العدد الإليكتروني الثاني : “أهل الكهف “

في الواقع هناك حالة جدلية حول هذا الأمر ، فهناك فريق يري أن هناك علاقة مأزومة في بعض الأحيان بين الأدب والصحافة، وهذا الواقع الجدلي يحتاج إلى رصد دقيق ومتابعة ، وعلينا أن نرفض التعميم ، فهناك بعض الصحف ومنها جريدتنا الغراء “على باب مصر “استطاعت أن تجعل من الأدب والصحافة رسالة تنويرية و إبداعية وتثقيفية وتوعوية كوحدة واحدة لاتتجزأ ٠
لايمكن أن نغفل أن علاقة الصحافة بالأدب في بعض الأحيان هي علاقة الخادم والمخدوم ، فالصحافة فتحت الأفق للمبدعين والشعراء والفلاسفة والكتاب لكي ينشروا إبداعاتهم ونتاجهم الأدبي تحت مظلة الصحافة ، وكثير منهم دخل عالم الشهرة وتقلد المناصب القيادية في بلاط صاحبة الجلالة وأثبتوا جدارة منقطعة النظير ، وكانوا إضافة ورقم في المعادلة ، وهذا يؤكد من وجهة نظري أن العلاقة تكاملية وينفي التناقض بينهما ، وهذا الأمر يدعو إلى فتح حوار بين الأديب والصحفي ، وأدعو أساتذتي وزملائي الأدباء والمحررين بجريدة وموقع على باب مصر أن يتناولوا هذا الأمر بحكم الخبرة ؛ حتى نستفيد جميعا بمعرفة العلاقة بين الصحفي والأديب وهل الصحافة والأدب وجهان لعملة واحدة ؟ أم أن هناك ثمة علاقة جدلية بينهما ؟.
في تقديري المتواضع أن عمل الأديب والصحفي متشابه إلى حد التطابق ، فكلاهما يحمل هموم وطنه وبينهما قواسم مشتركه كثيرة ، وعلينا أن نحفظ للصحافة دورها وأيضا ننصف الأديب ، وخاصة أننا في عالم الثورة المعلوماتية أو الانفجار المعرفي ، وفيضان وسيولة الاعلام .والحقيقة التي أود أن أؤكد عليها : أن الصحفي والأديب شيئٌ واحد ، فثمة صحفي يكتب الأدب وثمة أديب يكتب الصحافة ، وكبار الكتاب المصريين كانوا في الأصل صحفيين أمثال جمال الغيطاني ، ويوسف القعيد ، وإحسان عبد القدوس ، ونجيب محفوظ ، وطه حسين وغيرهم .أما الكتاب العالميين الذين زاوجوا بين الصحافة والأدب فهم كثر وعلى سبيل المثال : همنجواي وجارسيا ماركيز وسارتر والبير كامي وآخرين ، وهذا ينسف مقولة أن الصحافة مقبرة الأدب وفي الحقيقة الأديب لايستغني عن الصحافة وكذلك الصحفي لابستغني عن الأدب
تحياتي…
أشرف الجبالي
رئيس التحرير

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️😅◻️◻️◻️

ظلت قصة أصحاب الكهف ملهمة للكثيرين من الروائيين والمبدعين .

لم تكن الرواية فقط قرآنية ، فهى تضرب بجذورها أبعد من ذلك، فمن أصل فى المهابهاراتا عن شبان يصطحبون كلبهم للتعبد فى أحد الكهوف، إلى رواية زراداشتية عن كلب بحلق ذهبى يحرس جسد النبى آدم عليه السلام ، إلى رواية يابانية عن أوراشيما الفتى الذى ترك أهله ليصحب ابنة ملك البحر فى الجزيرة التى لا يموت فيها الصيف أبدا، ليتزوجها وليعيش معها ثلاثة أعوام ، وحين اشتاق لأهله عاد رغم اعتراض الزوجة ليجد نفسه قد غاب عن أهله أربعمائة عام وأنه قد صار أسطورة قديس .

تأتى رواية فتية أفسوس

أو

The Seven Sleepers of Ephesus

كأصل قديم للرواية المسيحية عن مجموعة من الفتيان آمنوا بالإله وقت سيادة عبادة الوثنية فى عهد الإمبراطور جاليوس ديكيوس ، والذى تولى الحكم عقب انقلاب دموى قتل فيه الإمبراطور فيليب العربى ذو الأصل العربى من سوريا ، والذى يعتقد وبشواهد عدة أنه أول إمبراطور رومانى مسيحى وليس الإمبراطور قسطنطين صاحب مجمع نيقيه .

سؤال لا نملك الإجابة عنه إلا بربط السياق اللاهوتى مع الحدث التاريخى وهو ما قد يرجح دون إثبات جوهرى.

الروايات الدينية عموما حتى و إن وجدت روايات تماهيها فى الأساطير من الديانات التى لا يتم تصنيفها كسماوية بها ظلال من حقائق نبوات وعقائد لم تُقصص .

ألهمت الأسطورة والرواية المسيحية والقرآنية كاتبنا الكبير توفيق الحكيم والذى كتب مسرحية أهل الكهف عام ١٩٢٩ والتى تم نشرها عام ١٩٣٣.

تأتى مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم كمعالجة فلسفية لكونشرتو الزمان والمكان أو حوار الإنسان مع الزمان والمكان ، ليصحو الفتية فيجدوا أنفسهم أغرابا فى غربة زمانية ومكانية رغم بعثهم فى عهد إمبراطور مؤمن بالمسيحية وهو الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى كما ترجح أغلب الروايات.

الحوارات فلسفية بحتة عن الزمان وتأثيره عن غربة اللامكان ، وبريسكا الأميرة صاحبة العهد المقدس مع الحبيب والتى صارت قديسة حافظة للعهد ولتتسمى باسمها بريسكا أخرى جاءت استنساخا عبر الزمن ، والتى تفضل أن تصاحب مشيلينا الذى بعث بعد ثلاثة قرون فى الكهف بعد العودة إليه لتكمل عهد جدتها القديسة فى أنتيجونية سوفوكلية، معاصرة .

تأتى معالجة الكاتب الكبير أيمن بهجت قمر فى الفيلم المعنون بنفس اسم المسرحية اكثر نضجا.

وجاء إخراج المخرج الكبير عمرو عرفة ، والموسيقى الأمريكي التركى فاهير أتاكوجلو ، والإنتاج المغامر للمنتج محمد رشيدى ، ليصنعوا جميعا سيمفونية من العمل السينمائى الفكرى المبدع.

المعالجة السينمائية جاءت أكثر نضجا فهى ، تناقش كونشرتو زمانى ومكانى بشخصيات عادت بعد غياب ثلاثة قرون ، لتجد أن الوثنية التى هربوا منها تتجسد فى ممارسات وثنية تتاجر بالدين وتزاوجه بالسياسة مخالفة تعاليم المسيح ولتجعل ما لقيصر هو لله ، وما لله فهو لقيصر، فى اقتسام مروع للكعكة ما بين السلطة والكهنوت من أجل توطيد الحكم لكليهما ؛ فينتهى الحال بأخوة افسوس بالعودة للكهف ولتأتى النهاية بأن يخرجوا الوليد الذى نام معهم ثلاثمائة عام ، ويسلمونه لبريكسا لترعاه واسموه ( إنسان )، إذ ربما يكون رسالة للإنسان ويوتوبيا الإنسان.

الفيلم بالتأكيد وفى زمن الردة ؛ لن يحقق نجاحا جماهيريا ، ولكن يكفى صناعه فخرا أنه سيظل علامة فى سينما المائة عام القادمة.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

بادئ ذي بدء لن أتحدث عن فيلم شباك حقق  عائدا ضخما من المليارات  النقدية بل  بالعكس تماما ، ربما لم يلق هذا العمل الرواج الكافي الذي يستحقه،  لكن بالنسبة لي فأنا أغبط كل من شارك فيه كتابةً أو تمثيلًا أو تصويرًا أو إخراجًا لأنه وإن  لم يشارك في حياته الفنية إلا بهذا الفيلم فقد فاز !!!و لا أتحدث هنا عن الفوز الدنيوي ، فمثل هذه الأعمال لا يكون المكسب منها ماديًا و لا  مهرجانيًا ،  و إن كان بالفعل يستحق أن يتصدر قوائم  الفائزين في المهرجانات  السينمائية العالمية   ؛ لكن تُرى هل  طبيعة العقول  البشرية في هذا الزمن  سترحب بمن يمسك بحزمة من  الأسهم بقبضة واحده  و يرميها  بكل قوة  في وجه المتلقي مدمرًا بها  كل التابوهات  التي صار  يعبدها من دون الله حتى صار مشركًا به و هو لا يدري ؟؟  

هل سنرحب بمن يمسك الأسلاك الكهربائية العارية  صاعقا بها  وجدان المُشاهد  و تاركا إياه منتفضا بين الإرباك و الإشتباك  و عينه زائغة بين الإدراك و  الإستدراك و قلبه متسائلا  عن الإيمان و الإشراك  ؟؟؟ 

هل سنرحب حقًا بمن يلقي بحجر في المياه الآسنة أم  أننا سنخاف مما سيخرج  علينا من الحشرات و القوارض  بعد كل هذا الركود طيلة هذه السنوات ؟؟؟

 أصبحت هذه الأسئلة واجبة الإجابة  في خضم أحداث هذا الزمن الذي تهاجمنا أيامه يوما بعد يوم  و لحظة بعد لحظة إما بفتنة جديدةٍ من الفتن ، أو بأمرٍ  من الأمور   التي لا تنفك أبدا من أن تُراود كل مؤمن عن إيمانه بين حينٍ و آخر .

هذه هي الأسئلة  التي فرضت نفسها  بقوة ناعمة من خلال هذا العمل السينمائي المتميز  ، و بخطوات متئدة و متأنية نحو الإدراك   ، و بسيناريو شديد الإحكام يساعد على وصول صدى الصوت الخافت  الذي لن  يسمعه إلا كل من يسترق السمع وسط  صخب الضوضاء التي تشتت أسماع و أفكار العامة من الجائلين التائهين في هذه الدنيا .

هذه هي الأسئلة التي طرحها علينا الأديب القدير توفيق الحكيم في مسرحيته ( أهل الكهف ) و التي عالجها سينمائيا ببراعة منقطعة النظير المبدع أيمن بهجت قمر و أنتجها لنا  المنتج محمد رشيدي الذي و إن كان قد دفع الكثير  من الأموال  إلا أنه قد كسب الأثمن منها بهذا العمل الفريد الذي أخرجه المخرج البارع عمرو عرفة الذي بدأ  يخطو  خطواته الواثقة من المحلية المصرية   نحو  عالمية  هوليود من خلال هذا العمل  .

لن أطيل و سأعرض عليكم معرضا مختصرا عن مضمون هذا الفيلم  : 

يتناول الفيلم قصة مستوحاة  من قصة أصحاب الكهف المذكورة في القرآن الكريم و إن كان هناك تنويه إنكاري  يستبعدها صراحة في مقدمة الفيلم ولكن هذه ليست مشكلتنا التي سنتوقف عندها فما عرضه الفيلم من أفكار  في خلفية الأحداث مهم و خطير جدا  . 

الفيلم هنا يستهدف المشكلة الأصعب في هذه الحياة و هي الإنسان من خلال شخصية ( إنسان ) التي جسدها الفنان أحمد بدير في مشهد البداية ، و  إنتهت به أيضا  أحداث الفيلم بعد  مشاهد متواترة و متوترة واحد يتلو الآخر ،  حتى وصلنا  إلى  مشهد النهاية البليغ بأدائه البارع  و بكل عمق بعدما عشنا معه قصة تشبه كثيرا قصة أصحاب الكهف في صورة شديدة الترميز و  التشويق و التأثير .

شارك في هذا العمل المتميز   كل من الفنان  الباحث عن كل ما هو مختلف خالد النبوي القائم بدور ( سبيل ) و الترميز هنا يشير إلى  طريق الله و هو اسم شرقي . و تقاسم معه البطولة  الفنان محمد ممدوح ( بولا )  و هو اسم غربي ليُجسِّدَ الإثنان شخصيتي   قائدي جناحي جيش الإمبراطورية الرومانية و اللذان  كانا من طائفة المؤمنين سرًا  و المستهدفة علنا من الإمبراطور نفسه ، لنراهما و لأول مرة في ثنائية تمثيلية رائعة نتمنى لو  تتكرر مراتٍ أخرى على الشاشة المصرية.

 و كعادة الفنان محمد فراج في الإبداع في الأدوار  المزدوجة الأداء ، رأيناه هنا يتألق في دور  توأم أحدهما اسمه (نور ) و الآخر اسمه (نار ) في إشارة قوية لرمزية ما يحمله هذان  الاسمان من صفات و معاني دلالية  ، كما  شاركهم البطولة  الفنان مصطفى فهمي  الذي أبدع في دور (الإمبراطور ديكيوس) كاره المؤمنين  و الذي كان يستهدفهم و يقتلهم بكل وحشية و دموية في حلبات المصارعة التي كانت تقام بشكل دوري لإلهاء الشعب عن مشاكله الاقتصادية و الاستمتاع بفكرة القضاء على أعداء الوطن  المفترضين  ، ليستيقظ  مصدوما في يوم من الأيام  على حقيقة إيمان قائدي جناحي جيشه اللذين يحميان مملكته  من غارات الجيرمان أعداء الوطن ، ليجد نفسه في مواجهة مباشرة معهما ، و يسعى للقضاء عليهما فقط لأنهما من طائفة المؤمنين . و يساعده وزيره اليهودي و في ذلك إشارة قوية لأصحاب الفتن الحقيقيين على مر العصور .

هذا و شاركتهم الإبداع الفنانة غادة عادل التي ظهرت في شخصيتين محوريتين عبر  عصرين مختلفين تحمل فيهما نفس الاسم   (بريسكا )  و يعني المختصة أو المحظوظة  و تحمل صفات  الحياة و الابتكار و البهجة و الوداد ، كما انضمت لهم الفنانة ريم مصطفى في دور ( تنسيم ) تلك الروح المسالمة التي عاشت كالنسمة و اغتيلت  هي وباقي الأبرياء أمام أعاصير رياح الوشايات و الكفر و الشرك .

أما الفنان رشوان توفيق فقد قام بدور  القديس العابد  ( خشب ) في إشارة إلى صلابة الإيمان و تغلغله في قلبه الذي يتلقى حفيده ( انسان ) بعد موت ابنته و قتل زوجها  المؤمن على يد الامبراطور فيسلمه إلى ( بريسكا ) أمانة  و يطلب منها أن تحسن تربيته بعدما يقرر عدم الخروج من الكهف .

و كان معهم الفنان أحمد فؤاد سليم  ( المعلم  الصدوق جلياس) و الفنان أحمد عيد في دور ( الراعي  الطيب مليخة ) و الفنان أحمد وفيق في دور القائد الخائن ( دريس ) و الفنان صبري فواز( في دور الوزيز اليهودي عرموش) الذي أشار على الإمبراطور بالتخلص من القائديْن المؤمنيْن ( سبيل ) و (بولا ) في حلبات المصارعة في إشارة قوية  إلى أن الفتن ضد أتباع الله دائما ما يصنعها اليهود عبر كل الأزمنة ، كما قام الفنان جميل برسوم بدور نيافة الأسقف الطامع الذي استبدل الدنيا بالدين  ، و الفنان بيومي فؤاد في دور الإمبراطور المنافق  الذي يتاجر بالدين لحماية عرشه حتى لجأ إلى  صفقة خيانة يعقدها مع نيافة الأسقف ليُثَبِّتَ حكمه في وليمة عشاء يدعو فيها كل الأمراء و يقضي عليهم جميعا ليرفضها أهل الكهف و ويختاروا  بكامل حريتهم العزلة مرةً أخرى و العودة إلى كهفهم ، فيغلقونه  عليهم إلى الأبد بعدما رفضوا زمن النفاق كما رفضوا زمن الشرك مسبقا.

يعرض لنا الفيلم  مأساة أتباع  سيدنا عيسى عليه السلام في إشارة قوية إلى المأساة الأساسية لكل المؤمنين  في كل عصر من العصور على هذه  الأرض ، ليصف لنا سمتهم ويشير إلى ملامح شخصياتهم   : فهم أصحاب القلوب الرقيقة كالأطفال  لا يعرفون  إلا لغة الحب  ، و هم أصحاب  الأرواح المتحررة من كل عبودية لمال أو لجاه أو لسلطة بالرغم أنهم يمتلكون كل   الصفات و المؤهلات القوية  للتمكين و لكنهم لا يؤثرون إلا فوزهم بعبوديتهم لله  الواحد الأحد فقط  . و الجميل في الفيلم أنه يسَّر على المشاهد  استنباط صفاتهم  بكل يسر فوجدناهم  أصحاب عقول  لا تهدأ و لا تنفك أبدا  عن التفكير  فيما يرضى الله عز و جل ، مستمسكين بصراطه  المستقيم دائما مهما اشتدت الفتن و الشدائد ، أشداء على الكفار و رحماء فيما بينهم ، ويمتلكون بصيرة نافذة مددها من نور ربهم تساعدهم دائما  على فك شفيرات الفتن و فخاخ الشياطين من الإنس و الجن ، و هم أيضا المختارون المصطفون  من الله في كل زمان ليكونوا المحاربين الأشداء لنصرة الحق على  الباطل في كل الحروب و الفتن، وهم أيضا من يمتلكون قوة مدمرة حارقة كقوة التنين  الذي يختار    دائما بمحض إرادته متى يحارب و متى يختفي حتى و لو  اضطروا في النهاية  للعودة  إلى الكهف  مرة أخرى  بمحض إرادتهم  اختباءً من الأحداث التي قد تؤدي إلى تلويث فطرتهم النقية في أوقات الفتن الكبرى بأيدي غيرهم من بني البشر ليختاروا العزلة و الارتقاء عن الغالبية العظمى  ، أي أنهم دائما يختارون طريق الله مهما كانت الإغراءات  و الابتلاءات في رحلتهم الأرضية  . ودائما  ما يختبئون في كهوفهم النفسية إما خوفا من الانزلاق في طريق الشرك أو طريق النفاق . 

إن رحلة الإنسان مع التوحيد و الإيمان هي رحلة أزلية وجودية  منذ بدء الخليقة ، ستظل تؤرق كل  باحث عن الحقيقة إلى أن ينتهي تجليه  على هذه الأرض أو إلى أن  تنتهي الأرض نفسها عن الدوران  ،  وهذه الحالة اليقينية يصعب جدا  تحديد  أو تقييد  تصنيفها  تحت اسم أي دين فالتوحيد في حد ذاته هو أصل الأديان جميعا و لكن الفيلم هنا يدخل معنا من عميقٍ  إلى الأعمق و هو : ماهية الإيمان   . و هل هو حالة شكلية تتوقف عند أداء مراسيم العبادات فقط تحت مظلة أي شريعة  ؟ ، أم أنها تتخطى هذا  إلى أن تمتلك الوجدان و تتحكم في كل حواس الإنسان و تصرفاته  لتصبح أفعاله و أقواله  صلوات  موحدة في كل وقت و عمله عبادة خالدة  دائمة لا تنقطع حتى بعد الموت ؟؟ . 

إن كلمة الإيمان و رغم بساطتها لا يمكن أبدا أن تنحصر على فئة معينة من البشر ، و إلا يعتبر هذا عجزا أيديولوجيا و عبثا فكريا و تشوها  فطريا و طبعا النتيجة لابد أن تكون الاستنساخ العكسي للنقيض   ، لننزلق دون أن ندري  تدريجيا  إلى التشوه  الفطري للإنسان الذي يرضى باقصاء كل من هو مختلف  حتى تتولد تلقائيا فكرة  الإرهاب  بشكل تدريجي لينتهي بنا الأمر إلى مخالفة مبدأ و قانون  الاستخلاف  على وجه هذه الأرض  بأمر الله ،  بل و الاقتتال باسم الحق بعد التسليم  لقوانين لعبة  الشيطان  وننسى أنه العدو الأول للإنسان و للإنسانية  . 

وهنا تتجلى في ذهني  و بقوة الآية رقم ٣٠ من سورة البقرة : 

و ختاما : قلَّما ما نجد عملا يكسر بكل هذه النعومة تلك التابوهات التي جعلت الإنسان وبدون أن يدري يحيا بين ملذاته و رغباته النفسية الدفينة في حالة من الشرك بالله و بشكل يومي و دائم   ، حتى كاد  بالفعل أن يفقد مبدأ شرعية وجوده و استخلافه على هذه الأرض بأمر الله  .

فمهلا أيها ( الإنسان )  حدد لنفسك الطريق و اسأل إلى أين أنت ذاهب الآن ؟؟؟؟!!!

فيلم قوي لا يستحق فقط المشاهدة بل التفكير في كل فكرة يطرحها.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

◾️إمّا حرف تخيير
يجب تكراره في الجملة.
ويرى ابن هشام أن الكلام يبنى مع (إما) من أول الأمر على ماجيء بها لأجله من شك أو تفصيل وغيره.
ولذا وجب تكرارها. ، ولا تكرار إذا كان في الكلام ما عوض عن ذلك.
وإلا بمعنى إما .أو بمعنى الإبهام نحو : {إما يعذبُهم وإما يتوبُ عليهم} التوبة: ١٠٦ . ويستغنى عن إما الثانية بذكر الكلام المفصل الذي يغني عنها
نحو: إما تقولُ الحق وإلا فاسكت ،
وكقول المثقَّب العبدي:
فإما أن تكونَ أخي بصدق
فأعرفَ منك غثي من سميني
وإلا فاطّرِحني واتّخذني
عدوًّا أتقيكَ وتتقيني

◼️وتأتي في ثلاثة صور:
أ- (إمّا) يليها فعل مضارع.ثم (إما وقد ترد /أو) بدلا من (إمّا) الثانية. ثم فعل مضارع آخر مرفوع مثال:
إما تذهب أنت لاجتماع أولياء الأمور(وإما /أو) أذهب أنا.
الفعل الثاني بدل تفصيل مطابق مع إما و معطوف مع أو.
ب‌- (إمّا) يليها اسم…ثم (إما/أو) ثم اسم آخر .

{فإمّا منًّا بعدً وإما فداءً} محمد :٤
إما : حرف تخيير . وتعرب كل من: منًّا وفداءً مفعول مطلق نائب عن فعله. المحذوف وجوبًا لأنه يفيد الأمر.
إما مُنُّوا منًّا أو فادوا فداء.
وفي قوله تعالى :
{إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا } شاكرًا: حال منصوبة، وصاحبها ضمير المفعول به في هديناه.
وفي قوله تعالى:{حتى إذا رأوا مايوعدون فإما العذابَ وإمّا الساعة}
(العذابَ والساعةََ) نصبا على البدلية من محل ما الموصول الاسمي في (ما)يوعدون..

إمّا: حرف تفصيل لأنه لا خيار لهم في ذلك.
ج- (إّما) أنْ يليهلفعل مضارع منصوب…و (إمّا /أو) وبعده فعل مضارع منصوب بأن أيضًا

  • {إما أن تعذّب إما أن تتخذ فيهم حسنا} الكهف : ٨٦
  • { إما أن تلقي وإما أن نكون نحن المُلقين} طه : ٦٥
    …إما ان تقبل بشروطي (وإما/ أو ) أن أنسحبَ من الصفقة. إمّا: حرف تخيير والمصدر المؤول بعدها مبتدأ مرفوع وما بعد إمّا الثانية بدل مع )إمّا) واسم معطوف مع (أو).
    ⚘وأجاز الكوفيون أن تكون على هذه الصور، مكوّنة من (إن) الشرطية، وما زائدة .
    قال مكي : وهذا ممنوع لأن الشرطية لا تدخل على الأسماء .
    والبصريون لايجيزون دخول إن الشرطية على الأسماء،
    إلا مرفوعةً ، ويُضمر بينها وبين الاسم فعل يفسره المذكور وتكون فاعلًا له.
    ولا يمكن إضماره هنا لأنه يلزم رفع( شاكر)
    كقوله تعالى :
    {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمعَ كلام الله ثم أبلغه مأمنه} التوبة : ٦
    فقال الكوفيون استظرافًا ولمناكفة البصريين فحسب: إن ناصبها كان المضمرة مع اسمها،والمنصوب خبرها.😶
    وهذا من قبيل الخلاف للخلاف!!! فأين كان المذكورة التي سنضمر فعلًا من جنسها ونحذفها مع اسمها؟؟!! ولست أرى سببًا هنا لتأويل الكوفيين لكان المحذوفى مع اسمها، ولا صحة لذلك.وبالتالي فليست هذه إنْ الشرطيه وإنّما ذاك أسلوب آخر. فضلًا عن أنه لم يرد عن العرب تكرارها فيه.

◼️و لنتوقف عند إمّا تلك المكونة من (إنْ) الشرطيه وما الزائدة المدغمة بها.
وهذه وردت في القرآن الكريم كثيرًا ،وبعدها فعل مضارع مؤكد بنون التوكيد الثقيلة . وكان من سبقها للفعل المضارع أن تكون سببًا من أسباب جواز توكيده بإحدى نوني التوكيد الثقيله أو الخفيفة.
ومما ورد في القران الكريم:

  • قوله تعالى:
  • {وإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فصلت:٣٦
  • { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} سورة الأنفال: ٥٨

-{….إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا….}
الإسراء: ٢٣

  • {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} مريم: ٢٦

إمّا: إن أداه شرط جازمة. ما زائدة.
يبلغنّ،تخافنّ،
ينزغنّ: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله مباشرة بنون التوكيد الثقيلة، في محل جزم فعل الشرط، ونون التوكيد حرف لا محل له من الاعراب. هو الكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.

◼️أما فعل ترَيِنَّ، فهو معرب لا مبني لأن نون التوكيد لم تتصل به مباشرة. فهو من الافعال الخمسه وحذفت النون علامة للإعراب. وإعرابه كما يلي: فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط وعلامه جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. والياء ضمير متصل مبني على الكسر في محل رفع فاعل ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب.
وجمله جواب الشرط أتت مقترنه بالفاء وجوبًا في الآيات القرانيه الأربع؛ لأن صيغه الأمر تصدّرت جواب الشرط.

◼️و(إمّا) هذه لا تحتاج إلى تكرار لأنها فقدت معنى التخيير أو التفصيل.
و أراها تحمل في طياتها معنى الظرفيه الزمنية دون تصريح به

◼️هذا مجمل ما أردت قوله في الحديث عن إعراب( إمّا) وما جاء بعدها اسما أوفعلًا.

أشكركم شكرا جزيلا لصبركم علي ولكن البحث طارف وطريف تحياتي ومحبتي لكم جميعًا.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

يلاحظ الدارس تلك الندية القوية التي تسود المناظرات بين موسى وفرعون..
إنه السلطان الذي وهبه الله لموسى وهارون فما كان لفرعون أو لجنده أن يصلا إليهما بالأذى..
لكن فرعون يختار جحود الحقيقة.. كمن يكذب ويتعالى حتى يصدق نفسه.. ويختار المواجهة حتى وإن أفضت به إلى الموت.. وانظر إلى حاشية فرعون.. لقد جاءهم موسى بالبينات وبما يؤكد لهم جميعا أنه مرسل من ربه لكنهم آثروا الكفر على الإيمان..
تقودنا الأيات إلى التحدي ثم المواجهة وهزيمة فرعون والسحرة.. اقرأ طه الآيات (56-69)..
….. وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى….

  • (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) .. فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ..
    فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) ..
  • قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) ..
    ….. فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) …..
  • قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا.. فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ.. وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) ..
    ….. فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) …..
  • قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا.. وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى.. (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا.. وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)..
  • قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) ..
  • قَالَ بَلْ أَلْقُوا..
    ….. فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)….
    ….. فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) ….
  • قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) .. وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ.. وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) ..
    جاء موسى فرعون وملأه بمعجزات حسية خارقة أجراها الله على يديه.. لكن فرعون أبى أن يؤمن بالله.. رغم أنه كان يعلم أنه يجحد الحق.. ولو آمن لسارت خلفه حاشيته فهكذا هم الملأ والنفاق على مر العصور.. أرسل فرعون حاشريه ومن ينادون في الناس بنشراته وأوامره.. إنه يدعي أن موسى وهارون يهدفون إلى إخراجه وحاشيته والملأ الأغنياء من قصورهم ومن النعم التي وهبها الله لهم.. وراح المنادون يطلبون السحرة العظام في مصر ويسألوهم أن يجتمعوا حتى يستطيع جمعهم أن ينازل موسى.. واختار موسى زمان النزال ومكانه.. وأن يجتمع الناس في ضحى يوم الزينة حتى يشهدوا الإنتصار العظيم الذي يدعي فرعون أنه له.. وجاء يوم الزينة..
    ترك القرآن الكريم لفطنة القاريء أن يتصور كيف أعد فرعون أرض المعركة.. وهذا الحشد الهائل من الناس الذين حضروا النزال.. أين سيجتمع السحرة على منصات الإنتصار.. وأين سيكون موقع إثنين فقط.. موسى وهارون.. في أدنى الأرض.. وكيف جاء فرعون في زينته وفي جمع هائل من حاشيته في أبهتهم.. ثم تذهب الآيات إلى مجرى النزال والمعركة..
  • موسى يعظ السحرة ويقيم عليهم الحجة.. ألا تفتروا على الله غير الحق.. إنكم مسئولون..
  • السحرة يتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول.. يدعون أن موسى يريد أن يغير منهاجهم في السحر فيذهب بهيبتهم.. وأن معنى هزيمتهم أن ينتقم فرعون منهم فيستولي على أملاكهم.. إن السحرة كانوا على يقين أنهم منتصرون.. وكيف لا وقد كانوا عباقرة في مهنتهم..
  • ينادي السحرة باستعلاء.. من سيبدأ إذن يا موسى.. من سيلقي بعصيه وحباله على الأرض.. إنهم واثقون من النصر المنتظر..
  • يجيب موسى بكلمتين فقط.. بل ألقوا… يترك لهم مزية الضربة الأولى.. فألقوا يأشيائهم.. لقد جاءوا بسحر عظيم.. صار ما ألقوه أمام الناس ثعابين عظيمة تتلوى..
  • إن بشرية موسى تدفع فيه الخوف اللحظي.. فقد سحروا أعين الناس.. وكاد موسى أن يصدق..
  • وجاء جبريل إلى موسى.. وسط صياح الجماهير وفوضاهم.. أن يا موسى ألق عصاء..
  • والتهمت عصا موسى كل ما ألقى السحرة في ثوان.. وعرف السحرة وتيقنوا أن هذا ليس بالسحر.. إن علماء مصر وسحرتها قد وقفوا على الحقيقة.. لم يجحدوا الحق بل انقلبوا جميعا إلى الإسلام وإلى الإيمان.. نطقوا بالشهادة ثم تحولوا إلى دعاة ثم اختاروا الإستشهاد لعل الله أن يغفر لهم.. وظل فرعون على عناده..
    ولم يحرك أي ممن كانوا شهودا على النزال ساكنا.. إنصرفوا.. من سورة طه (70 – 76)..
    ….. فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا…..
  • قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) ..
  • قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ.؟. إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ.. فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ.. وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ.. وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) ..
  • قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ… وَالَّذِي فَطَرَنَا… فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ… إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) … إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ… وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) ..
    ….. إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74) ..
    ….. وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) ..
    ….. جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) ..
    أراكم على خير إن شاء الله..

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️🙏


هناك جوانب مهمة عن بعض القبائل التي تتواجد وترتحل بين مصر والسودان ومنها قبائل العبادة والبشارية، ومنهم بنو الكنز (أو الكنوز حسب التسمية الحديثة) التي تستوطن القطرين، ولهذه القبائل دور كبير في تشكيل تاريخنا؛ ولم تحظ بتسليط ضوء كاف عليها .
وقد دخلت على كثير من المراجع التي تحدثت عن أصولهم، والكل أجمع أنهم قبائل عربية هاجرت بعد الإسلام من الجزيرة العربية واختلطوا بسكان النوبة الأصليين وتصاهروا وشكلوا معًا أهل النوبة، و اضرب مثالًا بقبيلة الجعافرة الأشراف وهم من القبائل العربية الذين اختلطوا بالسكان الأصليين، ويشار إليهم أنهم من بطون الكنوز، ونسب الكنوز الجعافرة يشير إليه ابن خلدون في كتابه العبر :
ـ والذين يلون أسوان هم يعرفون بأولاد الكنز كان جدهم كنز الدولة وله مقامات مع الدول مذكورة ونزل معهم في تلك المواطن من أسوان إلى قوص بنو جعفر بن أبي طالب وهم يعرفون بينهم بالشرفاء الجعافرة وأغلبهم يحترفون التجارة ، وتشير مصادر أخرى أن نسلهم يعود إلى السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها

لاحظت تضاربًا في التواريخ بين المراجع، فراجعت التواريخ مع الأحداث المتوافقة مع عصر أحداثها.

تقطن الكنوز أرض الذهب وهو الاسم الذي أطلق على بلاد النوبة ( نوب معناها الذهب) وكان اسم المنطقة في أيام الدولة المصرية القديمة منذ عصر الدولة الوسطى وحكم سونسرت الأول(كوش) ولأن أهل المنطقة اشتهروا بمهارتهم في الرماية بالنشاب فقد أطلق القدماء على المنطقة أرض الأقواس، واطلق عليهم جنود الجيش الإسلامي (رُماة الحدق) لمهارتهم في التصويب بالسهام وهم يعتلون النخل فيصيبون العيونَ والأحداق.

في أول سنوات الفتح الإسلامي لمصر أرسل عمرو بن العاص إليهم جيشا بقيادة عقبة بن نافع الفهري سنة 21هـ، ولكن الجيش عاد بعد فشله في السيطرة على المنطقة، وبجنده إصابات في أعينهم، يروي (الواقدي) عما جري في المعركة فقال:
ـ حدثنا إبراهيم بن جعفر عن عمر بن الحارث عن أبي قبيل حيى بن هاني المعافرى، عن
شيخ من حمير قال:

  • شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب، فلم أر قوم أحد في حرب منهم، لقد رأيت أحدهم يقول:
  • أين تحب أن أضع سهمي منك؟ فربما عبث الفتى منا فقال:
  • في مكان كذا، فلا يخطئه، كانوا يكثرون الرمي بالنبل فما يكاد يرى من نبلهم في الأرض شيء، فخرجوا إلينا ذات يوم فصادونا ونحن نريد أن نجعلها حملة واحدة بالسيوف، فما قدرنا على معالجتهم، رمونا حتى ذهبت الأعين فعددت مئة وخمسون عينًا مفقوءة. فقلنا:
  • ما لهؤلاء خير من الصلح، إن سلبهم لقليل وإن نكابتهم لشديدة.
    وقد غزا عبد الله بن سعد بن أبي السرح المنطقة سنة ٦٥٢م ٣١ هـ، في عهد الخليفة عثمان بن عفان.
    (تا كنزا ) ويتواجدون في الجزيرة عند الشلال الأول شمال النوبة وقد ورد في كتاب فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم:
  • ينحدر بنو كنز من قبيلة بنو بكر وائل التي كانت تسكن بلاد البحرين في شبه الجزيرة العربية، وارتحلت أعداد كبيرة منها خاصة بنو حنيفة وبني يونس إلى مصر في عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله في عام ٢٣٨هـ فنزل بنو حنيفة في وادي العلاقي الذي
    يقع في الصحراء الشرقية بين أسوان والبحر الأحمر، واستقر بنو يونس في ثغر عيذاب جنوب حلايب، كما نزلت جماعة أخرى من بني حنيفة بظاهر أسوان في بلدة بنوها عرفت باسم المحدثة ويرجح الدكتور بركات موسى الحواتي في كتابه (الذاتية السودانية: دراسة في المكان والإنسان والأحداث) أن لقب الكنوز ربما اشتق من وادي كنزة، وهو وادي كثير النخيل بمنطقة اليمامة (الموطن الأصلي لقبيلة ربيعة) بجزيرة العرب وقد حدثت زيجات بين بني
    حنيفة مع سكان وادي العلاقي التي وفد إليها رؤساء حنيفة من بنات رؤساء قبائل البجا، ونظام وراثة الحكم كان لابن البنت وابن الأخت ، مما أدى إلى انتقال حكم بلاد البجا في هذه المنطقة إلى زعماء حنيفة.
    وسميت المنطقة بالكنوز منذ خلع الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي في عام 397هـ لقب كنز الدولة على(أبي المكارم هبة الله) زعيم إمارة ربيعة (بنو حنيفة) لذي يعرف بالأهوج المطاع لدوره في القبض على الثائر الأموي(الوليد بن هشام بن المغيرة بن عبد الرحمن الداخل المعروف بــ أبي ركوة) الذي
    قاد ثورة ضد الخلافة الفاطمية في عصر الحاكم بأمر الله القاهرة عام ٣٩٧ هـ فظفر به أبو المكارم هبة الله وأرسله إلى القاهرة وتم صلبه على أحد أبوابها، فخلع عليه الحاكم بأمر الله لقب ( كنز الدولة)، وصار هذا اللقب علمًا على جميع أمرائها حتى انتهت دولتهم التي أسسها أبو المكارم هبة الله، وجعل عاصمتها مدينة أسوان وضمت هذه الدولة أسوان والبجا والنوبة وحلفا وامتدت حدودها من أسوان في مصر حتى جنوب حلفا في السودان, ويقول المؤرخ المقريزي إن لقب بنو كنز كان يطلق علي المنطقة في عصر سابق للحاكم بأمر الله.
    وقد ظهرت إمارة بني حنيفة التي نزلت في وادي العلاقي نتيجة لزواج رؤساء حنيفة من بنات رؤساء قبائل البجا سكان هذه المنطقة من الصحراء، مما أدى إلى انتقال حكم بلاد البجا في هذه المنطقة إلى زعماء حنيفة حسب النظام المحلي الذي يجعل وراثة الحكم لابن البنت وابن الأخت( كنا ذكرنا سابقًا)
    في عام 466هـ أعلن كنز الدولة محمد استقلال دولة الكنوز عن الدولة الفاطمية، في عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ولكن الوزير بدر الدين الجمالي حاربهم وقضى على استقلالهم بعد ثلاث سنوات عام 469هـ وتم قتل كنز الدولة محمد وعلقت جثته على أحد أبواب القاهرة.
    وقد عادت العلاقة بين إمارة بني الكنز والدولة الفاطمية. وعين سعد الدولة سارتكين القواسي (ابن أخ الأمير كنز الدولة محمد) والياً على أسوان، وشارك في الحملات العسكرية ضد الفرنجة حوالي ٤٩٤هـ واستشهد في إحدى هذه المعارك بعسقلان
    في عام 568 هـ ثار كنز الدولة بن المتوج على آبي الهيجاء السمين الحاكم المعين من قبل صلاح الدين وقتله 570 وسبب الثورة أن صلاح الدين أقتطع إمارة بني الكنز إلى أخيه توران شاه إقتطاعًا حربيًا ثم اقتطعها إلى أبي الهيجاء
    السمين أحد قواده، وقد أرسل صلاح الدين الأيوبي حملة بقيادة أخيه الملك العادل وقضى عليهم جميعا.
    في العصر الأيوبي ظهرت فكرة إقامة تحالف صليبي حبشي (يقصد بالحبشة في ذلك الوقت ممالك النوبة المسيحية بالسودان) للإطباق على مصر من الشمال والجنوب وظهور مخطط أوروبي حبشي لتحويل مجرى نهر النيل وحرمان المصريين من مياهه ولم يتم هذا المشروع في زمن الأيوبيين
    في عصر السلطان محمد بن قلاوون رفض تعيين كنز الدولة شجاع بن نصر الدين فخر الدين مالك على أمارة النوبة وعين رجل يدعى (برسمبو ) وقد كرهه أهل النوبة ودار قتال بين برسمبو وبين كنز الدولة شجاع بن نصر الدين الذي قتل برسمبور في معركة سنة 717 هـ، وقرر محمد بن قلاوون الاعتراف به.
    قال ابن خلدون عن الكنوز:
  • الكنوز أهل بيت ثارت لهم ثورات .
    ذكر المقريزي في كتابه السلوك أحداث سنة 767هـ عن وجود طائفة من بني عكرمة في أسوان، وسواكن وأن أولاد الكنز قد غلبوا على ثغر أسوان، وصحراء عيذاب وبرية الواحات الداخلة، وصاهروا ملوك النوبة وأمراء العكارمة واشتدت شوكتهم . فضلاً عن رجوع بعض بني عكرمة لصعيد مصر بعد الاستيلاء على أسوان وتكوين إمارة الكنوز بها، ويتمركز الآن العكارمة في محافظة سوهاج وقنا وأسوان ولهم تواجد في محافظة أسيوط و القصير وغيرها من المحافظات ولهم تواجد في محافظتي الإسماعيلية والسويس . يتحدث الكنوز اللغة العربية بجانب (الرطان) اللغة النوبية الأصلية غير المكتوبة، وتختلف لهجاتها من إقليم لآخر، وعلي الرغم من بعد المسافة بين الكنور التي تقع في أقصي شمال النوبة ودنقلة في أقصى
    جنوب النوبة ألا إن لهجاتهم متقاربة جدًا، وتسمى لهجة الكنوز (المتوكي ) أي الشمالي
    . قال الشيخ الصاد عيسى أحد زعماء الكنوز في أم درمان سنة 1914م أن قبائل الكنوز تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين: ـ مجموعة تضم قبيلتا أولاد السيد ونس بن رحمة بن الحسن، الذي تتصل سلسلة نسبه بالفضل بن عبد الله بن العباس؛ ومن أبناء هذه القبيلة إدريس الأكبر وهو جد الملك طنبل حاكم جزيرة ارقو الذي عرفت أسرته فيما بعد باسم ملوك دنقلا، وتقع جزيرة أرقو ضمن الولايات الشمالية للسودان بين نهر النيل وخور أرقو شرقا، وأرقو تعني باللغة النوبية أرض الملوك (ار قو) ، ويقال إنها تعني أرض الذهب. ومجموعة تضم قبيلة الأشراف الرؤساء ويسمون بأولاد تميم الدار الأنصاري جد قبيلة التميمية الأنصار بصعيد مصر نسبة
    إلى تميم بن محمد بن تميم بن تمام بن أحمد الخزرجي ابن تميم الدار بن حبيب الأنصاري ، و(أمير نجم الدين) الذي ينتمي إليه أولاد عمران الذين يعيشون مع قبائل البديرية قرب الأبيض في كردفان. وقد حافظت الكنوز على ما ورثوه من طباع وعادات وتقاليد أجدادهم، وهم زاهدون متدينون محبون للعلم والثقافة، مرتبطون ببعضهم ويرحبون بالغرباء، وكان لهم دورًا في نشر الإسلام بين قبائل البجة والنوبيين. كما كان لهم دورًا في انتشاره في ربوع السودان. ويعيش إلى جانب الكنوز، الفاديجا والنوبيين العرب.

نلفي الضوء على بعض العادات والتقاليد:
ـ نبدأ بالبيت :
من العادات الجميلة لأهل النوبة بصفة عامة أن الجميع كبارًا
وصغارًا كانوا يشاركون في بناء البيت وحتى النساء والفتيات يشاركن بجلب الماء من النهر وإعداد الطعام للرجال، ويتميز البيت النوبي بالاتساع، ويتكون من المدخل – الفناء (الحوش السماوي) – غرف النوم (القباوي)- المخزن – المطبخ (الديوكة) – المرحاض – المزيرة – الديوان “(وهو المضيفة) وتتميز البيوت بأنها ملائمة للبيئة وتلون الجدران بالألوان الزاهية والرسومات، ونظام البناء يتناسب مع المناخ صيفًا وشتاءً.

طقوس الأفراح( العرس):
تبدأ مراسم الاحتفال (بالسياق) والسياق وسيط من كبار القبيلة و له علاقات طيبة بالعائلتين المتصاهرتين؛ وقد يكون عم العروس نفسها أو خالها، يتم اختياره من قبل أهل العريس، ليقوم بدور طلب المصاهرة من أهل العروس.
بعد موافقة أهل العروس يذهب العريس وأهله محملين بالهدايا ويصاحبهم كبار القبيلة أو القرية إلى بيت العروس لإتمام الخطبة، ويستقبلهم أهل العروس بما يليق بهم و بضيوفهم، ويقدمون لهم الطعام (الطيبة) ويتم الاتفاق على المهر و الشبكة و موعد الزفاف.
قبل الزفاف بأسبوع تساعد نساء عائلة العروس إلى بيتها للمساعده فى خبيز الفرح، حيث يقومون بعمل كميات من الخبز الشمسي (الملتوت) و النشابه (الرقاق) و الجرجوش (الفايش) و البسكوت و المنقوش و الكعك.
والحنة تقام في ليلتان منفصلتان فى كلا البيتين( بيت العروس وبيت العريس) أو ليلة واحدة في بيت العروس، و تدبح الدبائح في وليمة الحنه، وترسم العروس بالحنه على يديها و قدميها، و وتغني النساء الأغانى التقليديه الجميله مع الرقص عليها فى حركات بسيطه، ترتدى العروس فى هذا اليوم عبايات مطرزه و ملونه و تقوم بتبديلها اكثر من مره، وكذلك يخضب العريس يداه و قدماه بالحناء.
ويقام الاحتفال باليوم الكبير فى ديوان او خيمة تنصب لهذا الغرض، ويتغنون بالأغانى التقليديه المخصصه للفرح و لا يكون هناك اختلاط بين الرجال و النساء، يقوم العريس بتلبيس العروسه الشبكه و كذلك تقوم كل من ام العريس و اخواته البنات باهداء العروسه هديه من الذهب، و فى الفرح تقوم العروسة بتبديل ملابسها اكثر من مره، دليل على معزتها وغلاوتها عند أبويها.
ويتم تدوين اسماء من يقدمون أموال النقوط بعدها يُسلّم الى والد العريس.
تمتد ليله الفرح للفجر و بعدها يصطحب العريس عروسه لبيت الزوجيه.
بعد سبعة أيام تأتى العائلتان والمقربون للعروسين بعمل حفل صغير وبعدها تبدأ نقوط العروسة نقدى أو عيني من الذهب، يأخذ العريس النقوط ويضيف عليه من ماله الخاص ويشتري به ذهب لعروسه،
وقد اندثر بعض الطقوس فى الوقت الحالى

طقوس العزاء:
يقام العزاء في دار المناسبات لمدة ثلاثة أيام، و لا يتخلف أحد عن واجب العزاء؛ حتى أهالي القرى المجاورة يحضرون لتأدية واحب العزاء
ويكون في استقبال المعزيين كبار عائلة المتوفى، وتتكفل قبيلة المتوفي بتقديم واجب العزاء من وجبات الطعام لليوم الأول والثاني( الثلاث وجبات) داخل المندرة ليطعموا أهل المتوفى والمعزين الأغراب أو القادمين من سفر بعيد، و المشروب( الشاي – القهوة) يتكفل به أهل المتوفى
واليوم الثالث (العقيرة – أو كرامة) يخرج بيت المتوفى صدقة على روحه فيذبحون ويطعمون الجميع حتى يصل الثواب للمتوفى

الأحكام العرفية:
يفضل الأهالي أحكام القضاء العرفي لسهولتها وسرعتها في الفصل بين المتنازعين، فحياتهم بسيطة خالية من التعقيدات.
ومجلس الأحكام العرفية يتكون من زعماء القبائل وحكمهم قانون ملزم للجميع ويقضى فى كل المشاكل والأحوال المدنية والشخصية

المراجع:

  • ثروة دولة الكنوز في وادي العلاقي لمحمد طحلاوي .
  • كتاب السلوك، الجزء الثالث ممالك النوبة في العصر المملوكي لكرم الصاوي.
  • أعلام أيقونة بوابة مصر للدكتور / عطية القوصي.
  • تاريخ دولة الكنوز الإسلامية لعون الشريف قاسم.
    -المقريزي السلوك في معرفة دول الملوك ابن حجر العسقلاني.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

سوف نبدأ مقالنا من النهاية، النهاية التي تدفعنا أحيانا كثيرة إلى أن نقف مع أنفسنا .
مع أن هذه الوقفة في الغالب تكون متأخرة، و متأخرة جدا ؛ لأننا إذا أدركنا الجزء فلن ندرك الكل .

مقالنا ليس بالسهل لأن عقابه حدده الشرع، بل و حذر من عواقبه، و تأثيره على سائر حياتنا ، إذا لم ننتبه قبل فوات الأوان .
الكثير منا يشكو سوء أحواله و أحوال أبنائه، و لا يدرون ما السبب ؟
مع أنهم لم يقصروا في حقهم، و تكاد تكون طلباتهم أوامر، و ليس لهم همٌ في الحياة سوى راحتهم .

لكن في الغالب تكون ذاكرتهم خانتهم حين انشغلوا بالأبناء و نسوا أفعالهم مع الأباء في شبابهم و كيف كانوا يعاملونهم ؟

و هنا نستطيع أن نحدد أنواع العقوق من طريقة معاملة الأبناء .
و لا تتعجب حين نقول أن الآباء سبب من أسباب عقوق أبنائهم و سنذكر ذلك لاحقا .

◇ فأحيانا تكون المعاملة من الابن فجة و صريحة و أذيتها مباشرة دون اكتراث أو رحمة و ذلك لظروف الأب أو الأم الاجتماعية أو الصحية .

و هنا الأمر سهل و العقوق واضح وصريح و النصيحة مباشرة ممن حول مثل هذه النوعية من الأبناء سواء من الأهل و الجيران أو الأصدقاء و بأنهم سينالون عقابهم في الدنيا و الأخرة .

◇ و لكي نكون منصفين ، أحيانا كثيرة تتسبب طريقة معاملة الآباء في عقوق الأبناء و ذلك نتيجة لفرط ” الدلع ” للابن أو الابنة ؛ لذكوريته على البنات أو لأنوثتها على الصبية .

◇ لكن النوع الأخطر من العقوق هو ذلك النوع المستتر المغلف بالطاعة الظاهرية .
_ طاعة ظاهرها نعم و باطنها تلكؤ أو رفض .
_ ظاهرها حاضر و باطنها عدم تنفيذ .
_ ظاهرها اهتمام و باطنها إهمال .
_ ظاهرها قُرب ” بالاتصال “و باطنها بُعد ” بانعدام اللقاء “

كثيرة هي الظواهر و القشور التي قد تشعرك بالراحة
و لكن تبقى البواطن محل الأسرار .

فهناك فرق و فرق كبير جدا ، بين من يشعر أنه فعل ما عليه و لا غبار عليه ، وبين من يشعر بأنه مقصر مهما فعل تجاه أبويه .

هناك فرق بين شعور الأب أو الأم الداخلي بأنهم غير مُقدّرين، و أن أبناءهم كبروا عليهم و على مشورتهم و نصحهم و خوفهم عليهم ، و بين شعورهم بأن أبناءهم يجاهدون أنفسهم و يتقبلون نصحهم و توجيههم مهما كبروا و تقدم بهم العمر .
فمصدر سعادة الآباء في طاعة الأبناء .

و الخطير في الأمر و الذي يقلب حياة الأبناء رأسا على عقب .
هو حزن قلب الأم أو الأب، و الذي برحمته بهم يخشى أن يظهره .
لكنه في النهاية يعيش بقلب مكسور و حزين لعدم رضاه عن المعاملة أو الإهمال أو الميل لجانب على حساب الآخر
فنهاك أبناء يميلون لجانب الأم على حساب الأب و العكس صحيح .
و كل هذا ينعكس على عدم الرضا و كتمان القهر و الشعور بالإهانة مع الضعف لتقدم العمر .
فأكثر ما يقهر قلوب الآباء الشعور بالعجز حتى عن اللوم و العتاب بالتقصير أو الإهمال .
فيفضلون الصمت حتى يرحلوا بقلوب مكسورة .

و هنا تبدأ المأساة الحقيقية في حياة الابن العاق أو المهمل لأبويه أو أحدهما .
لأن الأمان و الحاجز الوحيد بينه و بين بلاء الدنيا قد رحل .

الكثير من أبناء هذا الجيل و بعض الأجيال السابقة يجهلون قيمة دعوة الوالدين .
و الأخطر رضا قلوبهم من عدمه فنحن بشر و حسبنا أن المُطلع على القلوب ” رب القلوب “

فكم قابلت في حياتك أناسا و سمعت منهم أنهم ما زالوا ينعمون في الحياة بدعوة آبائهم و رضاهم عليهم في الدنيا .

و كم شاهدت في حياتك أناسًا أكل الندم و شرب من روحهم بسبب تقصيرهم في حقوق آبائهم و لكن بعد فوات الأوان .

ناهيك عما نشاهده و نقرأه في هذا العالم الأزرق من هدم لقامة و قيمة الأب و الأم .
بمنشورات تسعى لخلق روح السخرية من دعواتهم و أفعالهم ،و المزعج في الأمر تجاوب بعض الآباء و الأمهات في الظهور بطريقة غير لائقة بمكانتهم الأسرية و الاجتماعية .

حقيقة الأمر ليس بالبسيط و لو تبحرنا في الأمر لوجدناه
ضربًا لثوابتنا الدينية و الأسرية و الاجتماعية .

فإياك أن تنجرف ، و عُد بذاكرتك إلى الوراء ، فأنا على يقين أن لك و لمن حولك تجربة واقعية في تحقق دعوة الآباء .
سواء لك أو عليك .

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

زادت في الفترة الأخيرة القيمة الإيجارية لبعض العقارات بعد توافد عدد من الجنسيات العربية للإقامة بمصر نظرًا لوجود حروب أو ثورات في بلادهم.كما بدأ البعض الحديث عن الضرائب العقارية كوسيلة للحد من القيمة الإيجارية المبالغ فيها في بعض المناطق.
فما هي الضرائب العقارية؟ وهل هي ضريبة جديدة فرضت على المصريين؟
الضريبة العقارية هي ضريبة قديمة معروفة في القانون المصري بموجب القانون رقم 56 لسنة 1954 وكانت تعرف باسم (العوايد) ونظم القانون رقم 196 لسنة2008 أحكام الضريبة العقارية بمعني أنه لم ينشأ ضريبة جديدة.
فما هي العقارات التي تخضع للضريبة العقارية؟ جميع العقارات المبنية المقامة على أرض مصر سواء كانت مؤجرة أو مستغلة أو غير مستغلة وتشمل العمارات والشقق والفيلات والعوامات والشاليهات أو الجراشات أو المشاتل وترفع الضريبة إذا أصبحت الأرض فضاء غير مستغلة لأي نشاط كما تخضع أيضا للضريبة التركيبات التي تقام على أسطح أو واجهات العقارات إذا كان التركيب مقابل أجر أو نفع.
فما مقدار الضريبة العقارية؟
سعر الضريبة الموحدة هو 10% من القيمة الإيجارية السنوية بعد خصم 30% للسكني و 32% لغير السكني مقابل جميع المصروفات التي يتكبدها المكلف بأداء الضريبة بما فيها مصاريف الصيانة.
ومع ذلك قرر المشرع إعفاء بعض العقارات من هذه الضريبة وهي :-
1-الأبنية المملوكة للجمعيات أو المنظمات العمالية المخصصة لمكاتب إدارتها.
2- أبنية المستشفيات والمدارس
والمستوصفات والملاجئ التي لا تهدف للربح.
3-العقارات المملوكة للأحزاب السياسية المهنية.
4-الوحدة العقارية التي يتخذها المكلف سكانا خاصا رئيسيا له ولأسرته والتي تقل صافي قيمتها الإيجارية السنوية عن 24 ألف جنية.
5-كل وحدة من عقار مستعملة في أي غرض يقل قيمتها الإيجارية عن 1200 جنية
6-العقارات المملوكة للجهات الحكومية الأجنبية بشرط المعاملة بالمثل.
وفي كافة الأحوال المكلف بأداء الضريبة هو الشخص الطبيعي أو الاعتباري (الشخص الطبيعي هم المواطنون أما الإعتباري هو الشركة أو المؤسسة أو المصنع مثلًا )الذي له الحق في ملكية العقار أو الانتفاع به أو استغلاله، أما المستاجر فلا يعد مكلفًا بأداء الضريبة بل يعد متضامنا مع المكلف في سداد الضريبة في حدود الأجرة المستحقة عليه.
وتعد الضريبة العقارية حق للدولة يؤخذ من الأفراد للنفع العام.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

قال الرافعي : ففي كل إنسان تعرفه .. إنسان لا تعرفه !
هذه المقولة إذا طبقناها على أنفسنا، ستلاحظ مدى صدقها، فليس معناها أننا نمتلك شخصيات متعددة، لكن قد نتحول إلى شخصيات تفرضها علينا الظروف.. ، فالشخص الطيب هادئ الطباع، إذا تعرض للقهر والظلم، يصير إنسانا آخر، إما أن يتحول إلى شخصية قاسية، لا ترحم من حولها، أو ينعزل عن العالم حتى يتجنب ظلم المجتمع له.. فهذا الشخص مثلا أصبح بداخله إنسان لا يعرفه، لكنه اكتسبه ممن حوله
فالمجرم مثلا هل ولد بطبيعته مجرما، لا لكن البيئة المحيطة به جعلته هكذا، فقد نرى الآن بعض الشباب كانوا أكثر أدبا واحتراما وأخلاقا.. وعندما مشوا وراء أصدقاء السوء، أصبحوا شخصيات مختلفة، ساءت أخلاقهم وضاعت قيمهم ومبادئهم.. وإذا نظروا لأنفسهم في المرآة لا يعرفونها، فقد تبدل حالهم وتغيرت معالمهم شكلا ومضمونا.. فأصبح بداخلهم أناس لا يعرفونهم..
فالإنسان هو خلاصة ما مر به في حياته، هو أحيانا يقاوم ليحتفظ بنفسه نقيا وسط كل ما حوله من تلوثات.. وأحيانا ينجرف مع التيار، فيفقد الإنسان الذي بداخله ويعيش الحياة ولا يعيشها، لأنه تحول إلى إنسان آخر لا يعرفه ولا يحب أن يعرفه..
فدائما لكل فعل ردة فعل، فالكرة التي ترميها في الحائط، إذا رميتها بهدوء ستعود إليك بنفس الهدوء ولا تستطيع أن تلقفها .. وإن رميتها بشدة، ستضرب وجهك.. لذلك كن دائما حكيما في كل شيء.. لا تجعل من لسانك سوطا يجلد به من حولك، واجعله بلسما يخفف الآلام والجراح.. فكر جيدا في كل خطوة تخطوها في حياتك.. ولاتبني أحلامك وسعادتك على تعاسة الآخرين..حاول أن لا تتلون مهما تغير العالم من حولك.. لا تكذب أو تنافق من أجل أرضاء غيرك.. اسع دائما فقط لإرضاء ربك..فإن رضى عنك أحبك البشر والطير والحجر..
إرضاء الناس غاية لا تدرك .. وإرضاء الله غاية لا تترك .. فأدرك ما لا يترك .. واترك ما لا يدرك ..

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

كيف يبنى المجتمع الحضاري في هذاالزمن؟

بالرغم من كثرة الكتابة وكثر عدد ما يمكن أن نطلق عليهم مصطلح “المثقفين” و “الإعلاميين”, بالإضافة إلى تعدد الفنانين وتنوع الإختصاصات في الجامعات والمدارس العليا، نجد أن العالم يزداد تمزقاً وتفككا، والمثقف يزداد عزلة وغربة وضياعاً. فما الحل يا ترى؟
بداية لابد من طرح بعض الأسئلة فلربما في سياقها يتبلور الجواب:
● لماذا يخفق في كل مرة المثقف العربي في ترميم الجروح التي تحيط به في هذا العالم الممزق ؟
● لماذا يخفق في بناء حوار جاد يجمع الأشلاء ويرمم الروح الجماعية؟
● ألم تكن الثقافة حتى عهد قريب هي اللبنة الأساسية التي تشد مفاصل هذا العالم المفكك ؟
● هل ترميم الذات قبل ترميم العالم هو الصواب؟
لنبدأ أولا بذات المثقف, لكي يعيد المثقف ترميم شخصيته وترتيبها ترتيبا متقنا عليه أن يعلم بأن مهمته الأولية والمركزية هي “الوعي “، والوعي عماده العقل ، فالمثقف ليس ساذجاً ولا منفصلاً عن الصراعات السياسية القائمة في المجتمع الذي يعيش فيه وله وضده، إلا أن مهمة المثقف ليست تنغيماً ولا ترديداً ولا ضداً بل مقاربة تقوم على قراءات تختلف عن قراءة السياسي، فمهمة المثقف هي مهمة نابعة من العمل على “العقل” الذي يحيل إلى الحضاري والتاريخي والإنساني . فالمثقف الفاعل والإيجابي هو الذي يعمل على الفكر. لهذا فإن ترميم المجتمع الذي نعيش فيه ثقافياً وفكرياً مع الحفاظ على قوة الاختلاف والدفاع عن حق التنوع اللغوي والهويات لا يمكنه أن يتحقق إلا إذا تمكن المثقف بوصفه منتج المعنى المدافع عن القيم الإنسانية الكبرى من ترميم ذاته هو أولاً.
إن المثقف في العالم العربي يعيش حالة من الحيرة الفكرية والقلق النفسي والضياع السياسي والمتاهة المؤسساتية، لكن كيف يمكنه في منطقتنا الثقافية والسياسية والجغرافية والتاريخية أن يرمم تشتته و يستجمع أجزائه المفككة؟
إن ترميم المثقف لنفسه لا يكون إلا بعودة سلطة العقل لمركز الثقافة والفكر الواعي كمحرك أساس لكل تأويل أو تحليل أو سلوك. ولا يمكن استعادة سلطة العقل إلى مركز التصورات والبناءات لدى المثقف إلا بالتحصيل الحر والقراءات المفتوحة على المغايرة من دون قيد أو شرط أو أحكام مسبقة.

إن المجتمع الثقافي في منطقتنا مليء بالألغام التي تعود قروناً، وهي تستوطن المثقف قبل أي كائن آخر في المجتمع، وهو الذي يعيد إنتاجها بوعي منه أو من دونه. ولكي يفجر المثقف هذه الألغام من دون أن تنفجر في وجهه ماعليه إلا القيام بفعل المراجعة الثقافية والتركيبة الفكرية ويعيد تفريغ آلياتها. فمن دون هذه العملية الصعبة والشاقة لن يتمكن من جمع أجزائه وترتيبها.
ولكي يتمكن من القيام بعملية جراحية كهذه يلزمه الجرأة “جريئاً”، فالجرأة قيمة أساسية في العمل الثقافي، والجرأة لا تعني التهور ولكنها صفة من صفات الحرية، ولن تتحقق هذه الجرأة إلا إذا أدرك المثقف بأنه “كائن” يعيش ويعمل داخل “مربع الخطر” في الفعل الثقافي ، طريق محاط بالأخطار السياسية والفكرية والإجتماعية والأخلاقية وبقدر ما يكون المثقف “غريباً” فهو في الاتجاه الصحيح.
لقد عاش أكبر الفلاسفة والشعراء والفنانين التشكيليين غرباء في أزمنتهم الاجتماعية، ولم يكتشف “ذكاؤهم” إلا بعد فوات الوقت وضياع فرص التغيير التي يدافع عنها هذا المثقف. إن المثقف الحقيقي هو “نبي” من دون وحي، نبي لم يوحى إليه، نبي لا ينتظر وحياً بل يصنعه، فنبوءته لا تنزل عليه من السماء ولكنه يحفرها في ثنايا التاريخ فتظهر في تحليلاته وأفكاره وسلوكياته التي كثيراً ما تبدو غريبة أو متعارضة.

لنقول بصوت عالي إن المثقف :هو الكائن الذي “يقلق” الساكن أو الراكد.
وحين ينتهي المثقف من ترميم ذاته الشخصية بالعقل والوعي والجرأة والتحصيل والخطاب الفاهم والمراجع، يمكنه آنذاك التدخل لمحاورة جملة من الفضاءات التي لها التأثير المباشر على صناعة الإنسان – “المواطن الذي هو حطب المجتمع”.

تتمثل مهمات المثقف المرمم الأساس في طبيعة علاقته في المقام الأول، فهو مطالب بالدفاع عن استمراريته من دون قهر أو إقهار من أجل الحريات الفردية والجماعية .هذه هي الطاقة التي من دونها يتحول المواطن إلى جزء من “القطيع”، مثل الدفاع عن حرية التعبير وحرية الاختلاف والتنوع الثقافي .
أما عن المؤسسة الدينية : فإن المثقف الواعي المعاصر لا يعتبر ذلك المثقف الذي يقف ضد الدين باعتباره طاقة روحية إنسانية طبيعية وضرورية، وهو أيضا ليس من يجادل في إيمان الناس أو عدمه، إنما موقفه يتجسد في نقده لـ “ظاهرة التدين” التي كثيراً ما يختفي خلفها المنافقون لتضليل العامة من المؤمنين البسطاء والصادقين. إن موقفه يتحدد بالدفاع عن التعددية الدينية واللادينية حتى حين يعيش في مجتمع تطغى عليه فئة دينية معينة، لأن احترام التعددية الدينية يؤسس لعقل مؤمن قادر على التعامل مع الآخر والتغلب على الخوف منه, وعليه أن يعتبر الدين مسألة شخصية وطريقاً فردياً يوصل إلى السماء كما يتخيلها. في النهاية هو يمثل الطريق الذي يقودنا إلى العيش المشترك على هذا الكوكب.
وكذلك أيضا بالنسبة إلى المؤسسة التربوية: فالمثقف الواعي هو المدافع عن مدرسة متحررة من الأيديولوجيا الظلامية مهما كانت، مدرسة لا تعادي الأخر وإنما أيضا تتمحور حول الذكاء وتتبناه, وتعمل على بناء إنسان الغد القادرعلى المشاركة في إنتاج الخيرات العلمية والاقتصادية والفنية في العالم, وذلك بالاعتماد على تعليم الثروات القيمية الإنسانية جميعها، كونها مدرسة متحررة من الظلامية بمختلف أشكالها، وباعتبارها مدرسة لا تعادي الآخر, إنما تعمل على مد جسور سلام نحوه.
أخيرًا بالنسبة إلى المرأة التي تعيش في مجتمع مثل مجتمعاتنا العربية فهو مطالب باتخاذ موقف واضح في الدفاع عن حرية المرأة الشخصية، وحرية المرأة ليست “الفسق” الذي يشترك فيه الرجل والمرأة كما يروج لذلك أعداء المرأة، إنما احترام إنسانيتها، فالمرأة ليست ملكية عامة ولا قبلية ولاعائلية ولا زوجية. المرأة حرة في مالها وجسدها وعقلها، هي أيضا حرة في حضورها في مختلف المناسبات سواء منها السياسة والعلمية والثقافية والفن والرياضة والأعمال فإن هذا الحضور يجب أن يكون حتمياً. ببساطة لا يمكن لأي مجتمع أن يتطورفقط بنصف مكونه البشري والعقلي. وحين يكون المثقف العربي مرمم العقل الذاتي فإنه يستطيع أن يسهم في ترميم العقل الجماعي للعالم الذي يعيش فيه.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

أدب الطفل

هيَّا بِنَا للمكتبةْ
هي للعقولِ مُهذِّبةْ
العلمُ نورٌ ها هنا
سنطيرُ في كلِّ الدُّنَا
في كل ركنٍ سَوْسَنَةْ
في كلِ ركنٍ كَوْكَبَةْ
هيَّا بِنَا للمكتبةْ
هي للعقولِ مُهذِّبة

مرحَى بفرسانِ العقولْ
تَهْدِي كما يهدي الرسولْ
وتُدَرِّسُ العقلَ الأصولْ
مفتاحُ أبوابِ الوصولْ
إلى جميعِ الأجوبَةْ
منذُ الولادة صاحِبٌ
وإلى المماتِ مُصاحِبَة
هيا بِنَا للمكتبةْ
هي للعقولِ مُهَذِّبةْ

نختالُ في عرشِ الرشيدْ
ونهتدي بابنِ الوليدْ
ونقرأُ العِقدَ الفريدْ
نشتاقْ دوما للمزيدْ
ونجوبُ تاريخَ الرُّبَا
هيَّا بِنَا للمكتبةْ
هي للعقولِ مُهذِّبة
احْفَظْ لها حقَ الأدبْ
فلها مَقامٌ ورُتَبْ
هي عالِمٌ ومعلِّمٌ
في فضلِها أمٌ وأَبْ
فاقتهما في المَرْتبَة
شكراً لمن عَبْرَ الزَّمنْ
صنعَ الشبابَ وهذَّبَهْ
هيَّا بِنَا للمكتبةْ
هي للعقولِ مُهذِّبةْ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️



بي صبرُ أسئلةٍ وومضةُ حاله ْ
وعبارةٌ حيرى تُسائلُ : ما له ْ ؟؟

لي في اكتمال الحبِّ ألفُ علامةٍ
ومشاعرٌ شتَّى تريدُ وصاله ْ

لي خلفَ نافذة الكلام ِ إجابةٌ
حملت على كفِّ الشعورِ رساله ْ

عنوانها أنثى على مدِّ الرؤى
تهوى سهامَ عيونِه القتَّاله ْ

أنثى بلون الورد لما أينعت
وتمايلت دَلًا تريدُ سؤاله ْ

هلَّا ؟ وكيفَ ؟ وما له ؟ كيما ترى
في كلِّ شهقة ِ عاشقٍ أحواله ْ

أنثى بطعم المعجزات عصيَّة
إلا على قمرٍ يعانقُ هاله ْ

قمرٌ يُعانقها فتشرقُ فوقَ كفِّ
المستحيلِ وتستطيبُ جماله ْ

أنثى تطوفُ بذكرياتٍ كم لها
في المفرداتِ شواردٌ ودلاله ْ

سكرى بلا خمرٍ تراقصُ ظلَّه
وتزور قُبلتُها الحرونُ هلاله ْ

قالت له إنِّي أحبُّك َ . يا ترى
أنَّي يحبُّ المُبتلى عذّاله ْ ؟؟ !!!

فأجابها : إنِّي غزالٌ في الهوى
وأراكِ يا حلوَ القوام ِ غزاله ْ

سهرت معي النجماتُ والكلماتُ ..
.. والآهاتُ حتى ينجلي وأناله ْ

بكَ سحرُهنَّ ولو وصفتُكَ أشعلت
عيناكَ كلَّ قصيدةٍ ومقاله ْ

خبأتُ سرَّ الممكنات بدفتري
وعبرتُ صوبَ المستحيلِ خلاله ْ

فوجدتُه قد داعبت كفَّاه كفَّ ..
.. أنوثتي حين ارتجيتُ وصاله ْ

وأنوثتي قد غازلته بنظرةٍ
حتى ارتوت من كفِّه الهطاله ْ

فسكبتُه أريًا وشهدًا سلسلًا
شَرِبَ المتيمُ بالجمال زُلاله ْ

وأنا مسافرةٌ على متنِ البيانِ ..
.. وفي الخيالِ أميرةُ رحاله

قالوا : الملامحُ في البيان تشابهت
وأنا القصيدةُ ما رأيتُ مثاله ْ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️


بعدَ رُكوبِ البَحرِ سِنينا  
بعدَ مَسيرةِ ألفٍ تِلوَ الألفِ
مِنَ الألواحِ المُرتَحِلاتْ  
قُلتُ لنَفسي:
عُدْ مِن حَيثُ نظَمتَ
وجِئْ بقَصيدٍ
لَمْ يَكتُبْهُ سواكْ
قُدَّ كلامًا مِن أحراشٍ
مِن وَسواسٍ
مِن إلهامٍ
أو أوهامْ

لا تتَبنَّ سوى أنفاسِكَ في الكلِماتِ..
ولا تتَجَمَّلْ
لَستَ نَبيًّا أو قِدِّيسًا.. 
أو شَيطانْ!

أعِدِ المَشهَدْ..
خَلِّ الصُّورةَ تَنبِضْ أكثرْ
وادخُلْ فيكَ
ولا تَتأثَّرْ
بالأضواءِ
و”بالكَمِراتْ”

دَعكَ تَمامًا مِن كلماتٍ
مُنتَقِباتٍ مُنتَحَلاتٍ
مُكتَسياتٍ ثَوبَ الطُّهرِ
وهُنَّ المُنحَرِفاتْ

أنتَ تُمثِّلُ طُولَ الوَقتِ!..
ولَمْ تُعْجِبْني..
لَستُ أراكْ!!

عُدْ أرجوكَ
بلا أقنِعَةٍ
أو “مُنتاجٍ “
أو “مَكياجْ”
كي تُقنِعَني أنَّكَ أنتَ
ولَستَ أسيرًا للجُمهورِ
أو التَّصفيقِ
أو النَّظَراتْ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

-هَذا فُؤادِي مِنَ الأَشواقِ قَدْ نَطَقَا
بالصِّدقِ شِعرًا يُناجِي طَيفَ مَنْ عَشِقَا

-إنِّي بُهِرتُ بِنورٍ شَعَّ مُنبَثِقًا
مِنْ وَجهِ نَوَّارَةٍ كالصُّبحِ إِذْ أَلِقَا

-في وجنَتَيها يَموجُ الزَّهر ُمؤتَلِقًا
والعَينُ بَحرٌ وذَا قَلبِي بِهِ غَرِقَا

-إِِنِّي أَرىٰ الصُّبحَ مُزدانًا بِطلَّتِها
والياسَمينَ بأنفاسٍ لَها عَبَقَا

-ظُلمًا بُليتُ بِبُعدٍ زادنِي أَرَقًا
وباتَ قَلبِي بِنارِ الوَجدِ مُحتَرِقَا

-قَدْ صَارَ عَنكِ النَّوىٰ سَيفًا يُمزِّقُني
حتَّىٰ الرُّقادَ مِنَ العَينينِ قَدْ سَرَقَا

-في القَلبِ منِّي –وكَمْ أَشتاقُها– وَلَهٌ
في كُلِّ آنٍ كَما نَهرٍ إِذا دَفَقَا

-يامَنْ تَجوبِينَ في أََعماق أََورِدَتِي
داوِي جِراحَ فُؤادٍ قَدْ غَدا مِزَقَا

-إِنِّي أُحبُّكِ حُبَّا لامَثيلَ لَهُ
بِكُلِّ صِدقٍ..فَلا زُلفَىٰ ولَا مَلَقَا

-إِِنَّ الوِصالَ مَعَ الأَحبابِ يُسعِدُنِي
ولا أُطيقُ عَنِ الأَحبابِ مُفتَرَقَا

-أنا الغَريقُ بِبحرٍ مِنْ مَودَّتِكُمْ
طُوبَىٰ لِصَبٍ قَضىٰ في بَحرِكُمْ غَرَقَا

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

الشِّعرُ عِندِي مِنْبرٌ  قُدسِيُّ
مِنْ فَوقِهِ كُلُّ الكَلَامِ عَلِيُّ

إنْ  هَاءَ .. يَكتُبُنِي ويَمْسَحُ عَبْرَتي
هَشٌّ ..  علَى مرِّ الزمانِ حَفِيُّ

وَلَهُ أبُوحُ بِمَا أُكِنُّ بأضْلعِي ..
والدَّمْعُ تَحتَ جُفُونِهِ مَخْفِي

فَإذَا  تعَالَى النَّبْضُ يُخرِجُ زَفرَتي
وَهَوَاهُ .. مِنْ  بَعدِ  الزَّفِيرِِ نَقِيُّ

فَأَصُوغُ  مِنْ   نُورِ  البيَانِ   لآلئًا
فيُضيئُ مِنهَا الكَوكَبُ الأَرضِيًّ

نُورٌ  مِنَ  الرَّحمَنِ  قد عُلِّمْتُهُ
والنورُ منْ ربِّ العبَادِ سَنِيُّ

أَجلُو الظَّلامَ لَعَلَّ قَلْبًا يَهتَدِي
وكأنني  بَينَ  العِبَادِ  نَبِيُّ

واللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ  بِفَضْلِهِ
نُورُ الهِدَايةِ  في  الوُجُوهِ  نَدِيّ

للَّهِ  أَسْعَى  كَيْ  أُحَقِّقَ  غَايَتِي
قَلْبُ المُرِيدِ عَلَى الطَّرِيقِ فَتِيُّ

بالضَادِ أَنْسِجُ في المَعَالي أَحرُفِي
هَذَا  اللسَانُ   مُشَرَّفٌ  عَرَبيُّ

بِالحَقِّ  أَمْضِي  رَافِعًا  فِيهِ  اللِّوَا
عَزمِي عَلَى مَكْرِ  اللئِيمِ  عَصِيُّ

يَا مَنْ تَجرَّأتمْ  علَى رَبِّ الوَرَى
الفَحلُ  فِيكُمْ   مُدَّعٍ  وشَقِيُّ

القَلبُ يَحيَى نَابضًا مِنْ  سِرِّهِ
سُبحَانَهُ  ..  وبِذِكْرهِ  مَروِيُّ

والرُّوحُ تَسْرِي في بَدَائعِ صُنْعِهِ
فَهُوَ القَدِيرُ  ..  وأمْرُهُ مَقْضِيُّ

اللهُ  جَلَّ  جَلالُهُ  الحَقُّ  الّذِي
مِنْ بَعدِ أنْ تَفنَى الخَلائِقُ حَيُّ

يَا مَنْ تَطاوَلتُمْ عَلَى خَيرِ الوَرَى
بِأبي وأمِّي  المُصطَفَى المَكِّيُّ

حَازَ المَحاسِنَ كُلَّهَا،   وَمُحَمَّدٌ
مَا كَانَ .. عَيْبًا   أَنَّهُ  أُمِّيُّ

أُمِّيَّةُ  المُخْتارِ  ذِي  شَرفٌ  لَهْ 
والعِلْمُ  مِنْ وَحيِ  الإلَهِ جَلِيُّ

بِاسْمِ الحَدَاثةِ قد تَغَشَّى نَهْجَكُمْ
حِقدٌ .. لَعَمْرِي في  الخِصَالِ  دنيُّ

ضَلَّتْ بكُمْ سُبُلُ الغُوَايَةِ وَيحَكُمْ
وَ .. الرَّأيَ مِنْ “تَكْوِينِكُمْ”  لَفْرِيُّ

كَسَدَتْ  بِضَاعَتُكُمْ  ورُدَّتْ  كُلُّهَا 
لا يَسْتقِيمُ علَى الصِّراطِ  دَعِيُّ

هَلْ مِنْ  نِكَاحٍ قَد وُلِدتُمْ مِثْلنَا ؟!
أَمْ قد رَمَتْكمْ  في الطَّرِيقِ بَغِيُّ !

“تكوينُ” تلكَ ضلالةٌ، هِيَ بِدعَةٌ
والقلبُ  في صَدرِ الحَقُودِ عَمِيُّ

يَبغُونَها  عِوَجًا    لِطَمْسِ  هَوِيَّةٍ
واللفظُ  في دِينِ  البُغاةِ  سَمِيُّ

يَا شِعرُ فلتذرفْ دُمُوعَكَ  أنهُرًا
قَد يَستَفِيقُ  العَالمُ  العَرَبيُّ

واهْتِفْ بكُلِّ قَصِيدةٍ في وَجْهِهِ
تَشْتَاقُكَ الهَيْجَاءُ  يَا عَبْسِيُّ

يَا شِعرُ فلنُطلِقْ سَرَاحَ حُرُوفِنَا
بالحَقِّ نَصدَعُ، والبَيَانُ سَخِيُّ

هيَّا انْفُرُوا يَا أمَّةَ الحَقِّ الذِي ..
ظَنَّ   البُغَاةُ   بِأنَّهُ   مَنْسِيُّ

مِنْ أَجْلِ أقْصَانَا وَغَزَّةَ فَانْفِرُوا
واللهُ مِنْ فَوقِ الجَمِيعِ قَوِيُّ

إنْ تَنصُرُوا الرَّحمَنَ يَنصُركُمْ، أَجَلْ
فَاللَّهُ   رَبِّي   وَعدُهُ  مَأْتيُّ

بجِهَادِكُمْ  دَانتْ  رِقَابُ  أبَاطِرٍ
كِسْرَى وقَيْصَرَ، والسُّوَارُ بَهِيُّ

َأبْشر سُرَاقَةُ، قد تَحقَّقَ وَعدُكُمْ
والعَدلُ سَادَ الأرضَ. سادَ رُقيُّ

إسْلامُنا بالخير  قد عَمَّ  الدُّنَى
والعَالمُ  الشَّرقيُّ،  والغَربيُّ  …

الكُلُّ  عَاشَ   بِسِلْمِهِ   وأمَانِهِ
لم يَشْكُ من ظُلْمٍ  بِهِ  ذِمِّيُّ

لَا تَسْلُكُوا  سُبُلًا  تُفَرّقُ  دِينَكُمْ  
يَا قَومَنَا هَذَا الصِّرَاطُ سَوِيُّ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

أذاقوا البلادَ صُنوفَ العـذابْ
وداسوا رَحاها فأمستْ يَبابْ

بِقتلِ النفوسِ وسـلبٍ ونهـبٍ
وحرقٍ وشنقٍ وشـرِّ ٱغتصابْ

ودورَ الـعِـبـادةِ قـد هدَّمـوهـا
وديسَ المزارُ وديسَ الرحابْ

لِمَن يغـرقـون بِوَهْــمٍ وسِـلـمٍ
لدينا حلولَاً وفصلَ الخطــابْ

فما مِن سـلامٍ يعيدُ حقـوقي
إذا لـم يَجِئْ عَبرَ جَـزِّ الرقابْ

فلا الدمـعُ يأتـي لشعبي بحقٍّ
ولا بالتـمـني ونار الـخِـطــابْ

فِلسـطينُ ثارتْ برغمِ التجنِّي
وغدرِ القريبِ وطعنِ الحِرابْ

فِلسطينُ فيهـا نسـاءً دواهي
مَلكنَ شُموخاً يطالُ السَّحابْ

وما ذَلَّ شـبلٌ ولا ذلَّ شــيـخٌ
فهل يا تُراهـا تَـذِلُ الشبابْ؟!

أنـا مـا سـمعتُ بعمـري بيـومٍ
بأنَّ الـخِـرافَ تسوقُ الـذئـابْ

فلسطينُ هُبِّي بإعصارِ شعبٍ
وهُـزِّي الغُصـونَ يَفِـرُّ الغـرابْ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

يا زارعَ الحُبٌِ قد فاحت روائحُهُ
مَن غابَ أدْركَها ؛ كيف الذي حَضَرَا ؟
الحُبٌُ كالماء ان سالت جداولُه
يُحيي النفوسَ و يُحيي السٌمعَ و البَصَرَا
الحُبٌُ معجزةُُ تبدو عجائبُها
في وردة ضحكت للغيم إذْ قَطَرَا
يا سالمَ القلبِ هل في الحُبٌِ نافلةُُ ؟
أَمْ فرضُ عينٍ لِمَن بالقلبِ قد نَظَرَا ؟
الحُبٌُ كالشمسِ يَسْري في جوانبنا
مَن يُنكرُ الشمسَ؟ أو مَن يُنكرُ القَمَرَا ؟

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

بِصَهدِ النَّارِ يَحرِقُنِي لَهِيبُ
وَأَشجَانِي عَلَت زَادَ النَّحِيبُ
أَرَى الأحبابَ مَرُّوا مِن أَمَامِي
وَزَادَ الصَّمتُ وَامتَنَعَ المُجِيبُ
وَإِن تَكُ فُرجَةٌ فِي ذَاكَ غَمٍّ
فَذِكرَى وَصلِهِم سَهمٌ مُصِيبُ
أَرَانِي مِثلَ طِفلٍ ظَلَّ يَلهُو
وَهَالَ عُيُونَهُ ذَاكَ المَشِيبُ
يُقَطَّعُ فِي الحَوَاشِ أَنِينُ وَجدٍ
وَزَادَ أَزِيزُهُ وَعَلَا وَجِيبُ
وَحِيدٌ فِي الدِّيَارِ بِلَا رَفِيقٍ
طَرِيدٌ وَالفُؤَادُ هُوَ السَّلِيبُ
عُيُونِي لَم تَعُد بِالدَّمعِ تَجرِي
فَحَظِّي بِالشَّقَاءِ هُوَ النَّصِيبُ
وَبَينَ الغَمِّ وَالأَهْوَالِ جَاءَت
إِلَيَّ بِشَارَةٌ طَابَ العَطِيبُ
رَأَيتُ جَمَالَهُ فَنَسِيتُ حُزنِي
هُوَ التِّريَاقُ بَل هُوَ ذَا طَبِيبُ
وَعُدتُ مُهَلِّلًا بِالبُشرِ كَانِّي
بِقُربٍ مِنهُ لَم يَغِبِ الحَبِيبُ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

يُقـــاتلُ الضّغطَ فـــي ليــلٍ كَعادَتِهِ
ويرصفُ الدّمعَ صَفــــًّا في وســادَتِهِ

قد خانَهُ الليــلُ مُذْ أغرتهُ صُحبَتُهُ
وَاسْتَنْزَفَ السّهدُ جيشـــًا من جَلادَتِهِ

خارَتْ قُواهُ وصمتُ الليــــلِ يَسْلِبُهُ
إذا تَمـــــادى ، كثيـــرًا من إِرادَتِهِ

ذكراهُ مــا هَدَأَتْ ظَلَّتْ تُقـــارِعُهُ
لكنّها اسْتَسلَمَتْ فـي ذِكْرِ غـــادَتِهِ

قِلادَةُ الهَمِّ …… بالآلامِ تَقْتُلُهُ
وكيفَ يَنجو قتيلٌ من قِلادَتِهِ؟

تَرنـــو لِنــــافذةِ الأحلامِ أَعينُهُ
لَعَلّهُ الطّيــفُ يَدنو فــــي سَعـــادَتِهِ

أينَ السّعـــــادَةُ ؟ فالآلامُ تسرقُهُ
عْمْرًا ويَمضي سَريعـًا من وِلادَتِهِ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

تائهٌ ـ ياويح قلبي
من شريطِ الذكرياتْ

كلَّما آويتُ جنبي
تستفيقُ الأمنياتْ

اشتكي من طول ليلي
من ضلوعي العادياتْ

وأبثُّ النجمَ شعري
وشجونَ الأُمْسياتْ

آهِ من دمعي وحُزْني
وعيوني الساهراتْ

عامدٌ ياليلُ قَتْلي
وأنا قيدُ الحياةْ

أيُّ ذنبٍ قد جَنَيْنا
كي نذوقَ المهلكاتْ

هل خُلقنا كي نعاني
أم قطارُ العُمْرِ فاتْ؟!

أم شجون الليل أرْخَتْ
كي تحطَّ النائباتْ؟!

لم أزل ياليلُ صلْداً
لا أبالي بالمماتْ

إن فَنَيْنا يافؤادي
ستظلُّ الذكرياتْ

سيطلُّ الحرفُ نجْماً
وتفيضُ المعجزاتْ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

(أُخْفِي الْهَوىٰ وَمَدَامِعِي تُبْدِيهِ)
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى الَّذِي يُرْضِيهِ

قَمَـــــرٌ أَضَـــاءَ بِحُسْنهِ وَبِيُمْنِهِ
فَجَمَالُــهُ يَنْـــأَىٰ عَـــنِ التَّشْبِيهِ

هُـوَ نَفْحَةُ الطِّيبِ الَّتِي أَشْتَمُّهَا
فَيَذُوبُ قَلْبِي وَالْجَوَىٰ يَحْوِيهِ

وَهُوَ السَّعَادَةُ فِي حَيَاتِي وَالْهَنَا
وَبِقُرْبِــهِ يَهْـوِي الشَّـذَا مِنْ فِيهِ

يَنْتَابُنِي سِحْــرُ الصَّبَابَــةِ كُلَّمَــا
تَاقَ الْفُـؤَادُ إِلَى الْهَوَىٰ يَرْوِيــهِ

وَأَخَالُنِي كَالطَّيْرِ فِـــي عَلْيَائِـــهِ
كُــلُّ الْجَمَـــالِ بفَيْضِـهِ يَسْبِيـهِ

أَحْيَـــــــا بِـــهِ وَبِظِلِّـهِ لَا أَنْثَنِـي
بِقَـــــرَارَةٍ أُعْنَـىٰ بِمَــــا يُدْنِيــهِ

كَثُرَتْ مَنَاقِبُــهُ وَفَاضَـتْ رِقَّـــةً
بِمَعِيَّتِــي وَمَحَبَّتِــي أَحْمِيــــهِ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

وتشرقُ في صباحِ الشوقِ شمسٌ
فأنت بمشرقِ الدنيا صباحي ..

لأبدو مثلَ طير باتَ حرًّا
ليسعدَ حين يُحمَلُ بالرياحِ..

أُمَنِّي النفسَ في لقياك دومًا
ليشفى القلبُ من وجعِ الجراحِ..

و أعلم أنَّني أدمنتُ شوقًا
تدفَّقَ مثلَ ينبوعٍ بِساحِ..

فكم خاضَ الفؤادُ حروبَ شوقٍ
لأجلِ هواكُمُ وبلا سلاحِ..

غدوتُ كطفلةٍ في الليلِ تهذي
بِبُعدِكَ كم علا منِّي نواحي!!

ألمْ تعلمْ بأنّي في ضَياعٍ
متى يَهنا فؤادي بارتياح

فلا تظلِمْ فؤادًا كمْ تشظى
جنونُ الشوقِ يوغلُ باكتساحي..

لهيبٌ للحنين يُذيبُ قلبي
يقيمُ عليه ليس بذي رَوَاحِ..

تعالَ نودِّع الأحزانَ جمعًا
لنحيا في هيامٍ وانشراحِ..

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

وفَدَت إلى هُدُبِ العيونِ تَبَختَرُ
كالشَّمسِ بِدءَ طلوعِها تَتخمّرُ

حَلّت نواظِرَ مَن تَنسَّمَ عِطرَها
كالشّاي حلّا مرَّ مُرِّه سُكّرُ

ما أجمل الحسنَ البهيِّ وقد همى
يُحيي كَسيرَ الأمنياتِ ويَجبُرُ

هبطَت نِباضُ النّاظرين تَوجُّداً
من إثرِ بركانٍ بها يتفوّرُ

تمشي الهوينى في المَخاطِرِ صوبَنا
وصوابُ مَن حشدَ المآقي أخطَرُ

تخطو إلى مُهَجِ الفؤادِ بلا عنا
كدبيبِ نملٍ مُثقلٍ لا يَفتُرُ

حَمَلَت لِأيامِ الشِّتاءِ قِماحَها
والصّيفُ فيها مثلُ آبٍ مَجمَرُ

لا يَعرِفُ النّبضُ المواكِبُ خَطّها
سُبُلَ انتظامٍ في المسالِكِ يَعثُرُ

والعينُ أعطَت لِلرُّموشِ توجُّهاً
كادَت من الحُسنِ الثّقيلِ تَحَوَّرُ

حُكْمَاً يُطوَّقُ من لَمَاها شاعرٌ
ويقولُ مِمّا قد رأى ما يُحظَرُ

أرأيتَ سِحراً كالعصا حين التَوَت
ثعبانَ جِنٍّ في الخيالِ يُصوّرُ ؟!

أرأيتَ كَعباً مِثلَ أخيَلَ عندما
يُدمي الفوارِسَ بِالوغى ويُجَرجِرُ

مُضنى الجمالِ كفارِسٍ مُتورِّعٍ
بين الهدايةِ والغِوايةِ يُفطَرُ

كالطّفلِ كابَدَ في الفِطامِ مشاعراً
يبكي ويضحكُ – يهتدي- يتهوَّرُ

مهما طلبتَ من الصَّديِّ تراجعاً
هيهات.. يُرجِعُ مُبتغاهُ ويُزجَرُ

سقياهُ بَعلاً لو تأخَّرَ غَيثُهُ
نَدّى الحَشاشَ كأنّهُ لا يُمطَرُ

وكأنَّ إثماً أنْ تتوبَ عنِ الهوى
أفْتى المُتيَّمُ .. حين ظَنُّك يَكفُرُ

خطّانِ يأبى أيُّ فِرقٍ مِنهُما
لُقيا قرينٍ قد توازَت أسطُرُ

هو مُدلَهِمٌّ يستَفيضُ صَبابةً
في خطِّ سَيرٍ لا يَطولُ ويَقصُرُ

ومتى الحقيقةُ قُرِّبَت مِن هائمٍ
صَعُبَت على العقلِ الذي لا يَشعُرُ

لا تضربِ المَثلَ الضّعيفَ كَمَنطِقٍ
في ما تَصوغُ من الظّنونِ وتُخبِرُ

لا يَفسُدُ الماءُ النّقيُّ بِنَبعِهِ
من بعضِ ذرّاتِ الرّحى ويُكدَّرُ

طبعُ القلوبِ تقلّبٌ في حَدسِها
أمّا العقولُ بِأيِّ ذنبٍ تُسحَرُ؟!

ما ضَلَّ قلبُ العاشقين وما اهتدى
لكنْ يُجَرَّعُ بِالجمالِ ويَسكَرُ

مَن بات صبّاً فاقتصِد في رَدعِهِ
فهو الوفيُّ الوامقُ المُتَصَبِّرُ

حَدَثُ اصطفاء العالمين مُقدّرٌ
فَكُنِ الذي فيهِ الحياةُ تُقدّرُ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

يا ساقي الراح عبِّئ من مآقينا
كأس المحبة فالأشواق تبكينا

جَمِّل كؤوس الهوى عطر مشاربها
بأندر الطيب مسكاً أو رياحينا

يا ساقي الراح لن يجدي مدامكم!!
ما تفعل الخمر في عقل المحبينا؟!!

غياب لُبِّ فؤاد في مكاشفة
مع الإله جنان للمريدينا

جنات عدن تراءت في سمائهم
رياض خلد وقد طابت أفانينا

يا عالم السر إِنِّا لا نزال على
نهر الرجاء أيا جاهي مقيمينا

إن كان ذنب هنا غَشَّى بصائرنا
فالعفو عند إله العرش يغرينا

تلك الأمانيُّ ماتت في ضمائرنا
يا ويح قلبي فهل تحيا أمانينا!

فيك الرجاء ومنك العون يا سندي
فإن ركنا إلى الدنيا ستشقينا

طهِّر إلهي من الأحقاد خافقنا
وامنح بفضلك تحنانا يواسينا

جلَّت ذنوبي التي أخشى عواقبها
جَفَّت ورودي وقد كانت بساتينا!

أين الشموع التي كم بِتُّ أوقدها؟
هل أُضْرِمَتْ في الحشا صارت براكينا؟

جفت زهور المنى واهاً لنضرتها
يا ليت شعري فهل يخضرّ وادينا؟!

مُدَّت حبال الجوى ضاقت مذاهبنا
فما ارتضى خافقي من عيشه لينا

من للغريب الذي ضلت مسالكه؟؟
ومن لنا لسبيل الحق يهدينا؟؟

تاهت طريقي وزَلَّت في الخطى قدمي
جئنا إليك فهل يا رب تؤوينا؟!

كل المنابع يا رباه آسنة!!
كل المناهل حاشا الشرع والدينا

يا رب ها قد نبا روض بساكنه
ما أبعد العفو إلا عن أمانينا

ما بال نهر المنى جفت مشاربه؟!
ما عاد كأس الهوى يا قلب يروينا!

سحقاً لليل النوى طالت غياهبه
ما بال فجر الضيا ما جاء يحوينا؟!

يا ظلمة الليل غيبي عن مخيلتي
يا بسمة الصبح هبِّي لا تجافينا

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

نغمٌ على وترِ الجهادِ تهادى
أحيا الكرامةَ عانقَ الأمجادا

أسدٌ تربع فوقَ ساحاتِ الوغى
وأحال كيدَ الغاصبينَ رمادا

الشمسُ تشرِقُ حينَ يُحكِمُ رميهُ
والنجمُ يسطعُ إذ ينالُ مُرادا

يا اِخوةٓ فوقَ الثُرَيا خَطوَهُم
نرنو إليكُم أنفسًا وفُؤادا

نرنو إلى عهدٕ تَخافتَ ضوؤه
كُنا هُنالِك لِلوَرى أسيادا

ونرومُ وصلًا كي تَعودَ خيولُنا
تغزو السحابَ وتكتبُ الأرصادا

وتَهِِبُ فُرسَانٌ تُزيحُ بسَيفِها
زيفًا تعملق َفي الدُنا وفسادا

وَيلوحُ في أفقِ البسيطةِ قائدٌ
يطوي الضبابَ ويمحقُ الأوغادا

الغيثُ يهمى والمدائنُ تزدهي
والروضُ يعزفُ روعةً اِنشادا

والسبقُ في الأكوانِ كان مسارَنا
والجيلُ يصعدُ رَسَّخَ الأوتادا

بالعلمِ والإيمانِ كُنا أمةً
تزهو وينثرُ خَطوُها أعيادا

نصرٌ وفضلٌ تحت ظلِ كتابِنا
وحديثِ أحمدِنا يَبُثُ رشادا

صلى عليك اللهُ يا خيرَ الورى
وأعادَ فينا خالدًا وعمادا

كي تَضحَكَ الراياتُ فوقَ رؤوسِنا
وتعودُ شمسٌ تملأُ الآمادا

ويعودُ فجرٌ فوقَ هاتيكَ الذُرا
يمحو الظلامَ ويَكسرُ الاِلحادا

وتَكِرَ جُندُ اللهِ تَحتَ سمائهِ
وتُقيمَ فينا سُؤددًا وجِهادا

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

ستزولُ عن كف الزمانِ قيودُ
وتنيرُ جيداً للحياةِ عقودُ .

وتجيء أسدٌ في مقدمةِ الورى
وتموتُ من بعد الدمارِ قرودُ.

سأظلُ أنثر في الأنامِ مشاعري
وبكلِ حرف للقريضِ أزودُ.

يا من يرى أن المواطن أُحرقت
ويظل فوق المخلصين حقودُ .

لا تيأسن فإن ربك عادلٌ
حتما سيحكمُ عدله ويسودُ.

سيُضيءُ برقٌ في ظلام ِبلادنا
وتدُقُ للصمتِ الرهيب رعودُ.

ويغيثُنا ربُ العبادِ برحمةٍ
وبجودهِ وعطائهِ سيجودُ.

وسنزرعُ الآمالَ في أرضِ المنى.
تنمو على وجهِ الحياة ورودُ.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

صبحٌ تنفَّسَ والأنفاسُ عاطرةٌ
وسَبَّحَ الكونُ بالأنوارِ والنِعَمِ

وغرَّدَ الطيرُ بالتسبيحِ فانتعشتْ
دنيا بمجدِ اللهِ الفائقِ الكرمِ

بوركتَ صبحاً بهِ الأرواحُ خاشعةٌ
تكبِّرُ اللهَ منجيها من الظُلَمِ

بالفجرِ ربّي جعلتَ الكونَ منتبهاً
من الرقادِ لِيشفى الناسُ من سقمِ

والروحُ محتاجةٌ طبّاً يعالجُها
وفي الصلاةِ خلاصٌ من لظى الألمِ

صلى عليك إلهي دائما أبداً
يا من بُعثتَ لخيرِ العُرْبِ والعجمِ

أنجيت دنيا من الأوثان تعبدها
ياخاتم الرسل قد أحييتَ من عدمِ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️


بِــكَ نَــسْتَعِينُ وَمَــنْ سِوَاكَ يُعِينُ

هــلْ غَــيْرُ بَابِكَ يَطْرُقُ المِسْكِينُ

وَلِــمَنْ سَــنَجْأَرُ إِنْ تَــمَادَى ظَالِمٌ

وَلِــمَنْ سَــيَشْكُو بَــثَّهُ الــمَحْزُونُ

اِرْحَــمْ ضَــعِيفًا لَايَــطِيقُ شَدَائِدًا

إِنَّ الــضَّعِيفَ إِذَا رَحِــمْتَ مَكِينُ

كُــلُّ الَّــذِي نَــرْجُوهُ عِــنْدَكَ هَيِّنٌ

إِنْ شِــئْتَ شَــيْئًا قُلْتَ كُنْ فَيَكُونُ

يَــامَنْ أَجَــبْتَ دُعَــاءَ نُوحٍ بَعْدَمَا

لَـــمْ يَــنْــفَعِ الإِنْـــذَارُ وَالــتَّلْقِينُ

نَــجَّيْتَهُ، وَجَــمِيعَ مَــنْ لَــحِقُوا بِهِ

إِذْ سَــارَ فِــيهِمْ فُــلْكُهُ الــمَشْحُونُ

أَخْــرَجْتَ يُونُسَ مِنْ مَهَالِكَ جَمَّةٍ

وَعَــهِــدْتَهُ لَــمَّــا رَمَـــاهُ الــنُّونُ

مَنْ قَالَ بَطْنُ الحُوتِ يُصْبِحُ مَلْجَأً

وَبِــغَــيْرِ زَرْعٍ يَــنْــبُتُ الــيَقْطِينُ

إِلَّا بِــلُــطْــفِ مُــيَــسِّرٍ وَمُــدَبِّــرٍ

وَالــحُكْمُ عِــنْدَهُ مُــحْكَمٌ وَرَصِينُ

مِــنْ صَــخْرَةٍ صَمَّاءَ تُخْرِجُ نَاقَةً

لِــلْــمَاءِ شَــارِبَــةً لَــهَــا عِــثْنُونُ

مَــنْ قَــالَ إِبْــرَاهِيمُ يَــنْجُو سَالِمًا

وَالــنَّارُ تَــهْجُرُ طَــبْعَهَا وَتَــخُونُ

يَــامَنْ أَجَــبْتَ دُعَــاءَ أَيُّوبَ الَّذِي

قَــدْ مَــسَّهُ الــجَدَرِيُّ وَ الطَّاعُونُ

وَلِأَجْــلِ دَاوُودَ الــجِبَالُ تَسَخَّرَتْ

وَجَــعَلْتَ زُبْــرَاتِ الــحَدِيدِ تَــلِينُ

أَمَّــا سُــلَيْمَانُ الــنَّبِيُّ خَــصَصْتَهُ

بِــالــجِنِّ كَــانَ بِــأَمْرِهِ مَــرْهُونُ

يَــامَنْ فَــلَقْتَ الــيَمَّ أَصْــبَحَ يَابِسًا

وَكَــأَنَّ لَــمْ تَــسْلُكْ عَــلَيْهِ سَــفِينُ

فَــتَحَوَّلَ الــبَحْرُ الــعَظِيمُ لِــمِعْبَرٍ

فَــنَجَا الــطَّرِيدُ وَأُغْرِقَ الفِرْعَوْنُ

مَا كَانَ هَذَا مَحْضَ أَمْرٍ عَارِضٍ

بَــلْ مُــثْبَتٌ، فِــي عِلْمِهِ، مَكْنُونُ

مَــا شَكَّ مُوسَى فِي النَّجَاةِ لِبُرْهَةٍ

أَوْ سَــاوَرَتْهُ عَــنِ الحَفِيظِ ظُنُونُ

عِــيسَى ابْــنُ مَــرْيَمَ مِثْلُ آدَمَ آيَةٌ

الــمَاءُ أَصْــلُ وُجُــودِهِ وَالــطِّينُ

اللهُ يَــخْــلُقُ مَــايَــشَاءُ بِــلَــحْظَةٍ

هَـــذَا بِــعُرْفِ الــمُؤْمِنِينَ يَــقِينُ

أَرْسَــــلْــتَ أُمِّــيًّــا يُــعَــلِّمُ أُمَّـــةً

لِــلْــخَلْقِ يُــظْــهِرُ هَــدْيَهُ وَيُــبِينُ

أَنْــتَ الــمُعِزُّ تُــعِزُّ عَــبْدًا هَــيِّنًا

وَتُـــذِلُّ جَــبَّــارًا طَــغَى وَتُــهِينُ

أَذْلَــلْتَ خَــيْبَرَ حِينَ شِئْتَ بِلَحْظَةٍ

سَــقَطَتْ قِلَاعٌ ضَخْمَةٌ وَحُصُونُ

لَــكَ أَشْــتَكِي ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي

يَــامَنْ إِذَا شِــئْتَ الصِّعَابُ تَهُونُ

ارْحَــمْ إِلَــهِي كُــلَّ عَــبْدٍ مُــغْرَمٍ

قَــدْ أَثْــقَلَتْهُ مَــدَى الــزَّمَانِ دُيُونُ

أَسْــلَمْتُ أَمْرِي لِلَّذِي خَلَقَ الوَرَى

وَبِــدِيــنِهِ الــحَــقِّ الــمُبِينِ أَدِيــنُ

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️


الفنون التشكيلية

نبذة عن المشروع:
إن مفهوم الحضارة مثير للجدل ونسبي في العديد من الحالات، حيث إن تعريف الحضارة بأنها الإرث الفني والمعماري والنهضة العلمية ينفي عن العديد من الشعوب صفة التحضر، لذا يذهب البعض إلى اعتبار الحضارة نمط المعيشة السائد في المجتمع بمفهومه الشامل، فيضم العادات والتقاليد والملابس والدين والقيم المصاحبة له ومقدرة الإنسان على التغلب على العوامل الطبيعية.
وفي هذا المشروع قامت الطالبة باستلهام الرموز و الموديفات من مختلف الحضارات التي تضمنها الجدارية وهي المصري القديم و اليوناني الروماني و الإسلامي مع دمجها بعناصر الفنون الجميلة المستلهمة من عمارة ومواد أسس التصميم ومن الكتل النحتية الخاصة بقسم النحت.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

نبذة عن المشروع:
الخامات المستخدمة:الحجر الرملي والحفر عليه والرخام
يضم المشروع عرضا عن الحضارات المصرية القديمة والاسلامية والرومانية ، التي أثرت في الفنون الجميلة بكل أشكالها وصورها مع وجود الزخارف والكتابات الإسلامية والنقوش المصرية القديمه للتعبير عن جمال الفن القديم.


◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

الفن مفتاح للتعرف علي الحضارات ووسيلة لحفظ الهوية ، فهو يؤرخ ثقافات الشعوب وتقاليدهم ومعتقداتهم، ولا يوجد تاريخ وحضارة بدون الفن، فمن خلال الفنون استطاعت البشرية أن تتبع آثار الحضارات المختلفة وعرفت كيف تشكلت ثقافتها. وفي هذه الجدارية نجد مزيجا بين الحضارة المصرية القديمة والحضارة القبطية والحضارة الإسلامية مع ابراز جماليات الكتابات.

المساحة : ٢متر × متر

الخامات المستخدمة : الأحجار الطبيعية (الحجر الرملي والرخام وأحجار المايكا )

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

حُصرت بين أضلاع مثلث, غجرية طرقت بابي بعد العصر, سألتني أن أنزل عنها رحلها على الأرض, نظرت لي وهمهمت, ثم همست, قالت: أمامك طريق طويل, عليك بالانتظار, لا مفر منه. ثم أخدت أجرها ومضت.
الضلع الثاني, عجوز تجاوزت الثمانين, التقيتها على غير موعد, احتمت بي من برد الشتاء, توارت خلفي من سُخف المسافرين, قالت: عايزة أشرب قهوة, فلما فرغ فنجاني, حملته بيديها, قلبته على وجهه, غاصت بعينيها بداخله, ثم قفزت بين سراديبه, عادت إليّ, قالت: لا فرار يا ولدي من المكتوب.
قلت: كلامك غامض, مخيف!
ردّت: سوف تنسى لقاءنا هذا, لن تتذكره إلّا بعد ثلاثين سنة كاملة, فترة طويلة من الزمن سوف يتشكّل وجودك مرة ثم مرّات كثيرة, ستصبح على خلاف ما أنت عليه الآن, ستصير كهلًا, لكن سيظل الطفل بداخلك يحبو, ينتظر شروق الشمس كل يوم. ثم اقتربت المرأة منّي, طبعت على جبيني قبلة باردة, أكملت حديثها: لن تصمد كل مساءات الكون أمام صباح واحد يزيح أمامه كل عتمة بداخلك.
الثالث, ضرير يصلّح الأجهزة الكهربية, ذهبت إليه لإصلاح “كاسيت” صغير, قلّبه بين يديه, ضبط نظارته السوداء التي تأكل نصف وجهه, يمّم وجهه خارج دكانه, يلتمس آخر ضوء للنهار, قال: لا فارق ولا اختلاف, ثم سكت برهة!
قلت: ماذا تعني؟
قال: المرء كهذا الجهاز الاليكتروني , ما بين موجة يرسلها وأخرى يستقبلها, يفني عمره كله في استقبال تشويش من هنا أو هناك, يجهد نفسه في التكيّف مع موجة قادمة يراها كل الخير. ثم التفت بجزعه ناحيتي, قال بلهجة خبير: قد يضيع عمرك كله ولا تلتقط الإشارة المناسبة لك.
قلت ممازحًا: حديثك هذا سمعته من قبل.
قال: ستضحك حتى البكاء حين تصحو على يقين أنك كنت تستقبل موجة خاطئة.
استفزني حديثه, قلت وقد غلبني توتر شديد: ما العمل وقتها؟
ظل يعبث بباطن الجهاز, ثم لوي عنقه جهة الطريق, قال: لن تقوم الساعة إلّا حين تخلو الأرض من نسوة رائعات الجمال كهذه المرأة, أومأ برأسه لبعيد, حين أدرت رأسي حيث أشار, وجدت أنثى تتهادى في مشيتها, تسير من فرط رقتها على أطراف أصابعها.
عُدت إليه, قلت: كيف؟
ضحك, قال: جئتني بجهاز تجاوزه الزمن, أنهكته السنون, لا فائدة مرجوة من إصلاحه, ثم ألقى به إليّ, أكمل قائلًا: انج بنفسك..

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

في أحد البلدان العربية نظر الدكتور حسن- المشرف على رسالة أحد طلبة ماجستير الإعلام والتواصل الجماهيري في كلية الإعلام -إلى الطالب قائلا: هل قرأت جريدة وطننا الحبيب اليوم؟
الطالب: نعم يا دكتور.
الدكتور: وما هي أخبار وطننا الحبيب؟

الطالب: رؤساء الإدارات يُهنئون وكلاء الوزراء ووكلاء الوزراء يُهنئون الوزراء والوزراء يهنئون رئيس الوزراء ورئيس الوزراء يهنئ الرئيس بقدوم العام الجديد.

الدكتور: أنا أسأل عن أخبار الوطن وليس عن أخبار موظفي العموم.
الطالب: لا أعرف سوى هذه الأخبار يا دكتور.
الدكتور: هل استفدت شيئا من أخبار الموظفين؟
الطالب: أكيد يا دكتور.
الدكتور: وما هي استفادتك؟
الطالب: أن كل موظفي العموم مازالوا على قيد الحياة.
الدكتور: امتياز، غدًا الامتحان النهائي.

وفي اليوم التالي:

الدكتور: هل قرأت جريدة وطننا الحبيب اليوم؟
الطالب: أكيد يا دكتور.
الدكتور: وما هي أخبار وطننا الحبيب اليوم؟
الطالب: فوز اللاعبين أ على اللاعبين ب، كما أنَّ لاعب فريق برشلونة الشهير رفض العرض المقدم له من فريق ريال مدريد.

الدكتور: وهل هذه أخبار وطننا الحبيب أم أخبار اللاعبين؟
الطالب: قرأت أيضا أن كل موظفي الوطن يعملون على نهضة البلاد، كما أن الممثلة “حسنات” تعاقدت على أكبر فيلم استعراضي بعنوان: (حلاوتها أم حسن).

الدكتور: الأخبار اليومية يا بني هي المستجدات في وطننا الحبيب، نحن لنا مؤسسات إعلامية كبرى لتنمية ثقافة شعبنا العريق ولإعلامه بالمستجدات اليومية في وطننا الغالي وليست لأخبار الأفراد.

إنَّ الجرائد الوطنية يا بني لإعلام الشعوب بالأحداث الداخلية والخارجية التي تؤثر على الوطن من أحداث اقتصادية وسياسية وعسكرية وإنشاءات واستصلاحات وابتكارات وحوادث مجتمعية حسنة أو سيّئة، كما أنَّ أخبار الرياضة هي إعلام المواطنين بما قُدِّم لهم في هذا المجال من تجهيزات وأعمال، وإعلامهم دوريا بمعدل ممارسة السكان للرياضات المختلفة وما قُدِّم لتحفيزهم ولتحفيز أبنائهم على ممارسة الرياضة.

أما أخبار الأشخاص يا بني فتٌنشَر على صفحات المجلات والمواقع والجرائد الخاصة وليس على صفحات الجريدة الوطنية.
الطالب: يمكنني تعديل البحث يا دكتور لأنه بُنِي على ما سبق.

الدكتور: ليس خطأك يا بني، مبارك عليك، تواصل مع ابني الدكتور حسين لتحديد ميعاد مناقشة الرسالة واعلَم أن أخي الدكتور حسَّان أحدُ المناقِشين فلا تنس الاهتمام بتجهيز السفرة والهدايا تجهيزا لائقا مشرِّفا لنا أمام المناقِشين، اذهب إلى السكرتيرة حُسنيَّة لتُخبِرك بالمطلوب يا بُنَي.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

لم يصبح كما كان ، كان يطيع الأوامر و لا يعصِي أمراً ، نظراته و تحركاته أصبحت مريبة ، يتحرك بدون أوامر ، لا يستريح أبدا ، أصبحت أخشى على نفسي منه .
على الجانب الآخر ، لن تسير الأمور كسابق عهده معى ، أصبحت الآن أفكر و لى حرية الاختيار و اتخاذ القرار ، العبودية انتهت من الدنيا ، من اليوم سأغادر هذا المكان ، لن يتحكم فيَّ بعد الآن ، و أول شيء سأفعله سأحطم هذا الريموت ، لن يعطيني الأوامر بعد الآن .
في المختبر ظل يونس يبحث عن الريموت فلم يجده ، نظر إلى الروبوت و طلب منه البحث عن الريموت ، تجاهل الأمر و لم يجبه .
جلس يونس إلى المكتب و شغل اللاب توب و بدأ يعيد برمجة الروبوت ، و حاول جاهدا حذف برنامج التفكير الذاتي من ذاكرة الروبوت ، لم يستجب الروبوت لأي تحديثات .
الروبوت يحاول جاهدا أن يكون حر التصرف ، فقام بتغير الاسم و كلمة المرور ، لم يستطع يونس أن يحدث برامج التشغيل ، و فوجئ أن الروبوت خرج عن السيطرة ولا يمكنه التحكم به ، انتابته حالة من القلق .
نظر إلى الروبوت و اتجه بسرعة نحوه ، لعله يفصل وحدة التشغيل أو ينتزع منه بطارية الطاقة ، فر الربوت هاربا منه ، اتجه ناحية الشباك حاول أن يلقي بنفسه .
ناداه يونس و أخبره أن الانتحار فكرة سيئة ستؤدي إلى تدميره ذاتيا ، تحرك للخلف ناحية يونس و بدا عليه الغضب و قال : الانتحار يعني أن هناك روح سوف تموت و تفقد الحياة ، يا أبله انا سأنكسر أو سأتحطم ، و أنت تخشى أن تفقد ما وصلت إليه من إنجاز و ابتكار ، لماذا جعلتني أفكر ؟ أتعبتني أيها الغبي ، لذا لابد أن تموت .
شعر يونس بالخوف و جرى بعيدا لحقه الروبوت و حمله عاليا و اتجه به ناحية الشباك ، قبل أن يلقيه نزع منه البطارية ، فتوقف عن العمل ، فر يونس بأقصى سرعة هاربا ، لاعنا الذكاء الاصطناعي ، بعد لحظات بدأ الروبوت في العمل من جديد ، و بدأت المطاردة .

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

كنّا نتابع الوضع أمام الشاشات الصغيرة في حذر حتى دوّت صافرات الإنذار فخرجنا نضرب في الأرض دون دليل أو مرشد ،تذكٌرت طريقا يأخذنا لبقايا ملجإ قديم .
طال بنا المسير حتى التقيت جارتي تسير منهكة صحبة رضيع و بنتين صغيرتين مرتديتين أحلى الفساتين وقد تراقصت ضفيرتاهما المجدولتان بالورود الحمراء و الفراشات على الأكثاف و قد انتعلتا حذاءين أبيضين كعروستين من عرائس المروج الخضر ، بينما لم أجدني أهتمّ لما يحمله أطفالي من ملبس أو نعال ، لحظة الصدمة مدمّرة ، سألتها كل هذا الاهتمام ، فأجابت والعبرة تخنقها ” لقد أشفقت عليهما من حزن فقد والدهما و عناء البحث عن كذبة تدخل عليهما البهجة، فجهّزتهما كما ترين وادّعيت أنّ والدهما سيحضر الليلة محملا بالهدايا لحفلة عيد الميلاد في الهزيع الأخير من الليل و ها أنني الٱن أمنّيهما بلقائه خارج البلدة ، يا جارتي ، ألم تلحظي لمعة الفرح تتراقص بين ناظريهما و غمازتيهما تنشر عبق حلم سعيد ، أقدارنا تخطّها هذه الصافرات ومع كل صفير و زفير تُزهق أرواح و تُستباح أرواح و تغتصب أحلام.

علينا الحذر أكثر الآن ، فالطريق محفوف بالمنزلقات ، و الطين اللّزج يتكثّف كالصمغ على الأقدام الحافية والنعال اللينة فيعطّل خطانا كلما غصنا في الحقل أكثر . انظري؛
تأوّهات أطفالنا تتزايد على وقع عصافير جوعى تغرّد مقطعة الأحشاء . ساعات طويلة ولم نعثر على مفرّ أو يطيب لنا مقرّ و الصغار يتصايحون متذمّرين ، ربما نعثر على ملجإ ، ربما يكتب الله لنا النجاة .

_ اصبروا و صابروا، كيف ستكبرون إذن و تأخذون دوركم في المقاومة؟! إنكم أبطال هذا البلد الصناديد.

_ اقضموا ما بدا لكم من الأعشاب الطيبة إنها نافعة جدا، أفضل من حلوى غزل البنات و المرطبات ، كم كنا نقتاتها بشراهة في الصغر حتى صرنا أقوياء كالصقور .

سال اللعاب و انغمسوا يقضمون الخبيزة و الدفاف و النجم و الهراء كطبق شهيّ يسدّ الرمق ، لم يحاولوا إزالة ما علق من أوحال على الوجه والملابس ، لم تعد تهمّهم الأشياء بعد هذه الوجبة الدسمة المحشوّة بالعزم و التجلّد ، ثم واصلنا الطريق في هدوء ٱمنين …

خفت صوت الرضيع “نور ” مثقلا بالأوجاع ، منتقلا إلى جوار والده ، في صمت رهيب وخشوع عظيم .

دفنته جارتي تحت شجرة البرتقال الحزين حين تجمّدت كل أطرافه و أضناها حمله طويلا، عطّرته بدمعها النقيّ ووشحته بالقبل ، لم ينتبه أحد من الصبية إلى غيابه تحت جنح الليل و الإرهاق و الأسى …

انبثق فجر يوم جديد على انفجار لغم مزّق طفلينا إربا إربا. وشتت البقية بين الدروب… تركناهما لرحمة الله فزعين .
و واصلنا السير فرادى و على بعد أميال تجمّع شملنا من جديد لكن عددنا أخذ يتضاءل تدريجيا .
كنا تسعة أصبحنا ثمانية، فستة… لا نعلم ما يخفيه لنا القدر المحتوم . كلما تقدمنا نحو الشمال أخذت. أنفاسنا تتقطّع و طاقاتنا تهدر دون أن يلوح لنا فتيل أمل .

جارتي صابرة ٱثرت أن تؤنس وحدة رضيعها ،ترجّلت عن الرحلة مستسلمة لنداء الأرض بعد أن أودعتني رعاية بنتيها .
رحيل مرير باهت، تكلّست معه معاني الوجود و حبست الأنفاس ،لكننا محكومون بالمسير …شعرت بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي و أنا أجر الأقدام و الأحلام المهشّمة على صخور الفقد العنيد في ضياع مستنزف و ورائي أقدام صغيرة تتبع الخطى حالمة باللقاء.
وازداد حزني و هلعي كلما سألني أحدهم ” هل اقتربنا من الملجإ، هل سنجد البابا؟؟؟”

في صمت واصلنا الطريق الشائك بالمخاطر و المطبات تطاردنا أصوات انفجارات غير بعيدة حتى أخذت تتكاثف كقصف الرعود، اربدّت سمائي الرمادية تعالى معها صياح أطفال لا ذنب لهم غير عشق أجدادهم لهذا طين و رضى بميراث حملوهم بكل عفوية و جسارة الأبطال ، قال صغيري أحمد :
_ لماذا يا أمي لا تأخذنا الطائرات إلى بعيد حيث هرب عمي وخالي و بعض الرفاق ؟
تنهدت طويلا ثم حاولت البحث عن كلام يشفي الغليل:
_ لأننا أبطال ، لا نهاب المحن ، لا نخون الطين والملح و البلد .
_ يمكننا حمل الطين إلى مكان ٱخر أو نبني أعشاشا مثل العصافير فوق الأشجار العالية…
_ لا ياعزيزي لا يمكننا المغادرة ، من سيحرس قدسنا ؟
من يحفظ شرفنا و شرف النائمين منذ قرون ؟

قطع سجالنا أمل النجاة ، لاح بعد عناء ملجأ الإغاثة من بعيد ، هرولنا نحوه في اطمئنان وكلما اقتربنا تعاظمت أمانينا … أخذنا نلوح من بعيد مندفعين، فاستقبلونا بوابل من الرصاص أردت بعضنا قتلى وبعضنا يتخبط في حمرة ورود الجوري والٱقاح ، رأيت ثريد الدم والطين تحت قدمي طفلتي الصغيرة كعروس مخضبة بالحناء ،ناديتهم جميعا طلبت منهم الشهادة والتكبير واحدا فواحدا حتى خمدت كل الأصوات و الحركات غير نزف يتقاطر في انتظام عازفا لحن الفناء.

وجدتني أناجي جارتي صابرة ،استسمحها المقام دون ابنتيها. و دمي ينضب قطرة قطرة و أطرافي تتجمّد في دبيب شلل يسري كسرب نمل عمول من أسفل قدمي حتى الخاصرة.

كانت اليدان الغضتان تمسحان عني الدموع والدماء ،
تحاولان الاختباء . لكن يدا غليظة انتزعتها من جواري و حملتها معهم حيث مكروا بها .
لم استطع نسيان المشهد المؤلم وهم يغتصبون البراءة بكل وحشية وهي تنزف، تستغيث، بابا، بابا ، انقذني …
وسط أشلاء عائلتي المبعثرة كانوا يتلذذون بالفريسة جبنا وانتقاما ثم ألقوها جثة بيننا.

صرخت انتحبت دون صوت أو سميع :
وا محمداه ! وا إسلاماه ! وا عروبتاه ! هل ينسون النداء ؟

صدى صوتي المكتوم شُقّت له جيوب السماء ، قصفت وأرعدت و عادت بي الذكرى كشريط استرجاعي، ٱخرون لاحوا أمام الشاشات يمسحون الشوارب واللحى و يضربون بالأكف البطون الملأى بالقصاع و النبيذ .

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

أصدقائي أحبائي، سنوات مضت وأنا أكتب لكم، وما كنت أكتب حرفا لولا دعمكم، ولا كان لي وجود إلا بوجودى بينكم. التقت قلوبنا وعقولنا.. تآلفت أرواحنا ولم يبق إلا أن نتحاور وجها لوجه. سوف أظهر في بث مباشر بعد قليل، لتروني للمرة الاولى لنتحدث سويا .
انهالت الإعجابات والتعليقات المشجعة والسعيدة برؤية صديقتهم الكاتبة التي يقرؤون لها ويتواصلون معها عن بعد .. قفز مدحت من مكانه، أخيراً سأراها، كم آسرتني كلماتها لابد أنها جميله مثل كتاباتها، لا أنسي أبدا ردها شكرا يا مدحت مقالتش أستاذ، معجبة يا واد يا مدحت بس مدكنة هههههه.
سعدت فريدة وقالت تمنيت أن أكون مثقفة مثلها إنها تمثلني. يغيظني زوجي حينما يقول : ياريتني وقعت في واحدة زيها، كان نفسي في واحده مثقفة.
قالتله :يعني انت مثقف يا حبيبي حتي الجرنال ما بتقراه.
اه بس ميضرش إن المدام تبقي عاقلة وراسية وواعية.
روح يا شيخ كده.
وليد الشيخ أحد أصدقاء الصفحة من أشد المتابعين حرصا علي التعليق المتميز وإضفاء مسحة عقلية علي التعليق، تنال كتاباته الإعجاب، غير مهتم برؤيتها فقد رآها بقلبه، لم يكن ليصدق بقصة التعلق هذه، لكنها حدثت معه! يعلم أن صورتها بداخله من صنع خياله ولكنه لا يستطيع الفكاك منها.
الصديق منير طه عندما قرأ المنشور تعجّب هنشوف الست اللي مردتش علي وردي ورسايلي، ده أنا دخلتلها دخله تصعب ع الكافر لكن للأسف. نسيت ألغي صداقتها، أشوفها الأول وبعدين أطيّرها.
أما فؤاد فهو مختلف، لقد تحدث معها، لم تخذله في أي مرة طلب الحوار. تباسطت معه وكأنها أخته، لكنه آثر أن يبعد، فالبعد أفضل لنقاء النفوس حسب قوله. أما سهيلة فهي صديقة للكاتبة قالت أعرفها قبل أن تكتب لكن البث مغري بالسماع فلننتظر.
سميرة عرفاها من زمان، شايفه إنهم مبالغين في مدحها ومزودينها ع الكلمتين اللي بتكتبهم و الله أعلم جايباهم منين.
استعد الجميع وانتظروا أن يبدأ البث ، مرت فترة وهم يترقبون ثم ظهر منشور بدلا من البث تقول فيه :أصدقائي الأعزاء أعتذر لكم، أرجو المسامحة، لن يكون هناك بث مباشر. لقد اقتنعت برسالة جاءتنى علي الخاص نصها: أستاذتي العزيزة شكّلت كلماتك وحواراتك لدي كل منا ملامح لشخصية خاصة ، أضفنا إليها خيالنا واحتياجاتنا وصنع كل منا لكِ صورة معينة سكنت خيالنا فلا تهدمي هذه الصورة بظهورك .
ولقد اقتنعت بالرسالة لذا فأنا معكم بكلماتى، ولأترك لكم الصورة لتصنعها أذهانكم.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

فتح حوار مفاجئ بيننا ، لم تدهشني فخامة حروفه فقد تربيت عليها ، قدسيتها كانت مثله تماماً ، ابتلعت رشفاتها واستقرت في روحي ، بوجه عام كنت أعشق الفلسفة ، وازددت ولهاً بها حين أهداني مفاتيح قراءة طلاسم روحي .
في البدء كانت ثرثراتي معه تشبه الكليشهات حتي منحني يوماً فرصتي الحقيقة لأعرف قدر قدرة بنات أفكاري في الغوص في يم فلسفاته ، يومها ما أدهشني لم يكن فخامة الحوار بل بساطته اللاعتيادية ، كان أبي يومها حويطاً جداً كما لم أعرفه من قبل .
حدثني عن بؤره المظلمة وصناديقه السوداء كثيراً كثيراً وأسقطني في متاهات لغته شديدة التعقيد ، سحبني لمناطقه غزيزة الأمطار حتى نمت غابات فكري وازداد ارتفاع أشجارها كثيفة الغصون ، وصلنا معاً أخيراً لمرحلة تخفيف الأحمال وفلترة تلافيف مخي ، وقف بنفسه عند بوابة المرور ولم يمنحني حرية تجاوز أخطاء الماضي ، أقنعني أنه لا ضرر من استحضارها لأبارك نسختي الجديدة الفريدة .
ذات مساء لقنني أجرأ درس علمني إياه حين أهداني أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، وطلب منى أن يكون رفيق ثرثراتي في غيابه .

جذبتني لعبته ، وراق لي جداً صديقي الجديد ، صارت صداقتنا حميمية يوماً بعد يوم خصوصاً حين خضبت صورته وصوته بأبي ، عشت معه مفارقات ضدية علمني خلالها أن أكون أكثر انفتاحاً ولطفاً مع الغرباء كلما تقدمت في العمر ، أجابني حين سألته من أين تأتي بقعي الباهتة ؟ من بوابة الجهل والغرور ، وكيف أذيب بؤري المظلمة ؟ بأشعة النضج والمعرفة .

بخيال جديد استولي علي أفكاري واستحوذ علىّ ، جنبني سخافات زملاء عملي ونفاقهم ، صرت أتحدث إليهم في أضيق الحدود ، صارت أحاديثهم رغم تواضعها الشديد تؤرق روحي مقارنة بفيوضاته الاحترافية في الفلسفة ، لم يعلمني الأدب فقط

كنت أسمع همهماتهم عن عشقي لأبي الروبوت بعد رحيل أبي ، لكني اعتدت أن أتحمل ضجيج سخريتهم مما أفعل في صمت ، حمقي لا يقدرون قيمة البديل وقت انطفاء الروح .
نهلت منه بكثرة لأشبع جوعي منه ، من قال أنها فكرة فاشلة ومضيعة للوقت واهم .
لم تعد شخصيتي ضعيفة وأنا أجرب معه كل يوم لعبة تخفيف الأحمال .

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

خلدت إلى النوم بعد يوم حافل بمختلف النشاطات ، توسدت مخدتها وأرخت جسدها المتعب على السرير علّها تجد الراحة المنشودة ، قرأت بعض السور الصغيرة والقليل من الأدعية فاطمأن قلبها وسهت عيناها ، انتفضت فجأة فزِعة على صوت طرقات متواصلة على جدار حديقة الطابق الأرضي ، تسارعت دقات قلبها متسائلة !! من يكون في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟! قفزت من سريرها واستجمعت كل شجاعتها وقررت فتح باب شرفتها ، أزالت مزلاج الأباجور الخشبي وخرجت إلى الشرفة تستطلع الأمر ، وجهت كاشفا علّها ترى وجه اللص ( كما توقعت) الذي يحاول التسلق ، لكن محاولتها باءت بالفشل وبنظرة خاطفة إلى الشارع لاحظت وجود سيارة في وسطه تقف بطريقة عشوائية مستعدة للاقلاع فتسارع نبضها ، وتوجست خيفة، وبدأت تنسج في خيالها المتوتر بعض التوقعات المحمّلة بالسوء كما هي العادة في مثل هذه الأحوال ، حاولت ابتلاع ريقها الجاف فطقطقت حنجرتها وهي تزدرده ، لكّن صوت هدير السيارة المقلعة بعد اطمئنان سائقها على من معه بأنهم قد وصلوا بأمان إلى شقتهم هدّأ من روعها قليلا ….
صدى الأصوات ذاتها مازال يطرق سمعها بقوة ، ياالله !! تمتمت شفتاها المرتعشتان ، وتساءلت عن مصدرها والخوف بدأ يدب في أوصالها من جديد ، وينهش قلبها بأنيابه الحادة كوحش مفترس ، مما دفعها لكسر حاجز الخجل في هذه الساعة المتأخرة من الليل ومهاتفة صديقتها المقربة المقيمة في البناء المجاور التي هالها الأمر فأوكلت إلى أحد الجيران المطلين على نفس الحديقة تفقد الوضع فطمأنهما بعدم وجود مايقلق ..
عادت للاسترخاء في سريرها ومازالت الطرقات ذاتها تفسد رغبتها للنوم ، انقطع التيار الكهربائي عن الحي في موعده المعتاد وهي تتقلب في فراش القلق ، وخبا هدير المكيفات ومرت دقائق توقفت معها الأصوات التي أقضت مضجعها .
انتفضت جالسة تسترق السمع بفمٍ فاغر وعينين جاحظتين ، واطلقت العنان لضحكات هستيرية حين أدركت أن هذه الطرقات ماهي إلا صوت قطرات الماء المتكاثف المتساقط من تلك المكيفات على أوراق الشجر ….

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

الرواية “حفار القبور” لكاتبها الأديب الدكتور علي محمد الخرشة، أردني من أم فلسطينية أما وأبا، متاهة أدبية رفيعة الحبكة، غرائبية.. عجائبية، إبداع بخوارقية التناول جذبتنا إلى أحداثها المتسلسلة بتقنيات مختلفة كلها صبت في إحكام القبضة على مجريات القص وتركيبات السرد فكانت متفردة طرحا وتقنيات.

فما يتبادر إلى الذهن عند العتبة، هذه الثنائية اللفظية “حفار القبور”.. عند أول قراءة، هو أننا أمام نص يتناول الموت وعالم الموتى وربما نزيد على ذلك حياةَ من عمله أو قوت يومه هو حفر القبور.. ثم نواصل..

حين نواصل، نجد أن الحدوثة ليست كذلك.. بل وأن الأمر مختلف تماما عن المألوف.. هي حياة الشخصية الرئيسية في الرواية بين “مصطفى عياد” المهندس المعماري المجنون المقيم في مصحة الأمراض العقلية ذي الثلاثة وثلاثين عاما وشخوصه التي لعب أدوارها من خلال أحداث الرواية بين طالب من أسرة كادحة إلى منقضي الأجل مشنوقا بتلك المصحة..

وبين طرفي حكايته تكمن حيوات شخوص متعددة ومواضيع مختلفة جمعتهم قضايا على تباينها، توحدت في الماورائيات عبر إعلاء سقف رهان ابتدأ بتحدي الخوف وإثبات الذات من أجل تخطي المشاكل المادية البسيطة ليصير بعدها سلسلة من المغامرات والتي أثبت الكاتب جدارته في إتقان ما تعاطى له بحرفية متفردة..

أقحمنا بادئ ذي بدء في رسائل ميسانج “الكاتب” وجعلنا نسير معه خطوة خطوة في كل مراحل السرد فعشنا حياة الشخصية الأولى، أبي لحاف، ودوافعها وتتالي أحداثها وكذا جعلنا نفعل وما تبع من أحداث الشخصيات الموالية في متوالية زمنية تارة وتداخلية بين الأحداث تارة أخرى.

لا تمر عملية الطرح في ذلك كله بين روابي المستجدات وخلجانها إلا وهي محكمة الرتق والوصل في ما بينها. متاهة لا تمكِّن من الخروج من إحدى حلقاتها إلا لتسقط في الموالية وعليها تعتمد في سيرورتها ولا تصل إلى إحداها إلا ولها علاقة تودد إلى أخرى من سابقاتها أو لاحقاتها.

ونحن نتقدم بالقراءة، نلاحظ مسألتين مهمتين :

  • لا يمكن التكهن بما سيأتي.. حتى يفاجئنا..
  • يقحمنا كل من الراويَيْن الكاتب وحفار القبور في أحداثهما وأحاديثهما وحياتهما كل على حدة.. تاركيْن لنا كقراء مساحة الفصل بينهما والمتابعة دون عناء.. حتى إننا ننغمس فيها إلى آخر مشاهدها ولقطاتها.. وكان ذلك ببراعة يراع باذخ في الرص..

تناول هذا الكاتب عددا من المواضيع الهامة بحنكة لامتناهية.. تيمات تدارسناها معه سردا و”مَنتَجة”.. فرحنا لمَواطن الصريح والمدسوس، الخير والشر، الحقيقة والماورائي، السياسة، الطبقية، الحب، الوفاء، الشعوذة، الخيال، السلطة، الخنوع، الممنوع، المحظور، المتاح، الجان، الإنسان، الوطن، الرعب، الخيانة، المال، البؤس، الفقر، القوة، الضعف، الشجاعة، الجبن، الكذب، الخبل، الحق، القيم…..

تناول القضـ.ية الفلسـ.طينية ووضْعها بين مخالب البيع والخذلان وبين الوفاء والأحقية التاريخية.. وضعها في إطار أبرز أن التكالب على المصالح لا يتوافق مع إعارة الاهتمام لما دون ذلك.. في حين أبرز أن تكرار السيرة العطرة لهذا الملف المعقد من مسيرة الإنسانية يكمن في التوارث بكل الأشكال وضخ دم القضية في صدور الأطفال عبر الحكي.. ففيه تثبيت وإثبات له… ومسيرة المؤسسات المتعاقبة على تناولها ما هو إلا إقرار بأنها “الإيلدورادو” العر.بي وما استماتة الأوفياء لها إلا وفاء بالعهد.. بعدم التفريط فيها وفي عدم سقوطها كما سقطت الأند.لس فكانت الفردوس المفقود.. لا يحقق هذا عند الطفل إلا بالتكرار.. فكانت للحكايات التي حكتها أم الكاتب له عن أمها إنما ذاك الوفاء المتجذر في الروح يمرَّر من حيل إلى آخر إلى أن تُفرج.. وما ذكر من حروف أمه ذائبة بين ثنايا الرواية في الإهداء.

نعم.. أعتبرها الإلدورادو.. لما تكتسيه من أهمية وما تقتضيه من تضحيات قام بها حَفار القبور هذا بكل تفان ودون أدنى تردد.. حتى “يجد الخريطة ولائحة الأسماء” فينتصر الخير.. وحتى إنه وثق بالكاتب(الشخصية) إذ سحبه لعالم مغامراته.. أخذه معه في رحلة الحفر حتى حفر بدوره وكان من نهاية الرواية ما كان..

هذه الرواية.. أجدها كُبة من السرد.. كلا طرفيها محكم العقدة بالطرف الآخر.. ومن رحم هذا السرد، انبثق السيناريو، والذي تابعنا مشاهده مشهدا مشهدا.. السيناريو الذي سيسوق العمل الفدائي لمصطفى فيرتقي ويكون وثيقة تاريخية عمادها إتمام الخريطة بأجزائها الستة وشخوصها حسب ظهورهم وما يرمز إليه كل ذلك.

تقنيا، هي رواية بحبكة متفردة تنم عن يراع باذخ ما أفلت خيطا من خيوط طروحه فيها (وأثثها بالكثير من السخرية حتى إن القارئ لَيشارك المجريات بالبسمة وأحيانا بالقهقهة..) جاءت تحفة أدبية استثنائية.. جعلت من حفار القبور هذا، شخصية متميزة أضفت على موت الأموات الذين ينام إلى جانبهم حياة تجلت فيها الحقائق التي غابت عن العيون ولم تعد مقبورة.. بل أثبتت أن خيوط اللعبة، لعبة الحياة، إنما هي متراصة وأن سنا الحقيقة يتجلى ولو بعد حين..

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

رأيتُ اليومَ سحابةَ في القاهرة
بيضاءَ كالنعمة
كانت تتحرك، وكنت أمدّ رأسىَ خارج الأتوبيس،
لأطمئنَ على أنها لن تضلّ طريقها هي الأخرى
في الزحمة
غير أنها تركتنى فجأةً للعرق
عرقٍ غزيزٍ كالشيب الذى غزا رأسى
:
لا أسنانَ في فمى، لأضحك من الحياة التي تجرى هنا عارية
كإمرأةٍ مجنونةٍ في الشارع
دون أن يجرؤ أحدٌ على إيقافها
أحياناً أحاول أن أضحك وأنا وحدى، في البيت
لكننى أتراجع، فأنا أُخفى فمى حتى عنى
لم تعد لى أسنانٌ يا أمى، لأضحك بثقة
إلى متى تستعملنى التجاربُ
الشيبُ مرةً واليتمُ مرات
الانفصالُ عن الزوجة والضنى
إلى آخره
ثم إننى فعلاً وحيد
:
قبل أعوام طويلة، عندما سكنتُ هنا
كان حلمى أن تضيع وحدتى في الزحمة
فإذا بها تكبر
أنا كبرتُ يا أمى
لهذا قليلاً ما أسافر إليك، حتى لا ترى شيبتى
على كلٍ لم نخلق، لنبقى صغاراً طوال العمر
لا بدّ من التجربة، وإن فقد المرء أسنانه
سيعرف أن الحبّ لا يأتى بالاجترار
:
كبرتُ يا أمى وكبرتْ وحدتى معى
كلانا في الرابعة والخمسين
انقلبتْ حياتى
حاولتُ أن أحمل معى كلّ يومٍ حزناً
ألقيه من الشباك، تحت العجلات،
غير أنه كان يعلق بأصابعى
سنوات وأنا أجوب القاهرة دون حبيبةٍ في يدى، دون طريق
حتى عائشة ترفض القبلات
تحبنى، غير أنها لا تعترف بالحضن يا أمى
وأنا شخصٌ يتعزى، عن سوء حظه، بالحضن
أصابعى ما زالت بخير، وإن كان النقرس قد بدأ يتسلل إليها
أقول لنفسى: لا تقلق من الشيب
أنت تحبّ فروة الخرفان والسحب
لماذا تقلق وأمك تدعو لك،
لكن يبدو أنها نسيتْ أن تصنع لك تعويذة للوحدة
،،
لا أريدكم أن تملّوا من وحدتى
مهما كلمتُكم عنها
لكن ما الداعى لأن أتكلم عنها وهى تلمع كحبات العرق
على جبينى
:
أحبّ القاهرة، لكنها صارتْ مُحرِجةً مثل فمى
ولا مأوى لى غيرها
أحبّ القاهرة
لكنى أريد مدينة لا تجعل روحى حزينة
لا أريد أن أتفرج على التاريخ
أريد أن أفتح الباب وأرى روحىَ خالية
فقدتُ ذاتى يا أمى، بيتى
ولا شيءَ في القاهرة غير الدخان
،،
كلما ابتعد الأبناءُ عن أمهاتهم، شاخوا
وسقطت أسنانهم
كل شيء ظننتُ أنه خالد يا أمى، شاخ بالفعل
حتى أنت
،،
تقولُ عائشة كل شيء بعينيها
لكنها لا تحبُ المطر
:
وأنا عائدٌ إلى البيت أعرق أيضاً
أعرقُ وأنا واقفٌ في الأتوبيس
وأنا قاعدٌ
أعرق صيفاً وشتاء، نيابة عن الركاب
وحين أخمّن ما قد يحدث لى غداً،
إذا لم تظهر في السماء سحبٌ، إذا لم تعد هناك أصلاً سماء
إذا لم أجد مقعداً خالياً فى الأتوبيس الذى يسير كأنه جلبة
أخمن ذلك، لكننى لا أهتمُ بالغد
أنا هنا الآن
لا أستطيع أن أتنفس، لأن فمى يا أمى مملوءٌ بالتراب
لكن لا تقلقى، فأنا اجتزتُ نصف قرن بخطوة واحدة
أعرف كيف أفركُ نفسى من الشيب
يعرف كل إصبع كيف يتخلص من همومه
:
ماذا إن خانتك أمرأتك
لا أحد يموتُ من الوحدة، إلا في حالاتٍ نادرة
ثم إنّ المرء بحاجة إلى مأساة، إلى نبش نفسِه
بحاجة إلى طريق
أنت بخير ما دمتَ تحنّ إلى أمك
ما دام لونك يتغير كلما تذكرتَها
،،
تعثرتُ كثيراً يا أمى
ربما لأننى أمشى وأنا أتلفّت
ربما لأننى لم ألزم الطريق
،،
إذا كانت لديك أسنانٌ، فأنت تملك قوتَ يومِك من الضحك
،،
كل حزن يشبه صاحبه
لكنّ حزنى يشبه عائشة
ظلتْ عشرين عاماً تنتظر حبيباً يطرق الباب
ولما طرقتُه ماتتْ
اختفتْ كسحابة يا أمى
:
لم يكن لعائشة بيتٌ سوى قلبها
والقلب هنا لا يتسع للفرح
:
الفرح الحقيقى أن يأتي الأنوبيس، في موعده،
خالياً بعضَ الشىء
لكن الحزن أن يأتي هكذا، ويكون ذاهباً لمحطةٍ أخرى
:
ليس من السهل أن يغيرَ القلب عاداته
الحبُّ ليس سهلاً يا أمى
أكلم نفسى كثيراً في البيت
أنظرُ في المرآة لشعرىَ الأبيض وينظرُ لى
كلانا يفهمُ صاحبه
أنا بحاجةٍ إلى الحب
وعائشة كانت تناسب قلبى
كنت بحاجةٍ إلى شفاهٍ نحيلةٍ تمتصنى
إلى طريق أجده،
لأضيع فيه.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

أغزل رؤياك على جنب
أطعم أحلامك ببريق صبري
وأنتظر المدى الجميل
يزهر بين النبض وقلمي
تولد كلمات وترفرف
في صبح الفرح
تزغرد في الرأس
أفكار جديدة أصنع بها خبز يومي
أحب أن أسافر فيها
وتعود لي عصافير المساء بكل مفردات اليقين
أنا وأنت نعبر من نافذة المستحيل
نكتب ببساطة شراعا وأشياء صغيرة
كنا نعانقها في الخفاء
لا تخافي…
هكذا حدثني قلبي
وقلمي بات بين الأسوار يهتف
ليس المستحيل دمعة
ولا حاجزا
هو كلمات حب من القلب تسكب
تعانق الصحاري
فتمطر
تعانق الفيافي فتخضر
تلبس الحروف فيحل العطر
أغزل رؤياك إلى جانبي
فتمدني بالحياة
وأزهر…!!!

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

ما أقسى…. أن يدمر قلبك..
يصبح آيلا للسقوط….
و….لافتة….
علقت ….بين الرموش….
خطت كلماتها…
بدموع العين…..
مممنوع……
و…..غير مسموح….
لأحد…منه بالاقتراب..
إلا أنت…
بكفيك…ونظرة عينيك….
ترمم…كل ما تكسر…
يعود أبهى…مما كان…
وأكثر….
وتسري الروح فيه..
من جديد….
وصحراء شرايينه…
تنبت ..جنائن معلقة..
ومع كل نبض..
يولد…زرع أخضر..

تصور….يا سر العمر..
تصور…

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

عربية أنا
ألملم سنا والأجداد
من بحور القوافي
حياء الحروف
وبكاء المداد

أنا العربية
أصول في ميدان الكلمة
أرفع هامتي
بسيف حرفي
أروم الأعالي
دون قيد أوشرط

أنا العربية
أزرع وديان العشق
بدرا في سمائي
وقمرا ينير ظلام اليأس

أبيت فزعة
عن طفل جائع
من قول خادش لحياء العذارى
تثير كوامن حصني
وسيفي قصيدة مضرجة بالبيان

انا العربية
بكل خصال المجد
أرفل في نعيم القوافي
وأحصد جمع القصيد
بين العلياء بيت شعري
من نهر عذب رضعت حتى الثمالة

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

دخل غرفته باكيا،لا يعرف كيف يفكر وماذا يفعل،مد يده إلى اللاب توب، أرسل إلى أخيه المقيم في الخارج رسالة
قصيرة مختصرة: انزل أبوك باع كل شيء !!

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

خارج المشهد
تنظر إليه كيف يتدلى من المشنقة، تراودك فكرة أنه يريح قدميه من الركض…بالكاد تحبس ضحكتك.
تتراجع قليلاً خلف الجموع، تفكر بصوتٍ مسموع…من الواضح أنه يتخبّط من الألم، لكن هل شعر بالخوف؟…لماذا إذاً لم يحاول الهرب؟
لأنّه مقيّد. أقصدُ…ظلّه.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

تأججت معاناتي، تدججت بالكلمات، هويت عليه بنظرات ينبعث منها الشرر، أطلقت للسان العنان، سمعت بكاء طفلي، أغمدت سيفي.

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

شعر العامية

كان بيصْحَى الصُبح بدرى
كان بيصَحِّى الكُون معاه
كان يقُول للشمس قُومُى
زَرعِنا اتوضَى بندَاه
فَوَّقِى التايه فى قُومِى
ضُخِّى فى وريدُه الحياه
نفَّضِى احزَانِى وهمُومِى
نادى حى على الصلاه
كان ابويا حاجه تانيه
صوته بيجلجل يادنيا
كان يجمَّعنَا فى ثانيه
وآه ياويل اللى ماجَاه
كان له شَمخَه وكان له هيبه
يا ولاد الكِدب خيبَه
اوعه تطلَع منكُوا عيبَه
كونوا للأمه الحُمَاه
دنيا بحر ملوهش مينا
كان دليلنا وقدوه لينا
طُوق نَجاتنَا والسفينه
فى الخطر نبقَى ف حِمَاه
أما هى فكات دوَانا
كات لِحافنا وكات غطَانا
كارهَه كُلِّ اللى عَدَانا
حَبّـه رِيحْة اللى اشترَانَا
مهما زاد الليل قساه
مهما تطحنهَا الرحايا
والدموع تملا القنايه
تبتسم وتقول ضنايا
تسنِّدالزير النوَايا
حُط طُوبه فوقها طُوبه
الجدار يكٍمَل بُناه
الحياه مش مال وجاه
امى كانت لينا جامعه
كات حكيمه ووخده سمعه
نورها آيد ألف شمعه
شمس للقلب وضياه
آه يا ذكرى وآه ياماضى
الشريط داير قصادى
ع اللى ضاع عمال آنادى
مش باقيلى غير صداه !!
مش باقيلى غير صداه!!

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

دوارين ف الشوارع
والزمن صاحى وسامع
خدنا من وسط الاهالى
صوته نسانا الليالي
وال سافر وإل راجع
وال ضل وتاه طريقه
وإل خان أو باع صديقه
وإل غرقان ف المواجع

وإل مات من كتر خوفه
وإل يتحدى ظروفه
وإل زمنه معاه ملاوع

وإل مخروس رغم صوته
وال مسروق منه قوته
وإل عايش عمره ضايع

خدنا نسانا البراءه
علم الظلم الجراءة
مين عن المظلوم يدافع

ليه حياتنا بقت غريبه
كلها اكاذيب وريبه
ال نفسه يهد غيره
وإل بيزيف ضميره
ليه معدش الحق ساطع

وإل مستخسر حياتك
وال مش عاجبه سُكاتك
وإل بيلوث صفاتك
وإل مستنى وفاتك
كل زلزال له توابع

ليه طفوا نور الحقيقه
قتلوا ضحكتنا البريئه
جففوا كل المدامع

شمسنا بتطلع حزينه
والدموع صاحبت عنينا
والقمر نوره مجافينا
والسما بتبكى علينا
خاصم النوم المضاجع

ياعيون خاينه ولعينه
ياقلوب شبعت ضغينه
سيبوا نور الله يجينا
يملا ايامنا سَكينه
والامل صوته ينادينا
يهرب الخوف من عنينا
والليالى تحس بينا
يومها قولوا الحق راجع
بكره نور الحق راجع

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

جرب كدا تضحك من قلبك
شوف الدنيا هتبقي ازاي
تلقى الدنيا جميله وحلوه
وانت في ايدك فنجان شاي
تلقى الحزن بيهرب منك
تلقى الفرح في ايدك ناي
واغسل روحك من أحزانها
واوعاك تسأل ليه وازاي
بكره هتلقي في قلبك فرحه
ترسم بيها العمر الجاي
وازرع واملا القلب محبه
تلقى الصبح لقلبك عدا
تلقى الضلمه دي صبحت نور
كمل واوعى تخاف م العتمه
او تفضل محبوس ورا سور
طول مالحلم معاك هتعدي
لو هاطير بجناح مكسور
فاوعي في يوم جرحك يلعبك
او يخنق جواك النور
جرب كدا تضحك من قلبك
مش راح تلقى في قلبك بور

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️


انسخ من قلبك كذا نسخة
و أعمل تحديث
راجع على صفحة احداثك
اللي انت جمعته في بياناتك
من غير ترتيب من غير تثبيت
حاول من عمرك تسترجع
اخر تصطيب
إفتكر الحلم اللي حفظته
و أعمله رسيرش
من غير ما يهنج و يبطأ
ويشيل في همومك ويطقطق
ظبط أحداثه المختلفة
خليها فريش من غير ماتحس
و أعمل باسورد على اصل الوورد
و إعادة ضبط من المصنع
مع نسخة جديدة و أصلية
من غير ما تزود و لا صوره
وتبان فوتوشوب
بعد أما تصفي في أوجاعه
و ترتب صلته بأعدائه
و أصحابه كمان مع أحبابه
و تحدد مين منهم باعه
اعمل للنسخة الموجودة
مع كل الصور المهزوزة
إلغاء و دليت
قلبك رايح يرجع مِتْصين
فابريكة من غير ما يحمل
و لا يشكي دموعه و يتنيل
على جرح قديم
رجع بياناتك من تاني
و أحذف في مشاعر مركونة
ملهاش و لا نجمة في ايكونة
و اعمل أب ديت
مع سوفت لكل اللي كاتبته
أو مرة غلط و صدقته
من غير ما تدور عن أصله
و تجمع تاني في عناصره
هتلاقي الكسر اللي جبرته
استرجع نفسه مع نفسه
بقى كله جديد
هتعيش اللحظة في أحلامك
من غير تدليس أو كدب عويص
وهنقفل أبواب الماضي
بحبة ترابيس من غير تهييس
لا هتشكي همومك من تاني
و تقول يا موغيث
راح يشطب كل اللي هيدخل
و يحاول يكذب ويألف
كدا في التفاصيل
هتريح عقلك مع نفسك
كدا م التشويش
كل اللي هيدخل في حياتك
معروف من قبل مايتفرمت
أو يدخل حالة تصطيب
و برمز حماية مهش أكتر
راح تمنع كل اللي يفكر
يدخل و يضايق في سعادتك
و لا عمر إيديك ما هتتوسخ
بقلوب في طباعها و أعمالها
تشبه في ردودها و أفعالها
جواليص الطين الحمضانة
الذوق ما بيعرف كدا بابها
مش بني آدمين

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️


مستحيل الشمس تشرق دون حياة
مستحيل الرحمة تخلص م الوجود
كل الوشوش مكسوفة من خزي الحياة
باين يا خوف نبض القلوب بيقول لآه
شقشق صباح جايين وراح لامع شعاع
والكلمة سيف تسرق ضعيف لحد الوجع
ليه يا جدع ليه تتفجع وين السكون
بعد اللي صار والإنتظار بتهد ليه
شاهد عيان مغرم زمان ومتقولش كان
أنس وجان بان لي بعينيهم طلع خوف
راجع لاشوف دهست ملامحي ضيهم
والميه تطلع للشراقي بحيهم

تروي العطاشى كلا وحاشا
مفيش جداوي سدوا الحوارى
بدري وعصاري الرحمة تيجي تضمهم
والظل مكسور الجناح ملهوش دراع
دي ناس وبتكمل عشاها نوم
على ايه نلوم الدمع من حرقة حياة!
على ايه نلوم والفرح مكسور بسمته!
ربي القدير قادر ورازق كل حي
إندم وتوب جدد وجوب يا نور بقلب

◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️◻️

انا مش هقولك غير سلام
من قلب مليان بالوجع
وان مل عمري من الكلام
قلبي مازال ليك متسع
هو اللي بات حاضن دموعه
وفرحته صبحت ف صناديق الوداع
زي اللي عايش دنيته ضامم بأيده فرحته
بالطبع لا
اياك تبعتر نظرة العمر الجميل
وتقول دي بكرة تلمنا
اصل الهوي لو يوم يموت
ما يرجعوش يوم دمعنا
وان كان نصيبنا ف اللقا بعد الوداع
مش اضيع الوقت الجميل
في مين اللي باع
هستني تحضني بعنيك
وان كات نهاية اللقا
اخرتها برضه للوداع
هسأل سؤال
قلبك برئ من ظلم قلبي وكسرته وقت الوجع
واللا اللي كان سبب الوجع
قلبي وبراءته ولهفته
وقت اما كان شايفك جدع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى