بفارق دقيقة ….قصة قصيرة بقلم علي جبل


يقود سيارته بتهور، يتمايل على أنغام “سطلانة” ينعطف يمينا ويسارا بطريقة أربكت الطريق، ازداد الزحام في الشارع، ومن بعيد يأتي صوت عربة الإسعاف، أخذ يموج أمامها كالثعبان، حاول المسعف تخطيه؛ يعترضه عامدا، يستغيثه المسعف عبر مكبر الصوت: أفسح الطريق لدينا حالة طارئة، ياله من إزعاج! هل يستطيع تجاوزنا؟ يحثه صاحبه الذي يرقص بجواره أسرع لا يمكنه اللحاق بنا. تتعالى الضحكات مع الرقصات والصرخات “أوووو سطلانة سطلانة”وكلما حاول قائد عربة الإسعاف تجاوزه، يميل عليه قاصدا إعاقته، حتى انعطف يمينا، فانعطفت الإسعاف خلفه، ثم انعطف يسارا فانعطفت خلفه، ومن شارع لآخر ومن حارة لأخرى تستمر المطاردة، تتصاعد الضحكات، تتسارع الموسيقى، الشوارع تضيق، الأزقة تزداد التفافا، وأمام منزله يضغط على المكابح، توقف محرك سيارته، وتوقفت عربة الإسعاف خلفه مباشرة، فتلاشت الضحكات، وكست علامات التعجب وجهه! ينظر إلى صديقه: لماذا توقفوا هنا؟ الصديق متلعثمًا: ربما هناك خطأ ما؟ سائق الإسعاف ينادي بلهفة: أسرعوا، الحالة حرجة! يركض المسعفون نحو المنزل، يظهر وجه أمه الشاحب وعيناها مليئتان بالدموع، وبصوت متهدج تقول: إنه لا يتنفس، دقيقة واحدة فقط كانت كفيلة بإنقاذ حياته، فاصطدمت الكلمات في عقله، يترنح مكانه، يرتجف جسده، تنكسر ضحكاته إلى شهقات، ينهار جالسا على الأرض، يدفن وجهه بين يديه، يبكي بحرقة، بينما يحيط به صمت ثقيل لا يقطعه سوى صوت الإسعاف وهي تبتعد..
أخذ يردد بطريقة هيستيرية: بفارق دقيقة مات أبي.
انتهت


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى