادة المفيد في ذلك المقياس  الذي نتلقاه  به  دون أدنى تصور عن الهدف  . فهدف الفن يمكن في الجمال الذي ينحصر مصدره  في التلذذ  دون فوائد عملية فهذا ممكن إن يسمى الفن لعبة ليس بمعنى وظيفة تافهة وإنما بمعنى ظهور  جمال الحياة ذاتها التي لاتملك هدفا سوى  الجمال .وجاء علماء بعد كنط  في مجال علم الجمال  فسروا أشكالا مختلفة للجمال كالدراما والموسيقا والكوميديا مثل (هيفا )وغيره  يرى إن إدراك الرائع يأتي  من صيغة  إن العالم يعني (الطبيعة  ) يعني حصيلة محدوديتنا وحصيلة  نشاطنا الحر المثالي.   في المعنى الأول العالم محدود  ، أما في الثاني يعني فهو حر   . في الأول جسد محدود مشوه مقلص  منكمش ،ونحن نرى القبح  والتشوه أما في الثاني فنحن نشاهد الكمال الداخلي والحياة والانبعاث ونشاهد الجمال  لهذا فإن قبح المادة  أوجمالها برأي (فيخته )  يتعلق بوجهة نظر المتأمل  إذا الجمال لايتواجد  في الحياة وإنمافي الروح  الرائعة  والفن هو ظهور  هذه الروح الرائعة . وليس هدف الفن تكوين  العقل أو القلب  فحسب  بل تكوين الآنسان  كاملا  لهذا  علاقة الجمال لا تكمن في أشياء خارجية إنما تكمن في وجود الروح  الرائعة لدى الفنان  وهناك علماء يرون إن الجمال في الفن  يفهم فهما ناقصا  لان الجمال  لا يكمن في الفن وحده  بل وفي الطبيعة أيضاً  والحب  لهذا كان الرائع الحقيقي  يتجلى في وحدة الفن  والطبيعة والحب  ،. هيغل  لايفصل  بين الفن الجمالي و الفن الأخلاقي الفلسفي . يقول هناك جمالين:واحد اجتماعي يجذب الناس مثلما  تجذب الشمس الكواكب  ،  وأما الثاني هو   فردي  لأن المتأمل ذاته  يصبح  شمسا تجذب الجمال   . وإن العالم   الذي يتوافق فيه كل المتناقضات هو  الجمال الأسمى   ، هو فن الحياة .

ويرى (فيخته )وأتباعه  الذي أثر على المفاهيم  الجمالية  أن الفن هو نتاج  أو نتيجة  لوجهة النظر  التي بموجبها  تتحول الذات إلى موضوعها  يعني الموضوع يصنع نفسه بنفسه  الجمال تصور اللانهائي في النهائي والسمة الأساسية  لإنتاج الفني  هي اللانهائية غير الواعية . إن  الفن هو وحدة الذاتي مع الموضوعي  ، وحدة الطبيعة مع العقل ،للاواعي مع الواعي  . لذلك فأن الفن أسمى وسيلة للوعي  .

الجمال هو تأصيل الأشياء في الذات  وكيفية تواجدها في أساس كل الأشياء . إن الرائع لا يبدعه الفنان  بمعرفته أو  إرادته  إنماتبدعه فكرة الجمال فيه  فالفن  هو شبيه بالخلق  وأيضا الجمال الحقيقي  الواقعي  هو ظهور  في شكل فردي ،  أما  الفن  فهو إنجاز الجمال في جو الروح الإنسانية الحرة  و إن أعلى درجات  الفن هي فن الحياة ، الذي يوجّه نشاطه لتزين الحياة من أجل  أن تكون مكانا رائعا  ليعيش انسان رائع  يرى (هيفا ) أن الله يظهر  في الطبيعة وفي الفن  على شكل الجمال  ويتم التعبير عن الله بأسلوبين   ، في الموضوع وفي الذات ، في الطبيعة وفي الروح  . أما الجمال  فهو ظهور الأفكار من خلال المادة  وإن الرائع الحقيقي ماهو  سوى الروح   لذلك فآن جمال الطبيعة  هو انعكاس  الجمال الخاص بالروح فقط  غير إن ظهور الروح يجب إن يتجلى  في شكل شعوري فقط  وإما لتجلي الروح الشعوري  فهو ظاهري فقط  وهذه الطاهرية  هي واقع  الرائع  لذلك فإن الفن  هو إنجاز ظاهرية هذه الفكرة  وهو وسيلة  مع الدين والفلسفة  لإحياء الوعي وإظهار مهام الناس  الأكثر  عمقا  وحقائق الروح الإنسانية ‘

الحقيقة والجمال (برأي هيغل )   هما شيء واحد ، والفرق  هو أن الحقيقة تعني الفكرة ذاتها وإنها تتواجد في ذاتها  وتدرك وتفهم أما الفكر التي تظهر من الخارج  لا تصبح حقيقة  من أجل الوعي فحسب إنما شيئا رائعا والرائع هو ظهور الفكرة فالفن  إدماج جوهر الجمال الروحي المطلق  في المادة الميتة شكلا  و غير المكترثة وتتسم هذه المادة  إضافة إلى الجمال المندمج فيها بأنها ترفض  كل شيء يعيش  في ذاته  يقول  (فيس  ) إنه يوجد في فكرة الحقيقة التناقض بين جوانب المعرفة  الذاتية والموضوعية .

فالفن معرفة  فكرية وشريان يمتد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى