إشارات الموت: إنذار ورحمة …مقال بسن القلم :حسين الجندي – مصر

بالتأكيد في حياة كل إنسان حالات وفاة سواء للأقربين أو الأبعدين، سواء لمن يعز علينا فراقهم أولغيرهم، وبالطبع تختلف ردود أفعالنا تجاه كل حالة وفاة على حسب درجة البعد أو القرب أو درجة العشرة والمعزة، أيضا يدخل المعامل الديني في الحسبة فقد علَّمنا ديننا آداب الحزن وكيفية التعامل مع قضية الموت وبالتالي تختلف ردود أفعالنا، كلٌ حسب تربيته الدينية ورصيده من الفطرة السليمة..

كما تختلف درجة الحزن حسب عمر المتوفى، فغالبا تخف حدة الحزن إذا كان المتوفى طاعنا في السن بينما تزداد الفجيعة إذا كان المتوفى صغيرا..

كما تلعب كيفية الوفاة دورا مؤثرا في درجة الحزن فالمتوفى في حادث مروع ليس كالمتوفى على سريره..

وأيضا للمرض ومدته دورا أساسيا في تلك القضية،كذا نوعية المرض وخطورته..

كما للموت المفاجئ صدمة قوية تزيد من ألم الفراق..

هذا وتتعدد مظاهرالحزن وتختلف:
فنجد هناك الشعور القسري بالقهر والحزن الرهيب وقد يتعدى ذلك إلى الدخول في حالة من الاكتئاب والعزلة وقد لا يتعدى الأمر سوى بعض التمتمات وحالة من الصعبانية،بل قد يمر الأمر عند البعض مرور الكرام..

وأيا كانت درجة الحزن وقوته ومهما تعددت أسبابه فالموت هو الموت:
فراق..
ألم..
حنين..
ذكرى..
فقدان للأبد..

ونأتي الآن إلى نقطة غاية في الأهمية:
وهي العظة والعبرة من الموت ؛فكفى بالموت واعظا..

فإذا كانت درجة الحزن تختلف للاعتبارات السابقة فأيضا تختلف درجات الاتعاظ وأخذ العبرة..

ولعل اللاعب الأساسي في هذا الأمر هو غلبة الجانب الروحي على المادية القميئة لدى المتعظ فلا عظة ولا اعتبار إلا لمن صلح جهاز استقباله ولم يحدث عطب في قرون الاستشعار لديه،
فيتمثَّل الموت أمامه كواعظ مخلص تصل رسالته واضحة جلية لا ريب فيها..

وللحق كل شيء يبدٲ صغيرا ثم يكبر رويدا رويدا ٳلا الموت فٳنه يبدٲ كبيرا ثم يصغر رويدا رويدا حتى يتلاشى ولا يتبقى من أثره وتأثيره سوى الذكرى..

وقد يظن المعتبر ٲنه في غمرة حزنه وقهره سينسف شهواته وملذاته وسيكف عن آثامه ومعاصيه،ولكنه يغفل ٲنه في حرب ضروس مع نفسه ودنياه وشيطانه..

فنراه ينعزل ويعكف على العبادة وكٲن دنياه توقفت وكافة طموحاته فيها قد زالت وسرعان ما ينسى وكٲن ما كان لم يكن..

ولكن بقدر العظة الصادقة والحزن الحقيقي ينير الموت نورا يلوح في دهليز الحياة فيعطي به إشارة واضحة المعالم محددة الٲركان،ليست القيمة فيها بكثرتها وانتشارها بقدر قوة تٲثيرها العملي في نفس صاحبها ومن ثمَّ قيامه بكل همة وعزيمة بالتخلص بقدر ما يستطيع من سفاسف الدنيا وتفاهاتها والتعلق بكل ما يقربه من ربه وينجيه يوم الهول الأعظم،
وبقدر صدقه وإخلاصه يأتيه العون الإلهي فيعيش في الدنيا وهو يدرك قيمتها فيعمل لها بقدرها لا أكثر ولا أقل فيكون فيها ضيفا،وأبدا أبدا لا يستشعر أنه من …..أهلها.


اقرأ باقي العدد ١٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى