اللعين ….قصة قصيرة بقلم إلهام فخري


اللعين ….قصة قصيرة بقلم إلهام فخري

حينما كنت في السابعة من عمري رافقت أمي إلى الطبيب لعمل الفحوصات لم أ علم حينها ما بها ومما تشتكي كان خروجي معها شهريا لعمل الفحوصات هي اجمل أوقاتي فكانت برغم الألم الذي كنت الاحظه تبذل أقصي جهدها لإسعادي قبل الدخول للعيادة
لن أنسى نظرتها لي عندما تختفي بالدخول لحجرة الفحص بعدما تصب في أذني الكثير من النصائح والتعليمات ..لا تذهب بعيدا
لا تتحدث مع أحد
لا تخرج من العيادة
لا تحدث فوضي
ثم تختفي ملامحها تدريجيا خلف الباب قرابة الثلاث ساعات كنت أتذمر أحيانا طوال هذه الساعات الثلاث ولا يهون علي سوى الممرضة التي طالما حكت لي عن ابنها الذي يشبهني والذي انتقل الي السماء منذ سنوات
كان حال خروج أمي من حجرة الفحص يختلف عن دخولها كنت أراها مجهدة شاحبة اللون تكاد تسقط مغشي عليها لكن الممرضة تسرع بإعطائها شئ من الشراب لتعود بعض العافية إلى أمي
أمي أمراة وحيدة ليس لها أخ أو أخت دائما ما أراها وأنا ألهو أنها شاردة الفكر حزينة لكنها لا تظهر ذلك لي كانت أمامي مثل زهرة الربيع في مارس تتظاهر بالحمال والشموخ لتبعث داخلي البهجة لأحلق في فضاءات أحلامي التي هي أحلامها لا أتذكر عدد المرات التي تحثني فيها علي أن أجتهد حتي أصبح طبيبا أداوي آلام المرضى وأخفف عنهم
لن أنسي يوم رجوعي من المدرسة وشارعي مزدحم بوجوه لا أعرفها أو أعرفها ولكن لا أتذكرها وكلما دنوت من باب كلما زاد البيت ازدحاما حتي السلم
الكل يحملق بي بنظرات بثت بداخي شئ من الرهبة والتعجب
أخبروني أن أمي انتقلت إلى السماوات العلي ..لم أستوعب ماقالو في بادئ الأمر
فكيف تتركني أمي ..فهي لا تتواني عن رفقتي ..كنت أشعر بأنفاسها وأنا نائم فأغط في نوم عميق لامتزاج أنفاسها بأنفاسي فكيف تقبل الأن بانفصال أنفاسنا ..كيف تذهب لمكان آخر بدوني
تري بمن ستمسك يديها
ومن ستعطيه التعليمات غيري
لا أعتقد أن هذا صحيح
كيف لنا أن نكون اثنين بعدما كنا واحد كيف طاوعها قلبها علي تركي وحيدا
كيف ينطفي شمسي وقمري بدون استئذان مني..أي مرض لعين هذا الذي يأخذك مني ويفرق شملنا ..آه يا أمي الساعة الأن الثانية بعد منتصف الليل من العام الخامس و العشرين بعد رحيلك عني
أرسل إليك تحياتي ..وأود أن أخبرك أن حلمك تحقق وأصبحت كما أردت ..طبيبا يداوي آلام المرضي .أعلمك يا أمي أني أراك حاضرة بحانبي بابتسامتك وطبطبة كفك علي كتفي مع كل مريضة تأتيني تاركة ابنها خارجا ناظرا أمه التي تختفي ملامحها تدريجيا خلف الباب قرابة الثلاث ساعات.
تمت